تشيلسي يتعاقد مع مدافع فولهام أدارابيويو    مركز التنمية الاجتماعية في جازان يقيم برنامج "فرحة طفل"    مجمع الملك سلمان للغة العربية يُكرم الفرق الفائزة في تحدي "برمجان العربية"    سدايا" تحصل على شهادة مواصفة الآيزو "iso 42001" العالمية    زيادة مقاعد برنامج "طب الأطفال" بتجمع القصيم الصحي إلى 100 متدرب    خلافات داخل مجلس الأمن حول مشروع أمريكي لوقف النار في غزة    اعلان سعر طرح أسهم أرامكو النهائي للاكتتاب 27.25 ريالاً    المفتي: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح.. «يأثم فاعله»    وكيل سعود عبد الحميد يُعلن كواليس رحيله عن الاتحاد    الأحمدي يكتب.. في مثل هذا اليوم انتصر الهلال    الجيش الأمريكي: تدمير 8 مسيرات تابعة للحوثيين في البحر الأحمر    ماكرون يتعهد بتقديم مقاتلات ميراج إلى أوكرانيا    وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    ابتداءً من اليوم.. حظر دخول واستخدام أسطوانات الغاز المسال بالمشاعر المقدسة خلال حج عام 1445 ه    الفريق سليمان اليحيى يقف على سير العمل بصالات الحج بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة    جمعية تعلم ومركز إشراقة يختتمان الدورة الشرعية الثامنة لنزلاء سجن المدينة    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    أغنيات الأسى    كسر العظام للفوز بالكعكة!    الحقيل يفتتح مركز دعم المستثمرين بالمدينة المنورة ويتفقد عدداً من المشاريع البلدية    لاعبون بكلية مزروعة    الصيف الساخن يعكر نومك.. 3 نصائح تساعدك    هل نجح الفراعنة في علاج سرطان المخ قبل 4 آلاف عام؟    "ابن نافل" يسعى لكرسي رئاسة الهلال من جديد    "الأخضر" يتغلب على باكستان بثلاثية ويتأهل للمرحلة النهائية لتصفيات مونديال 2026    "بوليفارد رياض سيتي" و" أريناSEF " تستضيف كأس العالم للرياضات الإلكترونية    وفد من مجموعة البنك الدولي يزور هيئة تقويم التعليم والتدريب    وزير التعليم يرعى جائزة الفالح للتفوق العلمي والإبداع    "الأخطبوط" عبادي الجوهر.. "أرينا" أكبر تكريم والسعودية نعمة    "الأرصاد": موجة حارة على منطقة المدينة المنورة    مع التحية إلى معالي وزير التعليم    البريكان الأعلى تقييماً في فوز الأخضر على باكستان    الاتفاق يُحدد موقفه من فوفانا وجوتا    الركن الخامس.. منظومة متكاملة    انطلاق فعاليات الهاكاثون المصاحب للمنتدى الأول للصحة والأمن في الحج    فضائل الدول الصناعية وعيوب من عداها    «التحيّز».. الداء الخفي    قرض تنموي سعودي بالسلفادور ب83 مليون دولار    عمارة الحرمين.. بناء مستمر    بحضور وزير الاستثمار ومحافظ الزلفي.. وزير التعليم يرعى حفل جائزة الفهد لحفظ القران    أشهُرٌ معلومات    كيف تبني علامة تجارية قوية عبر المحتوى ؟    كوبا تعلن أن غواصة نووية روسية سترسو في هافانا الأسبوع المقبل    القطاع الخاص والاستثمار في الفضاء الخارجي    وزير التعليم يتفقد القطاع التعليمي بمحافظة الزلفي    حفلات التخرج.. من الجامعات إلى رياض الأطفال    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تدشن مسرحها الجديد بأحدث التقنيات المسرحية    وقوف امير تبوك على الخدمات المقدمة في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    نجاح فصل التوأم السيامي الفلبيني "أكيزا وعائشة" بعد عملية استغرقت 5 ساعات    أمير القصيم يقف على جاهزية مدينة حجاج البر    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    "العُلا" سحر التنوع البيئي والتراث    انطلاق أيام البحر الأحمر للأفلام الوثائقية    وزير الدفاع يبحث مع العليمي مساعي إنهاء الأزمة اليمنية    رئيس الشؤون الدينية يدشن دورة "هدي النبي في المناسك"    نائب رئيس جامبيا يزور المسجد النبوي    المملكة تدين اقتحام عدد من المسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأعضاء الكنيست ومستوطنين متطرفين للمسجد الأقصى    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمهله 6 أشهر لإظهار حسن النيات . الأردن استقبل المالكي وفشل في انتزاع ديونه
نشر في الحياة يوم 20 - 06 - 2008

حصد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مكاسب سياسية راهنة من زيارته الأردن قبل أيام على حساب مملكة لم تنتزع أكثر من موافقة مبدئية على تجديدٍ لثلاث سنوات، لاتفاق نفطي ظل مجمداً منذ إبرامه عام 2006 بدلاً من تقديم تخفيضات مجزية كانت تسعى إليها المملكة لسد عجز موازنتها.
