رفض الملايين والمنزل والسيارة الفارهة، وتبرّع بكليته لوجه الله، لأنه يجزم أن عضواً من أعضاء جسده لا يمكن بيعه. فضّل التبرع بإحدى كليتيه لعمته التي كانت تعاني فشلاً كلوياً، لم تكتمل فرحته، إذ توفيت عمته قبل إجراء الجراحة، ولكن بعد أن تم استئصال كليته. انهالت الاتصالات على سليمان المطيري من كل حدب وصوب، وبدأ السماسرة - بحسب وصفه - يعرضون عليه ملايين الريالات، ويغرونه بمنزل وسيارة، في مقابل التنازل عن كليته لابن رجل أعمال معروف على مستوى المنطقة، إلا أنه أصر على التبرع بها لوجه الله، فكانت من نصيب امرأة طلقها زوجها بعد الفشل الكلوي الذي أصابها، رافضاً كل الإغراءات من السماسرة الذي يترددون عليه ليل نهار من أجل بيعها بمبالغ طائلة. لكن بعد خروجه من المستشفى تدهورت حاله الصحية، وقلّ نشاطه وعطاؤه، وأصبح طريح الفراش، وعجز عن إيجاد العمل الذي يوفر له ولوالدته، التي تسكن معه، لقمة العيش ومنزل يسترهم. بادر بعض فاعلي الخير واستطاعوا إيجاد وظيفة مناسبة وغير شاقة له، بيد أن راتبه الشهري لا يتجاوز 3 آلاف ريال، وهي لا تفي بمتطلبات الحياة اليومية. «الحياة» زارت سليمان الذي يقطن في محافظة عنيزة، في أرض مسورة نصف غرفها من الزنك، والنصف الأخر غرفة ودورة مياه وخيمة، خصصها لاستقبال ضيوفه، وتسكن معه والدته المطلقة المسنّة، إضافة إلى زوجته التي تنتظر مولودها الأول. ويروي المطيري قصته، ويقول: «قبل 12 عاماً، كانت عمتي تعاني الأمرين بسبب فشل كلوي، فلم يكن لدي خيار سوى أن أتبرع بكليتي لها، وبعد التحاليل حدد الأطباء موعد استئصال كليتي، وتم بحمد الله، إلا أن عمتي وافتها المنية قبل زراعة الكلية لها، فتتابعت علي الاتصالات من تجار و سماسرة الأعضاء البشرية، وللأسف أن بعض الأطباء والعاملين داخل المستشفى من هؤلاء السماسرة»، مضيفاً: «رفضت فكرة بيع الكلية كونها من عند الله، وفضلت التبرع بها من يقف عليه طابور الانتظار، فكانت من نصيب أم أطفال طلقها زوجها بعد الفشل الذي أصابها». ويتابع: «بعد العملية انهارت قواي، فلم أعد قادراً على القيام بالأعمال الشاقة، على رغم أني شاب في مقتبل العمر، وبقيت طريح الفراش حتى زارني أحد المسؤولين في المحافظة، وبشرني بوجود وظيفة على بند الأجور تناسب حالي الصحية، إلا أن راتبها الشهري لا يتجاوز ال3 آلاف ريال بعد الترسيم، وما زلت من ذلك الحين أعمل هناك». وعن المنزل الذي يسكن فيه، يؤكد سليمان «أسكن هنا منذ قرابة ستة أعوام إلى جانب والدتي المطلقة وزوجتي الحامل في الشهور الأخيرة، نسكن في هذا المكان المتواضع، ونعاني حرارة الصيف الحارقة وبرودة الشتاء القارصة، لم أجد أرخص من هذا المكان، فراتبي الشهري ما بين أقساط السيارة ومتطلبات المنزل وإيجاره السنوي ودواء والدتي، مما تسبب في تراكم الديون علي حتى وصلت إلى أكثر من 100 ألف ريال». ولا يخفي سليمان أنهم في بعض الأيام لا يجدون ما يأكلونه، «والدتي في كل عام تطلب مني السفر بها لأداء العمرة، إلا أنني أنهار دائماً أمام طلبها، كوني لا أملك المال الذي يكفينا». ويزيد: «لا أريد قصراً، ولا أريد منزلاً كبيراً، فقط كل أمل بأن أجد منزلاً متواضعاً يستر والدتي وزوجتي وضيفنا القادم»، لافتاً إلى أنه بسبب عسر الحال وضيق الحيلة يمر اليوم واليومان من دون نوم من الهموم التي تلاحقه. ويناشد سليمان فاعلي الخير مساعدته في ظروفه السيئة التي يقاسيها، «أملي بالله ثم بأهل الخير أن يجدوا لي منزلاً يؤويني أنا وعائلتي».