على رغم أن من أخطر القرارات في حياة الشخص إقدامه على تعاطي المخدرات، إلا أن حال المدمنين يزداد سوءاً في رمضان عن بقية أشهر العام، فهو يدل على تناقض وازدواجية وانفصام في شخصية المتعاطي وعصابات الترويج في الوقت نفسه، فالإمساك عن تعاطي المخدرات وقت الصيام في نهار رمضان، يدفع المتعاطين إلى استخدام كميات مضاعفة خلال ساعات الإفطار في الليل. فيما يرى آخرون أن شهر رمضان فرصة ذهبية للإقلاع عن المخدرات والتخلص من الإدمان. وتُعد مشكلة إدمان المخدرات من أعقد المشاكل التي تواجه المجتمع في الوقت الحاضر. أحد المتعافين من الإدمان التائبين عن تعاطي المخدرات ح. ن 32 عاماً قال ل"الحياة"إن المشكلة الرئيسة تكمن في غالبية متعاطي المخدرات بأنهم يعتقدون أن بإمكانهم وقف التعاطي متى أرادوا ذلك. وبداية تناول المخدرات في الغالب يتم في شكل ?طوعي. ولكن عندما يصبح التعاطي ?خارجاً عن ?قدرة الشخص، فإن المخدرات تتولى السيطرة على قرارات الفرد في شكل خطر. وأضاف:"الكثير من مدمني الكحول يستبدلون به في شهر رمضان المخدرات بكل أنواعها، إذ يقلع العديد منهم عن الكحول ليلجأ إلى المخدرات". ويرى ف.ع أن الليل في شهر رمضان يشهد إقبالاً على المخدرات على رغم ارتفاع أثمانها، ويعتقد كثير من مستهلكيها أنها ستكون بديلاً عن الكحول. يقول:"بدأت الإدمان في سن مبكرة من المراهقة من طريق أصدقاء السوء، وعندما وصلت مرحلة الإدمان التي استمرت ستة أعوام، كان هدفي الحصول على المادة بأي شكل، لكن تمكنت أسرتي من إدخالي مستشفى الأمل فدخلت في برنامج متكامل وتدريجي حتى تماثلت للشفاء". وأضاف: إن شهر رمضان فرصة ذهبية للإقلاع عن المخدرات، و"الأعراض الانسحابية"مصطلح يعلمه جيداً من يخوضون تجربة الإقلاع عن المخدرات، ونحن نعرف الكثير ممن تابوا وتعالجوا من الإدمان وأقلعوا عنها في شكل نهائي في رمضان، إذ يكون ذلك بالتدريج وتحت إشراف طبي متخصص في علاج الإدمان. وتشكل تلك الأعراض تحديات للمقلعين عن الإدمان الراغبين في صيام شهر رمضان، لكن طمعهم في نيل المغفرة يكون بمثابة طاقة تعينهم على أداء الفريضة. وأكد الباحث الاجتماعي عبدالرحمن المفرح وجود حالات تناقض وازدواجية وانفصام في شخصية المدمن خلال شهر رمضان، وأضاف:"الإمساك عن تعاطي المخدرات وقت الصيام في نهار رمضان، يدفع المستهلكين إلى تعاطي كميات مضاعفة خلال ساعات الإفطار في الليل". ويرى المفرح"أن في مجتمعنا المحلي لا توجد دراسات مسحية شاملة لكل مناطق المملكة، تبين لنا المدى العمري الذي يبدأ فيه الناس بالتعاطي، فجل الأبحاث العالمية وفي مختلف المجتمعات، تبين أن صغار السن أكثر عرضة لتعاطي المخدرات من الأشخاص الأكبر سناً". ويضيف:"أغلب الدراسات التي أجريت على أدمغة ?المدمنين، أظهرت ?وجود تغييرات حاسمة في خلايا المخ ?ذات بعد سلبي ?على مسألة إصدار الأحكام وصنع القرار، ?وعلى عملية ?التعلم والتذكر وضبط التصرفات. وهو ما يساعد على تفسير ?سلوكيات التخريب ?والأخرى ذات الصفة الجبرية الملازمة ?للإدمان. ?مما يعني أن الفرد يصبح خارج السيطرة على نفسه وسلوكه، بما فيها مسألة الاستمرار في تعاطي المخدر. ويُعرف التعود على تناول أو تعاطي مواد معينة لفترة طويلة بالإدمان، والتوقف المفاجئ عن تناول هذه المواد يؤدى إلى ظهور أعراض خاصة نسميها الأعراض الإنسحابية للإدمان، وتشمل نوعين من الأعراض، نفسية وجسمانية". "اللجنة الوطنية" تواصل برامجها الوقائية قال أمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات الدكتور مفرج الحقباني:"إن أمانة اللجنة ستواصل برامجها الوقائية والعلاجية من خلال مركز استشارات الإدمان، واستقبال استفسارات المواطنين والمواطنات وذوي الحالات الخاصة بالإدمان وتعاطي المخدرات، خلال شهر رمضان، على فترتين: صباحية تبدأ من العاشرة صباحاً حتى الواحدة ظهراً، ومسائية من التاسعة مساءً حتى الثانية عشرة ليلاً، ماعدا يومي الجمعة والسبت، على هاتف المركز المجاني رقم 8001278888". وأكد في موقع اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات الإلكتروني أخيراً، أن التعامل مع الاستشارات الواردة إلى المركز تكون بسّرية تامة، ويتم توجيههم إلى أساليب وطرق التدخلات المناسبة في هذه الحالات، وتزويدهم بالإرشادات الهامة. مبيناً أن هذا المركز يأتي ضمن الجهود المبذولة للمساهمة في تعزيز وإيجاد البرامج المتطورة للتواصل مع شرائح المجتمع المختلفة، لتقديم الخدمة السريعة والسرية ومساعدة كل من يحتاج إلى العون. وأوضح الحقباني أن هذا المركز تم إنشاؤه قبل أربعة أعوام، بشراكة استراتيجية مع جامعة الملك سعود ضمن برامج الكراسي العلمية، إذ يمول"برنامج الدكتور ناصر الرشيد للوقاية من المخدرات"هذا الكرسي منذ إنشائه.