سوابق بطولة قطر الدولية لكرة المضرب كثيرة، والمهم أن أولى الدورات السنوية في الألفية الجديدة والتي اقيمت على ملاعب "مجمع خليفة للتنس والاسكواش" في الدوحة كانت من نصيب الفرنسي فابريس سانتورو الذي جرّد الألماني راينر شوتلر من لقبه بتغلبه عليه في المباراة النهائية 3-6 و7-5 و3- صفر ثم بالانسحاب أمام ألفي متفرج في الدوحة. وضرب سانتورو عصافير عدة بحجر واحد، ففاز باللقب القطري وبالمركز الأول في التصنيف العالمي، وصار أول فرنسي يحقق الأمرين معاً، وأضاف إلى رصيده المصرفي 137 ألف دولار قيمة جائزة المركز الأول، وحصل على كأس أمير قطر البالغة قيمتها 90 ألف دولار. واعتلى سانتورو صدارة أول تصنيف عالمي يصدر في الألفية الجديدة، وبحسب نظامه الجديد برصيد 220 نقطة أمام مواطنه جيروم غولمار الذي أحرز بطولة دورة شيناي الهندية. ووصل اللاعب الفرنسي، الذي اطلق عليه لقب "قاهر الألمان"، إلى نهائي البطولة القطرية بعد فوزه على الالماني لارس بورغسمولر 6-4 و6-1 في الدور الأول، وعلى الهولندي جون فان لوتوم 7-6 و6-1 في الدور الثاني، وعلى السويسري جورج باستل 6-2 و6-4 في ربع النهائي، وعلى الألماني المصنف أول البطولة والمرشح لنيل لقبها نيكولاس كيفر 7-5 و6-4 في نصف النهائي قبل أن يخسر أول وآخر شوط له في البطولة أمام الألماني شوتلر 4-6، لكنه فاز بالمجموعة الثانية 7-5 وأدرك التعادل. وفي الوقت الذي كانت الجماهير تمني نفسها بمجموعة فاصلة نارية، اخرج سانتورو "وصفة سحرية" قوامها قوة الضربات وحسن التحرك في كل شبر من أرجاء الملعب ما جعل منافسه يتقهقر صفر -3 ثم يرفع الراية البيضاء معلناً انسحابه. وإذا كان شوتلر فقد لقبه وفشل في أن يكون ثاني لاعب يحصد اللقب مرتين متتاليتين بعد السويدي ستيفان ادبرغ عامي 1994 و1995، لكنه حاز الاعجاب لجديته وحماسته وكفاحه حتى اللحظة الأخيرة. ويكن شوتلر تقديراً خاصاً لبطولة قطر لأنها هي التي عرفت العالم عليه، ودخلها لاعباً مغموراً في العام الماضي ونجح في التأهل من المرحلة التمهيدية ثم فاز بلقبها فصار أول لاعب يصعد من التصفيات ثم يفوز باللقب. العيناوي وارازي المغربيان هشام ارازي ويونس العيناوي مثلا العرب في بطولة قطر، وإذا كان الأول خرج من الدور الأول أمام الروسي اندري تشركاسوف فإن الثاني صمد طويلاً وخرج من الدور نصف النهائي أمام شوتلر. ولاحت أمام العيناوي فرصة فريدة للوصول إلى المباراة النهائية على أقل تقدير، خصوصاً أنه تقدم على شوتلر 1- صفر 7-6 في نصف النهائي. لكن الاصابة التي تعرض لها في كاحله منعته من اكمال المباراة بالقوة التي بدأ بها فخسر المجموعة الثانية 4-6... ثم تكرر السيناريو وخسر الثالثة بالنتيجة عينها. ورغم ان البطل المغربي أخفق في تحقيق حلم عربي جميل خيم على أجواء البطولة منذ يومها الأول، بيد أنه كان على مستوى الحدث ولعب كل مبارياته بقوة وحماسة وقدم خلالها لمحات ممتعة لمختلف فنون اللعبة. ورأى النقاد والمهتمون بأمور اللعبة ان تفويت العيناوي لهذه الفرصة، جعل أمل العرب بالحصول على لقب كبير من عام 2000 أشبه بأمل ابليس في الجنة. أما ارازي فكان حملاً وديعاً وفشل في رد أبطأ كرات تشركاسوف، وبدا وكأنه حضر إلى الدوحة فقط من أجل الحصول على قيمة المشاركة في الدور الأول البالغة 9800 دولار. وما أكد ذلك أنه شارك أيضاً في بطولة الزوجي لكنه خرج وزميله البلجيكي توم فان هودت من الدور الأول أيضاً، بعد أن خسرا أمام الثنائي التشيخي ييري نوفاك وسيريل ساك 7-6 و5-7 و4-6. وبقي كيفر والكرة الصفراء الجديدة سؤالان محيران في البطولة، لأن الأول دخلها وهو في المركز السادس عالمياً ومصنفاً أول للقبها، واللافت أنه قدم عروضاً جيدة