"الحج" تختبر خطط التفويج بفرضية ثانية    نيمار يبدأ الجري حول الملعب    من أعلام جازان .. الشيخ عيسى بن رديف بن منصور شماخي    26 % ارتفاع أعداد الركاب في المطارات لعام 2023    الصمعاني يشارك في قمة رؤساء المحاكم في دول G20    قمّة المنامة دعامة قوية للتكامل العربي والسلام الإقليمي    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    السوق السعودية ضمن أول 10 دول في العالم المملكة أكثر الاقتصادات تسارعاً آخر 6 سنوات    بمشاركة 11 دولة.. ورشة لتحسين نظم بيانات المرور على الطرق    أفضل الإجراءات وأجود الخدمات    5 استخدامات ذكية ومدهشة يمكن أن تقدمها القهوة    جناح طائرة ترامب يصطدم بطائرة خاصة في مطار بفلوريدا    النفط يرتفع.. و"برنت" عند 82.71 دولاراً للبرميل    بايدن سيستخدم "الفيتو" ضد مشروع قانون يلزمه بإرسال الأسلحة لإسرائيل    أمير القصيم: تطوير القدرات البشرية يحظى بعناية كبيرة من القيادة    أمير تبوك ينوه بجهود القيادة في خدمة ضيوف الرحمن    سعود بن نايف: رؤية المملكة أسهمت في تحسين جودة الحياة    خادم الحرمين يرحب بضيوف الرحمن ويوجه بتقديم أجود الخدمات    سفيرة المملكة في واشنطن تلتقي الطلبة المشاركين في آيسف    سعود بن بندر يثمّن جهود هيئة النقل    «الداخلية» و«سدايا» تطلقان جهازاً متنقلاً لإنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة «طريق مكة»    إطلاق مبادرة «دور الفتوى في حفظ الضرورات الخمس»    الاتحاد الأوروبي يوسع العقوبات على إيران    المجون في دعم كيان صهيون    صحة نباتية    الاحتراف تحدد مواعيد تسجيل اللاعبين في دوري روشن و"يلو"    المان سيتي يكسر عقدة ملعب توتنهام الجديد وينفرد بصدارة الدوري الإنجليزي    الهلال والنصر.. والممر الشرفي    ريال مدريد يحتفل بلقب الدوري الإسباني بخماسية في شباك ديبورتيفو ألافيس.. وفينيسيوس يُسجل هاتريك    كأس إيطاليا بين خبرة اليوفي وطموح أتالانتا    لجلب صفقات من العيار الثقيل.. النصر يعتزم الاستغناء عن 3 أجانب    في ختام الجولة 32 من دوري" يلو".. الصفا يستقبل الجبلين.. والعدالة في مواجهة العين    بلادنا وتحسين إنتاجية الحبوب والفواكه    الأمن والاستقرار    نائب أمير مكة يستقبل عدد من اصحاب السمو والمعالي والفضيله    أهمية الاختبارات الوطنية «نافس» !    شرطة الرياض تقبض على مروجي حملات حج وهمية    الهواء داخل السيارة يحتوي مواد كيماوية ضارة    حالة مطرية في معظم المناطق حتى السبت    وزير العدل يبحث مع رئيس المحكمة العليا في أستراليا سُبل تعزيز التعاون    طموحنا عنان السماء    أمير تبوك يثمّن إهداء البروفيسور العطوي جامعة تبوك مكتبته الخاصة    انطلاق برنامج الرعاية الأكاديمية ودورة البحث العلمي في تعليم الطائف    ..أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-1    مكانة بارزة للمملكة في عدد مقاعد «آيسف»    تمكين المواهب وتنشيط القطاع الثقافي في المملكة.. استقبال 2200 مشاركة في مبادرة «إثراء المحتوى»    محتوى الغرابة والفضائح !    ليس لأحد الوصول    إعفاءات.. جمركية بالأسوق الحرة    وزارة لتشجيع زيادة المواليد بكوريا الجنوبية    واتساب تطلق تصميماً جديداً    حمام الحرم.. تذكار المعتمرين والحجاج    تفقد محطة القطار ودشن «حج بلياقة».. أمير المدينة المنورة يطلع على سير الأعمال بالمطار    الوجه الآخر لحرب غزة    ( قلبي ) تشارك الهلال الأحمر الاحتفاء باليوم العالمي    الكلام أثناء النوم ليس ضاراً    تأثير العنف المنزلي على الأطفال    مواد كيميائية تسبب السرطان داخل السيارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قال إن الإنسان يتأرجح في الوطن أو المنفى مذبوحاً بين غربتين لا يلتقيان . عدنان الصائغ : عدت للعراق ... فهددوني بقطع لساني وتحويلي إلى جثة
نشر في الحياة يوم 25 - 03 - 2008

عدنان الصائغ شاعر عراقي جرّ عليه شعره الويلات تلو الويلات، وكلما ضاقت عليه الدنيا وجد متنفساً له في شعره ونثره، من العراق ومن دجلة والفرات والنخل والمتنبي صنع لنفسه كياناً وخطّ خطوطاً بيانية يسيّر من خلالها حياته وأيامه... سيق قسراً إلى الجندية والعسكرية، وهناك نضجت تجربته الشعرية ومنحته أجمل الشعر، على رغم القسوة التي تحيط به، كان يعيش بين القنابل ويرى الموت كل حين، فأصبح هو والموت صديقين، الفقر والقهر زوداه بطاقة متفجرة مكّنته من إصدار دواوين شعرية منحته تأشيرة إبداع إلى المحافل العربية والدولية... كره السياسة وكره مرتاديها وكره الزيف والظلم الذي يحيط بها.