لم تساهم زيارته الأولى لعاصمة عربية منذ أشهر في حلحلة ملف الديون العراقية المستحقة للبنك المركزي الأردني أو توفير دعم مالي مباشر للخزينة لإعانة عمان على تحمل أعباء استضافة نصف مليون عراقي لجأوا إليها هرباً من الاقتتال الطائفي ليضغطوا على البنى التحتية والخدمات الصحية والتعليمية.
نتائج الزيارة لم تفاجئ الحكومة التي خفّضت من سقف توقعاتها قبل قدومه يوم الخميس ضمن جولة إقليمية بدأها في إيران، حيث سمع معارضة شديدة لمسعى توقيع معاهدة استراتيجية طويلة الأمد مع أميركا بما فيها ملاحق أمنية تنظّم إقامة القوات الأميركية وتحركاتها من قواعد عسكرية.
لكن على رغم أجواء التشاؤم الاستباقية، عملت عمان، بحسب مسؤولين فيها، المستحيل لتعبيد الطريق عبر الموافقة على تعيين سفير لها في بغداد مع وجود تحفظات كثيرة على سياسة حكومة المالكي الطائفية وتركيبتها الميليشيوية، بمن فيها من أحزاب وقوى موالية لإيران، وفشلها في تحقيق المصالحة الوطنية من خلال إعطاء دور أكبر للسنة، وعدم التزامها تفاهمات ثنائية وقعت سابقاً.
عمان أعلنت نيتها إرسال سفير على رغم معارضة بعض النواب في مجلس الأمّة وقبل الحصول على أجوبة عن سبعة أسئلة كانت واشنطن قد طلبتها من بغداد قبل أسابيع"كثمن"لإقناع عمان باستقبال المالكي.
وبحسب مسؤولين، كانت عمان تريد من بغداد تمديد اتفاقية تزويده بالنفط الخام لغاية 2011 لتلبية ثلث احتياجات الأردن من النفط 100 ألف برميل يومياً بسعر أقل بكثير مما اتفق عليه قبل عامين 18 دولاراً للبرميل، ما يمكن أن يساعد المملكة على تحقيق وفر لدعم الخزينة.
لكن المالكي أبقى الأسعار السابقة ذاتها ما يعني ان الوفر المتحقق سيذهب فارق كلفة نقل النفط بشاحنات، إضافة إلى تأمين الأمن والحماية.
وطالبت المملكة العراق بدفع 100 مليون دولار مباشرة للخزينة عن عام 2007 لدعم إنفاقها على الوافدين العراقيين مع تنامي أزمة معيشية داخلية بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبترول وشح المياه. لكن بغداد، بحسب مسؤولين ودبلوماسيين، رفضت الطلب قبل الزيارة بيومين وقررت تحويل مبلغ 8 ملايين دولار لصندوق أممي يرعى العراقيين في الأردن. وقالت ان بإمكان العراقيين الذين يرغبون في العودة الى بلادهم الاستعانة ببرنامج تابع لوزارة المهاجرين والمهجرين العراقية التي رصدت 195 مليون دولار بهدف مساعدة حوالى 5 ملايين عراقي بين نازح ومهجر.
