فيصل بن مشعل يكرم 18 فائزا وفائزة بجائزة التربية الخاصة في تعليم القصيم    الهلال يقتحم قائمة أبطال لا يعرفون الهزيمة    وزارة الإعلام توقع مذكرة تفاهم مع مايكروسوفت العربية في مجالات الذكاء الاصطناعي في الإعلام    مجلس الشورى يعقد جلسته العادية الرابعة والثلاثين من أعمال السنة الرابعة للدورة الثامنة    مجزرة جديدة في رفح.. سقوط عشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي    الأمم المتحدة تدين الغارات الجوية الإسرائيلية على مخيم في رفح وتدعو إسرائيل إلى وقف عملياتها    "التأمينات الاجتماعية" تُطلق آلية تسجيل العمل المرن المطورة    الملك سلمان للمواطنين وقادة الدول: شكراً على مشاعركم الكريمة ودعواتكم الطيبة    كريستيانو رونالدو: فخور بصناعة التاريخ    العسومي يرحب بالاعتراف الرسمي لإسبانيا والنرويج وإيرلندا بالدولة الفلسطينية    سمو محافظ الخرج يكرم متدربي الكلية التقنية بالمحافظة الحاصلين على الميدالية البرونزية بالمعرض السعودي للإختراع والابتكار التقني    100 لوحة في معرض تعابير    أدير العقارية" تطرح 7 فرص استثمارية نموذجية في جدة للبيع بالمزاد العلني    القتل لإرهابي بايع تنظيماً واستهدف رجل أمن    ضبط 10 آلاف سلعة غذائية منتهية الصلاحية بعسير    نائب أمير الشرقية يستقبل أمير الفوج الاربعون بمحافظة بقيق    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء لجنة جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز    7 اتفاقيات لتحسين جودة مشاريع الطرق في جميع المناطق    "كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة" تستعد لمرحلة «جامعة الدفاع الوطني»    وزير الحرس الوطني يرأس الاجتماع الثاني لمجلس أمراء الأفواج للعام 1445ه    مخفية في شحنة قوالب خرسانية .. ضبط أكثر من 4.7 مليون قرص من الإمفيتامين المخدر    القيادة تهنئ رئيس أذربيجان بذكرى استقلال بلاده    سلمان بن سلطان: رعاية الحرمين أعظم اهتمامات الدولة    محافظ طبرجل يفتتح مقر اللجنة الثقافية والفنون بالمحافظة    الركض بدون راحة يضعف الجهاز المناعي    تطبيق تقنية (var) بجميع بطولات الاتحاد الآسيوي للأندية 2024-2025    رياح سطحية مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من وسط وشرق المملكة    السجن والغرامة لمن يتأخر عن الإبلاغ بمغادرة مستقدميه    تمنع "نسك" دخول غير المصرح لهم    «الاستثمارات العامة» يطلق مجموعة نيو للفضاء «NSG»    قدوم 532,958 حاجاً عبر المنافذ الدولية    تقدير الجميع لكم يعكس حجم التأثير الذي أحدثتموه في المجتمع    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على سعود بن عبدالعزيز    تفقّد ميقات ذي الحليفة.. أمير المدينة: تهيئة الخدمات لتحسين تجربة الحجاج    صالات خاصة لاستقبال الحجاج عبر «طريق مكة»    «الصقور الخضر» يعودون للتحليق في «آسيا»    حلول مبتكرة لمرضى الهوس والاكتئاب    القاضي الرحيم يتعافى من سرطان البنكرياس    نائب وزير الخارجية يحضر حفل الاستقبال بمناسبة الذكرى السنوية ليوم إفريقيا    كوريا الشمالية تعلن فشل عملية إطلاق قمر اصطناعي لغرض التجسس    مكتسبات «التعاون»    إسدال الستار على الدوريات الأوروبية الكبرى.. مانشستر سيتي يدخل التاريخ.. والريال يستعيد لقب الليغا    أخضر رفع الأثقال وصيف العالم    باخرتان سعوديتان لإغاثة الشعبين الفلسطيني والسوداني    أكد دعم المملكة للحكومة الفلسطينية.. وزير الخارجية: حل الدولتين أساس السلام والأمن    عبر دورات تدريبية ضمن مبادرة رافد الحرمين.. تأهيل العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    الفيصل تُكرم الطلاب الفائزين في مسابقتَي «آيسف» و«آيتكس» وتشيد بمشاريع المعلمين والمعلمات    حفلات التخرج.. البذل والابتذال    نعم.. ضغوطات سعودية !    الاحتيال العقاري بين الوعي والترصد    أمير المنطقة الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة نادي الاتفاق    إخلاص وتميز    كيف تصف سلوك الآخرين بشكل صحيح؟    القيادة تعزي حاكم عام بابوا غينيا الجديدة في ضحايا الانزلاق الترابي بإنغا    ولادة 3 وعول في منطقة مشروع قمم السودة    ورحلت أمي الغالية    سكري الحمل    دراسة تكشف أسرار حياة الغربان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعتبرت فوزها بجائزة نوبل كارثة . الروائية البريطانية دوريس ليسينغ أقفلت "مفكرتها الذهبية" ورحلت
نشر في الحياة يوم 20 - 11 - 2013

رددت على الدوام بأنها"تعيش كما لو أنها على أهبة الرحيل"، فهي اكتفت بما منحته لها الحياة من"صخب ومعارك وتحديات"... هكذا فارقت الكاتبة البريطانية دوريس ليسينغ الحياة بهدوء في منزلها اللندني قبل أسبوع واحد من بلوغها سن الخامسة والتسعين.
