الذهب يتجه لتحقيق مكاسب مع تراجع الدولار    تراجع الدولار واليوان وصعود اليورو أمام الروبل الروسي    الأحمدي يكتب.. في مثل هذا اليوم انتصر الهلال    الجيش الأمريكي: تدمير 8 مسيرات تابعة للحوثيين في البحر الأحمر    ماكرون يتعهد بتقديم مقاتلات ميراج إلى أوكرانيا    الحقيل يفتتح مركز دعم المستثمرين بالمدينة المنورة ويتفقد عدداً من المشاريع البلدية    وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    ابتداءً من اليوم.. حظر دخول واستخدام أسطوانات الغاز المسال بالمشاعر المقدسة خلال حج عام 1445 ه    الفريق سليمان اليحيى يقف على سير العمل بصالات الحج بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة    جمعية تعلم ومركز إشراقة يختتمان الدورة الشرعية الثامنة لنزلاء سجن المدينة    أغنيات الأسى    لاعبون بكلية مزروعة    الصيف الساخن يعكر نومك.. 3 نصائح تساعدك    هل نجح الفراعنة في علاج سرطان المخ قبل 4 آلاف عام؟    "بوليفارد رياض سيتي" و" أريناSEF " تستضيف كأس العالم للرياضات الإلكترونية    "ابن نافل" يسعى لكرسي رئاسة الهلال من جديد    "الأخضر" يتغلب على باكستان بثلاثية ويتأهل للمرحلة النهائية لتصفيات مونديال 2026    "الأخطبوط" عبادي الجوهر.. "أرينا" أكبر تكريم والسعودية نعمة    وفد من مجموعة البنك الدولي يزور هيئة تقويم التعليم والتدريب    "الأرصاد": موجة حارة على منطقة المدينة المنورة    وزير التعليم يرعى جائزة الفالح للتفوق العلمي والإبداع    موعد مباراة السعودية القادمة بعد الفوز على باكستان    «سدايا» تنال شهادة مواصفة الآيزو «iso 42001» العالمية    كوبا تعلن أن غواصة نووية روسية سترسو في هافانا الأسبوع المقبل    القطاع الخاص والاستثمار في الفضاء الخارجي    ذبّاح نفسه ما ينبكى عليه    قرض تنموي سعودي بالسلفادور ب83 مليون دولار    وزير التعليم يتفقد القطاع التعليمي بمحافظة الزلفي    الموارد البشرية: إجازة العيد 4 أيام تبدأ من يوم عرفة    مع التحية إلى معالي وزير التعليم    كيف تبني علامة تجارية قوية عبر المحتوى ؟    الركن الخامس.. منظومة متكاملة    انطلاق فعاليات الهاكاثون المصاحب للمنتدى الأول للصحة والأمن في الحج    فضائل الدول الصناعية وعيوب من عداها    «التحيّز».. الداء الخفي    عمارة الحرمين.. بناء مستمر    بحضور وزير الاستثمار ومحافظ الزلفي.. وزير التعليم يرعى حفل جائزة الفهد لحفظ القران    أشهُرٌ معلومات    بن فرحان يبحث مع نظيريه السويسري والكندي مستجدات الساحة    بن نافل يُعلن ترشحه لرئاسة الهلال    الاتفاق يُحدد موقفه من فوفانا وجوتا    حفلات التخرج.. من الجامعات إلى رياض الأطفال    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تدشن مسرحها الجديد بأحدث التقنيات المسرحية    أمير القصيم يكرّم البشري بمناسبة حصوله على الميدالية الذهبية    وقوف امير تبوك على الخدمات المقدمة في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    اختصار خطبة الجمعة بالحج لشدة الحرارة    نجاح فصل التوأم السيامي الفلبيني "أكيزا وعائشة" بعد عملية استغرقت 5 ساعات    بجراحة دقيقة مركزي بريدة يستأصل ورما نادراً ضاغطا على الأوعية الدموية    أمير القصيم يقف على جاهزية مدينة حجاج البر    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    "العُلا" سحر التنوع البيئي والتراث    انطلاق أيام البحر الأحمر للأفلام الوثائقية    وزير الدفاع يبحث مع العليمي مساعي إنهاء الأزمة اليمنية    رئيس الشؤون الدينية يدشن دورة "هدي النبي في المناسك"    نائب رئيس جامبيا يزور المسجد النبوي    المملكة تدين اقتحام عدد من المسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأعضاء الكنيست ومستوطنين متطرفين للمسجد الأقصى    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الثقافة "الصامد" في منصبه بعد 12 عاماً يتحدث بصراحة تامة . فاروق حسني : أنا خادم للثقافة المصرية ولست قيّماً عليها لم أسع إلى "تدجين" أحد ... والمبعدون هم مجرد متوهمين
نشر في الحياة يوم 01 - 11 - 1999

عبّر وزير الثقافة المصري فاروق حسني التغيير الوزاري الأخير بثقة يحسد عليها، ورغم كثرة التكهنات التي أخرجته بالفعل من الوزارة و"عيّنت" آخرين مكانه، الا انه عاد ليحمل الحقيبة الوزارية نفسها التي حملها طوال اثنتي عشرة سنة سابقة ولسنوات اخرى مقبلة.
