حضر النادل مهرولاً وهو يضع منديلاً على ساعده وابتسم وهو يوزع اطباق الطعام على زبائنه، وبينها اطباق تحتوي على دجاج بصلصة خاصة مع خضروات مسلوقة تفتح شهية اي جائع، فسمعة مطعم كومازاوا في وسط طوكيو مشهورة ليس فقط بسبب جودة الطعام وحسن المعاملة وانما ايضاً لان اكثر من نصف زبائنه... من الكلاب. تعيش اليابان في حال من الهوس بتربية الحيوانات الاليفة. ففي العام الماضي ارتفع عدد الحيوانات التي تربيها العائلات في منازلها من 1,5 مليون الى 11 مليون حيوان أليف. وسيصل الانفاق على الحيوانات الاليفة غالباً ما تكون كلاباً وقططاً في نهاية العام الحالي الى ألف بليون ين 9 بلايين دولار للمرة الاولى، ففي مجتمع يقل فيه معدل المواليد فان عدد الكلاب فاق عدد الاطفال دون 12 شهراً بمعدل عشرة الى واحد. ويدل الهوس بتربية الكلاب الى عمق الاضطراب في المجتمع الياباني المقبل على ازمة ديموغرافية حيث تزيد اعداد كبار السن على الشباب، كما تشير التوقعات الى تناقص عدد السكان الى النصف بنهاية القرن الحالي. وبانتعاش هذه "الموضة" فان التجارة المصاحبة لها تنتعش، من جهة البضائع والخدمات والاطعمة، التي لا يتردد مالكو الحيوانات الاليفة باقتنائها مهما كلف الثمن. فدكاكين الكلاب تبيع الاكسسوارات والملابس المتنوعة من فانلات وسترات وقبعات، كما تتنوع جودة الحبال التي تربط برقبة الحيوان، والخيار من كل انواع الجلود. وفي الفترة الاخيرة افتتحت فنادق عدة مخصصة للحيوانات ومصطحبيها، فزوار المدينة ينامون بصحبة حيواناتهم بكل رحب وسعة مع تخصيص أطعمة وخدمات للجميع بشراً وحيوانات. وهناك ايضاً محلات للرعاية بمظهر الحيوانات، وحدائق خاصة لها حيث يمكن استئجار حيوان أليف على مدار الساعة والتسلي معه في الحديقة، وايضاً هناك مقبرة للحيوانات ويتم فيها السماح بدفن الحيوان وصاحبه جنباً الى جانب. كما يتخصص خبازون في صنع كعكات خاصة للكلاب، ومنها ما يقدم هدية في عيد ميلاده، وهناك ايضاً معرض مفروشات خاص بهذه الحيوانات، حيث يعرض أثاث مخصص لها، كسرير مائي وخزائن لحفظ الحاجيات، واذا شعر الكلب بألم في المعدة أو انتفاخ فهناك مختصون ينصحون بريجيم معين أو أنواع أغذية خاصة. وأعاد المتابعون السبب في انتشار هذه العادة الى انخفاض معدل النمو السكاني، فمعدل اطفال كل عائلة يبلغ 1,32 طفل، مقارنة مع 3,65 في الخمسينات من القرن الماضي، ما قاد الى اكتئاب نفسي وجسدي، فاصبح وجود حيوان في المنزل علاجاً للوحدة والارق.