"الإحصاء": 1.8% معدل انتشار الإعاقة من إجمالي السكان في المملكة    الجمعية العليمة السعودية للصحة العامة ساف تشارك في مؤتمر يوم الابحاث    علامة HONOR تعلن عن رعايتها لمسابقة إجادة اللغة الصينية بعنوان "جسر اللغة الصينية" في المملكة العربية السعودية    ملتقى النص المعاصر: احتفالية شعرية وفنية تُضيء سماء نابل    سفير إندونيسيا لدى المملكة: "مبادرة طريق مكة" نموذج من عناية المملكة بضيوف الرحمن    وزير الصحة الماليزي: نراقب عن كثب وضع جائحة كورونا في سنغافورة    مستشفى دله النخيل ينهي معاناة عشريني يعاني من خلع متكرر للكتف وكسر معقد في المفصل الأخرمي الترقوي    الديوان الملكي: تقرر أن يجري خادم الحرمين فحوصات طبية في العيادات الملكية في قصر السلام بجدة    رياح مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من الشرقية والرياض    موسيماني: ما زالت لدينا فرصة للبقاء في "روشن"    بيريرا: التعاون فريق منظم ويملك لاعبين لديهم جودة    الأوكراني أوزيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع في الرياض    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    شهداء ومصابون في قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    رفضت بيع كليتها لشراء زوجها دراجة.. فطلقها !    خبير سيبراني: تفعيل الدفاع الإلكتروني المتقدم يقي من مخاطر الهجوم    «هيئة العقار»: 18 تشريعاً لمستقبل العقار وتحقيق مستهدفات الرؤية    مقتل 3 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على رفح    لقب الدوري الإنجليزي بين أفضلية السيتي وحلم أرسنال    صقور السلة الزرقاء يتوجون بالذهب    السفارة السعودية في تشيلي تنظم حلقات نقاش بعنوان "تمكين المرأة السعودية في ظل رؤية المملكة 2030"    خادم الحرمين يأمر بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    تنظيم جديد لتخصيص الطاقة للمستهلكين    330 شاحنة إغاثية إلى اليمن وبيوت متنقلة للاجئين السوريين    اشتباك بالأيدي يُفشل انتخاب رئيس البرلمان العراقي    البرق يضيء سماء الباحة ويرسم لوحات بديعة    الماء (2)    جدول الضرب    «التعليم»: حسم 15 درجة من «المتحرشين» و«المبتزين» وإحالتهم للجهات الأمنية    قرى «حجن» تعيش العزلة وتعاني ضعف الخدمات    اطلع على مشاريع التطوير لراحة الحجاج.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يتفقد المشاعر المقدسة    زيارات الخير    محتالة تحصل على إعانات بآلاف الدولارات    المقبل رفع الشكر للقيادة.. المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو"    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    طبخ ومسرح    مواقف مشرّفة    عبر التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي.. نقل إجراءات مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    للسنة الثانية.. "مبادرة طريق مكة" في مطار إسطنبول الدولي تواصل تقديم الخدمات بتقنيات حديثة    سمو ولي العهد يستقبل الأمراء والمواطنين    «تيك توك» تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    كيان عدواني غاصب .. فرضه الاستعمار !    الهلال يحبط النصر..    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    وزير التعليم: تفوّق طلابنا في «آيسف 2024» يؤسس لمرحلة مستقبلية عنوانها التميّز    الخبز على طاولة باخ وجياني    أهمية إنشاء الهيئة السعودية للمياه !    الرئاسة العامة تستكمل جاهزيتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام ١٤٤٥ه    قائد فذٌ و وطن عظيم    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    بتوجيه الملك.. ولي العهد يزور «الشرقية».. قوة وتلاحم وحرص على التطوير والتنمية    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال لبنان ليسوا سواءً... سن الحضانة تفرّقهم
نشر في الحياة يوم 24 - 01 - 2012

[... في حضانة الأطفال، القرار الأمثل الذي يجب أن تتخذه الأم هو إعطاء الأولاد لأبيهم كي تتمكن هي من الزواج... فماذا نفعل بالمرأة التي تزوجت في سن مبكرة لتجد نفسها في الثانية والعشرين مطلّقة وأمّاً لثلاثة أولاد؟ هل نتركها تربي أطفالها وتنسى نفسها حتى تبلغ الرابعة والثلاثين؟ ومن ذا الذي سيرغب بالزواج منها بعدما ضاعت أجمل سنوات عمرها في تربية الأطفال، واليوم الذي سيأخذهم والدهم آتٍ لا محال؟ ألا يحق للمرأة التي دمرت حياتها بطلاقها أن تتزوج مرة ثانية؟ ...]