بعد أن ضاق عليه وطنه حمله في قلبه وقبّل ترابه وهاجر إلى السويد، ليحافظ على بقايا الوطن بداخله ويبدأ ملحمة جديدة في حياته.
في حضرة عدنان الصائغ سيكون الشعر سيد المجلس، وسيكون النثر عازف نايه الشجي... فإلى التفاصيل:
هل منحك"الفقر"في بدايات حياتك رؤية أجمل للحياة؟
- الفقر هو أول درس في حياتي، فتح عيني على الحياة من ثقوبها السرية، وعلمني ما لم تعلمنيه الكتب والوعاظ... ومن هذه المكابدات الشرسة أمام طفولة لا تفهم شيئاً مما يجري، لكنها تحس بعمق ووجع بكل ما كان يدور حولها من صور الحياة وأسرارها وآلامها أيضاً.
تلك العين المحمّرة على الدوام، جعلها الشعر تنفتح أكثر لترى وتتعلم وتنسى وتغفر وتقرأ وتحلم لتستشرف العالم بشكله الآخر، الباهر والمتجدد.
عملتَ في مهن حرفية كثيرة... هل أَثْرَتْ تكوينك الثقافي بشيء؟
- الحياة الصعبة والفقيرة التي عشتها في طفولتي وصباي - بعد مرض أبي وبيعه دكانه وبيته - وضعتني وجهاً لوجه أمام فك الحاجة الطاحن. لكنني لم أستكن، أو قُدّر لي أن لا أستكين، فذهبتُ بطفولتي وأحلامي إلى مساطر العمال والمهن التي تكبرني بسنوات. لأفتح عيني على متن الحياة وهوامشها، جنباً إلى جنب مع القراءة. يا للكتب يا لتلك المتعة التي تلبستني وتلبستها وكأنها تعويض عن ملاعب الصبا المفقودة أو عن شيء. ألتهم الكتب بشكل لافت. كان كثيراً ما يثير تعليقات أقراني وحتى أهلي... ومن هناك عرفت أي معنى وأية مرارة وشقاء للوعي، في عالم بائس وفقير.
لم أنتمي إلى حزب سياسي
كيف تشكّل المكوّن السياسي بداخلك؟
- ربما من القراءة، ربما من قسوة الواقع، ربما من تأثير حادثة اعتقال صديقي الشاعر علي الرماحي، نهاية السبعينات - أولى سنوات كتاباتنا، لكنني لم أنتمِ إلى أي حزب سياسي، ولا إلى أية طائفة أو حزب ديني، في حياتي على الإطلاق.
مؤمناً بما قاله شاعر القيثارات والزيتون لوركا حينما سُئل يوماً: وأنت يا لوركا إلى أي حزب تنتمي؟
فأجاب:"أنا أنتمي إلى الفقراء".
الظلم والقهر... هل هما جناحا المبدع أحياناً؟
- ليسا شرطاً للتحليق. بل قد يثقلان جناحيه ويبهظانه، فلا يعد قادراً على الطيران والانفلات إلى عوالمه الأرحب.
نعم ليس عالم الظلم والفقر والألم والقمع شرطاً للإبداع، لكن قد يكون عامل دفع وتحفيز للكاتب المبدع وهو يسعى لتحدي واقعه المظلم بالمزيد من الوهج.
هناك شعراء عاشوا في بذخ العيش أمثال أحمد شوقي، نزار قباني، وغيرهما، هناك شعراء عاشوا في شقاء وبؤس: السياب، أمل دنقل، وغيرهما،
كما أن هناك شعراء عاشوا الحالتين، ولم ينتجوا أو يبدعوا شيئاً... فلا مسطرة للإبداع.
