اتخذت قضية الغربيين الثمانية المتهمين بالتبشير بالمسيحية في أفغانستان منحاً جديداً، حين هددت حركة طالبان بإغلاق مجالها الجوي أمام حركة الملاحة العالمية احتجاجاً على استمرار العقوبات الدولية المفروضة عليها، والمتمثلة بمنعها من تسيير رحلاتها الجوية وتجميد أرصدتها في الخارج. علمت "الحياة" أن طالبان نشرت قبل أيام بطاريات جديدة مضادة للطائرات على حدودها الدولية، بالتزامن مع تهديدات أطلقتها باغلاق مجالها الجوي في حال لم ترفع الاممالمتحدة بعض العقوبات عنها، ما يوفر لها مداخيل لصيانة اسطولها الجوي وتأهيل مطار كابول. ورأى مراقبون سياسيون أن الحركة تريد استغلال محاكمة المتهمين الغربيين في تخفيف العقوبات المفروضة عليها، على رغم نفيها سابقاً ربط الإفراج عن الشيخ المصري عمر عبدالرحمن باطلاق المتهمين الغربيين. وقال وزير خارجية طالبان وكيل أحمد متوكل في مؤتمر صحافي "هدفنا ليس حظر الطيران وانما...الحصول على الرسوم التي تدفعها الطائرات في مقابل مرورها في الاجواء الافغانية، فالعقوبات لا تؤثر علينا فحسب، بل تؤثر على المجتمع الدولي ككل لأن افغانستان واحدة من أقصر الطرق بالنسبة لجميع الرحلات الدولية العابرة من قارة الى اخرى". وأضاف ان طالبان ستنتظر رداً من الاممالمتحدة قبل فرض الحظر. وفرضت الاممالمتحدة عقوبات على طالبان على مرحلتين لعدم تسليمها اسامة بن لادن. احداهما منذ سنتين عندما حظرت سفر طائرات شركة "اريانا" الجوية الافغانية الى الخارج وهبوط طائرات شركات الطيران الاخرى في المناطق الخاضعة لسيطرة طالبان، اضافة الى تجميد أموال الحركة في الخارج. ثم فرضت مجموعة أخرى من العقوبات في كانون الاول ديسمبر الماضي تم خلالها حظر ارسال أسلحة الى طالبان، لكن ليس الى تحالف المعارضة في شمال افغانستان. الى ذلك، تعهد وكيل أحمد متوكل بمحاكمة عادلة ومفتوحة للأجانب الثمانية، حال انتهاء المرحلة الأولى من المحاكمة المغلقة التي بدأت قبل ثلاثة أيام، والتي سيحضرها ديبلوماسيون وصحافيون وأقارب المتهمين. وكانت المحكمة الأفغانية العليا وافقت على تعيين محامين غربيين، أو أفغان للمرافعة عن المتهمين الثمانية. والمتهمون الثمانية هم أربعة ألمان، وأميركيان واستراليان، يعملون في منظمة "شلترناو انترناشيونال" الألمانية، وكانت طالبان ضبطت معهم ومع 16 من زملائهم الأفغان مواد تدعو إلى التبشير بالمسيحية في أفغانستان، ومن بينها صلبان، وانجيل للأطفال، وأقراص فيديو وكومبيوتر. وأغلقت طالبان مقري منظمتي إغاثة متهمتين بالتبشير، وشكلت لجنة لمراقبة النشاطات غير الإسلامية لمنظمات الاغاثة الدولية. وستقدم اللجنة الاقتراحات في شأن نشاطات المنظمات غير الحكومية "كي تتلاءم مع القيم الاسلامية والقوانين السائدة وانظمة امارة افغانستان الاسلامية". وتضم اللجنة وكيل احمد متوكل، ونائب وزير الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سليم حقاني، ووزير الداخلية سعدالدين سعيد. وفي إشارة إلى تراجع رئيس المحكمة الأفغانية العليا عن تصريحات نقلت عنه أخيراً في شأن احتمال الحكم على المتهمين بالإعدام، قال رئيس المحكمة الذي يقود فريقاً قضائياً من 12 قاضياً أفغانياً للنظر في هذه القضية: "إنه من السابق لأوانه إصدار أي حكم بحق المتهمين" الذي وصفهم لأول مرة بالمخربين، بعدما كان يقول عنهم إنهم أبرياء حتى تثبت إدانتهم، وجاء وصفه هذا بعد ثلاثة أيام من بدء المحاكمة المغلقة التي دققت بالمواد المضبوطة مع المتهمين الثمانية. وجدد رئيس المحكمة الأفغانية موقفه بأنه سيصار إلى دعوة الديبلوماسيين حين تدعو الضرورة. وأبلغت مصادر أفغانية مطلعة ومراقبة لسير المحاكمة، "الحياة" أمس بأنه من المتوقع أن تصدر أحكام قاسية على المتهمين، لكن يتوقع في المقابل أن يتدخل زعيم الحركة الملا محمد عمر بعد سجنهم شهر أو شهرين، ليعفو عنهم أو يخفف من الحكم الصادر بحقهم. وعبر الديبلوماسيون الغربيون عن امتعاضهم للطريقة التي تدار بها جلسات المحكمة، وقال القنصل الاسترالي الستار آدمس: "إننا نجهل ما يجري، نريد أن نعرف ما يدور من حولنا".