الوزير هذه المرة عقد العزم على إنهاء مواقفه الملتبسة مع بعض المثقفين المصريين، يقول: "سأقيم حوارات مفتوحة لمزيد من الفهم، الحوار يكشف كلاً منا للآخر". ويعلن "ان وزير الثقافة هو خادم للثقافة المصرية وليس قيّماً عليها، وأن من سيعمل معنا سنضعه فوق رؤوسنا والمختلفين لهم كل الاحترام ولوجهات نظرهم كل تقدير".
وينفي الوزير في هذا الحوار ما سبق ان كيل له من تهمة تدجين الثقافة المصرية والمثقفين المصريين وإدخالهم حظيرة المؤسسة الرسمية. ويتحدى ان كان طلب من مثقف ما ان يقول غير رأيه او هدّده في لقمة عيشه، ويتساءل: "من هو المثقف الذي أُبعد لأنه ضد الوزير او الوزارة؟".
ويقول الوزير حازماً انه سيطعن في حكم القضاء الذي رفض مشروع "باب العزب" السياحي وقد أثار حملة ضده وقت التغييرات الوزارية لأنه - كما يقول - حق ثابت لوزارة الثقافة ولن تتخلى عنه.
ويعلن ان احتفالية الألفية الثالثة مستمرة - على رغم المعارضة - وانها في حسابات الربح والخسارة رابحة لأن كل مشروع ثقافي عند الوزير هو مشروع اقتصادي في المقام الاول. ويكفي ان الاحتفالية سيشاهدها اكثر من بليوني نسمة على 120 محطة تلفزيونية وتم حجز الاماكن كاملة وفي كلفة لن تزيد على 5،9 مليون دولار اميركي.
وهنا نص الحوار الذي اجريناه في مكتبه في فيللا وزارة الثقافة في ضاحية الزمالك الانيقة:
ما الفارق بين وزير الثقافة قبل التغيير الوزاري الاخيروبعده؟
- وزير الثقافة بعيداً عن التغييرات الفوقية لا بد ان يكون متجدد الابداع، وليس هناك شك ان وقود وزير الثقافة هي الأفكار التي تطور الثقافة، ورداً على سؤالك اقول: وزير الثقافة لديه افكار جدية لتطوير الثقافة وهي افكار متجددة في شكل مستمر إدراكاً منا لاحتياج العمل الثقافي والساحة الثقافية لهذه الافكار، واذا كان العمل الثقافي يمر في مراحل التبشير والبناء والتعميق والاتصال والتواصل فان كل هذا تم في مراحل سابقة. فالفترة المقبلة امامنا فترة تعميق وتحديث للرؤى الثقافية.