كانت ترضع ابنها الحنان، وتغدق عليه من عاطفتها الجياشة. كانت تراه يكبر كل يوم. غدا فرحتَها وسلوتها الوحيدة بعدما افترش الحزن مساحات من قلبها إثر طلاقها من زوجها. حظيت هيام بحضانة ابنها يوسف، لكنها كانت قلقة جداً كلما ضمته إليها، كانت تنظر إلى أوراق الروزنامة، تحسب متى سيصبح عمر ابنها 7 سنوات. هذه السن المشؤومة بالنسبة إليها، لأنها موعد افتراقها وابنها، الموعد الذي ينتظره أبو يوسف بفارغ الصبر كي يأخذ ابنه ويحرق قلب طليقته هيام.
اليوم تغيّرت الأوضاع بالنسبة لهيام بعدما أقر المجلس الشرعي الإسلامي قانون الأسرة الجديد الذي رفع سن الحضانة إلى 12 عاماً، فيوسف سيبقى في كنفها مترعرعاً وإلى ذلك الحين لن تبقى الامور على حالها.
قصص النساء المطلقات مع الأحزان لا تنتهي، فهاهي هدى تغرق في وحدتها بعدما أخذ طليقها أولادها فور انتهاء فترة حضانة الأم وسافر بهم إلى جهة مجهولة فحرمها مشاهدة أولادها وهي لا تعرف عنهم شيئاً ولا تجد أي وسيلة للاتصال بهم...
... لئلا يكون موضوع الأولاد ورقة تهديد بيد الرجل، يبتز بها المرأة متى شاء ولئلا تكون الحضانة فزاعة بيد الرجل يمارس بها العنف على المرأة. ولتعزيز الأمل في أن تحذو الطوائف اللبنانية الأخرى حذو الطائفة السنية في تعديل سن الحضانة، كي يعامَل الطفل اللبناني، لأي طائفة انتمى، معاملة واحدة فلا يميَّز طفل عن آخر في سن الحضانة، فكما هو معروف أن قانون الأحوال الشخصية في لبنان مُناط بكل طائفة على حدة، ولا يوجد قانون مدني يجمع الطوائف كلها تحت لوائه... ولئلا يحرم طفل من حنان أمه ورعايتها، كان لا بد من إعادة فتح ملف قانون الأسرة في لبنان الذي يعود إلى العهد العثماني وتحديداً ما يعرف ب"قانون قدري باشا" الذي كان أوّل من أظهر مفهوم الأحوال الشخصية في الشرق، حيث ورد في مقدّمة كتابه "الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية" أنّه يشتمل على الأحكام المختصّة بذات الإنسان من حين نشأته إلى حين منيّته وتقسيم ميراثه بين ورثته.