لماذا يجب على كل عراقي أن يتسيّس؟
- لا يجب.. بل لا أظن أن هناك شيئاً في العراق يكرهه العراقيون اليوم مثل السياسة التي جرّت عليه الوبال تلو الوبال وحولته من أثرى البلدان في العالم: مواردَ وحضارات وتنوعاً، إلى أفقر وأبأس بلد يعيث به الجهل والتخلف والحرمان.
المشكلة أن حكامه المتسيسين والمتسلطين عليه يريدون من جميع الناس أن تقول لهم على الدوام: نعم.
وبهذا فأسهل طريق هو كتم الأفواه وصم الآذان وغلق الحدود وختم الجباه، ليغدو المواطن ماركة مسجلة لهم:"بعثياً حتى ولو لم ينتمِ"على حد رغبة زعيمه الغابر... وپ"إسلامياً حتى لو لم يصلِّ"على حد رغبة زعمائه الجدد.
العراق الثقافي... ألا تشعر بأن السياسة أزهقت روحه؟
- نعم أشاطرك هذا الرأي وهذه الغصة، وربما يشاطرك غالب العراقيين داخل الوطن وفي المنفى أو في المنسى.
المعادلة العراقية
كيف تجد العراق بعد صدام حسين؟
- ليس ثمة بعد أو قبل. فصدام حالة كارثية، حالة انفصام بين الوعي الحضاري الفسيح والمتنوع لهذا البلد المعطاء، وبين التخلف القبلي والانغلاق الفكري والتصحر الروحي. وما أتى ويأتي بعده هو امتداد لذلك الإرث المتخلف... ليس من السهل الانفكاك منه... إلا بطول أناة وبناء وثقافة وتعلم وحرية وتحرر.
لذا فالسؤال الأدق - برأيي - هو هل سقط صدام حقاً؟ أم لم يزل حيياً في دواخلنا!؟
ذلك الشخص انتهى، نعم. لكن الحالة والداء لم ينتهيا بعد.
لقد قلت في قصيدة لي عام 1992، أي قبل سقوطه بسنوات. وهي بعنوان"سذاجة":
"كلما سقط ديكتاتور
من عرش التاريخ، المرصع بدموعنا
التهبت كفاي بالتصفيق
لكنني حالما أعود الى البيت
وأضغط على زر التلفزيون
يندلق ديكتاتور آخر
... غارقاً من الضحك من سذاجتي
التهبت عيناي بالدموع".
المعادلة العراقية هل رفضت الحل الأميركي؟
- لا يوجد إنسان على سطح هذه الأرض يرضى أن يحتل وطنه أو بيته أو سريره أحد، أو يظلمه أحد، أو يقمعه أحد، أو يسلب ثروته أحد، أو يصادر أفكاره أحد. كائن من يكون؟
تلك هي سنة الحياة الطبيعية، والإنسان الطبيعي. وكل ما عدا ذلك هو شذوذ وخيانة ولا إنسانية... والمراهنة على هذا الشذوذ هي ضرب من المراهنات السياسية الخاسرة.
وضع العراق الحالي لا يمكن اختصاره بالاحتلال فقط، مثلما لا يمكن اختصاره بالديكتاتورية فقط، أو الميليشيات الدينية فقط، أو التخلف والجهل فقط... إنها منظومة متداخلة. وغض النظر عن أي طرف منها هو الغباء السياسي بعينه.
فحتى الذين استجاروا من الرمضاء بالنار، أو من النار بالرمضاء، سمها ما شئت، وجدوا أنفسهم أمام تلك المعضلة الملتبسة.
الحل الحقيقي ينبع من داخل المعضلة نفسها، وليس من خلال وصفات جاهزة عربية أو أجنبية أو غيبوبة. وقد يكون العامل الخارجي مفيداً وناجعاً حيناً، وقد يعقد المشكلة حيناً آخر مثلما نراه الآن... لا أحد يستطيع الجزم بإمكان هذا النوع من الحلول. مثلما لا أحد قادر أن يحسَّ بألمك مثلما أنت.
الطائفية والمذهبية ألا يمكن أن تذوب في الجسد العراقي؟
- هذا البلد المتنوع الطوائف والقوميات والثقافات ولد هكذا متعايشاً حيناً في ظل الظروف والحكومات الطبيعية، ومتصارعاً حيناً آخر في ظل الطغيان والغزو، لكن ليس إلى حد الإلغاء والقتل الطائفي على الهوية كما يحصل اليوم.
إن غناه الفكري وعمقه الحضاري جاء من هذا التنوع والاختلاف الذي هو عامل بناء وتواصل لو أُحسن استثماره، لكن طغاة البلد وغزاته وتجاره الشرهين وبعض سياسييه ومعمميه لا يريدون له ذلك.
الحرية في عالمنا العربي
الحرية لماذا لا تجد متنفساً لها في وطننا العربي إلا على الورق؟
- مشكلة العالم العربي الأولى اليوم هي الحرية... وهي برأيي مفتاح أزماته ومشكلاته.
