الديوان ينعى الأميرة منيرة بنت محمد بن تركي    صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين يستعد لاستقبال الحجاج    الذهب يفقد بريقه والنفط فوق 80 دولاراً    رجال وسيدات أعمال يتنافسون على مقاعد اللجان القطاعية في غرفة أبها    فاطمة الغامدي تحصل على الماجستير في العلاقات العامة بتقدير ممتاز    اليوم.. التفويج "الأكبر" للحجاج من المدينة لمكة    وصول ضيوف خادم الحرمين من سوريا إلى مكة    السعودية ترحب بتبني مجلس الأمن لمشروع القرار الذي قدمته أمريكا بشأن الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة    المملكة ترحب بتبنّي مجلس الأمن الدولي الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة    "نجم" تعلن خطتها التشغيلية لموسم الحج 1445ه / 2024    «أبل» تستعد لإبهار العالم بتحديثات كبيرة في مؤتمر المطورين    الفرصة ما تزال مهيأة لهطول أمطار على مكة وجازان وعسير والباحة    «وزير الخارجية فيصل بن فرحان بحث مع لافروف الجهود المبذولة تجاه الأوضاع الإقليمية والدولية    حمزة إدريس مساعداً إدارياً في الاتحاد    بدء منع دخول المركبات غير المصرحة للمشاعر المقدسة    وزير الإعلام يدشن "ملتقى إعلام الحج" بمكة    بينالي الفنون الإسلامية 2025 بجدة    وزير الداخلية يتفقد المشاريع التطويرية في المشاعر    صّيف في الباحة تراها أروق    "الصحة": ارتفاع درجات الحرارة أكبر تحديات الحج    أمن الحج.. خط أحمر    «الدفاع المدني»: تجنبوا الزحام وراعوا كبار السن في المسجد الحرام    ربط رقمي لحوكمة إجراءات التنفيذ الإداري    مانشيني ل«عكاظ»: المنتخب سيذهب لكأس الخليج بالأساسيين    اللامي ل«عكاظ»: ناظر سيعيد العميد لطريق البطولات    إثراء يفتح باب التسجيل في مبادرة الشرقية تبدع بنسختها الخامسة    هل يصبح عمرو دياب منبوذاً ويواجه مصير ويل سميث ؟    تعزيز بناء الجدارات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بغرفة الشرقية    الرئيس التنفيذي للمساحة الجيولوجية يناقش التعاون الجيولوجي في كازاخسان    بأمر خادم الحرمين: استضافة 1000 حاج من ذوي شهداء ومصابي غزة استثنائياً    إلزام الجهات الحكومية بإضافة خدماتها في «توكلنا»    لميس الحديدي تخطت السرطان بعيداً عن الأضواء    "ميتا " تزوّد ماسنجر بميزة المجتمعات    أمير المدينة يوجه باستمرار العمل خلال أيام إجازة عيد الأضحى    وزير الداخلية يتفقد عددًا من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة    للمعلومية    نائب أمير مكة اطلع على المشاريع وخطط التشغيل.. المشاعر المقدسة.. جاهزية عالية لاستقبال ضيوف الرحمن    غزة.. مشاهد موت ودمار في «النصيرات»    كأس العالم للرياضات الإلكترونية يطرح الحزمة الثانية لتذاكر البطولة    أفضل أيام الدنيا    توفير الوقت والجهد    يتصدر بنسبة نمو 67 %.. " روشن".. قفزة نوعية في" السوشيال ميديا" عالمياً    مريضات السكري والحمل    استثمار الوقت في الأنشطة الصيفية    " نبتة خارقة" تحارب تلوث الهواء    إخراج امرأة من بطن ثعبان ضخم ابتلعها في إندونيسيا    أندية المدينة.. ما هي خططك للموسم القادم ؟    "نادي نيوم" يتعاقد مع البرازيلي رومارينيو    الحج.. أمن ونجاح    الرئيس المتهم!    خط أحمر.. «يعني خط أحمر»    البذخ يحتاج لسخافة !    ساحة المحاورة تحتاج إلى ضبط    لماذا يشعر المتبرعون بالسعادة ؟!    الدفاع المدني يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل "لا حج بلا تصريح" بجدة    نائب أمير الشرقية يطلع على أنشطة «تعاونية الثروة الحيوانية»    عرض عسكري يعزز أمن الحج    محافظ القريات يرأس المجلس المحلي للمحافظة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أوبك"... واستراتيجيات مواجهة الخطر !
