وزير الثقافة يهنئ القيادة بنجاح موسم الحج    المملكة تحقق المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني    "البيئة": مسالخ الرياض استقبلت في ثالث أيام العيد 13.235 ذبيحة    بنك التنمية الاجتماعية يختتم مشاركته في قمة اتحاد رواد الأعمال الشباب لمجموعة العشرين في البرازيل    أمير المدينة المنورة يقف ميدانياً على منظومة العمل في المسجد النبوي    نائب أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح موسم الحج    الكشافة تُسهم مع قوة أمن الحرم المكي في إدارة الحشود    خادم الحرمين وولي العهد يتلقيان التهاني بنجاح موسم الحج    نائب أمير منطقة مكة يعلن نجاح الحج لهذا العام ١٤٤٥ ه .    أمير منطقة تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح موسم الحج    «هيئة الطرق»: الخط المدني يُزيّن طرق المدينة المنورة    السعودية للكهرباء تعلن نجاح خطتها للحج وتسجل أحمال قصوى تاريخية    نجوم «روشن» يتألقون في يورو 2024    المفتي: ما رآه العالم من واقع فريد في الحج خير شاهد على ما تقوم به الدولة وقيادتها في خدمة ضيوف الرحمن    فتح القبول لحملة الثانوية للالتحاق بالكلية الأمنية    القيادة تتلقى التهاني بنجاح موسم الحج    حجاج بيت الله الحرام المتعجلون يبدأون في مغادرة مكة بعد طواف الوداع    بطلة التايكوندو العالمية دنيا أبوطالب رابعة العالم    جمعية "كبار السن" تزور وتعايد كبار السن المنومين    بعثة القادسية تصل إسبانيا    أمير الرياض ونائبه يهنئان القيادة الرشيدة بمناسبة نجاح موسم الحج    حاكم الفجيرة وولي عهده يهنئان خادم الحرمين الشريفين بنجاح موسم حج هذا العام    دعوا إلى انتخابات جديدة ..متظاهرون يطالبون بإسقاط حكومة نتنياهو    مصرع 11 شخصًا في الأمطار الغزيرة بالسلفادور    17 شهيداً في غزة.. الأمم المتحدة: الوضع في غزة «جحيم»    رئيس الوزراء بجمهورية النيجر يُغادر جدة بعد أدائه مناسك الحج    بوتين يعين ثلاثة نواب جدد لوزير الدفاع    حاجة مغربية سبعينية تستعيد القدرة على المشي بعد استبدال مفصل الورك بتجمع مكة الصحي    أعياد المناطق.. تراث وعروض وسياحة    الطبقة الموسيقية الدولية: أداة توحيد للعزف والغناء    النفط عند أعلى مستوى خلال أسابيع    أمطار بمعظم المناطق.. وأجواء حارة بالمشاعر    البرلمان العربي يدعو لتكثيف الجهود وتكاتف المنظمات الدولية للحد من خطاب الكراهية    جامعة جازان إلى العالمية بالتنمية المستدامة    صفقة أسلحة أمريكية ضخمة إلى إسرائيل    الإمارات تخصص 70% من تعهدها البالغ 100 مليون دولار للأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية في السودان    مفتي عام المملكة يستقبل مدير عام الجوازات    طيار مصري يفارق الحياة في الجو… ومساعده يبلغ الركاب ويغير مسار الرحلة خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    6 نصائح للمتكممين خلال العيد    تعرف على درجات الحرارة في مكة والمشاعر المقدسة    هذا سبب ارتفاع أقساط السيارات في الوقت الحالي    نجاح مدهش اسمه «إعلام الحج»    بعوضة في 13 دولة تهدد إجازتك الصيفية !    «ترجمان» فوري ل140 لغة عالمية في النيابة العامة    مصادر «عكاظ»: أندية تنتظر مصير عسيري مع الأهلي    في 2025.. ستصبح الشوكولاتة باهظة الثمن !    800 مليار دولار قروض عقارية في الربع الأول    جدة: منع تهريب 466 ذبيحة فاسدة    رسالة لم تقرأ..!    بديل لحقن مرضى السكري.. قطرات فموية فعّالة    5 مثبطات طبيعية للشهية وآمنة    فخ الوحدة ينافس الأمراض الخطيرة .. هل يقود إلى الموت؟    مدرب رومانيا: عشت لحظات صعبة    الاتحاد الأوروبي يفتح تحقيقاً ضد صربيا    أمطار الرحمة تهطل على مكة والمشاعر    فرنسا تهزم النمسا في بطولة أوروبا    القبض على إثيوبي في عسير لتهريبه (34) كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر    وزارة الداخلية تختتم المشاركة في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى إعلام الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحديات الثقافية للأمن القومي العربي
نشر في الحياة يوم 04 - 11 - 2007

أصبح من المسلم به لدى العلماء الاجتماعيين في العقود الأخيرة، أن المناهج السياسية التقليدية لم تعد كافية لفهم وتفسير السلوك الدولي، ولذلك برزت منهجية التحليل الثقافي كأساس لفهم حالات الصراع والتعاون بين الدول. ويمكن القول إن منهجية التحليل الثقافي برزت بعد التحولات الكبرى التي لحقت ببنية المجتمع العالمي.
