السعودية.. وخدمة ضيوف الرحمن    أمير تبوك يطلع على إنجازات التجارة.. ويرأس اجتماع لجنة الحج.. اليوم    تحت رعاية ولي العهد.. انعقاد القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بالرياض.. سبتمبر القادم    «طيران الرياض» تستهدف 100 وجهة وتشارك في نهضة السياحة    السعودية و31 دولة تشارك في تمرين «الأسد المتأهب»    جامعة «مالايا» تمنح العيسى الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية    رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار الأمم المتحدة تبني قرار عضوية فلسطين    «الزعيم » لا يكل ولا يمل    إزالة 23 مظلة وهنجراً عشوائياً في أحياء الطائف    19710 مخالفين للأنظمة ضبطوا في 7 أيام    «البلدية»: إيقاف وسحب «المايونيز» من أسواق المملكة    هيئة الصحفيين السعوديين يقيم ندوة "المواقع الإخبارية التحديات والآمال"    حظر «الرموش الصناعية» على العاملات في تحضير الأغذية    عساك «سالم» يا عميد    الجدعان يرأس وفد المملكة في اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة العربية ال 33    البصمة السينمائية القادمة    نحو سينما سعودية مبهرة    سلمان بن سلطان يرعى حفل تخريج الدفعة ال 20 من طلاب وطالبات جامعة طيبة    جامعة الملك سعود تتوّج ببطولة الرياضات الإلكترونية للجامعات    إبادة بيئية    681 مليون ريال انخفاض مبيعات النقد الأجنبي بالمصارف    تحسينات جديدة في WhatsApp    الذكاء الاصطناعي يتعلم الكذب والخداع    سيدات الأهلي يحصدن كأس الاتحاد لرفع الأثقال    طائرة الأخضر إلى نهائيات كأس آسيا    نسيا جثمان ابنهما في المطار    إنقاذ ثلاثيني من إصابة نافذة بالبطن    مواد مسرطنة داخل السيارات    أرتيتا يحلم بتتويج أرسنال بلقب الدوري الإنجليزي في الجولة الأخيرة    الهلال يوافق على انتقال بيريرا لكروزيرو    أرسنال يسقط اليونايتد ويستعيد الصدارة    أمير تبوك يطلع على إنجازات "التجارة"    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع عقارات الدولة    انتخابات غرفة الرياض    بعض الدراسات المؤرشفة تستحق التطبيق    " الأحوال" المتنقلة تواصل خدماتها    محافظ جدة يدشن مبادرة " العمل والأسرة"    تدريب 18 ألف طالب وطالبة على الأمن والسلامة في الأحساء    جدة .. سحر المكان    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    تطوير 12 مشروعاً للعوالم الافتراضية    ولي العهد يرعى القمة العالمية للذكاء الاصطناعي سبتمبر المقبل    كبسولة السعادة .. ذكرى ميلادي الرابعة والأربعون    تنمية المواهب في صناعة الأزياء محلياً    لؤلؤ فرسان .. ثراء الجزيرة وتراثها القديم    أمير نجران يكرّم المتميزين في «منافس»    إنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة طريق مكة آليًا    مختبرات ذات تقنية عالية للتأكد من نظافة ونقاء ماء زمزم    نائب أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة كليات الشرق العربي    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    هنأت رؤساء روسيا وقرغيزيا وطاجيكستان.. القيادة تعزي ملك البحرين ورئيس الإمارات    روتين الانضباط وانقاذ الوقت    المراكز الصحية وخدماتها المميّزة    نيابة بمطار الملك خالد على مدار الساعة    نائب أمير مكة يناقش مستوى جاهزية المشاعر لاستقبال الحجاج    سمو أمير منطقة تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج غداً    الماء    طريق مكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحظة كلام - من يستهتر بمارك توين: أميركا أم القاهرة ؟
نشر في الحياة يوم 26 - 04 - 1993

يغلب القول الشائع ان الترجمة عمل عاق، غير ابداعي، لا يتعدى كونه عملية نقل من لغة الى اخرى. ويسود القول ان الشعر لا يُترجَم، وإن شعراء كثيرين رفضوا ترجمة قصائدهم الى لغات اخرى، او صرحوا ان ما تمت ترجمته من شعرهم لا يعبر عنهم ولا عن شعرهم.
هذا القول، في شقيه، غير صحيح.