كيف؟
- مثلا لدينا عنوان كبير اسمه المسرح، هذا العنوان الكبير يُساء اليه عن عمد على رغم انه جيد، ولا اعتقد ان المسرح المصري شهد انتعاشة شبابية وطفرة في الرؤى المسرحية بقدر ما هو عليه الآن، ولكن المغرضين دوما يصفون المسرح بالتراجع، فقط لأنهم ليسوا فيه أو ليسوا موجودين في الساحة. يرون تجديداً في كل شيء وينكرون كل شيء. هنا نحن لا نتنازل عن القيمة من اجل هؤلاء، نحن نقدم ما يجب ان تقدمه وزارة الثقافة ونتمسك بالقيمة ونعتبر كل ما يقدم هالكاً في تلك الفترة الى ان يحدث التبشير الكامل بالمسرح الجديد. لدينا كم مسرحي كبير لكن للأسف الرؤية ليست واضحة لأنهم جميعا جدد، والرؤى تأخذ وقتاً الى ان تثبت وتتثبت. اذاً امامنا دور وخطة عمل نقوم بهما في الفترة المقبلة وهذا على سبيل المثال.
يبدو انك مستمر في سياسات مختلف عليها ومصر على المضي قُدما فيها يسندك استمرارك في منصبك؟
- في اي اتجاه هذا الاختلاف، في الاختيار ام في التناول؟ انا شخصياً ليس لي "شلّة" ولا احابي سوى القيمة، والقيمة هي الأساس، واستطعت ابعاد الوزارة عن الشللية، اما حكاية الاختلاف او ان سياسات الثقافة مختلف عليها فنحن في الفترة المقبلة لابد من ان تجرى حوارات موسعة، لقاءات عامة في المسرح والسينما والتشكيل والادب والفكر، وكل مناحي العمل الثقافي، لأن الحوار يكشف الآخر. وبالتالي انا لم يكتشفني احد حتى الآن المكتشفون لوزير الثقافة - فقط - من خلال الناتج العملي ولكن المسألة الذهنية والفكرية وتبادل الافكار والخيال تلك مسألة مطلوبة ومطروحة الآن على الساحة.
في ضوء هذا الاستشكاف كيف ترى المثقفين المصريين؟
- لابد ان نفخر بهم، لسبب انهم في حالة توقد دائمة في الابداع. المثقف المصري ليس مثقفاً فقط بل مبدع ايضا وبالتالي هو يعلم قدر ذاته وقدر الحركة الثقافية المصرية ومكانه في الحركتين العربية والعالمية. كل ما يحتاجه المثقف المصري هو الارضية المناسبة لينتعش. الآن الارضية ممهدة تماماً. ليس هناك يمين ولا يسار، ولا فوقي ولا تحتي. القيمة هي الأساس، وفي النهاية تلتقي الآراء المدركة حول النظام والنظام ليس لديه تفضيل بسبب الموقف السياسي او الفكري او العقائدي، لا يوجد تصنيف. كلهم ابناء الوطن ويصبّون في الوطن، وكل قيمة يحتاجها الوطن.
كلامك يدخل تحت خانة تدجين المثقف المصري وإدخاله حظيرة النظام؟
- هذا هراء، ما هي حكاية الحظيرة والدواجن، لا الوطن حظيرة ولا المثقفون دواجن. وزارة الثقافة من اجل هؤلاء المثقفين يديرونها أليس المجلس الاعلى للثقافة كله مثقفون؟ ممكن ان يحدث نوع من التبديل والتوفيق في اللجان ولكن كل ما يهمني هو المثقف في اي مكان، وزارة الثقافة تخدمه لا تستخدمه، ثم اذا مددنا ايدينا الى المثقف يقولون تدجيناً ورشوةً، واذا تركناه يقولون تخلياً، لو قبل المثقف العمل معنا يقولون هو "بتاع السلطة" لابد من حسم هذه الاشياء. اسأل اي مثقف مصري هل طُلب منه ان يقول رأياً غير رأيه، او طُلب منه ان يؤازر في غير موقعه او خلافا لقناعاته، او وضعناه في موقف لا يرتضيه؟ هل هناك مثقف أُبعد لأنه ضد الوزارة او الوزير؟ وهل هناك من اعتلى المنصب لأنه قريب من وزارة الثقافة؟ أليست تلك حسبة موجودة ولابد ان نطرحها؟ الوزارة موجودة والخدمة موجودة ومن يحب ان يعمل في العمل العام سنضعه فوق رؤوسنا وهذا حقه علينا، ووزير الثقافة في خدمة من معه ومن ليس معه لأن هذا المنصب فيه حقوق للجميع.
