ضرورة إصدار بطاقة تشغيل وبطاقة "سائق" لسائقي الحافلات والشاحنات    سمو أمير الباحة يستقبل مساعد وزير الرياضة ويبحث احتياجات المنطقة    وصول 1075 من ضيوف خادم الحرمين من 75 دولة    مانشيني يفسر استبعاد فيصل وأحمد الغامدي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية البرتغال بذكرى اليوم الوطني لبلاده    الذهب يستقر عند 2296.17 دولار للأوقية    وزير التجارة يصدر قرارًا وزاريًا بإيقاع عقوبة مباشرة على كل من أخلّ بأداء واجبه في إيداع القوائم المالية    حساب المواطن يودع 3.4 مليار ريال مخصص دعم شهر يونيو    انحفاض الإنتاج الصناعي 6.1% في أبريل    إستخراج بطاقات إقامة ممن مضى على إقامتهم في مصر أكثر من 6 أشهر    الطقس : حاراً إلى شديد الحرارة على الرياض والشرقية والقصيم    "التجارة" تضبط 374 مخالفة في المدينة    خادم الحرمين يأمر باستضافة 1000 حاجّ من غزة استثنائياً    تطوير مضاد حيوي يحتفظ بالبكتيريا النافعة    "ميتا" تزوّد "ماسنجر" بميزة المجتمعات    المنتخب السعودي للفيزياء يحصد 5 جوائز عالمية    بدء أعمال المنتدى الدولي "الإعلام والحق الفلسطيني"    "الرياض للبولو" يتوّج بطلاً لبطولة تشيسترز ان ذا بارك    كيت ميدلتون.. قد لا تعود أبداً إلى ممارسة دورها الملكي    بعد ياسمين عبدالعزيز.. ليلى عبداللطيف: طلاق هنادي قريباً !    شريفة القطامي.. أول كويتية تخرج من بيتها للعمل بشركة النفط    عبدالعزيز عبدالعال ل«عكاظ»: أنا مع رئيس الأهلي القادم    «أرامكو»: 0.73 % من أسهم الشركة لمؤسسات دولية    شرائح «إنترنت واتصال» مجانية لضيوف خادم الحرمين    400 مخالفة على الجهات المخالفة للوائح التعليم الإلكتروني    زوجة «سفاح التجمع» تظهر من لندن: نجوت من مصير الفتيات !    المجلس الصحي يشدد على مبادرة «الملف الموحد»    «فتيان الكشافة» يعبرون عن فخرهم واعتزازهم بخدمة ضيوف الرحمن    قيادات تعليمية تشارك القحطاني حفل زواج إبنه    11 مبادرة تنفيذية لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    شهد مرحلة من التبادل الثقافي والمعرفي.. "درب زبيدة".. تاريخ طويل من العطاء    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    «التعاون الإسلامي»: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء    وزارة الحج تعقد دورات لتطوير مهارات العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    إعادة تدوير الفشل    خلود السقوفي تدشن كتابها "بائعة الأحلام "    الأمريكي" غورست" يتوج ببطولة العالم للبلياردو    العطلة الصيفية واستغلالها مع العائلة    "السمكة المتوحشة" تغزو مواقع التواصل    رسالة جوال ترسم خارطة الحج لشيخ الدين    الداخلية تستعرض خططها لموسم الحج.. مدير الأمن العام: أمن الوطن والحجاج خط أحمر    أمير القصيم يشيد بجهود "طعامي"    محافظ الأحساء يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    الدكتورة عظمى ضمن أفضل 10 قيادات صحية    أمير الرياض يطلع على عرض لمركز صالح العسكر الحضاري بالخرج    رئيس جمهورية قيرغيزستان يمنح رئيس البنك الإسلامي للتنمية وسام الصداقة المرموق    وفد الشورى يطّلع على برامج وخطط هيئة تطوير المنطقة الشرقية    التخبيب يهدد الأمن المجتمعي    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    رئيس الأهلي!    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    فشل التجربة الهلالية    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    أمير تبوك يواسي عامر الغرير في وفاة زوجته    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريطة جديدة للموالاة والمعارضة فرضتها مستجدات المرحلة . مصر : علاقة "ملتبسة" بين السلطة الجديدة والثوار ... والشارع يتأرجح
نشر في الحياة يوم 19 - 06 - 2011

قبل تنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك في 11 شباط فبراير الماضي كان ميسوراً تحديد الخريطة السياسية في البلاد من حيث المعارضة والموالاة، فالحزب الوطني الديموقراطي المنحل الذي ظل يحكم البلاد على مدار عقود نسج شبكة ضخمة من الحلفاء الذين ارتبطوا به سياسياً واقتصادياً ضمت رجال أعمال وشخصيات سياسية مستقلة وأيضاً أحزاب يفترض أنها منافسة، وكذلك كانت المعارضة واضحة للعيان وعلى رأسها جماعة"الإخوان المسلمين"وتيارات شبابية برزت خلال السنوات الخمس الأخيرة أهمها حركتا"شباب 6 أبريل"و"كفاية"فضلاً عن المجموعات الداعمة للمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي أحدثت عودته إلى مصر قبل نحو عام حراكاً سياسياً غير مسبوق.
