منظورات متباينة : لقد تحولت وجهات النظر هذه خلال الاشهر السبعة الماضية الى حقائق متباينة، اذ ينظر كل طرف الى الآخر وكأنه تصرف بسوء نيه : تحول تفاؤل أوسلو الى معاناة وأحزان على الضحايا، وجسد كل طرف، سواء بالتصريحات أو الأفعال، منظوراً عجز عن إدراك اي حقيقة في وجهة نظر الآخر. المنظور الفلسطيني : في ما يتعلق بالفلسطينيين، بشّرت مدريد وأسلوا بإمكان قيام الدولة، وضمان نهاية الاحتلال وقرارات حول القضايا الهامة ضمن مدة زمنية محدّدة. الفلسطينيون غاضبون بصدق من النمو المستمر للمستوطنات. كذلك لدى الفلسطينيين مشاعر غاضبة تجاه تجاربهم اليومية المريرة والمذلة والناجمة عن استمرار الوجود الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية. ويرى الفلسطينيون أن وجود المستوطنات والمستوطنين في مناطقهم لا يشكل فقط انتهاكاً لروح عملية أوسلو بل أيضاً تطبيقاً للقوة بشكل يتناسب مع عقلية الهيمنة الإسرائيلية العسكرية والتي تبقى على هذه المستوطنات وتحميها. ينص الاتفاق الانتقالي على أنه "يرى الطرفان بأن الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة مناطقية واحدة، يتم تحديد وضعها والسيادة عليها في المرحلة الانتقالية". ويترافق مع ذلك نص في الاتفاق النهائي يمنع اتخاذ أي خطوات تعمل على تغير وضعية المفاوضات الانتقالية، اذ تمنع إسرائيل من الحق في الاستمرار بالسياسة غير المشروعة في التوسع الاستيطاني، بالاضافة الى الاتفاق المرحلي فإن القانون الدولي المعروف، بما يتضمن معاهدة جنيف الرابعة يمنع اسرائيل كقوة محتلة من انشاء مستوطنات في أراضٍ محتلة، بانتظار انهاء الصراع. وتزعم منظمة التحرير أن القادة السياسيين الإسرائيليين لم يخفوا أن التفسير الإسرائيلي لأوسلو تمت صياغته بحيث يتم فصل الفلسطينيين في مناطق غير متواصلة محاطة بحدود يسيطر عليها الاسرائيليون مع وجود مستوطنات وطرق خاصة بها، تنتهك السيادة الفلسطينية. وبحسب ما تدعيه منظمة التحرير الفلسطينية فإنه في السنوات السبع الاخيرة ومنذ إعلان المبادىء تضاعف عدد المستوطنين الاسرائيليين الى ما يقارب 000 200 نسمة باستثناء القدس. أما في ما يخص القدسالشرقية فقد ارتفع عدد المستوطنيين الى 000 170 مستوطن. وقد قامت اسرائيل بانشاء 30 مستوطنة جديدة ووسعت عدداً كبيراً من المستوطنات القائمة لاستيعاب المستوطنيين الجدد. كما تدّعي منظمة التحرير ان حكومة اسرائيل فشلت في الاذعان لالتزامات اخرى مثل الانسحاب اللاحق من الضفة الغربية والافراج عن المعتقلين الفلسطينيين، بالاضافة الى ذلك عبّر الفلسطينيون عن غضبهم تجاه الطريق المسدود بخصوص مسألة اللاجئين وتدهور الظروف الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة. المنظور الاسرائيلي : ان توسيع النشاط الاستيطاني واتخاذ اجراءات لتسهيل حياة المستوطنين وأمنهم لا يعتبر ماساً بمفاوضات الوضع النهائي. "وتتفهم اسرائيل معارضة الجانب الفلسطيني للمستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي تعترف بان المستوطنات قضية مهمة يجب ان يتم التوصل لاتفاق بشأنها كجزء من أي حل للوضع النهائي دون تحيّز للوضع الرسمي الراهن