الأفعال لا الأقوال
اذا كان الامر في هذا الوضوح فلم كل هذا الهجوم عليك؟
- وزير الثقافة متهم على طول الخط. طبيعة الوزارة تغري على الهجوم، اسهل شيء في الوجود ان تهاجم وزير الثقافة، لآن الثقافة كالماء والهواء. القليلون يفهمون في الاقتصاد، والخبراء يفتون في الصناعة، والعاديون يقولون كلمتهم في الثقافة. ولكن النقد شيء والتهجم شيء آخر، التصويب شيء والهدم اسلوب آخر. ما نتعرض له هدم في هدم. نفر قليل قرر هدم كل انجاز ثقافي، ويهيل التراب على المستقبل على رغم ان الحالة الثقافية الحالية في عافية وصحة جيدة، وهؤلاء هم اول من يعرفون ذلك. عموماً نحن نردّ بالأفعال لا بالأقوال. هناك جديد في حقل الثقافة المصرية كل يوم، متاحف، مكتبات، دور سينما، كتب، وثمة كثير يتم تقدمه. والطموح لدينا أكبر من ذلك، إنه يدفعنا الى الأمام في مواجهة من يريدون دفعنا الى الوراء.
من هم هؤلاء؟
- بعض ممن وجدوا أنفسهم خارح المنظومة الثقافية، هؤلاء تصوروا انهم مبعدون على رغم اننا لا نُبعد احداً ولا نهدر اية قيمة. القاهرة تعيش حالة إبداع مستمرة ولا علاقة لنا بمن يصرف على العيش على رصيف الأحداث.
شكل الهجوم يؤكد ان الازمة كبيرة، أزمة ثقة على ما يبدو؟
- الأزمة ليست كبيرة، من يهاجمون لا يتعدون اقلية تعد على اصابع اليد الواحدة، وكل فترة يثيرون الزوابع لتعطيل المسيرة ولكنها دوما زوابع في فنجان كما يقولون.
هل تسمي الأزمة الأخيرة في "باب العزب" في قلعة صلاح الدين "زوبعة" على رغم انها وصلت ابواب المحكمة وخسرتها الوزارة امام من تسميهم أقلية؟
- هذا الموضوع سنتركه للقضاء يحكم فيه خاصة ان الحكم الابتدائي لم يكن في مصلحتنا والخطأ في دفاع الوزارة وطروحاتها وراءها مسؤولون في الشؤون القانونية في الوزارة، انا اثق في ان القضاء المصري مستنير الى درجة انه يدرك الحضارة وكيفية الحفاظ على آثارنا، ولا يمكن ان تكون الوزارة التي تريد الاصلاح والترميم والتطوير هي المعتدية، والذين باعوا القصور وهدموها وتآمروا على الحضارة والمعمار هم اصحاب الحق. الوزارة تحول خرابات الى مزارات سياحية، الى مجمع ثقافي، كما في فلورنسا وروما. انني ادعو كل المثقفين الى زيارة "باب العزب" ليطلعوا على الحقيقة المرة، وليعلنوا رأيهم. كل من ادلى برأيه في تلك القضية لم يذهب الى هناك، لم يتخط عتبة المكان، بعدذاك سنحتكم الى ضمير الرأي العام. نحن نحاول انقاذ منطقة اثرية مهملة، كانت اسطبلات ونحاول ادخالها الدائرة الاثرية والسياحية. الايطاليون تحمسوا للمشروع ودرسوه لنا مجانا، ورجال الاعمال تحمسوا وسينفقون على المشروع. لن نتكلف مليماً واحداً بل سنحصد عائداً كبيراً، يا سيدي. من هدموا القصور يحاولون تلطيخ سمعتنا.