وبعد اندلاع الثورة وتنحي مبارك وحل الحزب الحاكم اختلطت الأوراق على الساحة السياسية وباتت كل الأطياف السياسية تقترب إلى"الموالاة"على خلفية موقف الجيش المصري الذي دعم مطالب الثوار واعتبرها مشروعة وانحاز إلى جانب الشارع وساعد إلى حد كبير في إقصاء مبارك نزولاً عند رغبة الجماهير العريضة التي ظلت لأيام معتصمة في الميادين والشوارع الرئيسة. وعزز من دعم الثوار للمجلس الأعلى للقوات المسلحة إقالته حكومة الدكتور أحمد شفيق التي كان مبارك عينها قبل تنحيه واختياره الدكتور عصام شرف رئيساً للوزارء بعد أن رشحه شباب الثورة لهذا المنصب. لكن الشهورالأخيرة أفرزت"معارضة"لسياسات الحكومة والمجلس العسكري، فبعض الثوار لم يعودوا ينظرون إلى حكومة شرف على أنها حكومة الثورة كما أن قرارات العسكر لم تنل رضا البعض واعتبروا أن خريطة الطريق التي وضعها الجيش لانتقال السلطة للمدنيين رأى فيها بعض الشباب"انحرافاً عن أهداف الثورة".
وكان الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي جرى في شهر آذار مارس الماضي تدشيناً للشقاق بين الجيش وبعض شباب الثورة، إذ وقف الجيش داعماً لإقرار هذه التعديلات، فيما سعى الشباب بكل عزمهم إلى رفضها من أجل إجبار جنرالات الجيش على انتخاب لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد قبل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية ومد الفترة الانتقالية من أجل إتاحة الفرصة للشباب والأحزاب الجديدة للعمل في الشارع لضمان نجاحهم فيها وعدم ترك الساحة خالية لجماعة الإخوان وفلول الحزب الوطني المنحل للفوز بها. لكن الرياح أتت بما لا يشتهي الشباب فأقرت التعديلات الدستورية بنسبة كبيرة بعد أن دعمها التيار الإسلامي، فبات إجراء الانتخابات البرلمانية في شهر أيلول سبتمبر المقبل حقيقة واجبة النفاذ على أن يتلوها اختيار البرلمان لجنة لوضع دستور جديد ثم إجراء الانتخابات الرئاسية.
ومثَّل إعلان المجلس العسكري قانوني الأحزاب ومباشرة الحقوق السياسية من دون نقاش مع شباب الثورة حلقة جديدة من حلقات الشقاق بين الطرفين وهو ما عبَّرت"جمعة الغضب الثانية"في 27 آيار مايو الماضي عن وصوله إلى ذروته، إذ لم يجد الشباب بداً من تجديد دعوتهم للنزول إلى الشارع من أجل الحفاظ على مكتسبات ثورتهم التي رأوا أنها باتت في خطر.