للمستوطنات. هذه المسألة تم الاعتراف بها والاتفاق عليها في اعلان المبادىء في 13 أيلول 1993 وايضاً في اتفاقات اخرى بين الجانبين. في واقع الامر، جرى الكثير من الحوار حول قضية المستوطنات بين الطرفين أثناء المفاوضات التي يمكن ان تؤدي الى اتفاق الوضع النهائي". حقاً، تشير اسرائيل الى انه خلال قمة كامب ديفيد وأثناء المحادثات اللاحقة لها عرضت حكومة اسرائيل تقديم تنازلات مهمة في ما يختص بالمستوطنات في ظل اتفاق شامل. إن الامن هو الهم الاول لحكومة اسرائيل. وتدعي الحكومة الاسرائيلية ان منظمة التحرير الفلسطينية أخلت بالتزاماتها التي قطعتها على نفسها وذلك بالاستمرار في استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية. إن الامن كان وما يزال الهمّ الرئيسي في عملية السلام بالنسبة لاسرائيل، و"الامن هو مسألة لن تساوم اسرائيل بشأنها او تقدم تنازلات حولها. إن فشل الجانب الفلسطيني في التزام بنص وروح البنود المتعلقة بالامن في العديد من الاتفاقيات كان ولأمد طويل مصدراً لعدم الاستقرار والانزعاج في اسرائيل". وحسب ما ترتأيه الحكومة الاسرائيلية فان الفشل الفلسطيني يتمثل بعدة وجوه : تحريض مؤسساتي ضد اسرائيل واليهود، اطلاق سراح الارهابيين من السجون، والفشل في السيطرة على الاسلحة غير المرخصة، والقيام بعمليات عنف تراوح بين إدخال عناصر مسلحة في التظاهرات، بالإضافة الى اعتداءات ارهابية على مدنيين اسرائيليين. وتؤكد الحكومة الاسرائيلية أن منظمة التحرير خرقت بوضوح إدانتها للارهاب وأعمال العنف الاخرى "وبهذا زعزعت الثقة بشكل كبير بين الفرقاء. ان الحكومة الاسرائيلية تدرك ان "هناك خيطاً ضمنياً لكنه واضح يدور في الطروحات الفلسطينية، مفاده ان العنف الفلسطيني ضد اسرائيل والاسرائيليين هو أمر شرعي ومبّرر ويمكن تفسيره". أوقفوا العنف إن ما مرّ به الاسرائيليون والفلسطينيون سوّيا خلال الشهور الماضية كان الى حد كبير تجربة شخصية لكل فرد. فمن خلال صلة القرابة والصداقة والدين والمجتمع والمهنة كان لكل شخص في كلا الجانبين صلة بشخص قتل أو أصيب اصابة خطيرة في أحداث العنف الأخيرة. ورواياتهم مؤثرة جداً: في آخر زيارة لنا للمنطقة التقينا عائلات ضحايا فلسطينين واسرائيليين. كانت هذه الروايات الشخصية للأسى والحزن تفطر القلوب وتملؤها بحزن لا يوصف. وقد استعملت العائلات الفلسطينية والاسرائيلية الكلمات نفسها للتعبير عن أحزانها. فعندما تتحدث ارملة طبيب اسرائيلي قتل، وهو رجل سلام تضّمن عمله تقديم العلاج لمرضى فلسطينيين، فهي تقول : يبدو ان الفلسطينيين مهتمون بقتل اليهود لانهم يهود وحسب. على الفلسطينيين ان يعيروا انتباها لذلك. ويستخلص أبوان فلسطينيان النتيجة نفسها لدى مقتل طفلهما وهو نائم في فراشه بان الاسرائيليون لا يحترمون حياة الفلسطينيين. على الاسرائيليين ان ينصتوا لذلك. وحين نرى أجساد الاطفال المتناثرة، تدرك ان آن الوقت كي يوقف الكبار العنف. وفي خضم انتشار العنف صوّر الطرفان بعضهما بعضا بالعدائية بشكل تعميمي. ولا يمكن كسر هذه الدائرة بسهولة من دون تصميم جديّ واستعداد للمصالحة، وسوتكون إعادة الثقة أمراً مستحيلاً. وقف