بأغلبية 13 صوتاً.. محكمة العدل الدولية تطالب إسرائيل بوقف اجتياح رفح    «الأحوال المدنية»: منح الجنسية السعودية ل14 شخصاً    أزمة بين إسرائيل وإسبانيا    أمطار رعدية على أجزاء من 4 مناطق    خطيب الحرم: أمن الحرمين خط أحمر ولا شعارات بالحج    «الموارد»: إنشاء مركز لنظر الاعتراضات على عقوبات مخالفات العمل المقدمة من المخالفين    رسميًا.. القادسية يتعاقد مع ناهيتان نانديز لاعب كالياري    استشهاد 15239 طفلاً في غزة    المملكة توقع 16 اتفاقية ومذكرات تفاهم مؤتمر مستقبل الطيران 2024    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد المملكة ال 36 للاتحاد البرلماني العربي في الجزائر    المعرض السعودي يستقبل زواره بالرقصات الشعبية والعروض الفلكلورية    إسبانيا: تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    كوادر سعودية ترسم السعادة على ضيوف الرحمن الأندونيسيين    خطيب المسجد الحرام: مواقف السعودية ثابتة ومشرفة تجاه القضية الفلسطينية    تقرير الطريس يُهدد لابورت بالغياب عن لقاء الهلال    موقف مالكوم من مواجهة الهلال والنصر    البليهي: تفكيرنا الآن في مباراة الوحدة.. وننتظر الجماهير غدًا    بيريرا: سأجتمع مع إدارة الشباب لمناقشة مستقبلي    يايلسه: يجب أن يعلم الجميع أين كنا الموسم الماضي    اللجنة الوزارية تنقل أزمة غزة إلى باريس    توجيهات عليا بمحاسبة كل مسؤول عن حادثة التسمم    دار طنطورة.. التراث والحداثة بفندق واحد في العلا    "العلا" تكشف عن برنامجها الصيفي    المخرجة السعودية شهد أمين تنتهي من فيلم "هجرة"    إدانة 5 مستثمرين وإلزامهم بدفع 4.8 مليون ريال    اتفاقية ب25 مليون دولار لتصدير المنتجات لمصر    واتساب يختبر ميزة لإنشاء صور ب"AI"    تحذيرات علمية من مكملات زيت السمك    معالي أمين منطقة عسير يزور معرض صنع في عسير    خريجو «خالد العسكرية»: جاهزون للتضحية بأرواحنا دفاعاً عن الوطن    ارتفعت 31.5 % في الربع الأول    أمسك.. حرامية المساجد!    متى القلق من آلام البطن عند الطفل ؟    قد لا تصدق.. هذا ما تفعله 6 دقائق من التمارين يومياً لعقلك !    5 أطعمة تعيق خسارة الوزن    السلاحف البحرية معرضة للانقراض    «رحلة الحج» قصص وحكايات.. «عكاظ» ترصد: كيف حقق هؤلاء «حلم العمر»؟    الفتح يتغلب على الحزم بهدفين في دوري روشن    مواجهة الهلال والوحدة بين الطائف والرياض    نمو الجولات السياحية ودعم الاقتصاد الوطني    «الحونشي»    الدكتوراه لفيصل آل مثاعي    «الثقافة» و«التعليم» تحتفيان بالإدارات التعليمية بمختلف المناطق    سفارة المملكة في إيرلندا تحتفي بتخرج الطلبة المبتعثين لعام 2024    الاستثمار الثقافي والأندية الأدبية    القمر يقترن ب «قلب العقرب» العملاق في سماء رفحاء    تنوع أحيائي    ثانوية السروات تحتفي بتخريج الدفعة الأولى من نظام المسارات    نزاهة: حادثة التسمم الغذائي بأحد مطاعم الرياض لن تمضي دون محاسبة    فيصل بن خالد يرأس اجتماع الجهات الأمنية والخدمية المشاركة في منفذ جديدة عرعر    فيلم "نورة"يعرض رسميا في مهرجان كان السينمائي 2024    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للربو"    دفعة جديدة من العسكريين إلى ميادين الشرف    أمير حائل يشكر جامعة الأمير محمد بن فهد    رفع كسوة الكعبة المشرَّفة للحفاظ على نظافتها وسلامتها.. وفق خطة موسم الحج    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 142 مجندة من الدورة التأهيلية    الخريجي يقدم العزاء بمقر سفارة إيران    دشن هوية «سلامة» المطورة وخدمات إلكترونية.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد سير العمل في الدفاع المدني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بريكس»... مجموعة اقتصادية أم محاولة سياسية؟
نشر في الحياة يوم 05 - 04 - 2012

عقد رؤساء دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، المعروفة اختصاراً باسم «بريكس»، قمة الخميس الماضي في نيودلهي من ضمن مساعي هذه الدول إلى فرض أجندتها الاقتصادية والسياسية على المشهد الدولي. لا شك في ان هذه البلدان أصبحت ذات أهمية منذ عام 2000، وهي بلدان كبيرة في كتلها السكانية، ونواتجها القومية الإجمالية، وقدراتها الصناعية والتصديرية، وآفاقها الاستهلاكية. ويقدر مختصون الناتج القومي الإجمالي السنوي لهذه البلدان مجتمعة ب 13 تريليون دولار. هذا الحجم من الإنتاج مهم وحيوي فهو يقل قليلاً عن الناتج القومي الإجمالي للولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، لكن هل يكفي ذلك لبناء مجموعة اقتصادية وسياسية فاعلة؟ هذه البلدان متنوعة الأنظمة السياسية، ففيما تعتمد الهند ومنذ استقلالها، نظاماً ديموقراطياً، وكذلك البرازيل وجنوب أفريقيا منذ سنوات، تعتمد روسيا نظاماً رئاسياً. أما في الصين فالنظام شمولي بامتياز، يقوده الحزب الشيوعي، الحزب الوحيد في البلاد. وقد تكون الأنظمة الاقتصادية متقاربة في شكل أو آخر، إذ يلعب القطاع العام دوراً محورياً، وقد تكون هناك قيود على القطاع الخاص، وإن تفاوتت وفق طبيعة النظامين السياسي والاجتماعي، لكن ثمة عناصر تؤكد التباين في البنية.
