تشكيل ألمانيا المتوقع أمام اسكتلندا    عرض ضخم من النصر للتعاقد مع فان دايك    تقارير.. لاعب ريال مدريد يقترب من الاتحاد    المنافسة: حصانة قضائية لمنشأتين كشفتا مخالفات    "واتساب" يتيح المكالمات بسطح المكتب    "لينكدإن" تستعين ب"الذكاء" لجلب الوظائف    إعادة التوطين تُكثر 9 حيوانات بمحمية الإمام تركي    اتفاقية تمويل لربط الكهرباء الخليجي العراقي    القصبي: 157 مليار ريال حجم المدفوعات الإلكترونية بالمملكة    الذكاء يدعم خدمات الدفاع المدني بالمشاعر    100 ألف رأس ماشية استعدادًا للأضحى بالرياض    هدايا بروح التراث السعودي لضيوف الرحمن    خدمة المبيت تحتضن أطفال الحجاج بجوار الحرم    روبوتات هجينة لعلاج سرطان الرئة    القوات المسلحة: لا تهاون.. أمن الحج خط أحمر    وزير الحرس الوطني يطّلع على استعدادات القوات    حزم وقوة    لجنة رباعية لضبط مخالفات نشاط المياه غير الصالحة في مكة    سفير كازاخستان السابق: قضيت أجمل أيام حياتي في السعودية    العيسى: تنوع الاجتهاد في القضايا الشرعية محل استيعاب الوعي الإسلامي    200000 ريال غرامة على مخالفي المنطقة اللوجستية    دراسة لقياس عناصر الطقس المرتبطة بالإجهاد الحراري    6 مهابط للطيران العمودي بمستشفيات مكة والمشاعر    1.6 مليون شخص يتضررون يومياً بأغذية غير آمنة    57 سيجارة كافية لتفجير رئة المدخن    أمن الطرق.. حرّاس المنافذ    ضيوف الرحمن بين جنبات مشعر منى لقضاء يوم التروية    الحقد والمظلومية يصيبان بالأمراض ويعطلان التشافي    «الجراح المغناطيسي» أحدث جراحات السمنة    أول حالة إسعافية تُنقل من مهبط برج الساعة عبر الإسعاف الجوي لحاج أفريقي    «منبر جدة» مفتاح لحل الأزمة السودانية    منتخب البرتغال يصل إلى ألمانيا استعداداً لمشاركته في يورو 2024    مارتينيس: البرتغال جاهزة    قائد الأسود الثلاثة: هدفنا كتابة التاريخ    خطط مرورية لنقل الحجاج لمشعر منى    جمعية قدرة لرعاية الأشخاص المعاقين بالرس تحجج 11 معاقاً ومعاقه    الجبير: المملكة من أكبر المستثمرين في الطاقة النظيفة ولديها مشاريع ضخمة تستهدف الحد من آثار التغير المناخي    غيض من فيض    وزير الإعلام يقيم مأدبة عشاء للوفود الإعلامية المشاركة في "ملتقى إعلام الحج"    العليمي: المنحة السعودية تمكن الدولة من الوفاء بالتزاماتها الحتمية    لم يكن الأفضل !    استعدادات أمانة الطائف لاستقبال عيد الأضحى    الأخضر السعودي تحت 20 عاماً في مجموعة متوازنة بتصفيات كأس آسيا    زيادة حدة التوتر على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية    رئيس الأركان يتفقد قطاعات وزارة الدفاع المشاركة في الحج    تحذير الحجاج من التعرض للحرارة بالمشاعر المقدسة    وزير الحرس الوطني يقف على استعدادات القوات المشاركة بموسم الحج    الربيعة يستعرض جهود مركز الملك سلمان للإغاثة في غزة    جامعة الملك فيصل ضمن أفضل 100 جامعة عالمياً في التايمز للتنمية المستدامة    "الداخلية" تصدر قرارات إدارية بحق (26) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج لنقلهم (124) مخالفًا    مجلس الأمن يصوّت على وقف حصار ‬الفاشر    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    «حفل بذكرى زفاف أقصر زوجين    25 فعالية لمركز "إثراء" في عيد الأضحى    دورة تأهيلية لجامعي البيانات لموسم حج 1445ه    العقيد الطلحي يتفقد مركز(911)    المملكة تعزي في ضحايا حريق «المنقف» في الكويت    «إش ذي الهيافة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اضخم مؤتمر دولي حول البيئة يعقد في البرازيل . قمة الفرصة الأخيرة لانقاذ البشرية !