العنف منذ 1991 التزم الطرفان وبصورة مستمرة في كل اتفاقاتهما اللاعنف، وقد قاموا بالشيء نفسه اخيرا في قمتي شرم الشيخ، أيلول 1999 وتشرين الاول 2000. ولوقف العنف الان، فان على السلطة الفلسطينية وحكومة اسرائيل عدم معاودة الكرّة ثانية، بل يجب اتخاذ خطوات فورية لانهاء الصراع والتأكيد من جديد على الالتزامات المتبادلة والبدء في المفاوضات. استئناف التعاون الامني قال لنا المسؤولون الامنيون الفلسطينيون ان هذا الامر يتطلب بعض الوقت، ربما عدة اسابيع، كي تستعيد السلطة الفلسطينية سيطرتها الكاملة على العناصر المسلحة التي تقع تحت إمرتها، وعليها ان تمارس تأثيراً فعالاً على العناصر المسلحة الاخرى العاملة في المناطق الفلسطينية _ ولم ينازع المسؤولون الامنيون الاسرائيليون هذه التأكيدات. المهم ان تقوم السلطة الفلسطينية بكل ما تستطيع من جهد لتطبيق وقف شامل للعنف وان يكون هذا جلياً للحكومة الاسرائيلية _ وبشكل مماثل، على الحكومة الاسرائيلية ان تقوم هي الاخرى ببذل جهد كامل 100 في المئة لضمان عدم جعل نقاط الاحتكاك المحتملة حيث يحتك الفلسطينيون بالمسلحين الاسرائيليين مسرحاً لعداء متجدّد. ان انهيار التعاون الأمني في بداية اكتوبر تشرين الاول قد عكس القناعة لدى كل طرف بأن الآخر قد الزم نفسه بطريق العنف تجاه الاخر. ولو ان الفريقيين يرغبان في الوصول الى مئة في المئة من الجهود لمنع العنف، فان الاستئناف الفوري للتعاون الامني يكون إلزامياً. إننا نتفهم تردد السلطة الفلسطينية في أن تُرى وكأنها تسّهل عمل قوات الأمن الاسرائيلية في غياب سياق سياسي واضح أي مفاوضات ذات مغزى وتحت تهديد التوسع الاستيطاني الاسرائيلي _ حقاً، التعاون الامني لا يمكن دعمه بدون مثل تلك المفاوضات علاوة على اجراءات تُفسر على انها سلبية على نتيجة المفاوضات. زد على ذلك انه من دون تعاون أمني فعّال، فإن الفريقين سيمضيان في اعتبار كل عمل من أعمال العنف قانونياً رسمياً. ولكي يتم التغلب على الطريق المسدود الراهن، فإن على الجانبين التفكير بالطريقة المثلى لاحياء التعاون الامني. اننا نثمن الجهود الحالية في ذلك الشأن، والتعاون الفعّال يعتمد على خلق ودعم مناخ من الثقة وعلاقات شخصية طيبة. ان الامر متروك للفرقاء أنفسهم ليتحملوا عبء التعاون اليومي، الا ان عليهم ان يبقوا منفتحين لقبول مساعدة من آخرين لتسهيل عملهم - ومثل تلك المساعدة الخارجية يجب ان تحظى بموافقة مشتركة، وان لا تهدد الترتيبات الثنائية الجيدة، وأن لا تكون بمثابة محكمة او تدخلاً بين الطرفين. كان هناك تعاون أمني جيد حتى السنة الماضية استفاد من المساعي الحميدة للولايات المتحدة، واعترف الجانبين بأنها مثمرة، وقد تم دعمها بشكل غير مباشر بمشاريع أمنية ومساعدة من الاتحاد الأوروبي. إن دور المساعدة الخارجية يجب أن يتمثل في خلق الإطار المناسب، ودعم النوايا الحسنة لدى الجانبين، في أمن ورفاهية كلا الشعبين إذا أريد لتلك الجهود أن تحظى بموافقة الجانبين. إعادة بناء الثقة لقد عبرت المصافحة التاريخية بين الرئيس عرفات ورئيس الوزراء اسحق رابين التي تمت في البيت الابيض في سبتمبر ايلول 1993، عن آمال الطرفين بأن