خلفية ومصادر
كان لقانون قادري باشا الذي اعتمد في أحكامه على المذهب الحنفي تأثيرٌ كبير في وضع قوانين الدول العربية التي تأسّست بعد زوال الإمبراطورية العثمانية والانتدابين البريطاني والفرنسي. وشرعت الدول العربية الحديثة، بعد الاستقلال في بداية النصف الثاني من القرن الماضي، بوضع أسس بناء الدولة الحديثة من دساتير وقوانين كان من ضمنها قانون الأحوال الشخصية. يعتمد القضاء الشرعي السني في لبنان في قضايا الحضانة واستلام الأولاد أرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة. وفي حال غياب أي نص شرعي يحدد مسألة معينة يمكن عندئذ للمجلس الشرعي الإسلامي إجراء تعديلات عليه أما عند وجود النص فمن المحال إجراء أي تعديل
لا توجد في الأدلة الشرعية أي نصوص تحدد سن الحضانة لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية، لذا كان من السهل رفع سن الحضانة لدى السنّة، فالدليل الشرعي الموجود هو أن الحضانة للأم ما لم تتزوج من دون تحديد سقف العمر الذي تنتهي فيه حضانتها لولدها. أما عن التعديلات التي طاولت قانون الأسرة لدى الطائفة السنية فهناك بعض المواد التي تم تعديلها لتصب في مصلحة الطفل أولاً والأم ثانياً.
وعما تضمنه القانون الأسري الجديد يفند عضو المجلس الشرعي الإسلامي د. محمد أروادي بعض مواد القانون الأسري الجديد موضحاً أنه جاء في القانون الجديد في الفصل الرابع منه في المادة الخامسة عشرة على أن " مدة حضانة الأم دون غيرها من الحاضنات تنتهي متى أتم المحضون الصغير أو الصغيرة الثانية عشرة من عمرهما بالسنين الشمسية".
وشمل القانون الجديد في المادة 22 منه الفقرة د، أنه "ليس للأب ولا لغيره من الأولياء أن يسافر بالقاصر خلال مدة الحضانة خارج الحدود اللبنانية إلا بإذن خطي من حاضنته الأم موثق لدى كاتب العدل أو بإقرار موثق لدى المحكمة الشرعية السنية المختصة" ويتابع ونص القانون في المادة 34 منه أنه"لا يجوز بحالٍ من الأحوال أن تكون المشاهدة في مراكز الشرطة ولا في مخافر الدرك ولا في أروقة المحكمة، ولا في أيِّ مكان مُنافٍ للأخلاق والقِيَم الدينيَّة الإسلامية، أو يكبد الأطراف مشقة لا تحتمل".
وتشرح رئيسة شبكة حقوق الأسرة (*)، المحامية إقبال دوغان أن تعديل قانون الأسرة تم تمريره بعدما بذلت الجمعيات جهداً بالغاً موضحة أن "الفكرة طرحت خلال 2005 حين تمت استضافتني في قناة "المرأة العربية" في برنامج "المرأة العربية والقوانين" الأسبوعي. وكان موضوع الأحوال الشخصية من ضمن المواضيع التي تناولها البرنامج، ولاقى هذا الموضوع استحساناً لدى الكثير من النساء، فملف الأحوال الشخصية شديد الحساسية في لبنان. (*) يشار إلى أن الشبكة تقدم المشورة مجاناً لطالبيها.
من هنا، تقررت الاستجابة لحاجات النساء، والبدء بحملة تتناول تعديل قانون الاحوال الشخصية. وكان لا بد من تجزئة قانون الاحوال الشخصية والبدء بمسألة الحضانة التي يتجلى بها العنف ضد النساء بأوضح صورة عبر حرمان النساء من أولادهن عند حدوث طلاق أو نشوء خلاف بين الزوجين.
وانطلقت حملة "13 - 15" بمشاركة مجموعة من المحاميات والناشطات والتربويات وعاملات في علم النفس وتم تحضير ملف خاص بالحضانة، تضمن مواد قانونية تتناول هذا الموضوع في كل الدول العربية، أعقبه لقاء مع القضاة الشرعيين للتأكد من عدم وجود نصوص شرعية تتناول سن الحضانة.
أجمع القضاة الشرعيون حينها على عدم وجود أي نص شرعي يحدد سن الحضانة وهذا مؤشر على امكانية تعديل القانون الساري المفعول. وكان التعديل الذي أجرته طائفة الروم الارثوذكس في 2003 برفع سن الحضانة ليصبح 14 عاماً للذكر و15 عاماً للأنثى.