ربما رحلت ليسينغ لأنها أنجزت كل ما رغبت فيه. لم يعد هناك من تحدٍّ يستفزها، هي المرأة الجريئة التي حاربت بسرور ومكر تقاليد المجتمع وفضحت عيوبه، تاركة أفكارها المتحررة والمتمردة في أعمال ستخلد ذكراها. بمعتقداتها الصوفية، وانقلابها على الشيوعية التي تبنت أفكارها سنوات، وإيمانها بوجود عالم آخر خارج كوكب الأرض، واعترافها بأنّ الزواج ليس الحال الأفضل بالنسبة إليها، شكلت ليسينغ حالة خاصة لا تتكرر.
لم تعتد هذه الكاتبة الضئيلة الحجم والتي أصبحت واحدة من أهم سيدات الأدب الإنكليزي، أن تسير مع التيار. حتى عندما فازت بجائزة نوبل للآداب عام 2007، فاجأت الجميع برد فعلها، اذ سخرت من قرار الأكاديمية السويدية بالقول:"كان من الطبيعي أن يحصل ذلك... المرشحون الآخرون توفوا. الأرجح أنهم أرادوا بهذه الجائزة أن يمنحوني وداعاً أخيراً قبل أن أمضي مع الموت من دون عودة". لتعود بعد أسابيع قليلة وتقول إن فوزها بالجائزة كان"كارثة فادحة"لأنه منعها عن ممارسة الكتابة، مردفة بأسف"أمضي وقتي في المقابلات والتقاط الصور". وبعد عام واحد على نيلها الجائزة أعلنت إنها توقفت تماماً عن الكتابة.
ولدت دوريس ليسينغ عام 1919 في إيران، وترعرعت في أفريقيا قبل أن تنتقل إلى إنكلترا وتمكث فيها حتى رحيلها. تركت دوريس الدراسة في سن الرابعة عشرة لقساوة الراهبات وصرامتهن، وقررت الهرب من منزل ذويها لتعمل وتثقف نفسها بنفسها. في إحدى المقابلات التي أجريت معها علقت على تجربتها الدراسية بالقول:"مزيج غير متساو من القليل من المتعة والكثير من الألم"، لتعود وتسخر من الأمر لاحقاً:"لم أحظَ بأي تعليم مناسب أو مؤهلات، وهكذا كان عليّ أن أصبح كاتبة. ماذا بإمكاني أن أفعل غير ذلك؟". لا حاجة للقول إن تعليقها هذا كان كافياً لإثارة وابل من الانتقادات في وجهها من بعض أدباء جيلها.
رغم تسربها الدراسي وعملها في سن مبكرة كحاضنة أطفال، وسكرتيرة، وعاملة هاتف، تميزت ليسينغ بذكائها الفطري ونهمها للكتب الذي اكتسبته خلال نشأتها في روديسا زيمبابوي راهناً، ما دفعها إلى قراءة كل ما يقع تحت يديها، بما في ذلك الروايات الروسية، قصص التاريخ المغربي والتصوف، وحتى روايات الخيال العلمي. ومما تضمنته قراءات ليسينغ المبكرة أعمال ديكنز، وكيبلينغ، ودي.اتش. لورانس، وستندال، ودوستويفسكي وتولستوي.
شغفت ليسينغ منذ طفولتها بالكتابة المتنوعة فوضعت 50 كتاباً مختلفاً. بين التمييز العنصري والجنسي، واستكشاف الصراعات الاجتماعية والسياسية اليومية، وتسليط الضوء على التجربة الاستعمارية في أفريقيا ومعاناة الأفارقة من العنف، واحتمالات الحياة خارج كوكب الأرض، تنوعت كتاباتها بين القصة القصيرة والرواية والشعر والنقد والمسرح بل والأوبرا أيضاً.