ورفض الأردن طلباً رسمياً بشطب ديونه المستحقة على الحكومة العراقية والبالغة 1350 مليون دولار أسوة بالمجتمع الدولي، لاسيما دول نادي باريس لتوفير مصادر مالية لتمويل جهود اعادة إعمار العراق. وقرر الجانبان العراقي والأردني تشكيل لجنة وزارية مشتركة لدراسة مستحقات القطاع الخاص على الحكومة العراقية لقاء خدمات. وما زالت عمان تصر على استبدال الديون بالنفط، إن لم يكن نقداً.
وقاوم إصرار الجانب العراقي على إلغاء العمل بنظام التأشيرات المسبقة لمواطنيه والذي اعتمد الشهر الماضي بناء على طلب سابق للحكومة العراقية بسبب شكاوى من انتقائية تمارس في قبول الطلبات وتأخر عملية إصدارها من عمان.
وعرض الجانب العراقي خططاً لتأسيس خطوط لنقل النفط الخام والغاز المسيّل إلى المملكة بناء على طلب الأردن. وأعلن أنه يريد ضمان دور للأردن في جهود إعادة بناء العراق إذ سيعمل على إزالة المعوقات الاستثمارية أمام رجال الأعمال الأردنيين. لكنه لم يلتزم بشيء على أمل تشكيل لجان فنية على مستوى وزاري لمتابعة تنفيذ هذه الوعود.
وقال أحد المسؤولين إن"الأردن أعطى العراق الكثير ... عيّن سفيراً واستقبل المالكي في اول عاصمة عربية منذ فترة". لكن في المقابل لا توجد مؤشرات على الأرض بأن"المالكي يقدر ذلك أو يقدر الدور الذي يلعبه الأردن في حماية الحدود مع العراق وفي الإصرار على إدماج السنّة في العملية السياسية، وفي مقاتلة عناصر تنظيم"القاعدة"داخل المناطق الحدودية نيابة عن العراق وفي فتح أبوابه لنصف مليون عراقي وتحمّل تبعات ذلك من الناحية الاقتصادية والديموغرافية والأمنية". وأضاف:"يبدو ان المالكي لا يرى ان الأردن يوفر مقومات مغرية لكي يعمل المستحيل لإرضائه".
لكن يبقى من السابق لأوانه التوصل إلى أحكام قطعية في شأن مستقبل العلاقات بين بغداد وعمان بعد الزيارة التي يصر المالكي ونظيره الأردني نادر الذهبي على وصفها"بالودية"قبل الشروع فعلياً في تنفيذ الوعود السياسية والاقتصادية التي قطعها الطرفان في سعيهما الى فتح صفحة جديدة بعد سنوات من تنامي الشكوك المتبادلة في أعقاب احتلال العراق عام 2003 وتمدد النفوذ الإيراني في الإقليم.
لكن عمان تقول إن أمام المالكي ستة أشهر لإظهار حسن النيات قبل أن تعيد تقييم استراتيجيتها نهاية 2008 مع انتهاء ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش وظهور نتائج الانتخابات التشريعية في العراق، والتي يريد المالكي العودة من بوابتها الى رئاسة الوزراء.
الحكم على جديّة التعهدات، خصوصاً في ظل وجود تجارب سابقة لم تنجح، يتطلب بعض الوقت لقطع الشك باليقين. أما اليوم فالبلدان في حاجة إلى شراء الوقت لتحديد مستقبل علاقتهما الثنائية في شرق أوسط جديد قائم على شراكة متداخلة ? متوازية -متناقضة تعزّز بمجملها من نفوذ أميركا وإيران وتركيا. علماً ان الأردن والعراق يسعيان الى الحفاظ على توازن في العلاقات مع العمق الإقليمي ومع العالم.
الأردن، الذي يواجه ضغوطاً اقتصادية بسبب عجز الموازنة واحتقاناً سياسياً بسبب فشل رهانه على"إلهام"الرئيس بوش حيال تحقيق دولة فلسطينية مستقلة مع نهاية 2008، عليه مجاراة حليفه الأميركي الذي سيوفر له 660 مليون دولار هذا العام مساعدات اقتصادية وعسكرية ضمن علاقات استراتيجية سياسية وأمنية قوية.
وهو، بحسب مسؤولين، مستعد لأن يعطي المالكي فرصة أخرى على أمل إخراج معادلة العلاقات مع العراق من البعد الأمني الضيق إلى الفضاء الأوسع، ومن خلال تنمية علاقات ثنائيه بنيوية بمحرك اقتصادي، لا تهتز بسبب خلافات سياسية ناتجة من مواقف متناقضة. فمصلحته الاستراتيجية تتحقق من خلال وحدة أراضي العراق واستقراره.