وأزمة الاحتفالية بالألفية الثالثة والمبالغ التي تنفق عليها؟
- التكلفة بالورقة والقلم لا تتجاوز ال5،9 مليون دولار، الغريب انك تسمع ناساً وتقرأ لأناس يقولون إن التكلفة 100 مليون جنيه. ما هذه المغالطات؟ ذهبنا الى مجلس الشعب وأوضحنا الحقائق. وبعيداً عن التكلفة لا احد يحسب العائد على مصر. تصور معي 120 محطة تلفزيونية تعرض مصر ليلة اكتمال الالفية الثانية وتستقبل معنا الالفية الثالثة من منطقة الاهرامات ويشاهد عظمة مصر اكثر من بليوني نسمة. تصور مصر على خارطة العالم. وعلى العكس الاحتفالية ارباحها مضمونة وتم حجز التذاكر كاملة - 5 آلاف في الفنادق و15 الفاً في الخيام حول الاحتفالية ولن اتكلم عن عوائد هذه الاحتفالية لانني كما قلت ارد بالافعال لا بالأقوال.
هم يتهمونك بتدمير آثار المتحف الاسلامي ايضاً؟
- هذا كلام عار من الصحة وليس هناك دليل واحد عليه. خطة تطوير المتاحف موافق عليها من المجلس الأعلى للآثار ومن اللجنة الدائمة للآثار وهي لجنة تضم خلاصة الابداع والفكر المصريين ممثلة في خبرات نادرة في كل فروع الثقافة. ايضا المتحف الاسلامي يعاني من التكدس وفيه نحو 6080 قطعة فضلاً عن مخزنه الذي يحوي 92 الف قطعة مخزنة بشكل غير علمي ومعرضة لخطر المياه الجوفية والرطوبة والتلوث .. هل نتركها هكذا، انها جريمة في حق الشعب المصري. فضلاً عن ان المتحف في وضعه الحالي وضيق مساحته لا يتيح الاستفادة العلمية من كونه متحفاً. من هنا جاءت خطة التطوير، حاولنا عرض الكنوز بشكل مغاير يحفظ قيمة الاثر ويحسن من وضعه ونحميه هكذا من السرقة والحريق. لو حدث حريق لا قدّر الله في المتحف لن يسامحنا احد وسيخرج علينا الأشخاص نفسهم بتهمة حرق المتحف. انظروا كيف يحافظون على كنوز اللوفر، تطوير المتحف كمان ضرورة قومية خاصة وان يد الاصلاح لم تمسه منذ عام 1903 موعد انشائه.
لكن المتحف تم تطويره عام 1983؟
- هم اول من يعلمون ان ما جرى للمتحف عام 1983 لم يكن سوى دهن للجدران لم يقترب احد من المعروضات ولا نظموا درجات الحرارة ولا حتى تم تأمينه ضد السرقة او الحريق، صدقني لو استطعت نقل المتحف الحالي من مكانه لفعلت. ما نقوم به الآن اضعف الايمان.
لكن الضجة كانت قوية لدرجة طالبت باقالتكم ومحاكمتكم؟
- كل ما فعلناه اننا نقلنا بعض المخزون الى متحف القلعة مكان مبنى الوثائق والمخطوطات القديمة وما تبقى من مخرون يكفي متاحف آخرى. فتخزين الآثار بالشكل الذي هي عليه يعرضها لخطر داهم. مجرد ان بدأنا العمل خرجوا علينا بتهمة تدمير الآثار. والسؤال من يدمر الآثار؟ من يتحمل تبعة تدمير أثر واحد، من يفعل ذلك سيحاكمونه في الشارع وسيطالبون باعدامه حتى لو كان وزيراً. ولكن ان يحاكم وزير على حماية الآثار فهذا ما لم أرَ له مثيلاً ويصيب المرء بالدهشة والألم في آن واحد.