أما عن سبب توجه الحملة إلى الطائفة السنية دون غيرها فتعزو دوغان السبب في ذلك إلى الدعم الذي كان رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة قدمه للجمعية معتبرة أن الشريحة التي يشكلها السنة في المجتمع اللبناني كبيرة، وبالتالي فإحداث أي تغيير أو تعديل في قانون الأحوال الشخصية لديها سيؤدي إلى تشجيع الطوائف الأخرى على خوض الغمار ذاته.
مشيرة إلى أن المسؤولين في الطائفة الدرزية ألمحوا إلى امكانية تعديل سن الحضانة في حال تم تعديله عند الطائفة السنية، وتضيف دوغان أن الرابطة المارونية في طور دراسة تعديل هذا القانون، أيضاً
فسن الحضانة لدى الطوائف يتوزع كالتالي:
- الأرمن الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس: 7 سنوات للصبي و9 سنوات للبنت.
- الروم الأرثوذكس عام 2003 رفعت سن الحضانة الى 14 سنة للصبي و15 سنة للبنت.
- الروم الكاثوليك: لم ينص قانونها على سن الحضانة وإنما على حق الرضاعة للأم حتى بلوغ سنتين.
- الموارنة، الروم الكاثوليك، السريان الكاثوليك، الارمن الكاثوليك، اللاتين، الكلدان، الكلدان الكاثوليك تعتمد بقاء الطفل لدى الام خلال فترة الرضاعة على مدى عامين وبعدها تبحث المحكمة عن مصلحة الطفل في تقرير مصيره.
- أما الطائفة الانجيلية فقد رفعت سن الحضانة في 2006 من 7 سنوات حتى 12 سنة للبنت.
وتتابع دوغان بعد سلسلة اجتماعات عقدتها الحملة مع المسؤولين، بدأ في 2008 تحريك الملف من قبل المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى. حيث قام المجلس بإعداد مشروع قانون وقع عليه مفتي الجمهوية،وأحيل بعدها إلى مجلس القضاء الشرعي الاعلى ومن ثم إلى رئيس مجلس الوزراء الذي كان آنذاك الرئيس السنيورة فوقّع عليه وأحاله إلى رئيس الجمهورية ليصل إلى المجلس النيابي بعد ذلك، وهناك يبقى مشروع القانون عالقاً عند لجنة الادارة والعدل.
ثم نفذت الحملة اعتصاماً حيث كان المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى يعقد آخر اجتماعاته قبل بدء العطلة الصيفية "انتظرنا ثلاث ساعات كان المسؤولون هناك يطلبون منا المغادرة، ونحن مصرون على موقفنا "نحن ننتظر هذا التعديل منذ 5 سنوات، فلن يضيرنا الانتظار. بعد انتهاء الاجتماع، خرج مفتي الجمهورية بنفسه ليبشرنا بأن القانون عدّل، لكنه كان أقل من سقف مطالبنا 13-15 فقد تقرر رفع سن الحضانة لعمر ال12 سنة فقط للجنسين".