تقول لا تجد متنفساً إلاّ على الورق... وأين الورق؟
ألا ترى قوائم المنع المتصاعدة يوماً بعد يوم في معارض الكتب وأعمدة الصحف والمجلات بل حتى الانترنت؟
وظلت قصيدتي الطويلة"نشيد اوروك"وكذلك ديواني"تأبط منفى"ممنوعين لليوم في عدد من الدول العربية.
هذا على المستوى الشخصي، وللآخرين من الأدباء والكتّاب الكثير من الأعمال الممنوعة والمصادرة هنا أو هناك... وما ذلك إلاّ لأن سؤال الحرية ما زال عصياً على الإجابة في عالمنا العربي.
شاركتَ جندياً في الحرب العراقية - الإيرانية... أي جنون ما زال يسكن ذاكرتك من تلك الأيام؟
- ما زالت كوابيس الحرب لليوم تعيش في ذاكرتي. والمرير والطريف أنني حين وصلت إلى منفاي السويدي عام 1996 قرأتُ عن دراسة أعدها احد المعاهد السويدية تقول إن الإنسان الذي يعيش سنة حرب واحدة يحتاج إلى عشر سنوات نقاهة. ساعتها صرخت: يا ربي كم قرناً من السنوات نحتاج إذاً.
"أضعُ يدي على خريطةِ العالمِ.
وأحلمُ بالشوارعِ التي سأجوبها بقدمي الحافيتين
والخصورِ التي سأطوقها بذراعي في الحدائقِ العامة
ِ والمكتباتِ التي سأستعيرُ منها الكتبَ ولن أعيدها
والمخبرين الذين سأراوغهم من شارعٍ إلى شارعٍ
منتشياً بالمطرِ والكركراتِ
حتى أراهم فجأةً أمامي
فأرفع اصبعي عن الخريطة خائفاً
وأنامُ ممتلئاً بالقهر".
لماذا هربت من العسكرية في حرب الكويت؟
- اسمح لي أن تجيبك قصيدتي"خرجتُ من الحربِ سهواً"التي كتبتها في بغداد، بتاريخ 14-12-1991:
"على شفتي شجرٌ ذابلٌ، والفراتُ الذي مرَّ لمْ يروني. ورائي نباحُ الحروبِ العقيمةِ يطلقها الجنرالُ على لحمنا، فنراوغُ أسنانها والشظايا التي مشّطتْ شَعْرَ أطفالنا قبلَ أنْ يذهبوا للمدارسِ والوردِ. أركضُ، أركضُ، في غابةِ الموتِ، أجمعُ أحطابَ مَنْ رحلوا في خريفِ المعاركِ، مرتقباً مثل نجمٍ حزينٍ، وقد خلّفوني وحيداً هنا، لاقماً طرفَ دشداشتي وأراوغُ موتي بين القنابلِ والشهداءِ. أنا شاعرٌ أكلتْ عمرَهُ الكلماتُ، فكيفَ أرتّبُ هذي الحروفَ وأطلقها جملةً، دونَ أنْ يزلقَ القلبُ - مرتبكاً - من لساني وينفجرُ اللغمُ.
أركضُ، أركضُ، قلبي على وطني: أينَ يدفنُ أبناءَهُ؟ الأرضُ أصغرُ من دمعِ أمي، أنفّضُ عن جلدِ طفلي الرصاصَ، فيجمعهُ في إناءِ الطحينِ. غداً في صباحٍ بلا طائراتٍ سنركضُ تحتَ رذاذِ البنفسجِ، ملتصقَين،.. نلفُّ الشوارعَ والكركراتِ، نمسّدُ شعرَ النوافيرِ. هذي البلادُ على بُعْدِ قنبلةٍ من وريدكَ يا أيها الطائرُ المتغرّبُ بين القواميسِ. إنّا نقيسُ الحياةَ على حجمِ قنبلةٍ، عبرتْ صبرَنا الصعبَ، نسقطُ منها الشظايا - الزوائدَ، كي نرتديها، قميصاً من البهجةِ المستحيلةِ، هلْ خطأٌ أنْ نحبَّ الحياةْ؟!".
ما الفرق بين رحلة المثقف أو الجندي نحو الحرية؟
- لا حرية للجندي ولا للوطن أبداً، في ظل القوانين العسكرية والمنظومات الاستبدادية. الجندي في الحرب كما في رقعة الشطرنج تماماً. لا حق له بالحياة إلاّ من خلال مليكه.
الثقافة والثكن العسكرية
أيامك في العسكرية... كانت الثقافة والكتب والشعر تهَماً تطاولك كل حين... هل كنت تشعر أنك مميز؟
- في تلك المعسكرات الرهيبة، كنتُ مجرد الرقم: 495545 ج م أي: جندي مكلف، ثم: ج م ح أي: جندي مكلف احتياط، ببدلة خاكية، و"بسطار"ثقيل كالح.
