المنتخب الوطني يكثف تحضيراته لمواجهة باكستان    السعودية تقود العالم للاحتفال باليوم العالمي للبيئة    نسرين طافش: «النسويات» قاصرات منافقات.. ونوايا خبيثة !    "التعاون الإسلامي" ترحب باعتراف حكومة سلوفينيا بدولة فلسطين    نمو قوي للنشاط التجاري غير النفطي في السعودية خلال «مايو»    الإسباني "هييرو" يتولى منصب المدير الرياضي في النصر    تستمر 3 أيام.. والرزيزاء: احتفالنا ليس للصعود    أمير الباحة ل«التعليم»: هيئوا وسائل الراحة للطلاب والطالبات    أمير تبوك يطلع على سير الاختبارات بالمنطقة    بسبب اجتهاد شخصي.. هل تعطل العالم ب«سذاجة» ؟    دعوة عربية للتعامل الإيجابي مع جهود وقف إطلاق النار في غزة    «أندرويد» يسمح بتعديل الرسائل    كلية القيادة والأركان دعامة فاعلة في تعزيز قدراتنا العسكرية    أشاد بدعم القيادة للمشاريع التنموية.. أمير الشرقية يدشن مشروعي تطوير بجسر الملك فهد    «طيران الرياض» يعزز خطوطه العالمية    اتفاقية تعاون وصناعات دفاعية بين المملكة والبرازيل    5.3 مليار تمويل «السكني الجديد»    السعودية واحة فريدة للأمن والأمان ( 1 2 )    خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء عبر الاتصال المرئي.. خادم الحرمين: المملكة تعتز قيادةً وشعباً بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما    ضبط لص أخذ قيلولة خلال السرقة    صدق أرسطو وكذب مسيلمة    الحسيني وحصاد السنين في الصحافة والتربية "2"    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بمنفذ الوديعة الحدودي    انطلاقة مشرقة لتعليم عسكري احترافي.. الأمير خالد بن سلمان يدشن جامعة الدفاع الوطني    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. مؤتمر دولي عن البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة    ناصحاً الحجاج.. استشاري: استخدموا الشمسية خلال التنقل في المشاعر    الشؤون الإسلامية تطلق حملة التبرع بالدم بالتعاون مع صحة جازان    البرازيل تستعرض أغلى بقرة في العالم    تخصيص منزل لأبناء متوفية بالسرطان    محافظ مرات يتفقد مشروع السوق بالبلدة التاريخية    فتح باب التقديم على برنامج فني رعاية مرضى    فيصل بن مشعل: خدمة ضيوف الرحمن رسالة عظيمة    «تكافل الخيرية» ترسم طريق الاستدامة    الملك يطمئن على ترتيبات الحج ويؤكد اعتزاز المملكة بخدمة الحرمين    التوزيع الخيري وإعاشة المشاعر يحركان أسواق تأجير«شاحنات البرادات»    القيادة تهنئ كلاوديا شينباوم بمناسبة فوزها بالانتخابات الرئاسية في المكسيك    «لا تضيّقها وهي واسعة» !    عالم عطور الشرق !    كيف يمكننا أن نتخذ قراراتنا بموضوعية؟    من أعلام جازان… فضيلة الشيخ الدكتور علي بن محمد الفقيهي    أوتافيو خارج قائمة البرتغال    وزير الشؤون الإسلامية يناقش تهيئة المساجد ومتابعة احتياجاتها    تعزيز مبادرة أنسنة الخدمات بتوفير مصاحف «برايل» لذوي الهمم من ضيوف الرحمن    تدشين كرسي الأئمة للإفتاء وإجابة السائلين في المسجد النبوي    جمعية تعظيم تطلق مبادرة تعطير مساجد المشاعر المقدسة    شاموسكا مدرباً لنيوم لموسمين    تنافس مثير في بطولة العالم للبلياردو بجدة    انتخابات أمريكية غير تقليدية    بعد انتشار قطع ملوثة دعوة لغسل الملابس قبل الارتداء    %8 استشارات أطباء التخصص العام    أمير تبوك يشيد بجهود المتطوعين لخدمة الحجاج    أمير نجران يُثمِّن جاهزية التعليم للاختبارات    الدوحة تسلم «حماس» مقترحاً إسرائيلياً.. ونتنياهو يطالب بضمانات أمريكية لاستئناف الحرب    مودي يحتفل بفوزه في الانتخابات الهندية رغم تراجع غالبيته    مفخرة التطوع    بدر بن عبدالله يُثمّن اعتماد مجلس الوزراء تنظيمات الهيئات الثقافية    الذييب يدشّن «جمعية اللغة العربية للناطقين بغيرها»    رئيس هيئة الأركان العامة : جامعة الدفاع الوطني تؤسس لمرحلة جديدة وانطلاقة مشرقة لمستقبل تعليمي عسكري احترافي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيلدا الحياري تستعين بوجه لرسم وجعها
نشر في الحياة يوم 30 - 07 - 2014

كنت أود أن أكتب عنها رسامةً تجريديةً. كانت الفنانة الأردنية هيلدا الحياري (1969) قد أصدرت قبل سنوات كتاباً يؤرخ لتجربتها في التجريد. يومها كان عالمها واسعاً، رأى بعضهم في غموضه محاولة لاستقراء صورة الكون.
