مقتل نائب رئيس ملاوي إثر تحطم طائرة    توفير البيئة الآمنة للكشافة في معسكرات الخدمة العامة    تعزيز الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة بالمدينة المنورة    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي للاستجابة الإنسانية في غزة    سمو ولي العهد الامير محمد بنسلمان يستقبل سمو ولي عهد دولة الكويت لدى وصوله جدة    النصر يُجهز عرضًا ضخمًا للظفر بخدمات روديغير    الشركة السعودية للكهرباء «SEC» تعلن تفاصيل استثماراتها ومشاريعها لموسم حج 1445ه    Visit Qatar توزع مع جريدة الرياض .. قريباً    بروتوكول استقبال ضيوف برنامج خادم الحرمين يلامس مشاعر الحجاج    فضائل العشر من ذي الحجة    المظالم ومدن يوقعان اتفاقية للربط الرقمي    موعد مباراة السعودية والأردن اليوم    بيع تذكرة تدريب رونالدو مع البرتغال مقابل 858 دولار    بلينكن يحذر من اتساع الصراع    وفدٌ مجلس الشورى يقوم بزيارة إلى الهيئة الملكية بالجبيل    فاطمة الغامدي تحصل على الماجستير في العلاقات العامة بتقدير ممتاز    صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين يستعد لاستقبال الحجاج    الذهب يفقد بريقه والنفط فوق 80 دولاراً    إلزام الجهات الحكومية برفع خدماتها على "توكلنا"    اليوم.. التفويج "الأكبر" للحجاج من المدينة لمكة    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة منيره بنت محمد بن تركي بن عبد العزيز    المملكة ترحب بتبنّي مجلس الأمن الدولي الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة    النوم يساعد في تحسين الصحة بشكل عام    الفرصة ما تزال مهيأة لهطول أمطار على مكة وجازان وعسير والباحة    «أبل» تستعد لإبهار العالم بتحديثات كبيرة في مؤتمر المطورين    وزير الداخلية يتفقد المشاريع التطويرية في المشاعر    حمزة إدريس مساعداً إدارياً في الاتحاد    بدء منع دخول المركبات غير المصرحة للمشاعر المقدسة    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    بينالي الفنون الإسلامية 2025 بجدة    "الصحة": ارتفاع درجات الحرارة أكبر تحديات الحج    إثراء يفتح باب التسجيل في مبادرة الشرقية تبدع بنسختها الخامسة    هل يصبح عمرو دياب منبوذاً ويواجه مصير ويل سميث ؟    اختتام مشروع نور السعودية في بنغلاديش    الرئيس التنفيذي للمساحة الجيولوجية يناقش التعاون الجيولوجي في كازاخسان    اللامي ل«عكاظ»: ناظر سيعيد العميد لطريق البطولات    «الدفاع المدني»: تجنبوا الزحام وراعوا كبار السن في المسجد الحرام    بأمر خادم الحرمين: استضافة 1000 حاج من ذوي شهداء ومصابي غزة استثنائياً    أمن الحج.. خط أحمر    تعزيز بناء الجدارات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بغرفة الشرقية    نائب أمير مكة اطلع على المشاريع وخطط التشغيل.. المشاعر المقدسة.. جاهزية عالية لاستقبال ضيوف الرحمن    غزة.. مشاهد موت ودمار في «النصيرات»    للمعلومية    أمير المدينة يوجه باستمرار العمل خلال أيام إجازة عيد الأضحى    وزير الداخلية يتفقد عددًا من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة    مريضات السكري والحمل    استثمار الوقت في الأنشطة الصيفية    " نبتة خارقة" تحارب تلوث الهواء    "نادي نيوم" يتعاقد مع البرازيلي رومارينيو    وزير الداخلية يتفقد عدداً من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة    الرئيس المتهم!    لماذا يشعر المتبرعون بالسعادة ؟!    البذخ يحتاج لسخافة !    ساحة المحاورة تحتاج إلى ضبط    للمرة الأولى.. «هيئة النقل» تدشّن مركز التحكم لمتابعة مركبات النقل العام في مكة والمشاعر    أندية المدينة.. ما هي خططك للموسم القادم ؟    الدفاع المدني يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل "لا حج بلا تصريح" بجدة    عرض عسكري يعزز أمن الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«القاعدة» تشغل أميركا عن ثورة اليمن وعلي صالح ومعارضوه يتبادلون الاتهامات والتنازلات
نشر في الحياة يوم 07 - 10 - 2011

لم يكن تنظيم «القاعدة» في اليمن، بعيداً عن حسابات الإدارة الأميركية، وهي تتعامل مع الأزمة اليمنية وتتابع الاحتجاجات الشبابية الشعبية، التي تطالب بإسقاط النظام ورحيل الرئيس علي عبدالله صالح عن الحكم الذي يسيطر عليه منذ 33 عاماً، بل إن ملف «القاعدة»، ومواجهة هذا التنظيم، والحيلولة دون تفاقم خطورته، في دولة يزداد تفككها يوماً بعد يوم، وتفقد سيطرتها على الكثير من مناطقها، مثل عاملاً رئيساً لتحديد التوجهات السياسية الأميركية في اليمن، وأسلوب تعاطيها مع الثورة وموقفها منها، ومن طرفي الأزمة في السلطة والمعارضة.