كانوا يريدون أن يختصروني، بل يختصروا كل شيء: الحياة والوطن والسماء والعقل والروح، بين الخوذة و"البسطار". ولم أكن كإنسان أو كشاعر أرضى بهذا. لكن فوهات بنادقهم المصوبة إلى صدورنا وظهورنا بالمرصاد لكل مخالفة أو التفاتة.
كنت أهرب من هذا الكابوس الطويل إلى الشعر والكتب والحلم... وذات مرة كانت لدي مجموعة كتب رائعة، خبأتها تحت بطانياتي.. كنتُ أختلس الدقائق للسفر معها وبها خارج أسلاك المعسكر. بعضهم وشى بي إلى ضابط المعسكر، الذي ضبطني متلبساً بهذا"الجُرم"، فعاقبني بالرمي في اسطبل مهجور للحيوانات، وكان فيه بعض الجنود المعاقبين مثلي، بتهم أخرى كالهروب أو الإخلال بالواجب. أحدهم كان مصاباً بمرض الشيزوفرينيا.
وفي ذلك الاسطبل العجيب حدثت لي قصص أغرب قادتني إلى أول سطور"نشيد أوروك".
"انتظريني تحت نصب الحرية".. ألا تشعر أنَّ انتظارها لك طال؟
- نعم، ربما كان هذا الغياب نبوءة الشاعر منذ ديوانه الأول"انتظريني تحت نصب الحرية"عام 1984، وحتى ديوانه الثامن"نشيد أوروك"عام 1996 وهو يختتمه هكذا:
"قلتُ: انتظرتك...
نمضي معاً في الأزقةِ لا بيتَ لي
غير ظلِّ القصيدةِ
أفرشهُ وأنامُ
شريدين، تنكرنا واجهاتُ الفنادقِ
والطرقاتُ الغريبةُ
متكئاً فوق كتفي، يبلّلُ دمعُكَ عشبَ قميصي
تحدثني عن مسارِ الغيومِ بجفنيكَ
عن جوعِ طفليكَ في بلد النخلِ.....
تنشدُ في الريحِ منكسراً
مثلَ نايٍّ غريبٍ:
أماناً بلادي التي لن أرى..."
عدت عام 2003 بعد سقوط الصنم، فوجدت الخراب والجثث مخلوطين بالحرية. وعدتُ عام 2006 فلم أجد حتى الحرية وهددوني بقطع لساني وأرادوا تحويلي الى جثة.
من الاسطبلات والثكنات إلى القسم الثقافي في جريدة القادسية... هل تغير عليك شيء؟
- كانت انتقالة خرافية، في وطن لا تدري أين أنت فيه ومنه... بعض النصوص التي كنتُ نشرتها والدراسات النقدية التي أثارتها ربما لفتت انتباههم لسحبي كجندي من الجبهة إلى جريدة القادسية، ومن هناك إلى مجلة حراس الوطن، محرراً في قسمها الثقافي. لأفتح أبواباً ما كانت موجودة سابقاً، منها حوارات مع كوكبة من المبدعين منهم: فؤاد التكرلي، محمد خضير، عبدالرحمن طهمازي، د. علي عباس علوان، عيسى الياسري، مدني صالح، د.علي جواد الطاهر، د. صلاح القصب، يوسف عبدالمسيح ثروت، خزعل الماجدي، الفنان بهجوري، عريان السيد خلف، فاضل ثامر، ياسين النصير، يوسف نمر ذياب، لطفية الدليمي، رشدي العامل، وإلخ.
ولقد فاز حواري مع الشاعر العامل بالجائزة الأولى في مسابقة نقابة الصحافيين عام 1988... وكانت تلك مفاجأة لي أولاً، أنا الذي دخلت عالم الصحافة سهواً... مثلما خرجتُ من الحرب سهواً.
دواويني الشعرية
دواوين شعرك تستحوذ مفردة العسكرية على أغلفتها غالباً؟
- كيف لا؟! ومفردات الحرب مبثوثة في كل حياتنا: من فنجان القهوة ونشرات الأخبار وأناشيد المعارك... وحتى الساحات والمدارس والمقاهي وجدران البيوت، وغلفتها القطع السود تنعي شهيداً، أو ظللتها القطع البيض تشيد ب"بطل، التحرير".
لقد خيمت تلك الأجواء الكابوسية على أنفاسنا وحياتنا وأحلامنا وكتاباتنا..
ولأن الكتابة في كثير منها، هي مرآة صادقة تعكس هذا الواقع، لذا تلونت كتاباتنا بذلك النجيع والسواد حتى ونحن نكتب عن الحب والمرأة والغد.
