«انقلب السحر على الساحر» مقولة تنطبق تماماً على ما يحدث حالياً في سوق الدراما المصرية. فبعدما دلّل المنتجون طوال الأعوام الماضية الفنانين والفنانات، ومنحوهم أجوراً خيالية نظير قيامهم ببطولة المسلسلات التي كانوا يكسبون من ورائها الكثير سواء من بيعها حصرياً إلى المحطات الفضائية خلال شهر رمضان، أو من حصيلة إعلانات المنظفات والزيوت النباتية والمشروبات الغازية وأكياس البطاطا وغيرها، أو إعادة بيعها مجدداً على مدار العام، ها هم يحصدون في ظل الأزمة المالية الحالية ثمار ما بذروه. اما الحيلة التي لجأ إليها بعض المنتجين العام الماضي ونجحوا فيها من طلب تخفيض الفنانين أجورهم لتسيير عملية الانتاج بعد تأزمها جراء تداعيات ثورة 25 يناير، فلم تنطلِ على النجوم هذا العام، خصوصاً أنهم أدركوا أن شركات الإنتاج «تتاجر بهم وبالأزمة المالية» وفق تعبير بعضهم، ويحرصون على بيع مسلسلاتهم بأسعار أغلى من الماضي. وعلى رغم انتهاء الموسم الرمضاني قبل ثلاثة أشهر، لا تزال المشاكل قائمة بين بعض شركات الإنتاج وأبطال ومخرجي المسلسلات التي قدموها لمصلحتها. ويأتي في مقدم هؤلاء المخرج أحمد عبدالحميد الذي تولى إخراج مسلسل «خاتم سليمان» لخالد الصاوي ورانيا فريد شوقي، فهو هدد باللجوء إلى القضاء للحصول على بقية مستحقاته مع بعض الفنانين في العمل والذين وعدتهم الشركة بمنحهم إياها طوال الفترة الماضية وهو ما لم يحدث. وللسبب نفسه، طلبت نقابة المهن التمثيلية من اتحاد الإذاعة والتلفزيون تجميد كل المبالغ المالية المستحقة لقنوات بانوراما لدى الاتحاد لحين قيامها بسداد الرسوم النسبية للنقابة، وسداد باقي المستحقات المادية للفنانين المتعاقدين معها، والذين قدَّموا أعمالاً لها في رمضان الماضي وفي مقدمهم أحمد فلوكس الذي شارك في بطولة مسلسل «احنا الطلبة». والأمر نفسه تكرر مع أحمد رزق وسليمان عيد اللذين ينتظران ظهور منتج مسلسلهما «شبرا تي في» الذي «اختفى» منذ رمضان الماضي قبل أن يكمل تصوير المسلسل ويمنحهم مستحقاتهم المالية. طريق مسدود ووصلت الأمور إلى طريق مسدود بين عدد من النجوم وشركة «صوت القاهرة» بسبب عدم حصولهم على بقية أجورهم عن مشاركتهم في مسلسلات الشركة في رمضان الماضي. وهدّد بعضهم باللجوء إلى القضاء ومنهم نيكول سابا التي لعبت بطولة مسلسل «نور مريم» ويتبقى لها من أجرها أكثر من نصف مليون جنيه، كما رفض ياسر جلال الذي شاركها بطولة المسلسل نفسه، المشاركة في أي من أعمال الشركة الجديدة إلا بعد حصوله على بقية مستحقاته. وينتظر نجوم آخرون الحصول على بقية مستحقاتهم في شكل ودي قبل تصعيد الأزمة إلى ساحات المحاكم، ومنهم حسين فهمي عن مسلسل «تلك الليلة»، وحسن يوسف وعفاف شعيب عن «عائلة كرامة» وصابرين وكمال أبو رية وأحمد خليل ونشوى مصطفى عن «لحظة ميلاد». وتجد الشركة حالياً صعوبة كبيرة بسبب أزماتها المالية في التعاقد مع الفنانين للقيام ببطولة مسلسلاتها الجديدة، خصوصاً أنها تصر على منحهم ثلث أجورهم التي يتقاضونها في القطاع الخاص. وطاولت الأزمات المالية عدداً من المسلسلات الجديدة، فها هو محمود حميدة يعتذر عن بطولة مسلسل «النيل الطيب» من تأليف وإخراج أحمد خضر، والذي كان وافق على العودة من خلاله إلى الدراما التلفزيونية بعد غياب طويل وتأجل تصويره من العام الماضي، وجاء اعتذاره بعدما رفضت الشركة المنتجة منحه مقابلاً مالياً قيل إنه 12 مليون جنيه، وأصرت على منحه 6 ملايين فقط، وهو ما لا يتناسب وقيمته ونجوميته مقارنة بأجور زملائه عادل إمام ومحمود عبدالعزيز ويحيى الفخراني ونور الشريف وإلهام شاهين ويسرا والتي تتراوح بين 12 و20 مليون جنيه. واعتذرت عن البطولة النسائية في العمل نفسه ريم البارودي، بعدما رفضت العمل بأجرها القديم نفسه الذي كانت وقَّعته العام الماضي، ويبلغ نصف مليون جنيه. ... وبعضهم يبالغ وبعدما بالغت جومانة مراد في أجرها الذي أصرَّت عليه وقدره 5 ملايين جنيه نظير قيامها ببطولة مسلسل «أهل إسكندرية» من تأليف بلال فضل وإخراج خيري بشارة، تم استبعادها وأسند دورها إلى منة شلبي بعدما رأت الشركة المنتجة أن أسهم شلبي أعلى في التسويق والتوزيع وهي - في رأي الشركة - تعدّ نجمة سينمائية وبعمل لمصلحتها بعدها عن الدراما منذ لعبت بطولة مسلسل «حرب الجواسيس» قبل ثلاثة أعوام. وكنتيجة لهذا كله، تقوم غالبية شركات الإنتاج حالياً بعمليات تبادل وتوافق للحصول على فنانين وفنانات من الصفوف الخلفية يقبلون بالأجور التي تعرض عليهم، علماً أنهم يعيدون مجدداً استنساخ دراما النجم الأوحد الذي يدفعون له عن طيب خاطر ما يطلبه، خصوصاً لو كان من النجوم المقررين على شاشة رمضان، ثم يسندون بقية الأدوار في العمل إلى ممثلين لا تصل أجورهم مجتمعة إلى ثلث أجر النجم.