نشر في الحياة يوم 04 - 05 - 1992

يُعقد في شهر حزيران يونيو المقبل اضخم مؤتمر دولي حول البيئة في البرازيل تحت عنوان "قمة الارض" يحضره العديد من رؤساء الدول بمن فيهم الرئيس الاميركي جورج بوش. وقد حذر موريس سترونغ الامين العام للمؤتمر المقبل من ان هذه القمة هي الفرصة الاخيرة لانقاذ العالم من انهيار البيئة الارضي تحت وطأة تغير المناخ والتلوث والانفجار السكاني. وأكد في مؤتمر صحافي عقده في مبنى الامم المتحدة بجنيف، على ان امكانات تغيير هذه الصورة القائمة هي التي تثير المخاوف والقلق. فهي اولاً تثبت ان المخاطر جدية وفي حجم الآمال المعروضة في الوثيقة الرئيسية للمؤتمر "برنامج 21" والتي ترسم في 700 صفحة تفاصيل وضع الكرة الارضية وفرص انقاذ الحياة على سطحها وفقاً لخبراء اقتصاديين شاركوا فيها من 160 بلداً. "الوسط" تابعت هذه القضية وتسلط الاضواء عليها من خلال التحقيق الآتي:
لم يكن يخطر ببال معظم الناس، منذ ثلاثين عاماً، ان التلوث البيئي الناتج عن تطور التكنولوجيا الصناعية والزراعية، وانتشار الحركة العمرانية والانشائية، سيؤدي الى مشكلة عالمية تهدد الارض بكاملها، حيث تحولت سنوات التسعينات الى الحرص والعمل على سلامة البيئة وصار هذا الموضوع الشغل الشاغل للدول الصناعية والدول النامية والعديد من الدول الاخرى في العالم، ولا سيما وان الضغوط الشعبية العارمة وصرخات الراي العام ادت الى دفع المسؤولين السياسيين لوضع مشكلة حماية البيئة في مقدمة جداول اعمالهم وفي قمة اهتماماتهم. وفي اوروبا الغربية يتنافس محترفو السياسة من كافة الاحزاب والتكتلات على تبني هذه القضية وضع الاستراتيجيات المتعددة الاشكال والالوان لدعمها عن طريق مكافحة مصادر التلوث والسيطرة عليها. وفي العديد من دول العالم الثالث ادى عمق الكارثة البيئية الى دفع الحكومات للتعاون مع حركات حماية البيئة والعمل معها بجدية واهتمام لتدارك المزيد من الاخطار المحتملة.
ان التسعينات ستقرر ما اذا كان العالم سيتصرف بسرعة كافية وبخطى حاسمة للسيطرة على هذه الكارثة البيئية ووقف تصاعدها. فارتفاع درجة الحرارة وتسخين مناخ الكرة الارضية تحت تأثير "الدفيئة" "Greenhouse Effect"، وتحطيم طبقة "الأوزون" التي تحمي كوكب الارض وغلافه الجوي، وتقطيع اشجار غابات المطر، وتخريب تربة الارض السطحية الخصبة وسرعة انقراض الحياة البرية بحيوانها ونباتها، وازدياد وتيرة الفقر والجوع في العالم، تشكل تحدياً جديداً لم يسبق له مثيل، لأن استمرارها سيؤدي الى كارثة تعرض الكرة الارضية لدمار شبيه بدمار الحرب النووية. ومن المؤكد ان الانسان لن يتمكن من معالجة هذه المشاكل الضخمة ما لم تتلاحم كافة الجهود وتتعاون المؤسسات والمنظمات الدولية لما فيه خير هذا الكوكب وسلامة بيئته.