تناغم مثير للجدل
وكانت تظاهرات"جمعة الغضب الثانية"في 27 آيار مايو الماضي كاشفة لخريطة الموالاة والمعارضة في المرحلة الانتقالية، إذ اعتبر أن هذه التظاهرات موجهة بالأساس ضد سياسات المجلس العسكري الذي نال قدراً من الانتقاد فيها. وأحدثت دعوة قوى شبابية إلى التظاهر حالاً من الاستقطاب بين القوى السياسية على اختلاف أطيافها، إذ انقسمت على نفسها ما بين رافض ومؤيد للتظاهر. وتصدرت القوى الإسلامية عموماً وجماعة"الإخوان المسلمين"خصوصاً جبهة الرفض، فيما تصدر شباب الثورة جبهة الداعين للتظاهر. واعتبرت جماعة"الإخوان المسلمين"أن الدعوة إلى التظاهر إما"ثورة ضد الشعب"أو"محاولة للوقيعة بين الشعب والجيش". ودعت كل القوى الحية والشعب المصري إلى العمل بكل قوة على وأد أي وقيعة أو فتنة. وأطلقت الجماعة على التظاهرات"جمعة الوقيعة". وهو ما رد عليه الشباب بهجوم عنيف على الجماعة خلال التظاهرات وبعدها. ورأى خبراء أن هناك اتفاقاً بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان على إدارة المرحلة الانتقالية خصوصاً أن إجراء الانتخابات البرلمانية سريعاً يحقق مصلحة الجماعة. ورفعت في تظاهرات جمعة الغضب الثانية لافتات حملت هذا المعنى. واعتبر خبراء أن الاخوان بهجومهم على التظاهر في جمعة الغضب الثانية ودفاعهم عن المجلس العسكري حلوا محل الحزب الوطني المنحل، في إشارة إلى قربهم من صناع القرار.
وقال مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد إنه لم يندهش من موقف الإخوان من التظاهرات السلمية، فعبر الشهور الماضية رأينا الكثير من التصريحات والمواقف المثيرة للكراهية. وأضاف: أن تحريض الإخوان ضد التظاهر السلمي يؤكد أن الحزب الوطني المنحل المعروف بعدائه للحريات والديموقراطية ما زال موجوداً ولكن باسم آخر هو"الإخوان المسلمون". واعتبر أن جماعة الإخوان تحرض المجلس العسكري ضد بقية القوى السياسية.
ويقول نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في"الأهرام"نبيل عبد الفتاح إن القوى الإسلامية خصوصاً جماعة"الإخوان المسلمين"والسلفيين اختاروا طريق التحالف مع السلطة الواقعية وأصبح الإخوان البديل السياسي للسلطة الواقعية.
وأضاف عبد الفتاح إن"هذه القوى لم تشارك في المراحل المتقدمة من الثورة وأصبحت بالفعل الذراع السياسية للسلطة الحاكمة الآن". واعتبر أن"هذه القوى تمارس الترويع والتعبئة على أساس ديني ومذهبي وتوزع الاتهامات وتقسم المجتمع لتحل محل الحزب الوطني الديموقراطي وجهاز مباحث أمن الدولة المنحلين، غير أن الفارق أن التقسيم بعد الثورة بات لصالحين وفسقة". وقال عبد الفتاح إن هناك أدوات الآن لنشر الخوف في المجتمع المصري بعضها داخل تركيبة الدولة والأخرى خارجه وهدفها هو القول إن استمرار الأوضاع الثورية سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد القومي وعدم الاستقرار الأمني واستمرار مظاهر الخروج على القانون، موضحاً أن هذه القوى تسعى إلى تخويف قطاعات واسعة من الانخراط في العملية الثورية السلمية وجماعة الإخوان والتيار الإسلامي ضلع أساسي في هذا المخطط من خلال الترويج إلى أن استمرار الحالة الثورية يعني المواجهة بين الجيش والشعب وبالتالي إسقاط الدولة والوقوع في فخ مؤامرة تقوم بها أطراف خارجية وداخلية. وأضاف أن"التيار الإسلامي عموماً، وجماعة الإخوان خصوصاً، أصبح القوة الرئيسة التي تواجه الثوار الآن".
خلافات الثوار
ولعل الخلاف بين جماعة الإخوان والمجموعات الشبابية اتضح جلياً في انسحاب الجماعة من ائتلاف شباب الثورة، إذ سحبت الجماعة ممثليها في الائتلاف وأبقت على عضويتها في"اللجنة التنسيقية لحماية الثورة".