ولذلك اتسم الموقف الأميركي تجاه ما يحدث في اليمن، بالتقلب حيناً وعدم الوضوح حيناً آخر، والقيام بدور الوسيط المحايد، الذي يسعى للحيلولة دون انهيار البلاد، والزج بها في أتون الصراع المسلح في أوقات أخرى، ويعتقد مراقبون «أن استقرار اليمن يهم واشنطن، وأنها تعمل فعلاً حتى لا يتجه نحو الحرب الأهلية، ولكنها لم تحدد موقفاً واضحاً من الثورة، ومن نظام حكم الرئيس صالح، مثل ما حدث مع الثورة المصرية أو الليبية، نتيجة لمخاوفها من تنظيم القاعدة، وشكوكها في السلطة وعدم ثقتها بالمعارضة والقوات الداعمة للثورة».
ويقول باحثون في شؤون التنظيمات المسلحة والإرهابية تحدثوا إلى «الحياة»: «إن تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، وهو الكيان الاتحادي لفرعي القاعدة في اليمن والمملكة العربية السعودية، بات في نظر أميركا مصدر خطر حقيقي، يهدد اليمن والمملكة، ومصالح دول المنطقة والدول الغربية في هذه المنطقة الغنية بالنفط»، بخاصة وقد أصبح «الذراع الأكثر نشاطاً وحركة» بين فروع التنظيم.
ويرى هؤلاء الباحثون أن تنظيم «القاعدة» المتمركز في اليمن، استفاد من «الخبرة التي اكتسبها العديد من عناصره، في أفغانستان والعراق ومناطق أخرى من العالم، إلى جانب استغلاله للأوضاع المتردية ، لتجنيد الكثير من الشباب الذين ضاقت بهم سبل العيش، وأصبحوا لقمة سائغة لهذا التنظيم، الذي يستفيد أيضاً من حالة الانفلات الأمني وغياب الدولة في أغلب مناطق اليمن».
مع ذلك فحجم وقوة التنظيم في نظر الباحثين، لم يصلا بعد إلى المستوى الذي تتصوره أميركا، ويتحدث عنه الرئيس صالح، الذي تشيد أميركا بتعاونه معها في محاربة «القاعدة»، ولأن صالح يدرك جيداً حجم المخاوف الأميركية والغربية، من هذا التنظيم، فقد عمل على تعزيزها، ويؤكد خبراء عسكريون تحدثوا إلى «الحياة»، أن المواجهات الأخيرة في محافظة أبين (جنوب البلاد)، بين مسلحي «القاعدة» وقوات اللواء 25 ميكا، المستمرة منذ أواخر شهر أيار (مايو) الماضي وحتى اللحظة، كشفت الكثير من الحقائق المتعلقة بتوظيف الرئيس اليمني لملف «القاعدة»، بهدف التأثير في الموقف الأميركي والسعودي من الأحداث التي تشهدها البلاد.