الباب نحو حل سلمي للخلافات قد بات مفتوحاً. وعلى رغم العنف الراهن وفقدان الثقة المتبادل، عبر الجانبان مراراً عن رغبتهما في السلام - وقد تأكدت صعوبة تحويل هذه الرغبة الى تقدم حقيقي. إذ ان استعادة الثقة أمر ملح، ويتعين على الجانبين اتخاذ خطوات ثابتة لتحقيق هذا الغرض. وفي ضوء المستوى العالي من العداء وفقدان الثقة، فإن توقيت وتعاقب هذه الخطوات يتسم بالاهمية الواضحة، وهو ما يمكن اقراره من جانب الاطراف. ونحن ندعوهم للبدء في اتخاذ القرارات اللازمة فوراً. الارهاب : في مذكرة شرم الشيخ التي صدرت في سبتمبر 1999، تعهدت الاطراف بأن تبدأ العمل ضد "أي عمل او تهديد بالارهاب او القصف او التحريض"، ومع ان المستويات الثلاثة من العدوانية تستحق الشجب، فإنه لم يكن من قبيل المصادفة ان "الارهاب" قد تبوأ رأس القائمة. ويشمل الارهاب القتل والجرح المتعمد لاشخاص غير محاربين يتم اختيارهم عشوائياً لأهداف سياسية، وهو يهدف الى الوصول الى نتائج سياسية من خلال بث الرعب واشاعة الفوضى في أوساط الجمهور. انه لأمر غير أخلاقي وسوف يرتد في النهاية على أصحابه. اننا نشجبه وندعو الاطراف لتنسيق جهودها الامنية للتغلب عليه. في التقارير والمذكرات التي قدمتها الحكومة الاسرائيلية، وجهت اتهامها الى السلطة الفلسطينية بدعم الارهاب عبر اطلاق سراح ارهابيين كانوا قيد الاحتجاز، والسماح لأفراد من أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بالتحريض، وفي بعض الحالات بالقيام بعمليات ارهابية، ووقف التعاون الامني مع الحكومة الاسرائيلية. ونفت السلطة الفلسطينية بشدة هذه الاتهامات، لكن الاسرائيلين يصرون على الاعتقاد أن قيادة السلطة الفلسطينية لم تبذل أية جهود حقيقية على امتداد الشهور السبعة الماضية للجم الارهاب الموجه ضد اسرائيل. ان مثل هذا الاعتقاد في حد ذاته يشكل عائقاً رئيسياً أمام إعادة بناء الثقة. إننا نعتقد أن على السلطة الفلسطينية مسؤولية في المساعدة في إعادة بناء الثقة عبر الايضاح لكلا الشعبين بأن الارهاب مدان ومرفوض، وعبر اتخاذ الاجراءات كافة لمنع العمليات الارهابية ومعاقبة مرتكبيها. ويجب ان يشمل هذا الجهد خطوات فورية بمنع الارهابين من العمل داخل المناطق التي تخضع للسلطة الفلسطينية. المستوطنات: كما ان على الحكومة الاسرائيلية مسؤولية في إعادة بناء الثقة. اذ يكون من الصعب تكريس وقف العنف الفلسطيني - الاسرائيلي ما لم تجمد الحكومة الاسرائيلية نشاطات البناء الاستيطاني كافة. ويتعين على الحكومة الاسرائيلية ان تفكر ملياً في انه إما ان تكون المستوطنات التي تشكل نقاط اثارة لخلافات جوهرية، موضوعاً لمقايضات ذات قيمة في المفاوضات اللاحقة، او ان تحول استفزازات محتملة دون الشروع في أية مفاوضات مثمرة. هذا الموضوع مثير للخلاف طبعاً، فسوف ينظر كثير من الاسرائيليين الى توصيتنا على انها تعبير عن الواقع وسوف يدعمونها، وسوف يعارضها آخرون، ولكن يجب عدم السماح للنشاطات الاستيطانية بأن تحبط استعادة الهدوء والعودة الى المفاوضات. على امتداد نصف قرن من وجودها، تلقت اسرائيل دعماً قوياً في الولاياتالمتحدة. وفي المحافل الدولية، كانت الولاياتالمتحدة