وأبرز هذه التحولات قاطبة هي نهاية الحرب الباردة وزوال النظام الثنائي القطبي الذي كانت تهيمن عليه كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي، وتحول النظام الدولي إلى نظام أحادي القطبية تهيمن عليه الولايات المتحدة الأميركية بمفردها بحكم قوتها العسكرية الفائقة واقتصادها القوي وإمكاناتها التكنولوجية وقدرتها المعرفية، غير أنه بالإضافة إلى ذلك برزت العولمة بتجلياتها السياسية والاقتصادية والثقافية، ما من شأنه أن يؤثر تأثيراً حاسماً في أوضاع الدول، بالإضافة إلى تأثيرها - بحكم الثورة الاتصالية - التي هي أحد سماتها البارزة - على مفهوم الأمن القومي التقليدي، ويمكن القول بلا مبالغة إن نموذج الأمن القومي التقليدي قد سقط وصعد بدلاً منه نموذج جديد للأمن القومي، يستمد ملامحه أساساً من ثورة الاتصالات وشبكة الانترنت التي خلقت للمرة الأولى ما يطلق عليه الفضاء المعلوماتي، وفق بعض الدراسات الاستراتيجية الأميركية الموثوقة، ومفهوم الأمن القومي الجديد يقوم على أساس مفهومين يتسمان بالجدة وهما الحرب الفضائية cyber war وحرب الشبكات Net war. والحرب الفضائية تقوم على أساس السيطرة على شبكة الاتصالات للعدو وإبطال مفعولها في لحظات الحرب الأولى، كما حدث في حملة الغزو العسكري للعراق، ومن ناحية أخرى استخدام تقنيات الأسلحة الحديثة التي تمكن القوات المسلحة من إطلاق صواريخ بعيدة المدى وفائقة الدقة، لكي تدمر الأهداف الحيوية في بلد الخصم.
أما حرب الشبكات فهي تعني استفادة الجماعات غير الشرعية مثل عصابات المافيا وتجار السلاح والشبكات الإرهابية، من استخدام الفضاء المعلوماتي لنقل المعلومات وتدبير الخطط وإرسالها في لحظات إلى أي مكان في العالم عن طريق البريد الإلكتروني.
يتسم العالم في ظل العولمة بالاتصالية connectivity بمعنى أن مفهوم القرية الكونية الذي كان في الماضي مجرد استعارة تشير إلى التقارب بين دول العالم وإلى ظاهرة الاعتماد المتبادل بينها، أصبح متحققا في ظل عولمة الاتصالات. وهذه العولمة من شأنها أن تجعل الأفكار تتدفق عبر حدود الدول، بحيث لا يمكن لدولة ما مهما حاولت أن تصد فيضان المعلومات والأخبار وأنماط الحياة والقيم الإجتماعية، التي تسبح في الفضاء وتؤثر في مجتمعات الدول جميعاً.
ومن هنا يمكن القول إن الحديث عن مصادر التهديد الثقافية للأمن القومي العربي لا بد له أن ينطلق من إطار نظري جديد يركز على التفاعلات المعقدة بين العولمة بمعناها الشامل والثقافة والسياسة.
وإذ أردنا أن نركز على أبرز مصادر التهديد الثقافية للأمن القومي العربي لقلنا إنها تتحدد أولاً في الصور النمطية الثابتة stereotypes للعرب والمسلمين التي ذاعت على وجه الخصوص بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001، التي وجهت الضربات الإرهابية للولايات المتحدة الأميركية، وتتعلق ثانياً بأطروحة صراع الحضارات التي أذاعتها مقالة عالم السياسة الأميركي صمويل هنتنغتون والتي سرعان ما تحولت إلى كتاب ترجم إلى العديد من اللغات.
وهذه الأطروحة التي ركزت على ما تسميه"الحروب الثقافية"التي ستكون هي السائدة في القرن الحادي والعشرين رشحت صراعاً قادماً بين الحضارة الغربية وكل من الحضارة الإسلامية والكونفوشيوسية. وإذا استعرضنا الصراعات التي حدثت في العالم العربي منذ الغزو العراقي للكويت عام 1990 وما دار من صراعات في لبنان والسودان، وأخطر من كل ذلك الغزو العسكري الأميركي للعراق وما تسبب فيه من صراعات مذهبية وطائفية وإثنية، لأدركنا أننا أمام خطر يستدعي استحداث نظرية عربية جديدة للتعامل مع هذه التعددية في العالم العربي، ويركز على الاستفادة القصوى من التنوع الخلاق بدلاً من التناقض الصدامي.
