بدأت الحكومة السودانية هجوماً عسكرياً واسعاً ضد متمردي"جبهة الخلاص الوطني"في دارفور، مما يهدد بتدهور أكبر في الأوضاع الأمنية والإنسانية في الإقليم، بعد أيام من صدور قرار مجلس الأمن الرقم 1706 بإرسال قوات دولية إلى دارفور. وقال المسؤول في الاتحاد الأفريقي سام إيبوك إن الهجوم الموسع الذي يشارك فيه سلاح الجو أدى إلى مقتل 20 شخصاً ونزوح المئات من القرى التي يستهدفها القصف الذي بدأ في مطلع الأسبوع وفق تقارير واردة من المنطقة. وصرّح ديفيد بوشبيندر، من منظمة"هيومان رايتس ووتش"الحقوقية الأميركية، بأن القوات السودانية احتلت بلدة"كلكول"، وهي أحد معاقل المتمردين شمال مدينة الفاشر كبرى مدن الإقليم. كما وردت تقارير عن سقوط بلدتي الصياح وأم سدر اللتين كان المتمردون يسيطرون عليهما في أيدي القوات الحكومية. ونقلت"هيومان رايتس ووتش"عن مراقبين دوليين أن القوات الحكومية تصدت للفارين من العمليات القتالية وحالت دون خروجهم من المنطقة. وقال البروفسور إيريك ريفز، الناشط البارز الذي يقود حملة لإنهاء النزاع في دارفور، إن معلومات تشير إلى تواطؤ مقاتلي"حركة تحرير السودان"بزعامة مساعد الرئيس مني أركو مناوي في الحملة العسكرية الحالية. وأشار إلى أن الهجمات التي شارك فيها الآلاف من القوات الحكومية بجانب ميليشيات"الجنجاويد"المدعومة بغطاء جوي، انتهت باحتلال ثلاث قرى شرق الفاشر. وأضاف قائلاً في هذا الصدد:"يقصفون القرى من دون اعتبار للمدنيين... إنه أكثر من عنف إبادي... تهدف العملية إلى فرض سيطرة كاملة على شمال دارفور وعزل المتمردين". وحذر المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي الى السودان بيكا هافيستو من أن الصراع في دارفور قد يتصاعد الى قتال على نطاق واسع خلال أيام أو أسابيع. وقال المبعوث ان مئة ألف آخرين أو مئتي ألف قد يجبرون على الفرار من ديارهم. وأضاف هافيستو للصحافيين لدى عودته إلى هلسنكي من زيارة الى دارفور"قد تكون مسألة أيام أو أسابيع قبل أن يتصاعد الصراع الى عملية عسكرية واسعة". وقال إن مسؤولي الاتحاد الأوروبي العاملين في المنطقة أبلغوه بأن الوضع يزداد سوءاً. وقال أيضاً إن ما يثير القلق هو عزم الحكومة السودانية ارسال عشرة آلاف جندي الى دارفور. وتابع"نعتقد أن هذا لا يتفق مع اتفاق السلام ويبدو وكأنه عملية عسكرية واسعة". وقال هافيستو ان رفض الحكومة قرار مجلس الأمن نشر قوات دولية فى دارفور نابع من موقفها تجاه الغرب لأنها تخشى على نحو خاطئ من أن تصبح دارفور مثل العراق أو افغانستان، وقال انه نظراً إلى أن الأهداف الرئيسية للجماعات المتمردة تتضمن على ما يبدو اطاحة الحكومة فثمة مخاوف أيضاً من اتساع نطاق الصراع والأزمة الإنسانية الراهنة الى خارج دارفور. وأعلنت وكالة الأنباء السودانية أمس ان الرئيس عمر البشير عفا عن الموفد الخاص للرئيس السلوفيني في دارفور بعدما حكم عليه بالسجن لمدة سنتين في آب اغسطس بتهمة"التجسس". وأوقف تومو كريزنار في نهاية تموز يوليو وخضع للمحاكمة ثم حكمت عليه المحكمة الجنائية في الفاشر، عاصمة شمال دارفور، في منتصف آب، بتهمة نشر معلومات كاذبة ودخول غير شرعي الى البلاد". كما حكم عليه بدفع غرامة بقيمة 500 الف دينار حوالى 2400 دولار تحت طائلة تمديد عقوبة السجن لمدة ستة اشهر. وألغى البشير هذا الحكم، بعد تلقيه رسالة من نظيره السلوفيني يانيز درنوفسك يطلب منه فيها الافراج عن موفده الخاص. الى ذلك، أعلن تحالف المجلس اليهودي الأميركي للعلاقات العامة تنظيم عشرة أيام من الاحتفالات المستمرة احتفاء بقرار مجلس الأمن الرقم 1706 بإرسال قوات دولية إلى دارفور. وقال المجلس إن الجمعيات اليهودية في الولاياتالمتحدة يحق لها الاحتفال بالنصر. وأشار إلى أن الاحتفالات التي ينظمها المجلس اليهودي وتحالف"أنقذوا دارفور"الذي يضم 160 جمعية دينية وحقوقية بقيادة اللجنة الأميركية اليهودية ومؤسسات تحالف اليمين المسيحي الصهيوني ومتاحف ومعاهد الهولوكوست، ستبدأ الخميس المقبل ب"إضاءة الشموع"وصلوات شكر الجمعة، وتظاهرة أمام البيت الأبيض السبت. ويختتم الاحتفال المستمر يوم 17 من الشهر الجاري بموكب وتظاهرة في نيويورك بالتزامن مع افتتاح الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة. ويعتبر أنصار اللوبي الإسرائيلي - الأميركي أن نشاطهم لما يوصف بحملة إنقاذ دارفور كان وراء تكوين رأي عام عالمي وزخم سياسي على الساحة الأميركية والدولية لدفع المجتمع الدولي نحو اتخاذ قرار أممي لإرسال قوات دولية إلى دارفور. فى غضون ذلك اعتبر مسؤول سوداني أمس التحذير الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية الى الأميركيين من مخاطر السفر الى السودان، خصوصاً من دون تأشيرات دخول والذي صدر متزامناً مع قرار مجلس الأمن بنشر قوات دولية في دارفور، موقفاً سياسياً أكثر من كونه تعبيراً عن الأوضاع في السودان، مؤكداً ان البلاد تتمتع بأمن واستقرار يدركه السفراء والأجانب المقيمون. وقال ل"الحياة"إن الحكومة لن تسمح باختراق حدودها ودخولها من غير موافقتها، وستتخذ كل ما من شأنه حماية البلاد من التسلل غير المشروع. وحذرت الخارجية الأميركية الأميركيين من مخاطر السفر الى السودان، خصوصاً من دون تأشيرات دخول. وقالت"ان هذا التحذير يذكر الرعايا الأميركيين باستمرار بمخاطر الارهاب في السودان، ويشدد على اهمية الحصول على الوثائق المطلوبة قبل دخول اي منطقة في السودان". واضاف البيان انه في اب الماضي اعتقل خمسة أجانب منهم اميركيان وسجنوا في دارفور بعدما دخلوا السودان عبر مدينة باهاي التشادية الحدودية"من دون الوثائق الملائمة".