بدت الحملة موجهة وكانت من قبيل التغيير الوزاري الاخير؟
- لا احد يضمن البقاء في منصبه سوى بالعمل الجاد. في مصر هناك الف جهاز يراقب المسؤول، نحن لا نعمل في الهواء، واية هفوة يحاسبوننا عليها. والتجديد لنا في الوزارة يعني قناعة القيادة السياسية بالانجاز الثقافي الحالي وهي تطلب منا المزيد. ثم إن التغيير في مصر له محددات ولا ينصاع لجهة على وزير او على حكومة، فالقيادة السياسية تعرف متى التغيير ولماذا.
تبدأ الحملة دوماً صحافية ثقافية ثم تنتهي الى محاكمة برلمانية، ربما كذلك الوزير الاكثر استجوابا في البرلمان؟
- طبيعي ان يتساءل النواب عما يجري ويستطلعون الامر. ونحن نذهب ونوضح ونرد على الاسئلة المثارة لأن هذه هي الديموقراطية. ثم اننا لدينا الشجاعة في الاعتراف بالخطأ والتصويب ولا مكان للمكابرة في تصرفاتنا لاننا نعمل لمصلحة مصر.
يزيد من عدم صدق الوزارة وحماسة البعض للحملة عليكم حالة الاثار الاسلامية المبعثرة في كل مكان بالقاهرة؟
- في كل مرة اسمع هذا الكلام وكأن السقالات لا تحل ولا الصلبات يقل عددها. الناس تنظر الينا بنظرة نصف الكوب المملوء. نحن لدينا خطة شاملة لترميم كل الاثار المصرية، بما فيها الاثار الاسلامية، وعندما ضرب زلزال تشرين الأول اكتوبر 1992 كثيراً من الاثار الاسلامية تركنا الخطة الام جانبا لتلحق بالدمار الجديد. خسائر الزلزال كانت كبيرة: 218 اثراً اسلامياً تأثرت، بعضها دمر تماما وبعضها في شكل جزئي. وضعنا خطة انقاذ ووضعنا اولويات. الاكثر دمار فالأقل وهكذا. الدمار كان كبيراً وحجم المرصود للترميم من مبالغ كان قليلا، اعتمدنا على صندوق الاثار بشكل اساسي والعمل جاء على قدم وساق والخطة مستمرة للترميم. صحيح القلق على حالة الاثار مطلوب ولكن خطة الاوراق والاتهام بالاهمال مرفوض تماماً.
اذا ما هو المطلوب بالضبط؟
- اذا كانوا لا يريدون الوزير فهذا شأنهم فالوزير موجود وفاعل، وحتى لو خرجت من الوزارة كفاني ما قمت به وهو كثير.
يزيد من حدة الهجوم قضية السيد محمد فودة الذي قيل انه سكرتيركم ومتهم بالاثراء غير المشروع؟
- القضية امام القضاء، وهو لم يكن سكرتيراً خاصاً لي بل كان واحداً من موظفين سبعة في مكتب سكرتارية وزير الثقافة، والقضية بعيدة عن الوزارة تماما والقضاء كفيل بالرد على اصحاب تلك الشائعات.
واسعار لوحاتك المبالغ فيها؟
- لو كانت لوحاتي غالية ما بيعت. انا لم أجبر احدا على الشراء. ثالثا انا لست من هواة البيع، اللوحة عندي اغلى من اية مبالغ، اغلى من كنوز الدنيا.
يقينا انت الاغلى لكونك وزير الثقافة؟
- لست الاغلى ولا علاقة بلقب وزير بالسعر، وهناك فنانون مصريون يسجلون اسعارا اغلى مني، وطالما ارتضى الشاري السعر فلماذا التشكيك؟ ثم ان شهرتي كفنان سابقة على لقبي كوزير والوزارة جاءتني وانا في اوج تألقي في العاصمة الايطالية روما والمصارف الايطالية تخطط لاحتكاري كفنان. كسبت الوزارة وخدمة الوطن وخسرت فرصة يتمناها اي فنان، فرصة تجعل خطوطك تباع قبل ان تضع الريشة على الورق.