واعتبر خبراء إن اقتحام مسلحي تنظيم «القاعدة»، لمدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين، في 29 أيار (مايو) الماضي، جاء في أعقاب انسحاب مفاجئ لكل أجهزة الدولة المدنية والأمنية والحراسات العسكرية، من المدينة، وبعد الخطاب الذي ألقاه الرئيس اليمني، في 21 من الشهر نفسه بمناسبة العيد الوطني، والذي تحدث فيه عن الدعوات التي تطالبه بالتخلي عن السلطة وردّ على من يقول إن «القاعدة» سينتهي برحيل النظام، قائلاً: «نعم ستنتهي القاعدة لأنها ستكمل سيطرتها على مأرب وحضرموت وشبوة وأبين والجوف وستسيطر على الأوضاع، أما أولئك فهم لن يسيطروا، لأنهم غير مقبولين، وسيضطر أبناء تلك المحافظات أن يقبلوا القاعدة، وهذا ما نأمل أن يدركه أصدقاؤنا في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وهذه رسالة أوجهها للجميع من هذا المكان ليعرفوا أن الآتي سيكون أسوأ مما هو حاصل الآن»، وهو ما اعتبره الخبراء العسكريون، دعوة صريحة لعناصر «القاعدة»، للتحرك واجتياح محافظة أبين.
انسحاب بأوامر رسمية
وأكد مصدر أمني كان ضمن القوات والأجهزة المنسحبة من مدينة زنجبار، في حديث إلى «الحياة» أن «الانسحاب تم بتوجيهات رسمية صادرة من صنعاء»، وقال المصدر الذي طلب عدم كشف هويته، إن قادة الأجهزة والقوات الأمنية التي كانت في المدينة، «تلقوا برقيات، من القيادات المركزية في العاصمة صنعاء، واتصالات هاتفية تأمرهم جميعاً بالانسحاب من المدينة في شكل كامل، ومن دون تبرير الأسباب وراء هذا الانسحاب المفاجئ».
وبحسب المصدر ذاته، فقد انسحب الجميع تنفيذاً للتوجيهات، مخلفين وراءهم الكثير من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، والعتاد العسكري والأمني، بالإضافة إلى أموال ضخمة كانت مودعة في فرع البنك المركزي، ليستولي عليها المسلحون الذين اجتاحوا المدينة بكل سهولة، بينما بقي اللواء 25 ميكا وحده صامداً في وجه مسلحي «القاعدة»، بعد أن رفض الانسحاب من المحافظة، واستمر في المواجهة منفرداً في بداية الأمر، قبل أن يشاركه في ما بعد رجال القبائل.
وفي مطلع أيلول (سبتمبر) أعلنت السلطات اليمنية مشاركة أربعة ألوية مدرعة، في دحر المسلحين واستعادة بعض السيطرة على المدينة، بعد ثلاثة أشهر ونصف من المواجهات الدامية، بينما كشف قائد اللواء 25 ميكا العميد محمد الصوملي، في حديث صحافي، نشر أواخر شهر تموز (يوليو) الماضي، بأن قائد المنطقة الجنوبية العسكرية الموالي للرئيس صالح خذله ولم يتفاعل معه لإنقاذه من الحصار أو تزويده بالمؤن الغذائية والعتاد العسكري، ربما لأنه رفض الانسحاب، كما فعل الآخرون.
وأثناء المواجهات الدامية بين مقاتلي تنظيم «القاعدة»، وأفراد اللواء 25 ميكا المحاصر، كانت بعض المعونات الغذائية والعسكرية التي تلقيها طائرات أجنبية لأفراد اللواء المحاصر، ما تلبث أن تقع في أيدي عناصر «القاعدة»، بسبب المعلومات الخاطئة التي كانت تقدمها قيادة المنطقة الجنوبية العسكرية لإحداثيات الموقع، بحسب مصادر عسكرية، وتقول المصادر إن الأمر ذاته تكرر مرتين للطيران الحربي اليمني عندما قصف في المرة الأولى في أواخر تموز تجمعاً لمسلحي رجال القبائل المساندين للجيش في مواجهة المتشددين، والمرة الثانية قبل أيام عدة حين قصف مجموعة من أفراد اللواء 119 المؤيد للثورة الشعبية، ما أسفر عن مقتل 30 جندياً على الأقل، وفق ما أعلنته مصادر محلية وشهود عيان.
مصادر عسكرية في اللواء 25 ميكا، قالت ل «الحياة»، إن النجاح النسبي الذي حققه اللواء في مواجهة مسلحي «القاعدة»، يعود للدعم الذي تلقاه من القوات الأميركية المرابطة في البحر العربي وخليج عدن، وأوضحت المصادر ذاتها، أن «الطيران الأميركي كان يزود اللواء المحاصر بالمياه والأغذية، وبعض الاحتياجات العسكرية الأخرى، إضافة إلى المعلومات الاستطلاعية، عن تحركات المسلحين ومواقعهم».