في زمن الحرب كانت تصدر لك قصائد في الحب رائعة كديوانك"مرايا لشعرها الطويل"... كيف تتسلل مفردة الحب تحت هزيم الرعد والرصاص؟
- كانت محاولة للتسلل من تلك الأجواء الزنخة الخانقة، إلى عبق الحب وخفق القلب المنسي تحت لعلعة البيانات وركام الجثث وأنقاض الحرب... لقد وجدت نصوصي في ذلك الركن المنسي، الهادئ والعابق، ملاذاً ويوتوبيا.. بدأت فكرة المرايا من عمود بهذا الاسم كنت أكتبهُ في الصحيفة المخصصة كلها للحرب.
تركتُ لقلمي بعضاً من الحرية أن ينساب بهدوء بين أعمدة الصحيفة وسطورها المجلجلة، مسطراً نصوص مراياي وكأنها تحدٍ أو رفضٌ للغة الموت والرصاص. من دون أن يلتفت الرقيب الرسمي إليها لحسن الحظ..
وقد جمعتها بعد سنوات في كتاب قدم له الشاعر الكبير عبدالوهاب البياتي وصدرت طبعته الأولى في بغداد عام 1992.
حصولك على جائزة هيلمان هاميت Hellman Hammett العالمية للإبداع وحرية الفكر في نيويورك، هل هو صفعة لكثيرين؟
- لم تكن صفعة ولا أحب أن تكون كذلك، بقدر ما أحببتُ أن تكون باقة ورد أطوق بها أعناق كلماتي وأصدقائي الرائعين الذين واكبوني تلك المحن... وبقدر ما أردتها أن تكون سؤالاً وتحدياً لأصدقاء الفراغ والفشل والظلام... موقناً بما كان يردده الحلاج:"اللهم، أكثرْ أعدائي، في بلادك"وما كان يقوله آلان روب غريه:"شكراً أيها الرب، إن أعدائي يتكاثرون"..
ذلك لأنهما لا يريانهم أعداءً بقدر ما يريانهم عامل تحدٍ وتحفيزٍ... وهو عامل مهم لكل مبدع.
الرحلة إلى أوروبا
لجوؤك لأوروبا هل منحك ركضاً أجمل؟
- كان اضطراراً وليس اختياراً. لكنه كان المحطة الأكثر حريةً وأماناً: سكنى وكتابة... وبالتالي منحتني الإحساس الأرقى بمعنى الحرية والهواء والإنسان والاختلاف والكتابة. تلك المعاني التي فقدت أو تشوهت في بلادنا كثيراً.
لماذا الغرب يمنح الثقافة الانطلاقة. والشرق يزهق روحها؟
- إزهاق روحها أو إنعاشها، لا يعود للناس في شرقنا، بقدر ما يعود للمتحكمين بهذا الشرق: من قوى سياسية ودينية وثقافية وفكرية.
تلك القوى - مجتمعة أو على انفراد - أحكمت قبضتها بأعناق الناس وأنفاسهم وأفكارهم، وضيّقوا مساحة الحرية حتى أصبح للكلمة الحرة ألف رقيب ورقيب. في الشرق هناك الروح التي تغنّى بها الغربيون أنفسهم. تلك الروح التي حوصرت اليوم، أكثر من أي وقت مضى، ومن جهات عدة، حد الاختناق والذبول.
وفي الغرب تلك الحرية المقدسة التي انفتحت أكثر وأكثر على رغم سوء استخدامها أحياناً واتسعت رقعتها عمراناً وسلوكاً وبناءً وثقافات وتكنولوجيا... والخ.
وبينهما يتأرجح الكاتب العربي والإنسان العربي، في الوطن أو المنفى، مذبوحاً بين غربتين لا تلتقيان.
في نصوصك دائماً أسئلة... تتنافس عليها كل الأجوبة... لكن ليس هناك جواب صحيح لها... لماذا؟
- الشعر لا يحب الاجابات الجاهزة... إنه يترك السؤال مفتوحاً على كل الاحتمالات والعصور.
"نشيد أوروك"هل تستحق أن تكون من ضمن المعلقات العشر؟
- هو لا يطمح إلاّ أن يعيش مع الناس الفقراء، في عذاباتهم وأحلامهم..
شعري يكاد يقتلني
المتنبي قتله شعره.. وأنت يكاد شعرك يقتلك لتعرضك لأكثر من محاولة اغتيال؟ هل تتمنى أن يقتلك شعرك... وكيف هي لقاءاتك مع الموت؟
- لم يكن ذلك اللقاء المفاجئ مع السكين والرصاص جديداً عليّ... أنا الذي عاصرته سنين طوال وخرجت منه سهواً كما عبرتُ في إحدى قصائدي.