أمام الأميركي جف ترانغو وفاز 7-6 و7-6 والايطالي كريستيانو كاراتي 6-1 و6-1 والهولندي سيينغ شالكن 6-1 و6- صفر، لكنه هوى بغرابة أمام سانتورو 5-7 و4-6. وباستخدام الكرة الصفراء الجديدة الأثقل وزناً والأكبر حجماً، أوشك عصر جديد أن يرسم ملامحه على اللعبة، لأنه لم يصبح لأصحاب الارسالات القوية فقط أي آمال بتحقيق البطولات الكبرى. واقترن التعديل الذي أقره الاتحاد الدولي ورابطة اللاعبين المحترفين بخصوص الكرة مع شكوى الجمهور الباحث عن المتعة والإثارة والذي انتقد اعتماد بعض اللاعبين على الارسالات القوية السريعة التي تنهي المباريات بسرعة وتحرم الجمهور من مواصلة الاستمتاع والاندماج مع اللعبة بما يتطلبه ذلك من استرسال في اللعب، خصوصاً الطويل من آخر الملعب والاخذ والرد بين اللاعبين. وكان اولى ضحايا هذه التجربة الكرواتي ايفان ايفانيسيفيتش الذي اشتهر بارسالاته التي لا تصد ولا ترد، وخرج على يد السويدي ميكايل تيلستروم من الدور الاول بخسارته 7-6 و6-4. الزوجي وفي بطولة الزوجي، توج مارك نولز من جزر باهاماس والبيلاروسي ماكس ميريني بعد فوزهما على الأميركيين ياريد بالمر واليكس أوبراين 6-3 و6-4. وحصل الفائزان على 73750 دولاراً والخاسران على 43300 دولار، علماً بأن الثنائي الخاسر كان المصنف الأول في البطولة. أجواء البطولة الأجواء المحيطة بالمنافسات كانت غير عادية، لذلك كان من الطبيعي أن تكون البطولة ذاتها غير عادية على مختلف الأصعدة الترحيبية والتنظيمية والفنية. الترحيب كان حاراً جداً بجميع الضيوف وفي كل مكان... والمنظمون بذلوا جهداً كبيراً وتعبوا من أجل أن يرتاح الآخرون. وحرص علي الفردان رئيس الاتحاد القطري رئيس اللجنة المنظمة على عقد مؤتمر صحافي يومي ازال من خلاله أي غموض حال من دون الوقوف على آخر الأحداث والتطورات. أما على الصعيد الفني، فإن أبشع المنافسات الرياضية من أي مستوى هي تلك التي تكون نتائجها معروفة سلفاً... بمعنى ان يكون هناك مرشح فوق العادة للفوز باللقب، في حين يسعى الباقون إلى لقب الوصيف على أكثر تقدير... وعادة لا تشفي المفاجآت الغليل رغم ضرورتها وأهميتها، وإنما التكافؤ وحده هو الذي يشبع نهم هواة اللعبة... أي لعبة. والتكافؤ صار سمة بطولة قطر بعدما اعتذر بعض "كبار القوم" عن عدم الحضور إما خوفاً من أصفار وأسفار الألفية الجديدة، أو لأنهم فضلوا البقاء في بلدانهم أو مع عائلاتهم في اول يوم من القرن الجديد لانه لن يتكرر أبداً في حياتهم. وبعد بدء المنافسات وخروج المغربي هشام ارازي والاسباني فيليكس مانتيا والكرواتي غوران ايفانيسيفيتش ازداد التكافؤ، واكتسبت البطولة ميزة مهمة جعلت من المباريات قمة في الإثارة والمتعة. الفردان وفي حديث خاص إلى "الحياة"، أوضح علي الفردان ان تنظيم البطولة سنوياً منذ عام 1993 وتتابع مشاركة كبار النجوم في فعالياتها عاد على قطر بايجابيات كثيرة، وأثنى على المستوى الفني للبطولة، مشيراً إلى أنها الأقوى بين البطولات الثمانية التي نظمها اتحاده، لأنها اتسمت بالتكافؤ والندية. وشدد على أن أهمية البطولة ازدادت هذا العام لأنها توجت المصنف الأول عالمياً في أول تصنيف يصدر عن رابطة اللاعبين المحترفين في القرن الجديد. وعن النواحي الايجابية للبطولة، قال الفردان: "تنظيم البطولة سنوياً في البلاد قدم لها 7 فوائد أساسية... فهي وضعت قطر على الخريطة السياحية العالمية، وصارت منطقة جذب للمهتمين باللعبة وغيرهم. مكاتب السياحة في كل مكان في العالم وضعت موعد إقامة الدورة ضمن برامجها السنوية وتطلب الكثير من تأشيرات الدخول في هذه الفترة تحديداً... ثم هناك الناحية الاقتصادية حيث تنتعش السوق التجارية ويزداد حجم التعامل