كانت هيلدا ترسم بطريقة تلقائية، ترتجل حركة جسدها المنفعل الكثير من الأشكال غير المقصودة لذاتها، مثلما كانت تجد في فعل الرسم محاولة لتحرير قوة داخلية متمردة.
كان من الممكن أن تكون ناشطة في مجالات حقوقية كثيرة، لكنّ الرسم حرّرها من إيقاعها الشخصي حين صار يستخرج من ذلك الإيقاع أشكاله السرية. وهي أشكال تكشف عن رغبة الرسامة في أن تكون مختلفة في نظرتها إلى العالم الذي لم تكتفِ بوصفه. ولم يكن ولعها بالدوائر إلا صيغةً محتملة لذلك العالم الهذياني الذي أسرها بنغمه البعيد. كانت المرأة التي رأت في الرسم فجر حياتها وتفرغت له، تطمح بأن تقيم علاقة سوية بين حركة جسدها المنتفض وبين ما يتحقق على سطح اللوحة من علاقات شكلية ولونية غرائبية.
كانت اللوحة مرآة لذاتها المتشظية، فهي تصل من خلال الرسم إلى النقطة التي تبعدها عن الموضوع لتراه من هناك مجسداً على هيئة دوائر تغرق في نقيع من الأصباغ. أنجزت هيلدا الحياري تجريديات غارقة في صمتها الغامض قبل أن تلتفت إلى التجهيز وفنّ الفيديو. يومها صار عليها أن تستخرج من حياتها حكايات سرية لم تكن تصلح لكي تكون مادة للتداول العام، فكان على المتمردة على الرسم أن تضع أسباب غلوها الاستعراضي على المائدة لتباشر نفي ذاتها.
كان الكون كله متاحاً أمامها من خلال التجريد، غير أنه بدا ضيقاً وشخصياً حين انتقلت هيلدا إلى التجهيز. لم يكن أمامها سوى أن تمضي قدماً في التجربة، «أعرف أنك تحب تجريدياتي»، تقول لي كما لو أنها تعتذر. أدرك أنها لن تكون قادرة على العودة إلى الوراء. كان ماضيها على جدران مرسمها، «لن أهديك واحدة منها»، كانت تقطع عليّ الطريق وهي تحاول أن تجرّني إلى عالم ما بعد التجهيز، وهو عالم لم يخنها فيه شغفها بالرسم. كنت أتوقع أنّ فوزها بجائزة بينالي القاهرة لعام 2006 عن عملها بتقنية الفيديو آرت، قد أفقدها حماسة الرسم، غير أن هيلدا خرجت من تلك التجربة بمفهوم عن رسم أكثر إنسانية وأقل غموضاً.
ما الذي يمكن أن يحدث لو أن وقائع ذلك الفيلم قد تمّ رصد تأثيرها الصادم على وجه ما؟ ولكن أين يقع ذلك الوجه؟ لن يكون ذلك الوجه محايداً ولكنه بالتأكيد لن يكون كأي وجه عابر. ولأنّ الفنانة الأردنية قد تمرست على الأحجام الكبيرة، فقد كان عليها أن ترسم وجوهاً -بمساحة تزيد على المتر المربع- من غير أن تشير إلى أحد بعينه، كأنها تقول إنها المساحة الأقل لكي يكون ألمها من خلالها ممكناً، ولهذا فهي لا ترسم إلا وجوه رجال، ومن حقها أن ترى فيها جزءاً من سيرتها الشخصية. ومثلما وجدت في الرسم فكرة خلاص، وجدت هيلدا في وجه الرجل رمزيته المشاعة، إنه ملك لكل النساء اللواتي لا تخاطبهنّ رسومها، النساء اللواتي يقمن خارج لوحاتها.
«أهديك وجهاً»، قالتها لي مجازاً وهي تقصدها. «هيلدا هل ترسمين رجالاً عرفتهم؟»، لم أسألها. لم يكن الوجه لديها إلا مساحة للعب مجنون، «لقد اخترعتُ وجهاً مناسباً لخارطة الوجع الذي عشته. كوابيسي النهارية التي لم يخترعها ليلي».
هي فنانة ترسم من أجل أن تهذّب سلوكنا القائم على العنف. يمكن رسومها أن تقول إن ثمة ذكورية غير محتملة صارت تقود عالمنا إلى الانفجار. ذكورية انتحارية ترصدها الفنانة بعينين خبرتا الذهاب إلى الهاوية. شيء من هيلدا يعلّمنا الإنصاف. فما ترسمه ليس درساً في الثأر من الرجل بمقدار ما هو تذكير بما يمكن أن تتركه تلك العلاقة التي لا بدّ من أن تترك الأسى إذا ما أُسيء فهمها، كأنّ هيلدا الحياري ترسم لتعظ غير أنها في الوقت نفسه تفكر في الجمال، لذلك تعرف أنها كانت محظوظة بهذه الموهبة التي صنعت لها مصيراً مختلفاً. إنها سيدة مصيرها بالرسم الذي تصنع منه عنواناً لوجودها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.