جدل جديد بين الشرعيين والفلكيين تعود بذوره إلى قبل نحو أربعة عقود، وتدور فصوله حول حقيقة مركزية مكةالمكرمة لليابسة، آيات قرآنية يستشهد بها الشرعيون، يقابلها تطبيقات علمية ودراسات يستدل بها الفلكيون. وفيما أكد رئيس قسم العلوم الفلكية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسن باصرة ل «الحياة» أن مكةالمكرمة ليست مركزية لليابسة، كما أن بعض عناصر الفرضيات التي يستدل بها الشرعيون غير صحيحة، ويرفض الأمين العام للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة الدكتور عبدالله المصلح اعتبار مركزية مكةالمكرمة لليابسة فرضية أو نظرية، إذ يرى أنها حقيقة يقينية ويتفق معها. وبيّن رئيس قسم العلوم الفلكية في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور حسن باصرة ألا صحة لما يردده البعض حول الحقيقة العلمية التي توصلوا إليها في ما يختص بمركزية مكةالمكرمة لليابسة، إذ توصل إلى هذه النتيجة من خلال دراساته للأبحاث الخاصة بهذا الأمر، مشيراً إلى أن بعض عناصر تلك الفرضيات غير صحيحة ومرفوضة تماماً، مثل القول إن مكةالمكرمة مركز تلاقي الأشعة الكونية، وكذلك انعدام انحراف الشمال المغناطيسي عن الشمال الجغرافي فيها. وحول بداية أطروحة فرضية تمركز مكةالمكرمة لليابسة، أفاد الدكتور باصرة بأن الانطلاقة الأولى التي أشارت إلى توسط مكةالمكرمة من ناحية جغرافية كانت من خلال أبحاث الدكتور حسين كمال الدين وهي قبل نحو 37 عاماً، إذ نفذ أبحاثاً لتعيين اتجاه القبلة، وعمل على رسم خريطة للعالم جاعلاً مكةالمكرمة مركزاً لها، لافتاً إلى أنه وجد عند رسم دوائر عدة مركزها مكةالمكرمة، وأن إحداها تحيط بأبعد حدود العالم القديم وتشمل أفريقيا وأوروبا وتقطع الصين، ولا تشمل أرخبيل إندونيسيا وماليزيا، وكأن هذه الأجزاء والصين ليست من العالم القديم وهو جزء كان معروفاً قديماً. وأكد صحة الطرق الرياضية التي أساسها واحد وهو المثلثات الكروية، لقياس المسافات بين المواقع على سطح الكرة الأرضية، وهو ما اعتمدت عليه كل الأبحاث المعاصرة والمشابهة، لذا فإن القول بأن الأبحاث الأخيرة استخدمت تقنيات حديثة أكثر دقة مما قام به الدكتور كمال الدين قول غير دقيق. وأشار إلى أن متوسط المسافة بين مكةالمكرمة وأبعد حدود أفريقيا وأوروبا يبلغ نحو 6442 كيلو متراً، ومتوسط مجال الخطأ لبقية الأبعاد يبلغ حوالى 235 كيلو متراً، وأما بالنسبة لأقرب حدود قارات العالم الجديد إلى مكةالمكرمة فمتوسط حدود الخطأ يزيد على 400 كيلو متر، وهكذا نجد أن نسبة الخطأ لمجال مركزية مكة يشمل دائرة تمتد إلى البحر الأحمر وتصل إلى الساحل الأفريقي، وهذا ما لا يدعم قول بعض العلماء بمركزية مكةالمكرمة لليابسة. من جهته، رفض الأمين العام للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة الدكتور عبدالله المصلح التشكيك في أن مكةالمكرمة هي مركزية لليابسة، موضحاً أن دكتور جامعة الملك سعود حسين كمال الدين من أوائل من تحدث في هذه القضية منذ أكثر من 40 عاماً، إذ حدد اتجاهات القبلة من كل بقعة يابسة من زوايا الكرة الأرضية. وقال الدكتور المصلح ل «الحياة» إن المهندس الدكتور يحيى وزيري وهو أحد المنتسبين إلى الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة حدد أن مكةالمكرمة هي مركز اليابسة في الكرة الأرضية من حيث الشمال والجنوب والشرق والغرب، وكتب في ذلك بحثاً، وتعمل الهيئة على توزيعه باعتباره من الأبحاث الموثقة. وبيّن أن الهيئة تشاورت مع جملة من المهندسين المهتمين بطبوغرافية الكرة الأرضية وبعض العلماء الذين أيدوا توجه الهيئة تجاه قضية مركزية مكةالمكرمة لليابسة، كما استدلوا على هذا الأمر بقوله تعالى (لتنذر أم القرى ومن حولها)، وهذا يعني أن ما حولها من اليابسة يجب أن يكون متقارباً في شكله العام، وبالتالي فإن مركز اليابسة في الكرة الأرضية هي مكةالمكرمة. وأضاف: «الحكم بيننا وبين من يخالفنا هي الأقيسة الأرضية لطبوغرافية الكرة الأرضية، وهي أقيسة ليست ضائعة». وخلص الدكتور المصلح إلى أن قول مركزية مكةالمكرمة لليابسة أمر صحيح وحقيقي، بينما تعمل الهيئة على إيجاد الدلائل التي تدعم هذه الحقيقة وإعلانها.