أيقونة نسوية
لعلّ عملها الأبرز يتجسد في رواية"المفكرة الذهبية"الذي نال جوائز عدة. مع ذلك، انقسمت الآراء حول الكتاب بين من اعتبره أيقونة نسوية تجسد رغبة المرأة في التحرر ومحاربة التمييز ضدها، وبين من هاجم الكاتبة نفسها لأنها كانت حادة الطباع كرجل في تصويرها الغضب والعدوان الأنثوي، وتهميش النساء للرجل. نُشرت هذه الرواية عام 1962، وهي تتبع قصة آنا وولف، المرأة التي أرادت أن تعيش حياتها بحرية، والتي كانت انعكاساً واضحاً لشخصية ليسينغ نفسها. وقد فوجئت الكاتبة بأن الرواية حققت هذا النجاح المدوي، وفي ردّ على منتقديها عبرت صراحة عن عدم قبولها للحركات النسوية،"تلك النساء اللاتي أصبحن مريعات مع رجالهن". وفي مناسبات عدة ناقشت ما يعانيه الرجل في أوروبا من تهميش النساء له!.. مع ذلك، اعتبرت ليسينغ عميدة بريطانية للحركة النسوية كونها دافعت عن حقوق النساء، رغم اعتبارها أن ذلك لا يعني اتخاذ الرجال كأعداء أو تهميشهم.
في الواقع، ومنذ روايتها الأولى"العشب يغني"الصادرة عام 1949، غالباً ما عملت ليسينغ على تضمين كتبها بعضاً من سيرتها الذاتية، إذ منحتها حياتها الغنية بالترحال والعلاقات والمواقف السياسية والاجتماعية، ثيمات وأفكاراً متعددة لم تستطع إلا أن تعكسها كما هي في كتاباتها. على سبيل المثل، استمدت ليسينغ من سنوات حياتها في أفريقيا أحداثاً رئيسة لروايتها ومنها رواية"العشب يغني"و"سلسلة أبناء العنف"التي سلطت فيها الضوء على الغبن العنصري والظلم الاجتماعي.
علماً أن دوريس ليسينغ كتبت جزأين من سيرتها الذاتية عام 1995 في روايتَي"تحت جلدي"و"المشي في الخيال"، ورغم نجاحهما قررت التوقف عن الكتابة لأنها وفق ما قالت"تعرفت إلى نفسها أكثر وأدركت إلى أي درجة يمكن الشك في الذكريات. واكتشفت أيضاً أن الذاكرة كالهوية، هي مسألة يجب أن نفكر فيها جيداً، وهو ما لم تفعله. كما أن السير الذاتية حتى الناجحة منها، تضع صاحبها في وضع محرج، لأنه يكتشف أنّ ما عايشه طيلة حياته من أحداث مثيرة وغامضة قد أصبح بعد نشره شيئاً جامداً من دون حياة".
في سيرتها الذاتية، كشفت عن الكثير من الأفكار غير التقليدية التي تؤمن بها، ومنها عدم إيمانها المطلق بمؤسسة الزواج ببساطة"إنها حالة لا تناسبني"، هكذا كتبت لتوضح فشل زواجها الأول والثاني وتخلّيها عن أطفالها سنوات، قبل أن تعود وتهتم بابنها المريض بيتر الذي صودف أنه فارق الحياة قبل أسبوع من وفاتها، فيما يعيش ابنها وابنتها من زواجها الأول في أفريقيا. وعن الزواج كتبت:"بعض الرجال لا يصلحون أبداً أن يكونوا أزواجاً، سيظلون عشاقاً دائماً".
إلى ذلك، تحدثت ليسينغ عن انضمامها إلى الحزب الشيوعي ومن ثم انقلابها عليه. في نادي الكتاب اليساري، تعرفت ليسينغ على جماعة من الشيوعيين"قرأوا كل شيء ولم يهتموا بروعة القراءة". كما انضمت إلى الحزب الاشتراكي البريطاني، لكنها اعتبرت أن حقيقة الحركة الشيوعية اتضحت لها أثناء سحق انتفاضة المجر وبعد الحرب العالمية الثانية فنبذتها تماماً عام 1954. لتبرر ذلك بالقول:"توقعوا مني الخداع والنفاق اللذين يميزان الشيوعيين!"..
انجذبت ليسينغ في مرحلة من المراحل إلى عالم التصوف، حتى أنها تركت الكتابة سنوات لتغوص في أعماق الأدب الصوفي، لتعود وتطلق رباعيتها التي نشرتها بين عامي 1976 و1983 بعنوان"رباعية الفضاء الميتافيزيقية"، كما برزت اللمحة الصوفية في روايتها اللاحقة"مذكرات ناج من الموت".
والمعروف أنّ ليسينغ كتبت روايتين تحت اسم مستعار هو"جين سومرز"وهما:"مذكرات جار طيب"، و"إن كان الكبار يستطيعون"، أظهرت خلالهما حسها الاجتماعي الفكاهي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.