دخل اليمن أمس مرحلة ما بعد علي عبدالله صالح، بعدما نجحت الضغوط الداخلية والخارجية في إقناع الرئيس اليمني بمغادرة البلاد إلى الولاياتالمتحدة الأميركية عن طريق سلطنة عمان التي يتوقف فيها لساعات، بعد يوم على إقرار مجلس النواب قانوناً يمنحه حصانة كاملة، ويخص معاونيه خلال فترة حكمه بحصانة جزئية، وتزكيته نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي مرشحاً توافقياً وحيداً إلى الانتخابات الرئاسية المبكرة في 21 الشهر المقبل. وحرص صالح قبيل مغادرته على مخاطبة الشعب اليمني عبر قنوات التلفزيون المحلية وإلى جانبه نائبه هادي ومستشاره السياسي الدكتور عبد الكريم الإرياني، في حديث غلب عليه الطابع الإنساني، فطلب من شعبه العفو والمسامحة عن أي تقصير بدر منه خلال فترة حكمه التي استمرت 33 عاماً، وقال: «أطلب العفو من كل أبناء وطني رجالاً ونساء عن أي تقصير حدث أثناء ولايتي، وأطلب المسامحة وأقدم الاعتذار لكل المواطنين اليمنيين واليمنيات، وعلينا الآن أن نهتم بشهدائنا وجرحانا». وأكد صالح أن رحلته العلاجية لن تطول، وأنه سيعود إلى البلاد لتسليم السلطة رسمياً إلى نائبه الذي قدمه على أنه الرئيس المقبل لليمن، وأعلن ترقيته إلى رتبه مشير تقديراً لصموده وخدماته الوطنية، وقال: «إن شاء الله سأذهب للعلاج في الولاياتالمتحدة الأميركية وأعود إلى صنعاء رئيساً للمؤتمر الشعبي العام، وننصب الأخ عبدربه رئيساً للدولة بعد 21 فبراير، هنا في دار الرئاسة، ونعزف السلام الوطني والنشيد الوطني ويحضر كبار المسؤولين إلى قصر الرئاسة ويستلم النائب سكن الرئاسة، وعلي عبدالله صالح سيأخذ حقيبته ويودعهم ليذهب بعدها إلى مسكنه. هذا هو البرتوكول المعمول به». ودعا صالح جميع الأطراف السياسيين إلى «المصالحة والمصارحة، والوقوف إلى جانب الرئيس المقبل هادي وحكومة الوفاق الوطني من أجل مصلحة اليمن، ولكي يتجاوز ما دمرته الأزمة الراهنة خلال 11 شهراً». وقال: «إن حدثت أخطاء فهي غير مقصودة، لأن الرئيس أفنى حياته خدمة لهذا الوطن لا طمعاً في جاه ولا كرسي ولا مال»، ودعا الشباب اليمنيين المعتصمين في الساحات إلى «العودة إلى منازلهم والالتفات إلى مستقبلهم». وفي سياق منفصل، وفيما كان الرئيس صالح يتهيأ للمغادرة، شهد مقر القوات الجوية اليمنية المجاور لمطار صنعاء الدولي، احتجاجات من قبل المئات من ضباط وجنود سلاح الجو الذي يرئسه الأخ غير الشقيق للرئيس صالح اللواء ركن طيار محمد صالح الأحمر، تطالب برحيله وإقالته من منصبه في قيادة القوات الجوية، وذلك بعد دقائق من قيام أحد الضباط برمي الأحمر بحذائه أثناء إلقائه محاضرة في قاعة أكاديمية الدفاع الجوي. وأكدت مصادر في قوات الدفاع الجوي إن الجنود والضباط الذين كانوا حاضرين، وقفوا جميعاً وهم يهتفون في وجه قائدهم «ارحل يا فاسد». وجاءت هذه التطورات، أثناء مناقشة الاجتماع لطلبات الضباط والجنود، ورفض الأحمر صرف الأسلحة لهم أسوة بباقي الوحدات العسكرية والأمنية. واتهم بعض هؤلاء مرافقي الأحمر بإطلاق النار داخل القاعة لتأمين خروجه سالماً. وأشارت المصادر إلى تدخل لجنة من وزارة الدفاع لتهدئة المحتجين بعدما تسببوا في إلغاء عدد من الرحلات القادمة والمغادرة في مطار صنعاء، ما أضطر الكثير من المسافرين إلى العودة إلى منازلهم.