أحياناً الدولة الوحيدة التي تصوت الى جانب اسرائيل. ومع ذلك، وحتى في اطار مثل هذه العلاقة القوية، فإن هناك بعض الخلافات. وفي مقدمة هذه الخلافات، تأتي معارضة دائمةمن حكومة الولاياتالمتحدة لسياسات وممارسات الحكومة الاسرائيلية بشأن الاستيطان. وكما علق وزير الخارجية الامريكية في حينه، جيمس بيكر في 22 أيار مايو 1991: في كل مرة من المرات الاربع التي ذهبت فيها الى اسرائيل بشأن عملية السلام، ووجهت بالاعلان عن نشاط استيطاني جديد، أنه أمر يخالف سياسة الولاياتالمتحدة، انه الامر الاول الذي يطرحه العرب والحكومات العربية، الامر الاول الذي يطرحه الفلسطينيون في المناطق، والذين يعيشون فعلاً أوضاعاً مزرية، الامر الاول الذي يطرحونه عندما نتحدث اليهم. انا لا أعتقد ان هناك عقبة في وجه السلام اكبر من النشاط الاستيطاني الذي يتواصل ليس فقط بكل قوة ولكن بسرعة. السياسة التي وضعت من جانب الوزير بيكر، بالنيابة عن ادارة الرئيس جورج بوش، مثلت في جوهرها سياسة كل الادارات الاميركية على امتداد ربع القرن الماضي. خفض التوتر: لقد أبلغنا من جانب كل من الفلسطينيين والاسرائيليين بان الانفعالات التي نجمت نتيجة العدد الكبير من الوفيات والجنازات الاخيرة قد خلقت مواجهات جديدة، وأدت بالنتيجة الى استمرار دائرة العنف. ليس بوسعنا ان نحض أياً من الطرفين على التوقف عن تنظيم التظاهرات، ولكن على الطرفين ان يجعلا من الواضح انه لم يتم التساهل مع المظاهرات العنيفة. ان في وسعنا بل سنعمل على حض الاطراف على ان تبدي احتراماً اكبر لحياة الانسان عندما يتصادم المتظاهرون مع قوات الأمن. وعلاوة على ذلك، فإن تجديد الجهود لوقف العنف يمكن ان يمثل، ولوقت محدود، فترة "تهدئة" يمكن من خلالها عدم تشجيع التظاهرات الجماهيرية في/ أو بالقرب من نقاط الاحتكاك، من أجل كسر دائرة العنف. وفي حال استمرار التظاهرات، فاننا نحض على ان يحافظ كل من المتظاهرين ورجال الامن على المسافة التي تفصل بينهما من أجل خفض احتمالات المواجهة المميتة. الفعل والرد: لقد شاهد اعضاء من اللجنة واقعة شملت القاء الحجارة في رام الله، من مواقع الجانبين على الارض. كان الاشخاص المتواجهون غالباً من الشباب وقد كان غياب قيادة عالية المستوى في جانب جيش الدفاع الاسرائيلي أمراً مثيراً للاستغراب تماماً كما كان واضحاً غياب مسؤولين أمنيين او رسميين يمكن ان ينصحوا بالتعقل في الجانب الفلسطيني. وبشأن مثل هذه المواجهات، تقول الحكومة الاسرائيلية أن "اسرائيل منخرطة صراع مسلح يقترب من الحرب. انه ليس شغباً او تظاهرات او تمرداً مدنياً تعبر عنه خمس عمليات اطلاق نار كبيرة الحجم. وقد نفذت الهجمات من جانب ميليشيا مسلحة ومنظمة جيداً. ومع ان جيش الدفاع الاسرائيلي يعترف بأن بينها 9000 "هجوم" قام بها الفلسطينيون ضد اسرائيل، فإن ما يقرب من 700 شملت استخدام اسلحة اوتوماتيكية، بنادق، مسدسات، قنابل و متفجرات من أنواع اخرى". وهكذا، وعلى مدى الشهور الثلاثة الاولى من الانتفاضة الحالية، فان معظم الحوادث لم يشمل استخدام الفلسطينيين للاسلحة النارية والمتفجرات. وقد أشارت منظمة "بتسيلم" الى انه "وفقاً لمصادر