مؤتمر البرازيل
ولقد احسنت الوكالات المتفرعة عن منظمة الامم المتحدة ومنظمات حماية البيئة الاخرى في اختيار البرازيل مكاناً لانعقاد مؤتمر البيئة المقبل في حزيران يونيو 1992، نظراً لما تحويه هذه البلاد من الموارد الطبيعية العظيمة والمناظر الخلابة، وتأكيداً على الحرص العالمي على سلامة الثروة النباتية والحيوانية الهائلة المعرضة للخطر هناك. وسيكون هذا المؤتمر بداية رائعة لولادة نوع جديد من السياحة الخضراء، حيث يمكن للانسان مشاهدة الطبيعة الخلابة لغابات المرط الامازونية الشهيرة الغنية بأشجارها ونباتاتها وطيورها وتماسيحها وحيواناتها العديدة الاخرى. وسيدرك الانسان الاهمية البالغة لهذه الغابات ودورها في المحافظة على تكامل البيئة وسلامتها. ولقد رتبت وزارة السياحة في البرازيل رحلات استكشافية خاصة لتتزامن مع هذا الحدث العلمي الهام.
ولكن اذا كانت الحكومات صارت ملمة بأهم اسباب هذه الازمة الكبرى فكيف يفهم الفرد العادي وبالتالي ما هي العوامل الاساسية التي تؤثر على سلامة البيئة وتهددها؟
الجواب، كما يؤكده الخبراء يبدأ من غابات المطر...
الغابات الاستوائية
تمتد هذه الغابات العظيمة حول خط الاستواء وتغطي اجزاء واسعة من اميركا الجنوبية واميركا الوسطى وافريقيا الوسطى وجنوب شرقي آسيا وشمال اوستراليا حيث تعتبر من اكثر انظمة البيئة تعقيداً وأغناها بالمصادر الطبيعية، ولقد اتسع نموها خلال ملايين السنين وأصبحت من أغنى بقاع الارض بالحياة البرية. وعلى الرغم من تغطيتها لأقل من عشرة في المئة من سطح الكرة الارضية، الا انها تحتوي على ما بين خمسين وسبعين في المئة من انواع النباتات والحيوانات المنتشرة في العالم. اما اعظم هذه الغابات واغناها فهي غابات المطر الامازونية في البرازيل. ويعيش فيها خمس فصائل الطيور الموجودة في العالم وتستخرج من التسعين نوعاً من نباتاتها 120 مادة كيماوية تستخدم في صناعة الادوية. ويقال ان 120 قبيلة مختلفة من قبائل الامازون قد انقرضت خلال هذا القرن. ولقد هبطت نسبة قبائل الهنود في البرازيل من ستة ملايين الى مئة ألف خلال الاربعمئة سنة الماضية. اما اكبر القبائل التي ما زالت تعيش في غابات الامازون فهي قبيلة "يانومامي" وعددها يقل عن تسعة آلاف شخص، وتتعرض هذه القبيلة لخطر الانقراض بسبب وحشية وطمع العاملين في مناجم الذهب. ويستخدم الهنود، الذين يعيشون في غابات شمال غربي الامازون، 1300 نوع من النباتات كأدوية. وحتى الآن لم يتم اختبار اكثر من واحد في المئة من اصل 250 ألف نوع من النباتات الموجودة في العالم، 155 ألف منها موجودة في غابات المطر الاستوائية، والتي يمكن دراستها لاستخراج المزيد من الاذوية العلاجية الفعالة التي ربما انقذت حياة مئاة الآلاف من البشر. ويجدر بالذكر ان اربعين في المئة من الادوية المتوفرة في العالم مستخرجة من البراري وربعها مصنوع من مواد موجودة في نباتات غابات المطر. وهي مصدر هام للغذاء ويستخدم 1650 نوعاً منها كخضار وفاكهة صالحة للأكل. وتلعب غابات المطر الاستوائية دوراً هاماً في تنظيم عملية المناخ الجوي وعملية تدفق المياه في العالم، كما انها تحمي "مستجمعات" الامطار والفواصل المائية الاخرى التي يحتاجها المزارعون لاطعام بليون مليار شخص، وتوفر هذه الغابات الاوكسجين والاخشاب والوقود والمطاط والشمع والصمغ والزيوت والفاكهة والبندق والقصب والملينات والسيترويد والمبيدات والاصباغ والراتينج والروطان وحامض التنيك وفصائل جينية وراثية لا مثيل لها تقدر قيمتها ببلايين لا تحصى من الدولارات.