وأكدت المصادر العسكرية، أن قيادة اللواء 25 ميكا، «حصلت في إحدى المرات من طائرات استطلاع أميركية، على معلومات مهمة، أنقذت اللواء المحاصر من السقوط في أيدي المسلحين الذين كانوا قد أحكموا حصارهم عليه»، وكانت تلك المعلومات، عبارة عن «إحداثيات دقيقة تبين مواقع تمركز المسلحين التابعين للقاعدة، والمواقع التي يهاجمون اللواء منها، بما في ذلك نوع الأسلحة التي يستخدمونها». ومن المؤشرات التي يستدل بها المراقبون، على وجود علاقة تربط النظام ب «القاعدة»، أو على الأقل بتواطؤ بينهما، واقعة الانسحاب المماثل من مدينة جعار أواخر آذار (مارس) الماضي، حين اقتحم مسلحون ينتمون لتنظيم «القاعدة»، في 27 من الشهر، مبنى القصر الجمهوري في مديرية خنفر التابعة لمحافظة أبين وسيطروا عليه وعلى مبنى الإذاعة، كما اقتحموا في التاريخ ذاته مصنع 7 أكتوبر للذخائر، «بعد أن اختفت الحراسات الأمنية والعسكرية من تلك المنشآت في شكل مفاجئ»، طبقاً لمصادر محلية تحدثت إلى «الحياة».
وقالت تلك المصادر، إن مسلحي «القاعدة» استولوا على كميات كبيرة من الذخيرة التي كانت جاهزة في المصنع، وكميات كبيرة من البارود، إضافة إلى حاملتي جنود مصفحتين كانت في فناء المصنع، إلى جانب ثلاث مصفحات ودبابة وأسلحة متنوعة، كان المسلحون استولوا عليها في القصر الجمهوري.
ولفتت المصادر المحلية، إلى ما حدث أواخر نيسان (أبريل) الماضي، عندما اكتشف عدد من شيوخ القبائل في مديرية مودية، من المحافظة ذاتها، «انعقاد اجتماع داخل مبنى إدارة أمن المديرية، مع عناصر تابعة لتنظيم القاعدة، لتسليم مقر الأمن بما فيه من أسلحة رشاشة وثقيلة، لعناصر التنظيم، بموجب محضر كانت تجري كتابته لحظة دخول هؤلاء الشيوخ، الذين اضطروا للاستيلاء على تلك الأسلحة، إلى حين وصول أجهزة الدولة لتمارس نشاطها».
ويتذكر الباحثون والسياسيون اليمنيون، في سياق شكوكهم، حول وجود علاقة أو مصالح مشتركة، تربط نظام الحكم في اليمن، أو بعض رموزه، بهذا التنظيم وعدد من قياداته وعناصره المسلحة، عدداً من الحوادث الشهيرة المرتبطة ب «القاعدة»، وأهمها هروب 23 من سجناء «القاعدة»، من سجن الأمن السياسي بصنعاء عام 2006، وقبلها هروب 12 سجيناً من سجن الأمن السياسي في مدينة عدن، وأخيراً هروب 62 سجيناً قاعدياً من سجن الأمن السياسي في المكلا بمحافظة حضرموت بالتزامن مع عملية اجتياح مدينة زنجبار في أبين.
مركز «الجزيرة العربية للدراسات والبحوث» يؤكد هذه الفرضية، في تقرير أصدره في شهر نيسان الماضي ضمن سلسلة تقارير حول «ثورة التغيير... مواقف الإسلاميين وخنادقهم»، ويقول إن «القاعدة في اليمن، استخدمت «كفزاعة يعتمد عليها النظام في تعامله داخلياً وخارجياً»، وفي سياق توظيف الحاكم لكل الأوراق كما هي عادته، كانت هناك رسائل ضمنية بعثت إلى القاعدة للتحرك خلال هذه الفترة والحضور علناً».
وأوضح المركز في تقريره، أن «وقائع الأحداث التي نسبت إلى القاعدة، (...) واكبت مجريات الثورة الشعبية، وجاءت في سياق انسحاب قوى الجيش والأمن، وفي إطار إبراز ما تشكله القاعدة، من خطورة في الجنوب ومواقع النفط خاصة»، وتابع التقرير قائلاً: «إن المؤكد هو أن هناك عملية توزيع للسلاح تمت على عناصر للقاعدة، من قبل أطراف في النظام بغية الدفع بها للتحرك ميدانياً».
