منذ معاهدة كامب ديفيد المشؤومة لم أعد أحلم أن فلسطين ستعود يوماً ولا أن يحقق العرب شبه انتصار. لقد كُسرت أحلامنا نتيجة الهزائم المتكررة. وعندما - مازح - صدام ذات يوم إسرائيل بصاروخين هللت له الحناجر وتصوروه منقذ الأمة وبطلها وتناسوا ان هذا النصر المزعوم كان على حساب تدمير وطن آمن معطاء هو الكويت. غزو دمرها ودمر العراق الذي ما زال ينزف الجراح. فهل نفرح اليوم ونحن نقض مضاجع اسرائيل في عقر دارها ونرى شعبها يعيش الهلع والرعب الذي يعيشه الشعب الفلسطينيوالعراقي والذي عاشه الكويتيون من قبل؟ كيف نستطيع أن نفرح والمقابل هو تدمير لبنان وقتل شعبه وتشريده وتمزيق لحم أطفاله؟ هذه الحرب لا تعني لي غير مزيد من الدمار للبنان وللوطن العربي. فالآتي يخيف أكثر والخسائر المقبلة أفدح. في هذه الحرب الشرسة على لبنان الحبيب ماذا يقول القلب وقد اشتعلت فيه الحرائق؟ ماذا تخط الأصابع؟ كيف تعبر الروح المخنوقة بأساها؟ وكيف نحتمل أن نرى لبنان وهو يقاسي ويتألم؟ لبنان الذي يعني لنا كل شيء انه حضن الأم، صدر الأب، أذرع الأهل والأصدقاء المفتوحة دوماً لأفراحنا وأحزاننا. هو منارتنا التي اهتدينا بنورها وتعلمنا كيف نخط أول حروفنا. هو من علمنا معنى الحرية وجمال الوجود. في قلبه بدأت أحلامنا الصغيرة، تفيأت تحت أشجاره وتسلقت جباله فكبرت وكبرنا معها ونحن لا نجد موطناً يهبنا العافية والنور والثقافة والأمل غير لبنان. فكيف لهذا الوطن الكبير الجميل النابضة عروقه بكل الخير أن يحتمل هذه الشرور التي لم تنفك عنه؟ فكلما تعافى وتلألأ وانتشى جاءت آلة الحرب لتدكه وتحرقه. إن ما نشاهده الآن من صور بشعة لهذا العدوان الآثم وما نلمحه في عيون أطفاله من رعب ودموع وما نسمعه من صرخات النساء والرجال يوجعنا، لكنه على رغم ما يثيره من ألم وقلق وحزن إلا أنه لا يفقدنا ثقتنا به بأنه القادر دائماً بإصرار وصمود أن يقف شامخاً أمام كل الويلات والمصائب. لا نخاف على لبنان. لا نخاف على شعبه الذي كم تجاوز من محن وواصل الحياة باقتدار وافتخار يليق به. كاتبة كويتية