في الثمانينات انفجر اللغم - الذي كان مقدراً لي - بصديقي البغل الذي سبقني وتطايرت أشلاؤه أمامي نافورة لحمٍ ودم وغبار. وفي التسعينات كنّا نتعثر بين القنابل والجثث والحطام في دروب لا ندري إلى أين ستفضي بنا: أمامنا المجهول والألغام وخلفنا قاذفات الحرس الجمهوري وفوقنا طائرات التحالف والأميركان.
لكن هذه المرة كان وجهاً لوجه، وصادماً ومفاجئاً لي بعد أن تعودت حياة الأمان والهدوء والحرية لأكثر من عقد، حتى لقد أوشكت أن أنساه.
فبعد قراءتي لپ"نصوص مشاكسة قليلاً"في مهرجان المربد الثالث، في البصرة عام 2006، ونزولي من المنصة تقدم إليَّ أحد عناصر الميليشيات الظلامية المسلحة، ليبلغني رسالة الموت، مهدداً إياي بقطع لساني، لأنني أسأت - بحسب اعتقاده - للمقدسات الدينية التي لا يعرف منها سوى لغة الذبح والدم والمتاجرة بالدم والشعارات... وهي ليست هكذا أبداً.
وعلى أثرها غادرتُ المهرجان والبصرة عبر الطريق الصحراوي إلى الكويت، متجهاً إلى منفاي.
ما الشعر إلا سلسلة من الميتات والحيوات المتكررة.
المهرجانات الشعرية هل هي للثقافة فقط أم تسكنها توجهات أخرى؟
- المهرجانات الموجهة لخدمة غرض ما أو فكرة أيديولوجية ما، هي مهرجانات فاشلة حتى لو زوّقوها بالأضواء والألوان وحضرها ألمع الأسماء. ذلك لأنها سرعان ما تنطفئ بانطفاء غرض هذا الراعي أو ربما قبل ذلك.
المهرجانات الحقيقية، شرقاً وغرباً، هي التي تنشأ وتنظم من أجل عيون الثقافة وخدمة الثقافة وليس من أجل عيون أحد.
وهي التي تسعى لأن تؤسس أرضية حقيقية وقرّاء ومشروعاً ولاداً حافلاً بالجديد والمميز، في مناخ صحيٍّ يتنفس فيه المبدع بكامل حريته.
أنا والشياطين
لكل شاعر شيطان... كيف حالك مع شيطانك... وفي وادي عبقر، هل لك متسع؟
- في رأس كل شاعر قوتان تتصارعان أبداً:"شيطان"الشعر و"ملاك"النثر.
النثر يحاول ترتيب حياته وأوراقه ومعتقداته وجدول مواعيده ومزاجه في الكتابة حتى.
والشعر يركل كل هذا، ويتركه أمام أوراقه وحياته، قلقاً لا يهدأ، لاهثاً كل عمره وراء اللامعنى واللامكان.
وتلك هي خلاصة الشعر وعذاباته وجمالياته.
المشكلة الأخرى أن شيطان الشعر متفرد ومتمرد لا يقبل السكنى مع أحد، بينما يحاول ملاك النثر أن يتحاور وأن يتجاور معه... لكن بلا جدوى.
وتلك هي مشكلة البعض مع الشعر.. يريد أن يجمع في داخله القوتين فيخسرهما معاً.
تذكر في أكثر من مناسبة أن الحداثة ليست مذهباً جديداً... وأن الحداثيين أفسدوها أكثر من أي أحد آخر؟
- نعم، فحينما تتقولب الحداثة تصبح دكاناً صغيراً أو صندوقاً مغلقاً، وليست حركة متموجة مع تموجات الحياة والريح والفكرة... لهذا فالبعض يكتب قصيدة النثر بعقلية شاعر عمودي.
إن رفضك للقافية والوزن لا يعني أنك أصبحت شاعراً حداثوياً أو شاعر قصيدة نثر، إن لم تتماهى مع عصرك وقراءاتك وجنونك وانفرادك وتجاوزك وتمردك.
فكم من قصيدة نثر هي عمودية الروح والمعنى، وإن ارتدت لباس قصيدة النثر. والعكس يمكن أن يكون صحيحاً أيضاً.
لقد قلت ذلك في منتصف الثمانينات لشاعر سبعيني أحبه فزعل، وأنا أضرب له مثلاً ببيت شهير للشريف الرضي اعتبرته أكثر حداثة من نصه الحديث المعاصر.
ذلك لأن البعض تعامل معها - أي الحداثة أو ما بعدها - باعتبارها صرعة تعج بها ساحتنا اليوم من دون أن ينتبه إلى ما تعج به من تفاعلات وإرهاصات وتمردات حقيقية على كل ما هو بالٍٍ ومستهلك.