ومن المؤسف جداً انه خلال الخمسين سنة الماضية بدأت تظهر معالم مأساة كبيرة في ما يتعلق بهذه الغابات. اذ ان عملية تدمير هذه الاجواء الفريدة من نوعها والتي تعتبر الاغنى والاقدم على وجه الارض، تتم بسرعة مخيفة لدرجة لم يبق منها سوى النصف، اي حوالى 800 مليون هكتار من اصل 1.6 بليون هكتار، اغلبها موجود في حوض الامازون حيث تغطي الغابات منطقة تبلغ مساحتها 600 مليون هكتار، اي ما يعادل ثلاثة اضعاف مساحة الولايات المتحدة.
وحسب تقديرات منظمة الاغذية والزراعة الفاو التابعة للأمم المتحدة فان 11.4 مليون هكتار من الغابات الاستوائية يتم قطعها وتدميرها سنوياً. وفي تقرير نشرته مجلة المصادر العالمية في حزيران يونيو 1990 واستناداً الى الصور الواردة من الاقمار الاصطناعية، فان سرعة تدمير الغابات الاستوائية قد ازدادت الى حوالى 20.4 مليون هكتار في العام، اي ما يعادل ضعف مساحة النمسا.
غابات كلها إفادة
وتجدر الاشارة الى ان غابات المطر توفر الكثير من المياه للعالم، حيث تتشبع جذورها بمياه الامطار الموجودة في التربة وتنتقل الى الاوراق فيتم افرازها في الهواء حيث تتجمع في الجو وتكوّن الغيوم التي لا تلبث ان تهبط مطراً مرة اخرى في امكان مختلفة حسب حركة الرياح. وهذا ما يفسر سبب انخفاض مستوى مياه الامطار في الامكان التي تنقص فيها الاشجار. واذا استمرت عملية قطع اشجار غابات المطر وأدى ذلك الى اختفائها فان خمس سكان العالم لن يجدوا ماء كافياً لري اراضيهم ونمو محاصيلهم. اما اسباب تدمير هذه الغابات فتعود الى عمليات الزراعة والفلاحة وقطع الاخشاب وحرقها واقامة مناجم عديدة لاستخراج المعادن الثمينة كالذهب.
