يشكو مذيع «العربية» محمد أبو عبيد من سوء معاملة لقيها من تلفزيون فلسطين عقب زيارته الأخيرة للأراضي الفلسطينية، ويقول إن السبب يكمن في «الغيرة» التي يشعر بها اعلاميون فلسطينيون تجاه شهرته التي أمنّها له عمله في فضائية اخبارية عربية واسعة الانتشار، وقد كرست نفسها في الفضاء العربي وحجزت لها مكاناً متقدماً في عالم الأخبار والبرامج الاخبارية المتخصصة. سوء المعاملة الذي يتحدث عنه أبو عبيد الذي اشتهر في برنامج «صباح العربية» إلى جانب زميلته الفلسطينية أيضاً راوية العلمي يكمن في الغاء موعدين تلفزيونيين معه سبق وأن تحدثت بهما معه مذيعتان من فضائية فلسطين وحجزتا لهما الاستوديوات من أجل ذلك. وعندما اعتذرت المذيعتان على التوالي تحت ذرائع مختلفة أدرك أبو عبيد أن ما يخشى منه بالفعل قد وقع، وإن هناك من يقف وراء الغاء اللقاء. وبعد البحث والتدقيق، يقول مذيع العربية إن مدير البرامج في فضائية فلسطين هو من كان يقف وراء منعه من الظهور على الشاشة الوطنية الفلسطينية، وليس المشرف الأعلى على الاعلام الفلسطيني ياسر عبد ربه. الأكيد أن عقلية متحكمة بهذا البث الفضائي ستظل قاصرة على فهم ما يدور حولها، كما ان حجب الشمس بغربال كما يقال لن يعود ينفع من الآن فصاعداً. واذا أخذنا رواية أبو عبيد، عن أن ثمة غيرة مهنية تقف وراء المنع، فإننا نضيف على هذه الكلمات ما سبق للشاعر السوري الراحل محمد الماغوط وقاله في أمكنة أخرى، من أنه ليست هناك موهبة تمر من دون عقاب، والعقاب هنا أحسن ما يكون في وطن الموهوب أياً كانت هذه الموهبة وهويتها الفنية والابداعية. سنجد كثراً يتفجعون في أمكنة أخرى على المكان ذاته، وعندما يطاول من يؤمون هذا المكان سنشهد تراجعاً في الشهادات وحتى في حجم التفجع، وكأن الأمكنة فقط هي من تثير الشهوة للحديث والشكوى، أما ما يحمله صاحب هذا المكان من موهبة وقدرات مميزة على العطاء وحتى التحمل، فإنها لا تثير بكل هؤلاء المتفجعين والمتباكين على بدد الأمكنة الشعور بأن خطأ جسيماً يرتكب هنا ولا مجال لإصلاحه إلا بتقدير صاحب الموهبة والوقوف على تجربته والتعلم منها ما أمكن، وغير ذلك فإننا ما زلنا نقف في المكان ذاته الذي بناه العقل الفصائلي الفلسطيني ولم يتعلم في العقود الأخيرة كيف يمكن له أن يبني مؤسسات من خارج هذه العقلية. ولن يضير أبوعبيد الغاء لقاء معه عبر فضائية فلسطين، فليس هو الخاسر بطبيعة الحال، ولكن لن يكون بوسع أحد أن يلغي أن مذيع «العربية» موجود وقادر على صون موهبته في فضاء متعدد لم يعد يقوم على عقلية واحدة.