وتهافت بعض الأثرياء على لوحاتك؟
- اولاً لو كان الأثرياء يشترون اذاً فهم يعرفون القيمة، ويشكل هذا تقديراً خاصاً لهم.
الاتعتبر رسمك للوحات تشكيلية نوعا من "التربح" من عملك الوزاري؟
- ما هذا الخلط، هل وجه هذا السؤال للأديب يوسف السباعي وهو يكتب روايات أو للشاعر احمد هيكل وهو يضع دواوينه؟ هذا هراء. السؤال يا سادة هل انا وزير كفؤ ام لا؟ ثم انهم سألوني في مجلس الشعب السؤال نفسه وقلت هذا كلام مرفوض، انا كنت قبل الوزارة اقيم معرضا كل عام الآن اقيمه كل عامين. كنت ابيع 40 لوحة سنويا الآن البيع اقل لأن الانتاج اقل. وطبيعي ان ارفض البيع لأنني لست في حاجة الى فلوس. الفن عندي هواية وليس حرفة.
والمشاريع السياحية؟
- مشاريعي بدأت قبل الوزارة واستمرت بعدها من دون تدخل مني. وهناك من يرعى تلك المشاريع بعيدا عني وهناك اجهزة تراقب وترصد وعموما هذه المرة الأولى اسمع كلاما عن ذمتي المالية على رغم بقائي 12 عاما في الوزارة واقدم اقرارات الذمة المالية بانتظام وادفع ضرائبي كاملة.
لن اطبّع مع إسرائيل
بعد التجديد للوزارة هل مازال موقفك من اسرائيل هو المقاطعة الكاملة؟ وهل هذا يعني مجاراة للرفض في الوسط الثقافي المصري اكثر من كونه موقفاً لوزارة في حكومة مرتبطة باتفاقات تطبيع؟
- اولاً، الموقف ثابت وواضح ولا يتغير بين وزارة جديدة او قديمة. انا لن اطبّع مع اسرائيل إلا اذا تحقق السلام الشامل والعادل وعاد الحق الى أصحابه. ثانياً، ليس عيباً ان تتفق رؤية الوزارة مع رؤية المجموع الثقافي المصري. ثالثاً، على عكس ما يتصوره البعض، الحكومة المصرية والقيادة السياسية لم تطلب منا تطبيعا ونحن كوزارة موقفنا واضح من قضية التطبيع وخلاصته ان ورقة التطبيع مؤجلة الى حين حل القضية وعودة الاراضي المحتلة للوطن الكبير .. ورقة التطبيع ثمنها غال ولا يجوز التفريط فيها بسهولة وثمنها الحل الشامل.
استمرارك في هذا الموقف يرشحك باستمرار كعدو لقادة اسرائيل؟
- طالما هم يدعون كذبا انهم بناة الاهرامات فيلزم الرد عليهم. بيغن قال ذلك ومن بعده نتانياهو ورددت عليهما. والاخير وجّه لي شتائم فرددت عليه، وسأرد على من يكذب ويدعى ان له نصيباً في اهم حضارة عرفها التاريخ. وكثيرا ما وجهوا لي دعوات لزيارة اسرائيل ورفضت وارفض وجودهم في الاحتفاليات المصرية لأن التطبيع الثقافي ورقة مؤجلة عليهم ان يدفعوا ثمنها اولا.
سؤال اعتراضي: هل عادت كل الآثار التي سرقتها اسرائيل من سيناء؟
- نعم عادت آلاف القطع والايام سوف تكشف لنا هل مازالت اسرائيل تحتفظ بآثار مصرية. وقتها سنطالب بأي قطعة تظهر عندهم ونحن يقظون جدا تجاه هذا الموضوع ونبحث عن اي قطعة عندهم من خلال المتاحف والمعارض.