ويؤدي القطع العشوائي للاشجار من قبل الشركات التي ترغب في بيع خشب غابات المطر الاستوائية ذي القيمة العالية والذي يستخدم في صناعة الاثاث الممتاز وصناعة السفن والسيارات وادوات المنازل والالعاب والادوات الموسيقية غيرها، الى خلق مناطق فارغة داخل هذه الغابات تدفع بعض المواطنين الذين يعانون من الفقر ومن فقدان المأوى والمسكن، خاصة وان هذه الغابات موجودة غالباً في بلدان فقيرة، الى اتخاذ هذه المواقع الفارغة كمقر لهم، ويبدأون بقطع الاشجار وحرقها لاستخدام رمادها كأسمدة لفلاحة التربة وزراعتها. وفي اميركا الوسطى يتم تدمير ملايين الهكتارات من هذه الغابات لتأمين اللحوم البقرية الرخيصة لصناعة وتحضير "الهمبرغر". وفي "باربيدوس" يتم استبدال الغابات بقصب السكر، وفي ماليزيا تختفي مساحات شاسعة من الغابات الاستوائية كل عام لافساح المجال امام مزارع المطاط والزيوت. وفي دول اخرى تقطع الاشجار لاقامة مزارع ضخمة لتزويد الدول الصناعية الغنية بحاجتها من القهوة والشاي والموز والاناناس والسكر والبندق والتوابل والقطن وغيرها. ومن المؤسف ان التربة في هذه المزارع لا تلبث ان تتلاشى وتموت بعد ثلاثة مواسم زراعية او اربعة. وهكذا ينتقل المزارعون الى مناطق جديدة داخل الغابات ويبدأون بقطع الاشجار وتدميرها مرة اخرى. وهذه الممارسة الخاطئة لا تدمر الغابات والثروة الخشبية فحسب، بل تؤدي الى ضياع وتشريد فصائل نادرة من الحيوانات والحشرات والطيور. كما ان حرق الغابات يؤثر على مناخ الارض، فبدل ان تحتفظ هذه الاشجار بثاني اوكسيد الكربون الذي تأخذه من الهواء لتكوين الاخشاب، فانها تطلقه مرة اخرى في الفضاء عند احتراقها، فيتجمع هذا الغاز مع غيره من الغازات فوق الغلاف الجوي ويسمح لأشعة الشمس بالدخول، لكنه يمنع بعض الحرارة من الخروج من اجواء الارض فيسبب تأثير "الدفيئة" "Greenhouse" وارتفاع درجة حرارة الجو. وتجدر الاشارة الى ان حريق غابات المطر يطلق بليوني طن من ثاني اوكسيد الكربون في الهواء سنوياً. كما ان البحث عن المعادن، كالحديد والذهب، واقامة المناجم، يتسبب في تدمير الغابات وتشرين الانسان والحيوان والقضاء على النباتات النادرة. وفي البرازيل يقوم الآلاف من عمال الذهب بحفر غابات الامازون وقطع اشجارها واقامة حفر كبيرة في الارض تؤدي الى تلوث الانهار بفضلات هذه المناجم. ولقد أدى التخريب المتعمد لهذه الغابات وتلويث انهارها الى تدميرحياة القبائل الامازونية التي تعيش فيها منذ آلاف السنين، وهذا يفسر تناقص اعدادهم وتعريضها لخطر الانقراض بسبب وحشية عمال المناجم وقتلهم لافرادها بصورة مباشرة او غير مباشرة.
"التسخين" العالمي
هنالك قناعة مشتركة بين العلماء بأن تأثير الدفيئة الذي يسببه غاز ثاني اوكسيد الكربون وبعض الغازات الاخرى مثل كربونات الفلور والكلور والميثان والاوكسيد النثري، قد جلب معه اعظم واسرع تغيير في المناخ عرفته المدنية الحديثة، وبالتأكيد سيكون له مضاعفات بالغة الخطورة على كل الكائنات الحية الموجودة فوق سطح الارض.
وتعمل هذه الغازات وكأنها الزجاج الذي يغطي الدفيئة، فتسمح لأشعة الشمس بالدخول ولكنها تحجز بعض الحرارة التي يفترض عودتها الى الفضاء، فيحدث التسخين العالمي الذي يسبب ارتفاع مستوى غاز ثاني اوكسيد الكربون بنصفه، وتتسبب كربونات الفلور والكلور بربعه، والغازات الاخرى بالربع الباقي. ويؤدي هذا التسخين الى انقلاب المناخ وتغيير الجو، فترتفع مياه البحار وتزداد الفيضانات والعواصف وتقل المياه الصالحة للشرب وينخفض هبوط المطر. وتشير الدراسات الى ان 18 في المئة من بلاد بنغلادش سيغرق تحت الماء بحلول عام 2050 وسترتفع هذه النسبة الى 34 في المئة بحلول عام 2100. وفي مصر يتوقع اختفاء 19 في المئة من الاراضي الزراعية عام 2050، وقد ترتفع هذه النسبة الى 25 في المئة بحلول عام 2100. كما ان المحاصيل الزراعية في مختلف انحاء العالم ستنخفض بشكل جذري في المستقبل.