نشر في الحياة يوم 13 - 09 - 2008

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، أخذت أسعار النفط مسيرتها المتسارعة نحو الانحدار شهراً بعد آخر، حتى خسرت أكثر من 30 في المئة، ومع هذا لم تتوقف الدول الصناعية التي تستهلك 75 في المئة من استهلاك العالم من هذه السلعة السحرية، لم تتوقف صيحاتها مطالبة"الأوبك"برفع الانتاج، وفي مقدم الدول المنادية برفع انتاج"الأوبك"، بل وتضغط باستمرار على المنظمة الولايات المتحدة الأميركية التي تستهلك 25 في المئة من الاستهلاك العالمي من النفط.
هذه الصيحات والنداءات جاءت على رغم أن السوق الدولية للنفط متخمة بالنفط الفائض عن الاستهلاك الباحث عن مشترين، بل إن الفائض في بعض الأوقات تجاوز مليوني برميل، ومع هذا فإن أسباب ارتفاع أسعار النفط قد توافرت من حروب وصراعات وتهديدات وفي مقدمها احتلال أفغانستان والعراق وغيرهما من الأسباب، كالمضاربات وأعمال التخريب للمنشآت النفطية والتنبؤات الخاطئة والكوارث الطبيعية... الخ! ومع الارتفاع المستمر للأسعار، انتهز المضاربون فرصة تذبب الأسعار ارتفاعاً وهبوطاً، فدخلوا السوق من بوابته الواسعة، بل إن بعضهم هجر بورصات الأوراق المالية واتجه إلى بورصات الذهب الأسود، لذا رأينا أن الأسعار على رغم الفائض الكبير في المعروض من النفط، تتجه للصعود صاروخياً حتى كسرت حاجز ال147 دولاراً للبرميل.
لكن الرياح لم تهب كما تشتهي السفن، فالأسعار بدأت تنحدر إلى أدنى بالسرعة نفسها تقريباً التي ارتفعت بها، فبدأت مسيرتها السريعة نحو النزول المستمر، حتى كسرت حاجز 100 دولار نزولاً وصدق عليها المثل القائل: ما طار طير وارتفع الا كما طار وقع! وأمام هذا الوضع الجديد، فان"الأوبك"لا تملك في جعبتها على مدى تاريخها سوى خفض الانتاج إذا تدنت الأسعار، وهذا ما فعلته في اجتماع وزراء المنظمة العادي ال149 في فيينا مساء الأربعاء الماضي، لمواجهة التدني الخطر في أسعار نفوطها.
"الأوبك"تعلم علم اليقين أن سوق النفط الدولية يزيد فيها المعروض من النفط عن الطلب، وتعلم أيضاً أن بعض الدول وفي مقدمها أميركا وضعت خططاً استراتيجية لخفض استهلاكها من النفط، من هنا فإن المنظمة سارعت للدفاع عن الأسعار بخفض الانتاج! وكان بإمكان"الأوبك"أن تكون في وضع أقوى لو أنها اتخذت قرار خفض الانتاج عندما كانت الأسعار تتجه بسرعة من 120 دولاراً صعوداً إلى 147 دولاراً، لتحافظ على الأسعار ما بين 115 دولاراً و125 دولاراً لفترة أطول تستطيع من خلالها ترتيب أوراقها. وعلى رغم أن"الأوبك"اتخذت قراراها بخفض انتاجها بواقع 520 ألف برميل يومياً، وهذا يعني العودة إلى حصص أيلول سبتمبر 2007 أي ما يعادل 28.8 مليون ب/ ي من دون اندونيسيا التي رحلت عن المنظمة، هذا الخفض الرمزي اعترضت عليه بشدة واشنطن، بل ووكالة الطاقة الدولية التي تدعي أن أسعار النفط مازالت مرتفعة، وان هذا يلحق ضرراً بالاقتصاد العالمي وتطالب"الأوبك"كالعادة برفع سقف انتاجها!
وعلى الجانب الآخر فان الدول خارج الأوبك التي تستحوذ على نصيب الأسد من سوق النفط الدولية نحو 56 مليون ب/ي على رغم أن احتياطيها النفطي لا يتجاوز 20 في المئة من مجمل الاحتياطي العالمي المؤكد، هذه الدول تراقب انتاج الاوبك، فكل برميل تتخلى عنه المنظمة الذي لا يتجاوز انتاجها 40 في المئة من مجمل الانتاج العالمي، فان الدول خارجها تقتنص الفرص لانتاج كل برميل تستطيع انتاجه.