واشنطن تلهث، من جانبها، وراء تسجيل نجاح ما ولو شكلياً لتعظيم فرص المرشح الجمهوري جون ماكين في الانتخابات الرئاسية. تضغط على دول عربية مؤثرة مثل الأردن وسورية والسعودية، لتوفر دعماً سياسياً، من خلال إرسال سفراء وشطب ديون قديمة، لحكومة تصر انها تحاول بسط السيطرة الأمنية وتحقيق المصالحة الوطنية والتحضير لإجراء انتخابات محلية وتشريعية. وهي لا تريد أن تعرقل الدول العربية المجاورة للعراق اتفاق الإطار الاستراتيجي واتفاق وضع القوات وملاحقها الأمنية الإشكالية.
اما المالكي، الذي يواجه وضعاً داخلياً متأزماً حول المعاهدة الإستراتيجية مع أميركا، فيحاول شراء الوقت ليحسّن شروط التفاوض بما يرضي الأطراف الثلاثة المهمة في معادلة بقائه أميركا وإيران والدول العربية، بحسب ما يقول سياسيون وديبلوماسيون في عمان.
ويقول زير خارجية أردني أسبق، رفض ذكر اسمه:"يبدو ان المالكي اليوم يختلف كثيراً عن المالكي في بداية عهده، إذ يمر بمرحلة جديدة قائمة على براغماتية مدفوعة برغبة قوية للبقاء في السلطة ولو على حساب مصالح العراق الوطنية"، لذا، يلعب للحفاظ على توازن علاقاته بالولايات المتحدة وإيران"حليفين-عدوين يختلفان عقائدياً وسياسياً واستراتيجياً، ويسعى الى بناء تحالفات داخلية مع قوى لم تكن تعني له الكثير سابقاً.
فالمالكي وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه مع قوى شيعية أساسية، وهو يريد أن يحافظ على دعم الرئيس الأميركي من خلال المعاهدة، لتطويق سياسة خلفه حيال العراق.
كما يسعى إلى توسيع خياراته والابتعاد عن فلك إيران قليلاً، وربما تكتيكياً ومرحلياً فقط، لأن الأخيرة باتت تفضل استعمال العراق بيدقاً على رقعة الشطرنج في المناورات الإستراتيجية لصوغ نظام أمني إقليمي يضعها في كرسي القيادة.
وأبلغ المالكي الأردنيين أن التوصل إلى اتفاق يواجه عقبات كثيرة إذ أن الأفكار العراقية مرفوضة أميركياً وبالعكس. لكن ديبلوماسيين عرباً وأجانب يؤكدون انه سيستمر في المفاوضات مع واشنطن على أمل تقليص الصلاحيات التي تطلبها واشنطن من خلال الاتكاء على جبهة داخلية منقسمة وتصريحات متضاربة للمسؤولين العراقيين.
فالمعاهدة، من وجهة نظر المالكي، تبقى قراراً سيادياً بين دولتين."والعراق الجديد يريد علاقات جيدة ومتوازنة مع عمقيه العربي والفارسي"."ومن حق دول الجوار أن تطمئن أن لا قواعد أميركية دائمة". وپ"العراق، يضيف المالكي، لن يكون منطلقاً للأعمال العدائية ضد دول الجوار، وهذه عملية علنية وشفافة بلا ملاحق أو بروتوكولات سرية".
أحد المسؤولين في الأردن يرى أن وضع"المالكي صعب لأن عليه التفاوض مع أميركا لإنجاز المعاهدة، وفي الوقت نفسه عليه أن يبعد الضغوط الإيرانية قليلاً. لذا يحاول أن يحسن علاقاته مع العمق العربي خصوصاً مع دول الاعتدال التي ترفضه بسبب سياساته وأجندته التي تضع مصالح إيران وأميركا فوق مصالح العراق وباتت تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي". وخلص إلى القول:"انها رقصة توازنات ثلاثية صعبة لكن عنوان اللعبة بقاء المالكي وحكومته في السلطة الآن ومستقبلاً".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.