طبقة الامازون
يحيط بالكرة الارضية غلاف من السموم تعتمد عليه حياة الكائنات كلها. ويتكون هذا الغلاف من الاوزون، وهو شكل من اشكال الاوكسجين مؤلف من ثلاث ذرات بدل الذرتين المعهودتين في غاز الاوكسيجين الذي نتنشقه. وعندما يقترب الاوزون من مستوى الارض يساهم في تلوث الجو وفي تشكيل مزيج من الضباب والدخان الكيمائي الضوئي والمطر الحامضي. ولكن عندما يكون هذا الغاز في الجزء الاعلى من الغلاف الجوي على مسافة 15 او 50 كيلومتراً من سطح الارض، فانه يكوّن طبقة الاوزون المنقذة للحياة. والاوزون هو الغاز الوحيد في الغلاف الجوي الذي يمكنه تمييز الاشعة فوق البنفسجية للشمس فيقوم بعزلها، ولولا هذه الطبقة الترشيحية الشفافة لقضت هذه الاشعة على الحياة البرية بأكملها. ويكفي تسرب كمية ضئيلة من الاشعة فوق البنفسجية لتنذرنا بوجود خلل او ضعف في طبقة الاوزون. وتعتبر هذه الاشعة السبب الرئيسي في سرطان الجلد الآخذ بالازدياد، والذي يتسبب بمقتل 12 الف شخص سنوياً داخل الولايات المتحدة فقط، كما ان هذه الاشعة تعتبر سبباً رئيسياً في امراض السد Cataracts التي تسببت فقدان النظر عند 12 مليون شخص في العالم وتعتم البصر عند 18 مليون شخص آخر.
لهذا فان تدمير طبقة الاوزون او اضعافها سيزيد من المشاكل الصحية للانسان، وسيرفع عدد المصابين ويدمر ثلثي الحياة النباتية ويؤثر سلبياً على الحياة البحرية والثروة السمكية. اما اكبر خطر يواجه طبقة الاوزون فمصدره كربونات الكلور والفلور FCCs التي تستخدم في تصنيع البرادات واجهزة تكييف الهواء في العلب والاوعية المضغوطة المستعملة لرش الرذاذ، سواء كانت ادوية او مطهرات او اصباغاً، وفي صناعة مادة البوليستايرين وفي تنظيف اجهزة الكمبيوتر. وتهاجم هذه المواد طبقة الاوزون بعد انطلاقها في الهواء حيث تستغرق رحلتها ثماني سنوات لتصل الى الجزء الاعلى من الغلاف الجوي، وتبقى هناك لفترة قرن تقريباً، ولكن عندما تبدأ بالتفكك تحت تأثير الاشعة فوق البنفسجية فانها تطلق الكلور الذي يتحد مع غاز الاورون ويحوله الى اوكسيجين عادي، حيث تقوم هذه المواد بتدمير طبقة الاوزون تدريجياً، ولقد اظهرت صور الاقمار الاصطناعية وجود ثقب كبير في طبقة الاوزون فوق القطب الجنوبي يبلغ حجمه حجم الولايات المتحدة ويعادل عمقه ارتفاع جبل ايفرست. وفي فصل الربيع كل عام تظهر هذه الفتحة في طبقة الاوزون. ويبدو ان هذا الخلل لم يقتصر على المنطقة التي تغطي جزءاً من القطب الجنوبي فحسب، بل انتقل ليشمل مناطق في النصف الشمالي من الكرة الارضية. واظهرت صور حديثة التقطتها الاقمار الاصطناعية وجود مزيج من السحب والدخان الكلوري فوق اجواء اميركا الشمالية وبريطانيا والمانيا وبعض الدول الاسكندنافية والاوروبية الاخرى، مما يهدد بامكان حدوث ثقب جديد في طبقة الاوزون. وادت هذه الدلائل الجديدة للاسراع في تطبيق خطوات برنامج الامم المتحدة لحماية البيئة، لمنع استخدام كافة المواد الكيمائية التي تشكل خطراً على طبقة الاوزون، على ان يتم ذلك تدريجياً خلال العشر سنين المقبلة وبالتعاون مع كافة الدول. وستستغرق عودة طبقة الاوزون الى ما كانت عليه عام 1986 حوالى المئة عام تقريباً، اذا تم ايقاف استخدام كافة المواد الكيمائية المذكورة.