وعبر الناطق الإعلامي باسم حركة شباب"6 أبريل"محمد عادل عن قلقه للانشقاق الحاصل بين القوى السياسية خلال المرحلة الأخيرة. ورأى أنه في حال لم تعاود الأطراف كافة الجلوس على الطاولة"سنمر بمرحلة خطيرة"، موضحاً أن"البعض اتجه نحو التقرب من المجلس العسكري والبعض الآخر يوجه انتقادات إلى سياساته، وهذا الانقسام سيؤدي إلى خسارة كبيرة لمصر".
ورفض عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان نائب رئيس حزبها، الحرية والعدالة، عصام العريان الانتقادات التي توجه إلى جماعته، نافياً حصول"استقطاب بين الاخوان المسلمين وشباب الثورة". واعتبر أن ما يحدث على الساحة السياسية هو"نتاج مخاوف تعتري القوى السياسية من سرقة أحد التيارات للثورة". ورأى أن من يوجهون الانتقادات إلى الاخوان المسلمين"هم أفراد لا يمثلون إلا أنفسهم، لكن علاقتنا بكل القوى السياسية والائتلافات الشبابية قوية ولدينا اتصالات معهم وحضور واسع في المناقشات والاجتماعات التي تعقد لبحث مستقبل البلد"، وأكد العريان ل"الحياة"أن"السيادة للشعب وحده ويمارسها عبر المؤسسات التي سينتخبها وليس عبر هيئات تتشكل بإرادة أفرادها"، داعياً من يريد أن يمثل الشعب"النزول من أبراجهم العالية إلى الشعب". وشدد على أنه"لدينا الثقة بأن تتجاوز القوى السياسية كل محاولات الوقيعة فيما بينها ... علينا أن نتجاوز تلك المرحلة فقد آن الأوان لأن تستجيب القوى السياسية بمختلف تيارتها إلى دعوة جماعة الإخوان بتشكيل قائمة ائتلافية تخوض بها الاستحقاق الاشتراعي المقبل محملة ببرنامج إنقاذ وطني". وأضاف:"لدينا ثقة في أنه إذا تشكلت تلك القائمة الائتلافية، ستتمكن من حصد غالبية برلمانية مريحة ومن ثم تشكل حكومة وحدة وطنية ملتزمة بتنفيذ برنامج لإنقاذ البلد". وتابع:"علينا أن ننتقل من موقع الذين يطالبون من السلطة، إلى أن نكون قادرين على تحمل مسؤولية تنفيذ مطالب الشارع".
الجيش وشباب الثورة
وعلى عكس التوقعات تحول مؤتمرا"الوفاق القومي"و?"الحوار الوطني"اللذان عقدا أخيراً في مصر إلى سجال بين السلطات الحاكمة وشباب الثوار بعد أن كان يفترض أن يساعد المؤتمران في التقريب بين الطرفين، لكنهما زادا الهوة بين الطرفين. واختص مؤتمر الحوار الوطني الذي ترأسه رئيس الوزراء السابق الدكتور عبدالعزيز حجازي بنقاش مستقبل العملية السياسية. وشهد انسحاب ائتلافات شباب الثورة اعتراضاً على دعوة منظميه قيادات سابقة في الحزب الوطني الديموقراطي المنحل، وخلافات ومشادات كادت تتحول لاشتباكات في افتتاحه وختامه. أما"مؤتمر الوفاق القومي"، فغاب عن مدعويه أي تمثيل لائتلافات الثورة. والمؤتمر كُلِّف بصياغة المبادئ الدستورية الجديرة بالاهتمام عند صياغة مواد الدستور الجديد الذي ستقوم بإعداده الجمعية التأسيسية بعد الانتهاء من إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وأدار الشباب ظهورهم لهذه الحوارات التي واجهت انتقادات شديدة لجهة إجرائهما بعد اتخاذ قرارات مهمة تتعلق بقوانين الأحزاب ومباشرة الحقوق السياسية. وقال الناطق باسم"ائتلاف شباب الثورة"خالد السيد ل?"الحياة"إننا ننظر إلى هذه المناقشات على أنها مجرد محاولة مفتعلة لإضفاء نوع من الديموقراطية على إدارة المرحلة الانتقالية، عبر الإيحاء بأن قوى مختلفة تتحاور حول مستقبل الوطن. وأشار إلى أن"الحوارات يفترض أن تجرى قبل إصدار القوانين المصيرية، حتى تضيف وتثري حال النقاش للوصول إلى أفضل التصورات لمستقبل البلد، لكن ما حدث كان العكس، إذ صدر قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية وقانون الأحزاب وبعدها بدأ الحوار، على ماذا نتحاور إذاً، ما قيمة الحوار بعد صدور القوانين وما مدى إلزامية ما سيصدر عنه من توصيات؟". واستغرب أن يعقد مؤتمر لمناقشة ملامح الدستور مع التأكيد أنه ليس بديلاً عن اللجنة التأسيسية لوضع الدستور المفترض أن يشكلها البرلمان المقبل. واعتبر أن هذه المؤتمرات"محاولات تجميلية لتحسين صورة الحكومة والمجلس العسكري بعد الفشل في إدارة الفترة الانتقالية، وهذه المحاولات التجميلية زادتنا تمسكاً بالضغط من خلال الشارع لتنفيذ مطالب الثورة".