الشعر.. الخطيئة المقدسة
"أجمل الشعر هو خطيئته المقدسة"إلى ماذا ترمي في مقولتك هذه؟
- الشعر شيطان غاوٍ ومنتهك ومثير للشغب، لكنه خلاّق و"شريف"معنىً وسلوكاً. لهذا فهو مقدس... على العكس مما يتصور بعض المتوهمين أنه العربدة الفارغة والانتهاك الأخلاقي والإدمان على المخدرات واللاقيم... لهذا غرقوا في وهمهم أو قل وحلهم. وأنتجوا لنا نصوصاً غاية في الرداءة، والاستنساخ حتى غير الماهر، من شعراء شياطين حقيقيين كبودلير ورامبو وأبي نواس والماغوط وحسين مردان وألن غيسنبرغ وجويس منصور والخ...
إضافة إلى أنهم تركوا لنا حياةً غاية في الالتباس والادعاء والأذى.
لو لم تكن هناك أنثى... هل سيكون هناك شعر؟
- لو لم يكن هناك ليلٌ، هل يكون نهار؟ ولو لم يكن هنالك قلبٌ، هل يكون خفقٌ؟ ولو لم تكن هنالك عين، هل تكون صورة؟ ولو لم يكن هنالك بحرٌ، هل يكون ساحلٌ؟ ولو لم يكن هنالك أذنٌ هل تكون أغنية؟ ولو لم تكن هي، هل يكون الشعر؟ بل هل أكون أنا؟ هل تكون أنت؟! بل هل يكون الكون؟
الصراعات السياسية العربية لماذا تتسبب في حملات ثقافية تحريضية بين الدول أحياناً؟
- ذلك لأن السلطات عندنا تتحكم بكل شيء، وتريده أن يكون تابعاً لها: في السياسة والدين والثقافة والتربية والرياضة والعلاقات العامة والهواء... وإن اختلفت هذه السلطات مع بعضها البعض فعلى مواطنيها ومثقفيها أن يقطعوا علاقاتهم بمواطني ومثقفي ذلك البلد أيضاً.
هل يستطيع المثقف أن يستقل عن توجهات حكومته؟
- لا مثقف حر بمعنى المثقف الحقيقي وهو يقف مع السلطة أياً كانت... المثقف هو الذي يقف مع ناسه وأرضه وهو دائماً بموقع المعارض أو هو أشبه بحكومة الظل كما تسمى هنا في بريطانيا مثلاً... وحتى وقوفه مع ناسه ليس بمعنى التطابق معهم، بل الكفاح والانتصار لكل ما من شأنه الارتقاء بهم ومعهم: فكراً وثقافة وعلماً وتنمية وبناءً وديموقراطية وحرية والخ...
كعراقي... كيف تنظر للخليج العربي كثقافة وكموروث؟
- العراق وتاريخه وموروثه يعد الامتداد الأول لأرض الخليج العربي. فتحدثنا الكتابات المسمارية القديمة التي تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد عن أرض ديلمون التي وصفوها بأرض الخلود، وبأنها تقع حيث تشرق الشمس وتبعد عن أرض الرافدين بپ"ثلاث ساعات مزدوجة".
وقد زرت بعضاً من دول الخليج في دعوات شعرية مثل قطر والكويت وعُمان والإمارات... ولم أحظ بعد بزيارة أرض ديلمون نفسها، التي هي البحرين.
المشهد الثقافي السعودي... هل يلفت انتباهك؟
- كمثقف معني بالثقافة في كل أرجاء المعمورة، متابعة وتواصلاً وتفاعلاً، ولي علاقات ثقافية وانسانية مع مبدعيها... والمشهد السعودي واحد منها بالتأكيد.
ماذا يزعجك في الثقافة السعودية؟
- لا أميل إلى التقسيمات القطرية أو السياسية أو الدينية. الثقافة السعودية جزء من الثقافة العربية... وما يزعجني فيها هو ما يزعجني على العموم: رائحة النفط، ونقاد النفط ورقابة النفط وكبت النفط.
السيرة الذاتية... هل تحب أن تكتبها شعراً أم رواية؟
- سيرتي الذاتية تجدها مبثوثة ومؤرخة في متون قصائدي وهوامشها... لقد أرخت بالشعر كل تاريخ بلدي ومواجعي. أي كل تاريخ الألم:
"نسيتُ نفسي على طاولةِ مكتبتي
ومضيتُ
وحين فتحتُ خطوتي في الطريق
اكتشفتُ أنني لا شيء غير ظلٍّ لنصٍ
أراهُ يمشي أمامي بمشقةٍ
ويصافحُ الناسَ كأنه أنا"...
هل ندمتَ يوماً ما... لكونك شاعراً؟
- ربما سأندم لو لم أكن شاعراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.