يعتبر المطر الحامضي من اسوأ انواع التلوث الذي تتعرض له البيئة، فهو يدمر خلال سنوات ما بنته البشرية خلال قرون من الزمن وما تطلب نموه ملايين السنين من قبل الطبيعة. ويتكون هذا المطر نتيجة احتراق الوقود الحفري، كالفحم والزيت، داخل المصانع ومحطات الطاقة ومحركات السيارات، وينتشر في الهواء على شكل مزيج من السحب والدخان، فيختلط ببخار الماء واشعة الشمس والاوكسيجين الموجود في الاجواء ويصبح كالحساء الكبريتي والنترين الحامضي. ثم ينتقل بفعل الرياح مع الامطار والثلوج والرمال، ويتساقط فوق الغابات والانهار والبحيرات والاراضي الزراعية فيلوثها ويقضي على الحياة فيها. وتعاني اوروبا واميركا الشمالية من هذا التلوث، وقد تفقد المانيا نصف غاباتها بحلول عام 2000، وتتعرض 90 الف بحيرة في السويد لخطر الحموضة، كما اصبحت اربعة آلاف بحيرة غير صالحة للحياة السمكية، وهنالك 90 الف كيلومتر من الانهار والجداول تأثرت بالمطر الحامضي. وفي النرويج قُتلت الاسماك في بحيرات تغطي مساحة 13 الف كيلومتر مربع. وهنالك آلاف البحيرات في شرق الولايات المتحدة تعاني من نسبة حموضة لا تتحملها الاسماك ولا يمكنها العيش فيها. وتتعرض 48 الف بحيرة في كندا للخطر، منها 3 آلاف لا تصلح للحياة السمكية. وينتقل تلوث المطر الحامضي الى مناطق بعيدة بفعل الرياح فيصيب بلداناً اخرى كالمكسيك والنمسا والصين واليابان وغيرها. وفي كل عام تنقل الرياح ثلاثة ملايين طن من الحامض من الولايات المتحدة الى كندا. ويعتقد العلماء في النمسا انه لن يبقى هنالك اشجار بحلول العام 1997، ما لم تتخذ الاجراءات الحاسمة والسريعة لحماية الثروة الخشبية من التلوث. كما لاحظ العلماء ان المطر الهاطل فوق اوروبا يحوي ثمانين ضعفاً من الحامض عما كان عليه سنة 1950. وتختلط مع المطر الحامضي اثناء هبوطه معادن سامة اخرى كالزئبق والزنك والالومنيوم والرصاص والمانغنيز، فيسبب الالومينيوم اختناق بعض انواع الاسماك الحساسة مثل "السلمون" العادي "والسلمون" المرقط.
ويدمر المطر الحامضي ايضاً، التراث العمراني التاريخي ويهدد الكثير من الحضارات بالزوال. لذلك كان لا بد لدول العالم الصناعية ان تبذل المستحيل لايقاف هذا الخطر والحد من انتشاره.
وهنالك العديد من العوامل البيئية الاخرى المعرضة للتلوث والتي يصعب الحديث عنها بتحقيق كهذا، لأنها تحتاج الى شرح شامل ومستفيض. لهذا حاولنا التركيز قدر الامكان على اهم العوامل واكثرها خطراً على سلامة البيئة ومخلوقاتها. وتظهر الصور المرافقة لهذا التحقيق المناظر الخلابة لغابات الامازون الاستوائية واهمية السياحة الخضراء لتشجيع الناس على التمسك بجمال الطبيعة والمحافظة عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.