تنظيم «القاعدة»، الحاضر بقوة على مسرح الثورة اليمنية، ضد نظام الحكم، مثل ميداناً جديداً للصراع، يوازي ميادين التغيير والحرية، بعد أن أستخدمه طرفا هذه الثورة، من خلال الاتهامات المتبادلة، وادعاء القدرة على مواجهة عناصره المسلحة، وتبني بعض النجاحات التي تحققت في المواجهة المفتوحة، مع عناصر التنظيم في محافظة أبين.
من يحرك «القاعدة»؟
يؤكد المعارضون أن الرئيس صالح هو الذين يحرك عناصر القاعدة لخدمة أغراضه السياسية، وسبق وقال قائد الفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن الأحمر الذي أعلن تأييده للثورة، في حديث إلى «الحياة»، نشر في 11 حزيران (يونيو) الماضي، أن تنظيم «القاعدة»، خدم مآرب صالح وأهدافه، مستغلاً هذا التكتيك وضعف الدولة وترددها في قمعه لتوسيع نشاطه، وأوضح الأحمر أن بعض العناصر «الإرهابية»، موجود ضمن حراسات صالح الخاصة، وإن الجماعات الإرهابية التي يخوف بها الداخل والخارج يُشرف عليها نجلا أخيه قائد حرسه الخاص طارق محمد صالح، وعمار وكيل جهاز الأمن القومي.
من جانبه عمد الرئيس صالح منذ الأيام الأولى للاحتجاجات ضد نظام حكمه، إلى اتهام معارضيه والمنشقين عن نظامه بالارتباط بعلاقة وثيقة بهذا التنظيم، ولم يترك صالح فرصة، إلا وربط فيها خصومه ب «القاعدة»، وأكد غير مرة، أن عناصر «القاعدة»، موجودون في ساحات الاعتصام، وفي مقر الفرقة الأولى مدرع، وقال الرئيس اليمني في حديث لصحيفة «واشنطن بوست» ومجلة «تايم» الأميركيتين بعد عودته من رحلته العلاجية: «نحن نقاتل تنظيم القاعدة في أبين بالتعاون مع الأميركيين والسعوديين في الوقت الذي تبدو الاستخبارات الأميركية على دراية بأنهم على تواصل مع حركة الإخوان المسلمين في اليمن ومع الضباط الخارجين عن النظام والقانون».
وفي زحمة انشغالات صالح ونظامه ومناوئيه، بالثورة وتبادل الاتهامات ذات الصلة بتنظيم «القاعدة»، تتفرغ الإدارة الأميركية، لمعركتها الأهم مع الإرهاب في اليمن، وتقول مصادر ديبلوماسية غربية في صنعاء، إن واشنطن تعمل على أن لا «تنجر اليمن إلى حرب أهلية، من خلال الوساطة والضغوط التي تمارسها على طرفي الأزمة في اليمن، لأن انفجار مثل هذه الحرب، قد يجعل اليمن يغرق في الفوضى، ما سيتيح لتنظيم «القاعدة»، الفرصة المواتية للعمل على تعزيز تواجده، وتنفيذ مخططاته».
وباستثناء ما يصدر عن مسؤولين أميركيين، من دعوات خجولة تطالب الرئيس صالح، بالتنحي عن السلطة والقبول بالمبادرة الخليجية، تؤكد المصادر الديبلوماسية، التي تحدثت إلى «الحياة»، أن «واشنطن لم تبذل أي جهد حقيقي لحلحلة الأزمة اليمنية»، وتعتقد المصادر أن أميركا، تستغل الأوضاع الحالية في اليمن، للاستمرار في ملاحقة عناصر وقيادات «القاعدة»، وتنفيذ عملياتها العسكرية الجوية ضد مسلحي التنظيم وقياداته، في أكثر من منطقة يمنية، وبخاصة في محافظات أبين وشبوة والجوف ومأرب.
وبحسب المصادر ذاته، فإن أميركا نفذت منذ بداية الاحتجاجات في اليمن في شباط (فبراير) الماضي، عشرات الغارات الجوية، التي استهدفت تجمعات لمسلحين متشددين في محافظة أبين، وحققت نجاحات كبيرة في هذا الجانب، ودعمت قوات اللواء 25 ميكا الذي يواجه المسلحين هناك، غير أن العملية النوعية التي استهدفت المتشدد أنور العولقي، مثلت نجاحاً غير مسبوق للإدارة الأميركية في اليمن.