والمنظمة التي أصبحت تضم 12 عضواً ستعقد اجتماعها الاستثنائي في ال17 من كانون الأول ديسمبر المقبل في الجزائر، واجتماعها العادي ال 150 في شهر آذار مارس من العام المقبل في فيينا، أصبحت اليوم في مرمى الخصوم، ولم تجد وسيلة للدفاع عن هبوط الأسعار سوى خفض الانتاج الذي كان قبل هذا الخفض الجديد باستثناء العراق بحدود 29.67 مليون ب/ي، ومن هنا فانه تبقى عليها مراقبة السوق البترولية الدولية التي تمر باستقرار مشوباً بالحذر الشديد، وسط تفاعلات وصراعات دولية معقدة سياسية واقتصادية وعسكرية ونذر حرب باردة دولية جديدة، بدأت رحاها تبدو واضحة بالفعل. وعلى كل حال فان هذا الخفض الجديد للانتاج لن يمثل عصا سحرية لرفع أسعار النفط، فهو خفض رمزي. ولذا فإن الأسعار قد تستمر في تدنيها النسبي، ويبدو ذلك واضحاً في أسعار العقود الآجلة لمزيج برنت الذي انخفض أكثر من دولارين الأربعاء الماضي مسجلة ادنى مستوى لها لأكثر من خمسة أشهر على رغم قرار الاوبك خفض انتاجها، أما عقود برنت تسليم تشرين الثاني نوفمبر فقد هبطت اسعارها إلى 98.31 دولار للبرميل، وانخفض سعر سلة خامات اوبك الثلثاء الماضي إلى 98.49 دولار للبرميل من 101.08 دولار وهو السعر الذي سجله الاثنين الماضي.
هذه الانخفاضات الحادة في أسعار النفوط يدعم انخفاضها في المستقبل توقعات وكالة الطاقة الدولية بخفض الطلب العالمي على النفط، فالوكالة وهي المعنية بالدفاع عن مصالح الدول المستهلكة للنفط خفضت توقعاتها للطلب العالمي على النفط لعام 2008 إلى 86.8 مليون ب/ي وعام 2009 إلى 87.6 مليون ب/ي.
ومن استراتيجيات مواجهة الخطر، كما نوهنا ضرورة الالتزام بسقف الانتاج كما تعهد اعضاء المنظمة فهو ضرورة وليس ترفاً، وعلى الجانب الآخر استمرار مسيرة الحوار بين الأوبك والدول المستهلكة التي تمثلها وكالة الطاقة الدولية، فالدول الصناعية تقع عليها مسؤولية جلب الاستقرار للسوق النفطية بقدر مسؤولية المنتجين في الحاضر والمستقبل، خصوصاً في ما يتعلق بعنصر السعر الذي تتجاهله الدول الصناعية المستهلكة ودائماً ترفض طرحه بشكل مباشر وتطالب الأوبك برفع انتاجها. كما أن الحوار بين الدول المنتجة للنفط أعضاء الأوبك والدول المنتجة خارج الأوبك يعد ضرورة تستند إليها آلية خلق سوق نفطية دولية آمنة ومستقرة في الحاضر والمستقبل المنظور بشكل مقبول لكل أطراف المعادلة المنتجين والمستهلكين. وتعد خطوة الحوار مع روسيا التي شارك نائب رئيس وزرائها ابجور ستيشن في اجتماع أوبك الأخير، تعتبر مهمة، خصوصاً أن روسيا دولة كبرى منتجة تأتي بعد السعودية في حجم انتاجها، وقدم وفدها للمؤتمر الأخير مذكرة تفاهم بشأن التعاون المستقبلي مع المنظمة، وقال الأمين العام لأوبك عبدالله بدري للصحافيين عقب الاجتماع:"ان المنظمة مستعدة للنظر في مذكرة التفاهم، وسنحاول ان نرى كيف يمكننا التعاون من خلال تلك المذكرة"، وذكر في معرض حديثه انه سيسافر إلى موسكو مع خبراء في أوبك لعقد ورشة عمل مشتركة بشأن قضايا السوق والعرض والطلب.
ومن جانبها، قالت وزارة الطاقة الروسية في بيان أصدرته الأربعاء الماضي أن روسيا ترغب في اجراء حوار دوري مع أوبك. والتنسيق بين الأعضاء في مواقفهم، ووضع استراتيجيات مستقبلية تقرأ مستقبل سوق النفط بدقة وشفافية وعلمية، ومواصلة مسيرة الحوار مع كل اللاعبين في سوق النفط الدولية يخلق قوة المنتجين في مواجهة المستهلكين... فلا حوار من دون قوة!
* مفكر سعودي - رئيس مركز الخليج العربي للطاقة والدراسات الاستراتيجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.