في بداية الحوار ضربت مثالا للتجديد والتطوير ما يجري في المسرح، ولكن البعض يتحدث بكثير من الانتقاد عن المسرح التجريبي ويراه تغريباً ثقافياً؟
- المسرح التجريبي هو الثورة على الجمود، هو الابتكار والمغامرة، هو البحث عن الفن الجاد من خلال الشباب. قضيتي هي الشباب ومسرح الشباب هو همي، والتجريبي ناجح جدا، هو الذي يطلعني على الافكار الجديدة في العالم تلك هي الافكار السائدة الآن. هل انعزل بذرائع موروثة من الستينات؟ معارضو هذا الفن من عشاق مسرح الستينات؟ هذه رجعية! نحن نتكلم عن المستقبل وهم يعيشون في الماضي. مسرح الدولة موجود لم نلغه ومن يريد ان يذهب ليراه لا حجر عليه اما انا فلدي طموحات مسرحية تواكب التطور العالمي. نحن في منطقة تهب عليها الافكار من كل مكان والسلام لن يترك لنا فرصة الاختيار وسنجد انفسنا امام افكار لا نستطيع ان نختبئ منها في الرمال. انا احصن الشعب بالافكار الجديدة.
ربما كان هذا المسرح يمس مقدسات أو تقاليد اجتماعية مسرحية؟
- مبدئيا نحن لا نسمح ابدا باي نوع من الخروج على القيم المصرية او التقاليد العقائدية المرعية. ولا احد اكثر مني حرصا علي هذا لأنني مسؤول عن ثقافة هذاالشعب وتلك مسؤولية ضخمة ونقوم بها بكل امانة وشرف.
هل نفضت يديك من مسرح الدولة؟
- مسرح الدولة عليه ان يصلح احواله. كلهم يعيشون على تراث الستينات. ماذا فعل لهم؟ نحن في الستعينات والقرن الجديد، من يريد مسرح الدولة فليذهب اليه ويراه، لكن انا اتكلم عن المستقبل.
هل تركتم السينما للقطاع الخاص؟
- اطلاقاً! نحن وفّرنا كل السبل لتنطلق السينما المصرية والبقية مسؤولية اهل الفن السابع، هم مسؤولون عن رعاية فنهم. كانت وزارة الثقافة تمتلك السينما ماديا ومعنويا اليوم تمتلك السينما معنويا فقط. دور العرض وشركات التوزيع والاستديوهات في ايدي القطاع الخاص. نحن نرعى معنويات السينما بمعنى تشجيعها وندافع عنها ضد الأفكار الرجعية وندعمها بالاعفاءات الجمركية واقامة المهرجانات. ومن جانبنا قدمنا كل التسهيلات الممكنة والتي اثمرت عن تأسيس شركات انتاج وبناء دور عرض، ومرحلة ازدهار السينما قادمة والبشائر مشجعة.
في مواجهة فكر التطرف والارهاب اين موقع الثقافة كوزارة؟
- واضح للجميع اننا ضد الافكار المتطرفة ايا كانت وطبيعي ان يكون لوزارة الثقافة الدور الابرز في مواجهة تلك الافكار.
لكن البعض يلمح سلبية تجاه بعض الافكار الرجعية التي تصادر كتبا وتمنع افلاما وربما تحكم علي كاتب بالقتل؟
- بالعكس نحن تفاعلنا مع قضية نصر ابو زيد وبذلنا كل ما في وسعنا ولكن القضية سبقتنا جميعا الي القضاء ولا احد يستطيع ان يتدخل في عمل القضاء فهو له استقلاليته الكاملة. وعلى رغم ذلك لم نتخل عنه وساعدناه بكل طاقة ممكنة. ولم نترك نجيب محفوظ ولنا يد في كل عمل ثقافي ورعاية المثقفين فرض كبير علينا. وأحب ان اوضح قاعدة وقوفنا بكل جهد ضد تلك الافكار. وأيضاً نحن ضد الاباحية. ومنطقي يقول إن الرقابة فقط تتدخل في منطقة خدش الحياء بالاضافة الى المساس بالدين بخلاف هاتين النقطتين لا احد يستطيع ان يتدخل في أي عمل فني حتى لو كان جهاز الرقابة ووعي المجتمع حزام أمان للأفكار الجديدة طالما انها لا تخدش حياءً او تمسّ ديناً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.