واسترعى هذا الخلاف اهتمام المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية ومنهم المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي سعى إلى تحقيق حد أدنى من التوافق الوطني حول القضايا المطروحة على الساحة من خلال قيامه بالتعاون مع الكثير من قوى المجتمع بإعداد وثيقة لحقوق الإنسان تضم الحقوق الأصيلة لكل المصريين، التى لا يمكن الاختلاف عليها. ويفترض أن تتناول هذه الوثيقة كل الحقوق الأصيلة، التي يجب أن يتمتع بها المواطن المصري. وهو يسعى لأن تكون جزءاً أساسياً من الدستور بما يضمن عدم تعديلها أو المساس بها. ورأى نائب رئيس محكمة النقض المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية المستشار هشام البسطويسي أن عدم وجود سيناريو واضح ومتفق عليه بالنسبة للتحول الديموقراطي في مصر يمثل أحد المشاكل الرئيسة في المرحلة الانتقالية، معتبراً أن مصر تواجه مشكلة حقيقية تتمثل في الحاجة إلى إيجاد توافق بين المجلس العسكري والقوى السياسية خصوصاً شباب الثورة.
ولاحظ نبيل عبد الفتاح أن العلاقة بين الجيش وشباب الثورة لم تصبح كسابق عهدها عقب تنحي مبارك. وقال:"باتت هناك لعبة مدروسة ومعروفة بين المجلس العسكري والشباب، إذ يقوم العسكر قبل كل تظاهرة يتم الإعلان عنها في فضاء الانترنت باتخاذ مجموعة من الإجراءات الشكلية التي تبدو على أنها تنازلات أو تحقيق لمطاب الثوار مثل الإعلان عن التحقيق مع مبارك أو زوجته أو إحالته على محكمة الجنايات من أجل التقليل من الغضب لدى الشباب أو خلق حالة من التناقضات بينهم". وتوقع أن تحكم العلاقة بين الطرفين مستقبلاً مجموعة من الضغوطات والتجاذبات التي تتراوح بين اللين السياسي والشدة الأمنية، غير أنه أكد أن الفجوة بين الطرفين لن تتسع، إذ أن هناك مجموعة من المفكرين المتمردين من جيل السبعينات يحولون من خلال العمل مع الشباب دون وقوع أي تحرشات بين الجانبين أو حدوث أي هجوم من الشباب على السلطة الجديدة في البلاد. وشدد على أن الطرفين ليست لديهما رغبة في التصادم ويعيان أضراره على البلد"لكن جماعة الإخوان تدفع الجيش والحكومة إلى محاولة مواجهة هذه المجموعات الشبابية".
ولا تتوقع الناشطة إسراء عبد الفتاح أن تتطور الأمور لأن يرفع شباب الثورة شعار"الشعب يريد إسقاط المجلس العسكري". ويؤكد أن البلد في حاجة إلى وجود جنرالات الجيش في السلطة في هذه المرحلة الانتقالية". وقالت ل"الحياة":"نرفض الوصول إلى هذه المرحلة في شدة، وليس معنى توجيه انتقادات إلى قيادات المجلس العسكري أننا نرفض وجوده، لكننا نرفض إدارة شؤون البلد بانفرادية، إذ يجب أن يدار الحكم بمشاركة الشباب والشعب الذي قام بالثورة".