ولدينا مشكلة شيوع فكر التطرف الديني في العالم العربي والذي استشرى في العقود الأخيرة، وهو الذي كان الدافع لتكوين الجماعات الإرهابية التي استخدمت الدين ووجهت ضرباتها الإرهابية إلى بلاد عربية شتى، قبل أن تنقل نشاطها المدمر إلى الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. وأخيراً يمكن القول إن أكبر خطر ثقافي يهدد الأمن القومي العربي هو الفجوة الرقمية، لأننا نعيش في عصر المعلومات العالمي.
ولا يمكن فهم الصور النمطية عن العرب والمسلمين التي ركزت عليها الدوائر السياسية ووسائل الاعلام الغربية في الولايات المتحدة الأميركية، وخصوصاً بعد أحداث سبتمبر الإرهابية، بغير إطلالة تاريخية موجزة على العلاقات بين العرب والغرب. وحين نفعل ذلك سندرك أن وصف العربي أو المسلم بأنه إرهابي بالطبيعة وأنه متخلف ومعاد لقيم الحضارة الحديثة، يجد مصادره في التراث الثقافي الغربي الذي تبلور عبر الزمن، نتيجة الغزو العربي الذي تم في القرنين السابع والثامن أساساً، والذي تمثل في عبور الجيوش العربية البحر الأبيض المتوسط، واحتلال الأندلس والنفاذ إلى أعماق فرنسا.
وهناك أيضاً الحروب الصليبية من القرن الحادي عشر حتى القرن الثالث عشر، ثم مرحلة الغزو الاستعماري للعالم العربي منذ بدايات القرن التاسع عشر حتى النصف الثاني من القرن العشرين.
ويمكن القول إن المرحلة التي أعقبت أحداث سبتمبر والتي أعلنت فيها الولايات المتحدة حربها ضد الإرهاب تحت شعار"من ليس معنا فهو ضدنا"، اتسمت بتصعيد الحملة على الإسلام ذاته باعتباره - كما يزعمون - ديناً يحض على العنف، وعلى العرب والمسلمين باعتبارهم إرهابيين بالطبيعة.
وفي تقديرنا أن سيادة الصور القومية الثابتة عن الإسلام والعرب والمسلمين، تمثل خطورة ثقافية على الأمن القومي العربي، لأنها يمكن أن تكون ذريعة غربية للعدوان على البلاد العربية، إذا كان في ذلك تحقيق لمصلحة استراتيجية لبلد غربي ما.
لكل ذلك نحن في حاجة إلى صوغ مبادرة حضارية عربية لتصحيح الصور النمطية السلبية عن العرب والمسلمين. وهذه المبادرة يمكن طرحها على الغربيين من خلال حوارات ثقافية متعددة.
ونستطيع أن نوجز أهم عناصر هذه المبادرة بما يلي:
1- ضرورة صياغة مفهوم لتحقيق السلام العالمي يقوم على أساس تعريف محدد للعدل باعتباره إنصافاً fairness.
2- لا يمكن للسلام العالمي أن يتحقق إلا إذا تمت موجهة سلبيات العولمة الاقتصادية بشكل حاسم.
3- لا بد من وضع معايير لتقنين حق التدخل السياسي.
4- هناك ضرورة قصوى للتمييز بين المقاومة المشروعة للاحتلال والإرهاب.
5- ضرورة وضع سياسات ثقافية وتنموية شاملة في البلاد العربية والإسلامية، لمواجهة الفكر الإسلامي المتطرف والجماعات والمنظمات الإرهابية.
6- أهمية صوغ سياسات ثقافية رشيدة في البلاد الغربية، للتعامل مع المواطنين من أصول عربية أو إسلامية، في ضوء قواعد المواطنة المعترف بها قانونياً.
7- ضرورة وضع سياسة ثقافية للتعريف بقواعد الإسلام الصحيحة، وذلك في المجتمعات الغربية، وتوثيق الصلة مع مؤسسات المجتمع المدني في هذه المجتمعات لإبراز وجهة النظر العربية.
8- وأخيراً ضرورة مواجهة العنصرية الغربية الجديدة، من خلال التحالف الثقافي بين المثقفين العرب والمثقفين الغربيين النقديين، الذين يحاربون في بلادهم التيارات العنصرية الجديدة.
ومما لا شك فيه أن مصداقية المبادرة الحضارية العربية لا يمكن أن تتوفر، إلا إذا ثبت للعالم أن المجتمع العربي ينتقل بخطوات سريعة من السلطوية إلى الديموقراطية، في ضوء توسيع دائرة المشاركة السياسية واحترام التعددية وحقوق الإنسان.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.