بلى: الترجمة عمل ابداعي. وبلى: الشعر يُترجَم.
كيف؟ اذا توافر شرط واحد: ان يكون المترجم، هو نفسه، مبدعاً، صاحب انتاج في اللغة التي يترجم اليها. وإلا فان اي استاذ مدرسة يعرف لغتين يمكنه ان يترجم اي كتاب الى أية لغة، ماسخاً الاثر، مشوهاً لغته، مسيئاً الى صاحبه.
أسوق هذا الكلام وأمامي كتاب وصلني بين ما يصلني اسبوعياً من مختلف دور النشر في عواصم عالمية عدة.
الكتاب: الترجمة العربية لرواية مارك توين الشهيرة "مغامرات هاكلبري فِن"، صادر عن "الدار الدولية للنشر والتوزيع" القاهرة، تعاون عليه مترجمان اثنان لا واحد: فريد عبدالرحمن وماهر نسيم.
قد تكون "مجهولاتي" واسعة في حقل الادب والترجمة حتى لم اسمع بهذين الاسمين من قبل ولم اقرأ انهما، منفردَين او متحدَين، اخرجا حتى الآن رائعة أدبية، شعراً كانت أم نثراً.
وقد يكون من سوء حظ المترجمين انني اعرف الرواية في نصها الاميركي لا الانكليزي تعميماً لأن مارك توين كتبها مع رائعته الاخرى "مغامرات توم سُوير" باللغة الاميركية المحكية حتى انني لم أفرغ من قراءة نصها العربي الا والغضب ملء اعصابي. فالترجمة نقل حرفي لا لعبارات مارك توين بل لتعابيره المفردة، كلمة كلمة، مما أفقد النص العربي انسيابه اللغوي شكلاً ومضموناً. واللغة المكتوبة بها الترجمة ركيكة الى حد لا يرضاه لنفسه تلميذ في مدرسة ابتدائية.
وبين سوء الترجمة وسوء "سكبها" العربي، خرجت رواية مارك توين بالعربية فاقدة جوهرها وخصوصيتها في تصوير المناخ الذي اختاره الكاتب، والنبرة الساخرة المرحة التي اشتهر بها مارك توين دون سائر اقرانه. واذا بالنص العربي يأتي مسطحاً بليداً فاقداً كل نبض، مُفرّغاً من سخرية توين وروحه اللاذعة التي تثير دمعة الضحك فيما تقصد دمعة البكاء.
ولما كنت اعلم ان هذا الكتاب واحد من سلسلة كتب سنوية تعهد بها "دائرة الكتاب العربي" في الوكالة الاميركية للاعلام الى دور عربية لترجمتها ونشرها، اتصلت بمسؤول في تلك الدائرة ناقلاً له رأيي، فقال ان هذا الامر يتعلق بالناشر العربي الذي يتكفل باختيار المترجمين ومراقبة ترجماتهم ونشر نصوصهم وتوزيعها كتباً في العالم العربي.
كنت اتمنى لو تُتاح لي مساحة الاستشهاد ببعض تلك السقطات المهينة التي وقع فيها المترجمان، فلا يبدو كلامي مجرد تنظير ليس يستند الى حجة وبيان.
وقد يأتي هذا لاحقاً، لكني اكتفي الآن بالتساؤل امام هذه الظاهرة: من يستهتر بمارك توين في هذه الظاهرة: هل "وكالة الاعلام الاميركية" تستهتر بالعربية، فلا تراقب ما يصدر بها؟ ام المترجمان يستهتران بقراء العربية فيكتبان من دون رقيب ولا مراجعة، نصاً عربياً هو أقرب الى "السنسكريتية"؟ ام هو الناشر المصري يستهتر بالاميركان والقراء العرب معاً، فيسلم النص الاميركي الى ترجمة لا يراجعها احد بعد انتهائها؟
من يستهتر بمن، في هذا الكرنفال الصارخ الوقاحة؟
قد لا يكون هنا مجال المحاسبة والبحث عن المسؤول، لكنه المجال الملائم لبدء حملة قاسية على فولكلور التهريج لدى عدد من الناشرين العرب، يستهترون بالقارئ فيقدمون له كتباً رخيصة المستوى يعرضونها في معارض الكتب، وحين لا تُباع ينحون باللائمة على القراء العرب بتهمة انهم لا يقرأون.
ولعلهم في هذا، موضع تهكم لئيم يستحقونه، من سخريات مارك توين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.