جميل ان يخصص يوم في السنة للاحتفاء بالأديب الكويتي وتكريمه. وهذه بادرة طيبة نتمنى ان تستمر. ان المحتفى به اليوم أديب يستحق التكريم ويستحق الذين كرموه كل الشكر والتقدير لجهودهم واهتمامهم. اعتدنا - ومع الأسف - ان نكرّم أدباءنا ونكتب الشهادات عنهم بعد رحيلهم، فلا نحن بعد ان نفقدهم نكون سعداء، ولا هم سيقرأون ما نكتبه ويسعدون به، لذلك تأتي أهمية هذا التكريم لأنه يتم في حياتهم، ويشعرهم بتقدير المجتمع لهم ولأعمالهم. وحين نقدم شهادة فيهم، فنحن لا نكتب عنهم بل نكتب لهم، فيعرفون كم هي مكانتهم في قلوبنا وبالطبع يسعدهم هذا. والمحتفى به اليوم واحد من ادبائنا الذين تعددت عطاءاتهم، فهو أديب ومسرحي وكاتب قصة، وهو ايضاً اداري متميز للشؤون الثقافية. كان لأعوام طويلة مديراً لادارة الثقافة والفنون في المجلس الوطني. وهو الآن الأمين العام لمؤسسة البابطين التي نعرف كلنا دورها المهم في الثقافة. اما على الصعيد الانساني فهو صديق وفيّ أعتزّ بصداقته. لذلك يكون من الصعب ان أكتب عنه وأعدّد مزاياه، وسأكتفي بالحديث عنه أديباً وكاتباً. ولا يخلو الأمر من عتب عليه. عرفته أول ما عرفته مسرحياً عام 1971 بعد عرض مسرحية"ضاع الديك"، ويومها تمنيت ألا تضيع"ديوكه"ويستمر في الكتابة للمسرح، لكنه توقف على رغم تميزه في ثلاثة اعمال اخرى كان لها صدى جميل ونجاح باهر. من هنا أعتب عليه. عرفته أديباً وكاتب قصة، أصدر مجموعته الأولى"دموع رجل متزوج"وقد أثارني العنوان في حينه: هل حقاً يبكي الرجال المتزوجون ام هم الذين يُبكون المرأة؟ كانت مجموعة من القصص المتميزة جعلتني أتمنى ان تستمر دموع قلمه في الهطول، لكنه بخل علينا بدموعه وظلت دموع رجله الاول مجموعة يتيمة ما زلنا نعتب عليه ونتمنى للمجموعة إخوة جدداً. عرفته ادارياً في المجلس الوطني بحكم ترددي على ادارة الثقافة. كان يتفانى بعمله وبضمير حيّ يشهد له بذلك كل من عرفه. كنتُ حين أدخل الى مكتبه وأراه غاطساً في المسؤوليات، أشفق عليه من العمل الذي يلتهم كل وقته ولا يترك له فرصة للخروج من الدائرة الضيقة الى دائرة إبداعه الحقيقي الاكثر اتساعاً في مجال القصة والمسرح. لكنه يبدو ? او هكذا أحسه أشبه بالرجل المخلص الذي لا يؤيد الجمع بين زوجتين. اما العمل الاداري، او الكتابة، فما زلت أتمنى لو يطلِّق الأولى الادارة ويتمسك بتلابيب الثانية الكتابة. وأظن... بل أنا متأكدة من انه مهما هجرها سيعود اليها لأنها الحافظة نُطفاً إبداعية كثيرة بانتظار هبوب النسمات اليها لتجنب المواليد المتلاحقة. هناك ميزات جميلة يتحلى بها هذا الأديب الصديق: أدبه وتهذيبه الكبيران واحترامه لكل زملائه وأصدقائه حتى وإن اختلف مع بعضهم الا انه لا يلجأ الى وسائل التشهير والنميمة، فهو عفّ اللسان، عاف عن الأذى. وقد لا يعرف عنه الكثير او البعض، انه على رغم ملامح وجهه الجادة وجديته في العمل، يمتاز بخفة ظل كبيرة وروح مرحة تسعد من يجالسه ويسمعه وتبدو هذه الروح احياناً في بعض كتاباته. الصديق عبدالعزيز السريع، أهنئك بيوم تكريمك. وأشكر من كرّمك. فأنت تستحق هذا التكريم. وتستحق منا ان نقول الكثير. لكن الوقت لا يسمح الا بالقليل. وما هذه الكلمة مني سوى رشة عطر في ربيع دافئ، ورشفة ماء في قيظ لافح إم لم ترو فقد تطفئ بعض الظمأ. فهل تقبلها من"أبلتك"كما تناديني لتثبت أنك أصغر مني عمراً؟ أما مقامك فهو كبير في ساحتنا الثقافية وفي قلوبنا. * ألقت الروائية ليلى عثمان هذه الشهادة في الاحتفال الذي أقامته جامعة الكويت تكريماً للكاتب.