خطوة تعزز الأمل
وترى دوغان أن النتيجة التي استحصلت عليها جمعية حقوق الأسرة قد "لا ترضي الكثيرات لكنها خطوة في مسار طويل. وتوضح أن الحضانة هي حق للطفل وليس للأم يجب أن يحصل عليه، مشيرة إلى أن هناك الكثير من البلدان التي ترغم الأم على احتضان أطفالها بعد الطلاق، في حين يتساءل د. أروادي لماذا يسعى البعض إلى سجن الأم في بوتقة الحضانة ويجعلها أسيرة، فتضيع حياتها في تربية أطفالها من دون أن تتمكن من الزواج من جديد وبدء حياة جديدة تطوي معها صفحة الماضي الأليم بطلاقها. وهو يعتبر أن القرار الأمثل الذي يجب أن تتخذه الأم هو إعطاء الأولاد إلى أبيهم كي تتمكن من الزواج، متسائلاً ماذا نفعل بالمرأة التي تزوجت في سن مبكرة لتجد نفسها في الثانية والعشرين من عمرها مطلقة وأماً لثلاثة أولاد مثلاً؟ هل نتركها تربي أطفالها وتنسى نفسها حتى تبلغ الرابعة والثلاثين فمن ذا الذي سيرغب بالزواج منها بعدما ضاعت أجمل سنين عمرها بتربية الأطفال ثم سيأتي اليوم الذي سيأخذهم والدهم؟ ألا يحق لهذه المسكينة التي دمرت حياتها بطلاقها أن تتزوج مرة ثانية؟
أما بالنسبة للنفقة التي لا تكاد تكفي لشراء الحاجات الضرورية ترى دوغان أن من الضروري العمل على تعديل المواد المتعلقة بها من خلال المطالبة بصندوق نفقة، وتقول "صندوق النفقة هو احدى خطواتنا التالية التي نسعى لإيجادها، فكثير من الدول تعتمد صندوق النفقة، ففي حال تخلف الرجل عن دفع النفقة، تدفع المحكمة للمرأة نفقتها من صندوق النفقة ويصبح المبلغ دَيْناً على الرجل يعاقب عليه بالسجن عند تخلفه عن سداده"، وتدعو دوغان كل النساء إلى أخذ النفقة المفروضة لها وإن كانت غير كافية، مشيرة إلى أن هناك الكثيرات ممن يضطررن إلى العمل للإنفاق على اولادهن بعد الطلاق، علماً أن القانون الجديد وفي الفصل الثاني منه، المادة د، تنص "تعتبر المرأة متبرعة من مالها الخاص فيما تنفقه".
أما عن سبب ضآلة النفقة المقدرة فتلفت دوغان إلى أن الكثير من الرجال الذين يعملون في مهنة حرة يصعب تحديد دخلهم بدقة وهم كثيراً ما يحاولون التهرب من دفعها.
ودعت دوغان المرأة الحاضنة إلى عدم تسليم أولادها إلى أبيهم عند بلوغهم سن الثانية عشرة إلا بعد رفع الأب "دعوى ضم ولد" مؤكدة أن القاضي قد يمدد لها مدة الحضانة إذا تبين أن مصلحة المحضون تقتضي ذلك. لكنها شددت على ضرورة عدم تحطيم صورة الأب لدى الأبناء لأن هدم المثل العليا عند الأولاد يجعلهم يعانون من اضطرابات نفسية خطرة.
وتشرح دوغان أن هذا القانون الذي قضى برفع سن الحضانة هو للأم المسلمة فقط فليس للجدة أن تبقي أحفادها إلى الثانية عشرة من عمرهم بل تنتهي مدة حضانتها عند بلوغ البنت 9 سنوات والصبي 7 سنوات. ففي الفصل الرابع، المادة 15، الفقرة ب، "تنتهي مدة الحضانة لغير الأم من الحاضنات متى اتم الصغير السنة السابعة من عمره، والصغيرة التاسعة من عمرها بالسنين الشمسية".
وفي المادة 14 من الفصل الرابع "الحاضنة متى كانت على غير دين أب المحضون تسقط حضانتها بإتمام المحضون السنة الخامسة من عمره بالسنين الشمسية".
وأضافت أن المادة 15 من الفصل الرابع من القانون، تنص: "في حال انتهت مدة الحضانة قبل انقضاء العام الدراسي فإنها تمدد حكماً حتى نهاية العام الدراسي وامتحاناته".
ووسط الزخم الذي أحرزته جمعية حقوق الأسرة إثر التعديل مع تفاوت ردود فعل الأمهات حيال رفع سن الحضانة الذي لن يشمل اللواتي صدر بحقهن حكماً مبرماً قبل التعديل فقد جاء في القانون الجديد في الفصل السادس، المادة 36 " تسري أحكام هذا النظام على الدعاوى التي لا زالت قيد النظر في المحاكم الشرعية السنية في لبنان بداية واستئنافاً، ولا تسري أحكام هذا النظام على دعاوى تسليم الأولاد والمهور التي صدر بموجبها أحكام صارت مبرمة".