وترجح عبد الفتاح أن تنزل السلطة الحاكم عند"إرادة الشارع في المرحلة المقبلة، طالما ظللنا مصرين على مطالبنا"، معتبرة أن حشد الناس في ميدان التحرير كل جمعة هدفه"الضغط على الحكم لتنفيذ كل مطالب الثورة"، مضيفة:"مصرون على أن نكون جزءاً من الحوار". وانتقدت عقد جلسات للحوار الوطني بعد صدور الإعلان الدستوري وقوانين مباشرة الحقوق السياسية وشؤون الأحزاب ومجلس الشعب"، متسائلة:"هل الحوار تحصيل حاصل أم هدفه الوصول إلى رؤية مشتركة نحو المستقبل؟".
وبدا أن الجيش تدارك هذه الانتقادات، إذ طرح مشروع قانون لانتخابات مجلس الشعب الغرفة الأولى في البرلمان على النقاش المجتمعي للوصول إلى رؤية توافقية واضحة قبل إقراره. وتجنب المجلس طرح القانون في شكل منفرد مثل ما حدث في قانوني الأحزاب ومباشرة الحقوق السياسية، إذ اكتفى بطرح مقترح فقط وانتظار نتائج الحوار حوله لإقراراه.
وحرص الجيش على نفي اتهامه ب?"الانحياز"للإسلاميين. وشدد على أن القوات المسلحة تتعامل مع القوى الوطنية كافة من دون انحياز أو إقصاء لأي منها لتحقيق التوافق الوطني. وانتقد ضمناً حصول انقسامات بين القوى السياسية في مصر، داعياً إلى العمل على نبذ الخلافات وتوحيد الجهود والإيمان بأن الرأي النهائي دائماً للشعب وليس لأي طرف من دون الآخر، مؤكداً أن القوات المسلحة لن تنحاز إلا لمن يوافق عليه الشعب، من خلال صندوق الانتخابات، ولن تسمح لأي كان بالقفز على السلطة من دون موافقة الشعب. وحض القوى السياسية على الالتزام بمصالح مصر العليا، وإنكار الذات، مشدداً على أنه لن ينحاز إلا لمن يعبر الشعب في هذه المرحلة الحرجة والتاريخية، ويحقق له أهدافه في مستقبل مشرق وغد واعد تُؤمِّنه القوات المسلحة.
وأكد أن القوات المسلحة تتعامل مع كافة القوى الوطنية من دون انحياز أو إقصاء لأى منها لتحقيق التوافق الوطنى، مشيراً إلى أنه يعمل بكل جدية وإخلاص لإنهاء الفترة الانتقالية لتسليم البلاد إلى السلطة المدنية المنتخبة في شكل ديموقراطي من الشعب، مشدداً على أهمية التوافق الوطني بين كل القوى والأطياف السياسية للوطن على أي مطلب، ثم يتم عرضه على الشعب لاستكمال شرعيته، وأنه لن يتم فرض أي رأي بعينه على الشعب من دون موافقته عليه. وفي خطوة كان ينتظر أن تؤدي إلى تقارب بين العسكريين والشباب، دعا الجيش شباب الثورة إلى حوار حول رؤيتهم للمرحلة المقبلة. وطلب من كل ائتلاف تشكيل وفد يضم 10 من أعضائه لتمثيله في هذا الحوار.
غير أن الدعوة أثارت مزيداً من التباعد بين الجيش والشباب، إذ قاطع الحوار عشرات من ائتلافات الثورة الرئيسة بسبب ما اعتبروا أنه"غموض الدعوة وعدم وجود جدول أعمال معد مسبقاً لهذا الحوار"، كما أن ائتلافات أخرى من التي قبلت الدعوة أعلنت انسحابها من الحوار، معتبرة أن جلساته كانت أقرب إلى محاضرات من قادة الجيش عنها إلى جلسات حوار تناقش فيها هواجس الشباب. غير أن أعضاء في ائتلافات أعلنت مقاطعتها للحوار ورفضت ذلك القرار وأكدت أنها ستواصل الحوار مع الجيش ما سبب مزيداً من الانقسامات بين قوى الشباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.