جيش الدفاع الاسرائيلي، فان 73 في المئة من الحوادث من 29 سبتمبر وحتى 2 ديسمبر لم تتضمن استخدام الفلسطينيين للاسلحة النارية. وبرغم ذلك فإن معظم الفلسطينيين الذين قتلوا وجرحوا في هذه الاحداث، وعلى امتداد الشهور السبعة المتطرفة، فان حوالي 500 شخص منهم قتلوا وما يزيد على 10 آلاف جرحوا، وان الغالبية الساحقة من الفئتين هم من الفلسطينيين. ان الكثير من عمليات القتل هذه كان يمكن تجنبها، وكذلك الامر بشأن القتلى الاسرائيليين. إن توصيف االصراع كما ورد آنفاً، هو عام أكثر مما ينبغي لانه لا يصف تنوع لأحداث منذ سبتمبر 2000. إضافة الى ذلك، فإنه عبر تعريف كهذا للصراع، قام جيش الدفاع الاسرائيلي بوقف العمل لسياسة اجراء التحقيق من جانب دائرة تحقيقات الشرطة العسكرية عندما يتعرض احد الفلسطينيين للقتل على أيدي جنود جيش الدفاع الاسرائيلي في حادث لا يتعلق بالارهاب. ووفقاً للجانب الاسرائيلي فانه "حيث ترى اسرائيل هناك سبباً للتحقيق في حادثة معينة فانها تفعل ذلك، مع انها في ضوء ظروف الصراع المسلح لا تفعل ذلك بشكل روتيني. إننا نعتقد انه بالتخلي عن هذا التوصيف الاجمالي "صراع مسلح يقترب من الحرب"، وعبر العودة الى التحقيق الالزامي من جانب الشرطة العسكرية، فان الحكومة الاسرائيلية يمكن ان تساعد في خفض العنف القاتل وفي اعادة بناء الثقة المتبادلة. وعلى رغم الخطر الذي يمثله لقد برز الخلاف بين الاطراف حول ما تسميه اسرائيل "استهداف العدو الفرد المقاتل"، وتصف منظمة التحرير هذه الاعمال بأنها "عمليات اعدام غير قانونية"، وتقول أن اسرائيل تمارس العمل ب "سياسة الاغتيال" التي تخالف بوضوح المادة 32 من اتفاقية جنيف الرابعة. وتقول الحكومة الاسرائيلية أن "اي عمل قامت به اسرائيل، فانها قامت به تماماً في حدود المبادىء وذات الصلة بالاعمال العدوانية". في ما يتعلق بالتظاهرات، تقر الحكومة الاسرائيلية بأن حالات فردية من الردود المفرطة يمكن ان تكون قد حدثت. فبالنسبة الى جندي او وحدة عسكرية تحت هجوم فلسطيني، فإن المعادلة ليست الجيش الاسرائيلي ضد عدد من المحتجين الفلسطينيين، انها "معادلة شخصية". إننا نتفهم هذا الامر، خصوصا ان الصخور يمكن ان تؤدي الى الاعاقة او حتى ان تقتل. انه ليس امراً سهلاً بالنسبة لعدد من الجنود الشباب، تواجههم اعداد كبيرة من المتظاهرين المعادين، ان يتمكنوا من اجراء تمييز قانوني دقيق وفوري. ومع ذلك تتعين ملاءمة هذه المعادلة الشخصية مع الاخلاقيات التنظيمية، وفي هذه الحالة القواعد الاخلاقية لجيش الدفاع الاسرائيلي، والتي تنص في جزء منها على : إن قدسية الحياة الانسانية في نظر العاملين في جيش الدفاع الاسرائيلي يتم تجسيدها في كل الافعال التي يقومون بها، في التخطيط المدروس والشديد الدقة، في التدريب الآمني والعقلاني وفي التنفيذ الملائم لمهامهم، ولدى تقويم الخطر المحدق بالذات والآخرين، فانهم يستخدمون المعايير الملائمة، وسيظهرون عناية دائمة لعدم إيقاع الاذى بالحياة الا بالحد الذي يتطلبه إنجاز مهامهم. ان اولئك المدعوين لاحترام القواعد الاخلاقية لجيش الدفاع الاسرائيلي هم في معظمهم من المجندين، كون جيش الدفاع الاسرائيلي