ربما تحاول «بريكس» طرح أفكار مثل إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد يتميز عن النظام السائد الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية، لكن كيف؟ يعتمد النظام الاقتصادي العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، على آليات، تعززت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ثم بموجب اتفاقات «غات» فبقيام منظمة التجارة الدولية، هي آليات التجارة الحرة والتوافق الدولي على قيم الرأسمالية المعاصرة. وتعتبَر دول «بريكس» من أهم أعضاء منظمة التجارة وتلتزم شروطها وشروط «غات»، فما هو الجديد الذي يمكن ان تقدمه إلى النظام الاقتصادي العالمي؟
ودول «بريكس» كذلك بلدان مصدرة للمواد الأولية والمصنَّعة إلى الغرب أساساً، خصوصاً الولايات المتحدة، فهل يمكن ان تعمل هذه المجموعة بمعزل عن الولايات المتحدة أو بلدان الاتحاد الأوروبي وتظل ذات اقتصادات منتعشة ومتطورة وتحقق نمواً اقتصادياً مناسباً، كما تفعل الآن؟ وإذا أخذنا الصين، وهي أهم دول «بريكس»، نجد ان إيراداتها السيادية تتحقق من بيع سلعها ومنتجاتها في أسواق الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية، كما ان كثيراً من هذه السلع أو المنتجات تنتجها شركات غربية رئيسة في الصين، ما يمثل تكاملاً هيكلياً بين اقتصاد الصين واقتصادات البلدان الرأسمالية الأساسية في هذا العالم. كذلك توظَّف الإيرادات التي تحققها الصين من التجارة في أدوات استثمار أميركية أو أوروبية، خصوصاً سندات الخزينة الأميركية.
وطرحت دول «بريكس» في نيودلهي فكرة تأسيس مصرف للتنمية يكون بديلاً عن البنك الدولي، فكيف سيعمل هذا المصرف؟ أقيمت على مدى السنوات ال 60 الماضية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، العديد من مصارف التنمية والمؤسسات المالية لتعزيز النشاطات الاقتصادية في مختلف بلدان العالم، ومن أهم هذه المؤسسات البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي. وتأسست مصارف وصناديق تنموية إقليمية في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، بعضها برؤوس أموال حكومية مشتركة والبعض الآخر برؤوس أموال حكومات منفردة. وتمكنت هذه المؤسسات المالية كلها من دعم جهود التنمية في العديد من البلدان المتطورة والنامية على مدى العقود السبعة الماضية، فكيف سيعمل المصرف التنموي الجديد لدول «بريكس»؟
هل المطلوب حقاً إيجاد بديل للبنك الدولي أو غيره من المؤسسات القائمة أم ان الهدف هو إثارة الاحتكاك السياسي مع الولايات المتحدة؟ هل سيعمل المصرف لتنمية الأعمال والمشاريع في البلدان الأعضاء أم سيوسع نشاطه ليشمل بلداناً نامية أو ناشئة أخرى كي يبعدها عن نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين؟ ومن نافل القول ان قيام هذا المصرف سيعتمد على تأمين أموال، وليس بين البلدان الخمسة بلد أقدر من الصين على ذلك، ولذلك بديهي ان تسيطر الصين على المصرف وتتحكم في تحديد سياسات التمويل والبلدان والمشاريع المستفيدة. ولم يتضح بعد ان كان المصرف سيؤسس في الأجل القريب.
ويرى اقتصاديون ان قادة دول «بريكس» قد يطرحون مسألة التعامل النقدي في التجارة الدولية التي يهيمن عليها الدولار. ويمكن ان تقترح الصين استخدام عملتها الوطنية، اليوان، في التعاملات التجارية بدلاً عن الدولار. لكن الدولار ما زال أساسياً في التجارة الدولية ولم تتمكن العملات الرئيسة الأخرى من منافسته، وهو يشكل أساس التعاملات في أهم عناصر التجارة الدولية وهو النفط، فكيف يمكن إحلال البديل؟ وفيما تبقى الولايات المتحدة أهم شريك لكل من دول «بريكس»، وأحد أهم مصادر الاستثمار فيها، قد لا تكون مناوشة الولايات المتحدة اقتصادياً أو في أسواق المال مفيدة لأي من هذه الدول.
وهكذا لن يكون هذا التجمع ذا معنى اقتصادياً بمقدار ما هو محاولة سياسية لفرض نفوذ ما على المستوى الدولي في ظل الصراعات التي خلفتها الحرب الباردة واستمرار التوجهات الشمولية في الصين وروسيا. وإذا استمرت الصين في اعتماد السياسات الاقتصادية المنفتحة على الاستثمار وتعزيز التجارة الحرة، لا بد من ان تنتهي إلى نظام سياسي أكثر انفتاحاً وتعددية وتقارباً مع الغرب. أما روسيا فالحكم الفردي الذي يمثله فلاديمير بوتين لا يمكن ان يستمر طويلاً في ظل المطالبات الإصلاحية المتعالية وتوسع قاعدة المجتمع المدني في روسيا. وهكذا فإن محاولة إضفاء صفة المجموعة الاقتصادية المتميزة على «بريكس» لن تكون مقنعة فيما تتقارب المصالح بين بلدان العالم وتختفي التمايزات الاقتصادية.
* كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية - الكويت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.