وكشفت مصادر متطابقة، أن نظام الحكم في صنعاء، والذي ترك لواشنطن منذ سنوات عدة الحرية الكاملة للتجسس في كامل الأجواء اليمنية، وملاحقة المتشددين على أراضيه وقتلهم، كان «يقدم للجانب الأميركي في بعض الأوقات معلومات غير دقيقة، وأحياناً يسرب معلومات مهمة، قبل تنفيذ بعض العمليات، ما يتسبب في فشلها»، وترى المصادر أن ذلك أدى إلى «إخفاقات عدة في الوصول إلى تجمعات وقيادات بينها العولقي، وخلف الكثير من الضحايا المدنيين الذين كانوا يسقطون في تلك العمليات».
وتؤكد المصادر أن السلطات اليمنية، «لم تكن لتغامر بممارسة الدور ذاته في الوقت الراهن، لأنها في أمس الحاجة إلى رضا أميركا ودعمها، ولذلك قدمت هذه المرة هدية كبيرة وغير اعتيادية للإدارة الأميركية، بمساعدتها في اغتيال أنور العولقي، طمعاً في تحفيزها على مساندة الرئيس صالح في معركته الراهنة، وتخفيف الضغوط التي تطالبه بترك السلطة.
غير أن إدارة الرئيس أوباما، لم تحقق لعلي صالح غايته، حيث سارعت عبر أكثر من مسؤول أميركي، إلى نفي وجود أي علاقة للتعاون اليمني الأميركي في مقتل العولقي، وموقفها المطالب بتخلي الرئيس صالح عن السلطة، وفقاً للمبادرة الخليجية، وتعتقد المصادر الديبلوماسية الغربية، أن واشنطن غير «مكترثة لبقاء صالح أو رحيله، بقدر اهتمامها بالقضاء على تنظيم «القاعدة»، وربما ترى أن استمرار الأزمة الراهنة في اليمن، سيساعدها على تحقيق غايتها، بخاصة أن كل الأطراف اليمنية في السلطة والمعارضة، يتسابقون لتلبية مطالبها وتقديم التنازلات التي ترضيها طمعاً في مساندتها السياسية».
وبعكس ما كان يطمح الرئيس اليمني إلى تحقيقه، عبر المساعدة في قتل العولقي، يرى العديد من المراقبين أنه فقدَ واحدة من أهم الأوراق التي كانت في يده، بل ومن شأن هذه الخدمة التي كان يتوخى الفائدة منها، أن تجلب له الكثير من المتاعب، كونها ستؤلب عليه الرأي العام اليمني، أو على الأقل قبيلة العوالق التي ينتمي إليها أنور العولقي، وهي من القبائل الكبيرة والمؤثرة في محافظة شبوة، وذات نفوذ في مؤسسات الدولة والجيش، وقد كان لها الفضل الأكبر في توفير الحماية الشخصية للعولقي طيلة السنوات الثلاث الأخيرة، ومن المؤكد أن هذه الحادثة ستؤثر سلباً في علاقة أفراد القبيلة بنظام الرئيس صالح.
وعلى رغم تشديد واشنطن على أهمية وخطورة العولقي، رجح خبراء في شؤون الإرهاب عدم تأثر تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب بمقتل العولقي، لأن «قدرات هذا التنظيم ونشاطاته الإرهابية، لا تعتمد على أفراد محددين، حتى وإن كانوا بحجم زعيمه أسامة بن لادن، والعولقي، وإلا لكان «القاعدة»، قد انتهى منذ زمن بعيد»، ويرى هؤلاء الخبراء، أن نشاط التنظيم قد يكون «أكثر فعالية وقوة، انتقاماً لمقتل أحد قياداته».
وهو ما أكدته مصادر مقربة من «القاعدة»، تحدثت إلى «الحياة»، وقالت إن «عمل التنظيم على المستويين المحلي والإقليمي، لن يتأثر بمقتل العولقي»، لكنها اعترفت في الوقت ذاته بأن مقتله مثّل «ضربة موجعة للعمل الخارجي للتنظيم»، وأشارت المصادر، إلى وجود بدلاء، أحدهم «أميركي والآخر بريطاني، كانوا مع العولقي ضمن خلية الإعداد للعمل الخارجي، في تنظيم «القاعدة»، لا يزالان موجودين، ويعملان، ويعاونهما عدد آخر من الشباب الذين يحملون جنسيات أوروبية وآسيوية وأفريقية وعربية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.