قوة من المجندين الالزاميين. ان المجندين وضباط الصف وصغار الضباط، وهي الفئات التي تتواجد في الغالب على نقاط الاحتكاك، هم من الشباب، وكثيراً ما يكونوا من المراهقيين. وما لم يتواجد افراد محترفون او من قوات الاحتياط على هذه النقاط، فان أياً من افراد جيش الدفاع الاسرائيلي المتواجدين في هذه المناطق الحساسة لا يملك الخبرة للاستفادة من المواجهات الاسرائيلية الفلسطينية السابقة. نحن نعتقد بانه من الجوهري، وخاصة في سياق استعادة الثقة، عبر تخفيض المواجهات المميتة الى الحد الادنى، ان يموضع جيش الدفاع الاسرائيلي جنوداً قدماء واكثر خبرة على هذه النقاط الحساسة. لقد كانت هناك حالات استخدم جيش الدفاع الاسرائيلي القوة المميتة، بما في ذلك الذخيرة الحية والرصاص المطاطي ذي القلب المعدني المعدل ضد متظاهرين عزل يلقون بالحجارة. إن على جيش الدفاع الاسرائيلي تبني أنظمة السيطرة على الحشود التي تقلل والى الحد الادنى، احتمالات الموت والاصابة، وسحب الرصاص المطاطي ذي القلب المعدني المعدل من الاستخدام العام وان تستخدم بدلاً منها الرصاص المطاطي من دون قلب معدني. إننا نعبر عن قلقنا الشديد في شأن تعريض السلامة العامة للخطر بسبب تبادل إطلاق النيران بين المناطق المأهولة بالسكان ، وخصوصاً بين المستوطنين الإسرائيليين والقرى الفلسطينية المجاورة. لقد وجه المسلحون الفلسطينيون نيران أسلحة خفيفة في اتجاه مستوطنات اسرائيلية وعلى مواقع للجيش الإسرائيلي من داخل أو قرب مساكن في المناطق الفلسطينية. وبهذا عرضوا مدنيين أبرياء إسرائيليين وفلسطينيين على حد سواء للخطر. وفي كثير من الأحيان يرد جيش الدفاع الإسرائيلي على مثل هذه النيران بأسلحة ثقيلة، نتج عنها أحياناً قتلى وجرحى من الفلسطينيين الأبرياء. لقد أخبرنا ضابط في الجيش الإسرائيلي في وزارة الدفاع في 31 آذار مارس 2001 أنه "عندما تطلق النار من بناية فإننا نرد ، وأحياناً يكون هناك أناس أبرياء داخل البناية". من الواضح أن أناساً أبرياء يصابون ويقتلون أثناء مثل هذا التبادل لإطلاق النيران. إننا ننادي بوقف مثل هذه الاستفزازات وبأن يمارس جيش الدفاع الإسرائيلي أقصى درجات ضبط النفس في استجابته إذا حدثت. إن الاستخدامات المفرطة وغير المتناسبة للقوة كثيراً ما تقود إلى التصعيد. إننا ندرك حساسية الجيش الإسرائيلي في شأن هذه المواضيع. لقد طُلب منا أكثر من مرة "وماذا في شأن القوانين الفلسطينية للقتال ؟ ماذا عن القانون الأخلاقي للفلسطينيين حول سلوك أفراد قواتهم ؟". وهذه أسئلة مشروعة. في الجانب الفلسطيني هناك جوانب غامضة بشكل مقلق في الأسس الخاصة بالمسؤولية والمساءلة. إن انعدام السيطرة الذي تمارسه السلطة الفلسطينية على قوات الأمن التابعة لها والعناصر المسلحة المرتبطة بقيادة السلطة الفلسطينية أمر مثير للقلق. إننا نحث السلطة الفلسطينية على اتخاذ كل الخطوات الضرورية لتأسيس نظام تسلسل سلطة واضح وصلب للقوات العاملة تحت سيطرتها. ونوصي بأن تنشيء السلطة الفلسطينية وتفرض معايير فعالة للسلوك والمساءلة ، سواء ضمن قواتها الرسمية أو بين الشرطة والقيادة السياسية المدنية التي تقدم تقاريرها إليها.