فيها، وتشغل الفنادق والطائرات بالكامل ما يحقق رواجاً اقتصادياً للدولة. والإعلام العالمي الذي يحرص على حضور البطولة باستمرار يساهم في التعريف بقطر، ويعكس الوجه الحقيقي للنهضة العمرانية والثقافية والفكرية التي تعيشها في الوقت الحالي، إضافة إلى أن الإعلام المحلي افرد للبطولة صفحات عدة يومياً ما اعطى المواطن القطري فكرة شاملة عنها. ومنذ البطولة الأولى اهتمت الدولة بالبنية التحتية، وحرصت تحديداً على انشاء ملاعب على أعلى مستوى وهي صارت بالمئات. واكتسب المواطن القطري المزيد من الخبرات التنظيمية للبطولات الدولية الكبرى، فضلاً عن أنها عرفته على اللعبة ونجومها الكبار بشكل أكبر فحببته فيها، وحرص عدد كبير من الناشئين على ممارساتها فاتسعت القاعدة وأصبح هناك الآن "ثقافة تنسية" على اعلى مستوى ويمارس اللعبة أكثر من ألف طفل اسبوعياً. ونتيجة لكل ذلك ارتفع المستوى المحلي وصرنا الأفضل خليجياً والثالث عربياً بعد المغرب ومصر". واضاف الفردان: "نأمل بان تكون بطولة قطر الدولية الطريق لميلاد لاعب وطني على المستوى العالمي، ونحن نعد لذلك منذ الان حيث نهتم كثيراً بالبراعم وانشأنا لهم مدرسة خاصة لتعليمهم اصول اللعبة وفنونها. واعتقد انه بالمثابرة سوف نحقق امالنا، ربما ليس في المستقبل المنظور وانما يبقي الامل قائماً". وطالب رئيس الاتحاد القطري بضرورة توفير الاحتكاك المناسب للاعبين العرب حتى يتمكنوا من رفع مستوياتهم والدخول ضمن التصنيف العالمي الذي يسمح لهم بالمشاركة في البطولات الدولية الكبرى، وقال: "لابد ان نوفر للاعبينا اكبر عدد من المشاركات الدولية، ولذلك اقترح على الاتحاد العربي ان يطلب من الاتحادات المحلية تنظيم بطولات "الستالايت" لانه يسمح فيها بمشاركة اللاعبين غير المصنفين وفي هذا الحال نكون قد وفرنا نحو 16 فرصة امام اللاعبين العرب لحصد بعض النقاط التي قد تؤهل بعضهم للمشاركة في البطولات الدولية الكبري". وعن اقامة اول بطولة للسيدات في المنطقة اكد الفردان ان الاتحادالقطري سيبادر بتنظيمها في عام 2001، واوضح: "كان بامكاننا تنظيمها هذا العام، لكن ارتباطنا بتنظيم بطولة "السنيورز" التي يشارك فيها السويدي ستيفان ادبرغ والاميركي جون ماكنرو وغيرهما من نجوم اللعبة القدامى جعلنا نرجئ اقامة بطولة السيدات الى العام المقبل حتى نوفيها حقها وتخرج في الصورة المشرفة المنشودة". اوضح الفردان ان اتحاده سيبدأ فوراً في الاعداد لمباراة اعتزال النجمة العالمية شتيفي غراف في شباط فبراير المقبل في الدوحة، واشار الى ان السويسرية مارتينا هينغيس هي اولى المرشحات لتكون الطرف الثاني في هذه المباراة التاريخية. استراليا صنف الاميركي اندريه اغاسي في المركز الاول في بطولة استراليا المفتوحة اولى البطولات الاربع الكبرى التي تنطلق الاثنين المقبل وتستمر حتى 30 الحالي. وجاء الروسي يفغيني كافلنيكوف حامل اللقب العام الماضي في المركز الثاني والاميركي بيت سامبراس ثالثاً والالماني نيكولاس كيفر رابعاً والبرازيلي غوستافو كويرتن خامساً والسويدي توماس اينكفيست سادساً والاكوادوري نيكولاس لابنتي سابعاً والاميركي تود مارتن ثامناً. ويغيب عن البطولة التشيلي مارتشيلو ريوس 9 والبريطاني غريغ روسيدسكي 14 والاسترالي باتريك رافتر 16 بداعي الاصابة. وفي فئة السيدات، صنفت السويسرية مارتينا هينغيس اولى امام الاميركية ليندساي ديفنبورت والاميركية سيرينا وليامس والفرنسية ماري بيرس رابعة ومواطنتها ناتالي توزيا خامسة والنمسوية باربرا شيت سادسة والفرنسية اميلي موريسمو سابعة والجنوب افريقية اماندا كوتزر ثامنة. اما ابرز الغائبات فهن الاميركيتان مونيكا سيليش وفينوس وليامس بداعي الاصابة.