سن الحضانة في دول عربية
كان للتعديل الذي أجرته الدول العربية فيما خص سن الحضانة تأثير كبير على تشجيع الطائفة السنية في لبنان على إجراء تعديلاتها.
ففي سورية مثلاً تم تعديل المادة 146 من قانون الأحوال الشخصية، في 2003، فحدد سن حضانة الأم لولدها الذكر الثالثة عشرة والأنثى حتى الخامسة عشرة من عمره بعد أن كان قبلاً تسع سنوات للصبي وإحدى عشرة سنة للفتاة. وعلى رغم اعتراف القانون السوري بمبدأ تخيير الطفل فإن هذا المبدأ لا يطبّق عملياً،فهناك اجتهادات لمحاكم النقض تقضي بتخيير الولد الذكر عند بلوغه الخامسة عشرة بين العيش عند أبيه أو أمه، ولكن بتمييز مجحف، ولا تشير هذه الاجتهادات إلى حق الفتاة في التخيير، بل يترك للقاضي اختيار الأصلح.
ويسقط حق الحضانة عن الأم في حالات كثيرة، منها طبيعة عملها حين يجبرها على التغيب لأكثر من سبع ساعات عن وليدها ، فتفقد، بحسب القانون، أهليتها لرعاية الطفل حتى لو كانت تقوم بهذا العمل لتوفير نفقات الرعاية واحتياجاتها. (أ)
أما في الجزائر فقد أحدث آخر تعديل لقانون الأسرة تغييرا في بعض مقتضياته المتعلقة بالحضانة لكن المشرع ظل على موقفه بالنسبة لسكن الحاضنة التي لن تحتفظ بسكن الزوجية في حال طلاقها حيث يلزم القانون والد المحضون بتوفير سكن لهم أو تمكين الحاضنة من بدل الإيجار. (ب)
ويعطي قانون الأسرة للأم حق الحضانة أولا يليها الأب بعد أن كانت من حق الجدة للأم قبل التعديل ويبقى للقاضي سلطة تقدير ما هو أصلح للمحضون، بينما لم تتغير السن التي تنتهي عنده مدة حضانة الذكور والإناث وقد قدرها المشرع ب 10 سنوات بالنسبة للذكور يمكن أن يمددها القاضي إلى 16 سنة بشرط عدم زواج الأم مرة أخرى. أما الإناث فلا تنقضي مدة حضانتهن حتى يبلغن سن الزواج وهو سن الثامنة عشرة.
وفي المغرب تم تعديل قانون الأحوال الشخصية في العام 2003 وجاء في مدونة الأسرة المغربية أن سن الحضانة تتواصل إلى بلوغ المحضون/ة سن 18 سنة. وضمنت المدونة مساواة البنت والولد المحضونين لدى بلوغ سن 15 لاختيار الحاضن. (ج)
وفي مصر رفع سن الحضانة بموافقة الأزهر الشريف الى 15 سنة للجنسين وبعد بلوغ هذه السن يحق لهما الاختيار· وحدّدت الكويت سن الحضانة للصبي حتى البلوغ وللبنت حتى الزواج.
وفي العراق قرّر قانون الأحوال الشخصية العراقي سن الحضانة ب15 سنة للصبي والبنت على حد سواء·
رفع سن الحضانة إجراء سيريح الكثيرين ويخفف بعضاً من المشكلات النفسية التي يعانيها الطفل إثر طلاق والديه لكن هذا الإجراء لن يمنع من بقاء الطفل ضحية النزاعات الشخصين بين مطلقين ناقمين بعضهما على البعض الآخر.
___________
شاركن في توفير المصادر من دول عربية: (أ) بيسان البني من سورية - (ب) بسمة كراشة من الجزائر - (ج) ناديا بنسلام من المغرب
(*) شبكة حقوق الأسرة تقدّم المشورة مجاناً لطالبيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.