منذ أيام والجامعات العراقية تعيش حال تذمر بين صفوف الطلبة بعد قرار وزارة التعليم العالي تطبيق"الزي الموحد"في الجامعات والمعاهد العراقية. القرار حظي بمباركة الهيئات التدريسية التي وجدت فيه عودة للانضباط الجامعي وسلوكاً ملائماً لإلغاء التمايز الطبقي بين الشباب الجامعيين، لكنه في الوقت ذاته تسبب في حال تذمر واسعة بين الطلبة لا سيما طلبة الدراسات المسائية الذين ينتمون الى مختلف الأعمار و بعضهم مسنون وجدوا في الدراسات المسائية فرصة ملائمة للحصول على الشهادة الجامعية. وتقول هناء يوسف 37 سنة، وهي طالبة في المرحلة الرابعة في كلية الإعلام - قسم الصحافة:"تطبيق القرار على طلبة الدراسات الجامعية، ليس بالأمر المنصف وطلبة كلية الإعلام في جامعة بغداد قدموا اعتراضاً إلى الجامعة حول تطبيق الزي ورفضوا الالتزام به أثناء الدوام". وتضيف هناء، وهي موظفة في وزارة التخطيط العراقية:"اضطررت في الأيام الأولى إلى تبديل ملابسي في داخل الحمامات في الوزارة والخروج بالزي الموحد إلى الجامعة". وتؤكد أن هذه الحال تنطبق على غالبية الموظفين الذين يغادرون من مواقع العمل إلى جامعاتهم والذين يضطرون إلى جلب ملابس الزي معهم وارتدائها داخل مواقع العمل قبل الخروج للجامعة. هناء تجد أن تطبيق الزي الموحد على طلبة الدراسات الصباحية يبدو أكثر منطقية من تطبيقه على الدراسات المسائية بسبب الفوارق العمرية بين الطلبة في الدراستين والتي تصل في أحيان كثيرة إلى أكثر من ثلاثين سنة. وتقول إن غالبية طلبة الدراسات المسائية تتراوح أعمارهم بين 30 و65 سنة وفرض الزي الموحد على هذه الأعمار"أمر غير مقبول في الوسط الجامعي ما دفع الطلبة إلى الاحتجاج على القرار وتقديم طلبات جماعية إلى عمداء الكليات ورئاسة الجامعة حول رفض تطبيق الزي". أما فيحاء مهدي 22 سنة وهي طالبة في كلية الفنون الجميلة فتجد أن تطبيق الزي الموحد"تدخل في الخيارات الشخصية للشباب، ويحرم الفتيات من ارتداء الموديلات والألوان التي تتناسب مع أذواقهن"، وترى أن الجامعة هي المتنفس الوحيد للتأنق وارتداء الأزياء بسبب الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد والتي حرمت الشباب من الكثير من حقوقهم المشروعة وان فرض الزي سيعيق حرية الفتيات في شكل كبير. ولا تخفي فيحاء انزعاجها بعد شرائها كميات كبيرة من الملابس أملاً بارتدائها داخل الجامعة لكن فرض الزي الموحد أطاح مخططاتها. ويبدو الشباب أكثر قبولاً للزي الموحد على رغم اعتراضهم على تحديد الألوان وحصرها باللونين الأبيض والرمادي. ويؤكد بشار عمر ان تطبيق الزي الموحد في الجامعات يجعلها أكثر اتزاناً، ويقول إن الشباب والفتيات حوّلوا الجامعات إلى مواقع لعروض الأزياء وارتداء آخر تقليعات الموضة ونسوا أنها روافد للعلم وليست منتجعات ولا مرافئ سياحية. ويناصر بشار قرار فرض الزي على رغم قلة مناصريه ويعتبر"انه يلغي أية فوارق اجتماعية أو طبقية بين الطلبة ويشعرهم بالانتماء الموحد إلى المكان ذاته"، لكنه يقول إن تطبيق القرار يبدو أكثر صعوبة وان الحرس الجامعي يحاولون فرضه بالقوة من خلال منع الطلبة الذين لا يرتدون الزي من دخول الجامعات. ويجد غالبية الطلبة أن حال التذمر العام في الأوساط الجامعية قد تؤول في النهاية إلى إطاحة القرار مثلما حدث قبل ثلاثة أعوام حينما حاولت الوزارة فرض الزي الموحد على الطلبة باستخدام القوة لكن حال التدهور الأمني في ذلك الوقت أطاحت المشروع في بداياته. نشر في العدد: 16656 ت.م: 10-11-2008 ص: 27 ط: الرياض