على امتداد التاريخ جرت محاولات عدة لتضخيم الدور الحضاري اليهودي. وهناك سلسلة متصلة من الادعاءات والمزاعم اليهودية تستهدف التأكيد على هذا الدور، بل وتأثيره في حضارات العالم القديم والحديث على السواء. وإذا كانت تلك المحاولات لا تتوقف، فإن اخطرها على الاطلاق هي المحاولة الاخيرة التي قام بها ايمانويل فلايكوفسكي، والذي نعرفه من قبل كمؤلف لكتاب "اوديب واخناتون"، وهو عالم فيزياء يهودي ولد في روسيا العام 1895 وقام بالتدريس في العديد من الجامعات الاوروبية وكرس حياته لاصدار كتابين يتناولان منطقة الشرق القديم في الفترة التي تبدأ بالخروج الاسرائيلي من مصر وحتى غزو الاسكندر الاكبر لفلسطين، بما يشكل في مجموعه 1200 عام من تاريخ المنطقة. يتناول كتاب فلايكوفسكي الاول "عوالم في تصادم" التاريخ الجيولوجي والفلكي للمنطقة في تلك الفترة، ويحاول ان يبرهن على ان هناك كوارث طبيعية ضربت مصر واجتاحت المنطقة كلها، وهذه الكوارث هي نفسها التي وردت في التوراة تحت اسم "الضربات العشر" والتي لم تكن - كما يزعم - إلا نتيجة لاصطدام ذيل احد المذنبات الهائلة بالارض، والذي تزامن مع توقيت الخروج الاسرائيلي من مصر. ونتج عن هذا الاصطدام "الافتراضي" وقوع زلازل في المنطقة، بالاضافة الى عواصف كونية عاتية ادت الى حدوث موجة جزر هائلة في "يام - هاخيروث" البحر الاحمر ما ادى الى تمكن الاسرائيليين - الفارين من مصر - من عبوره، وعندما حاول المصريون مطاردتهم بعجلاتهم الحربية بقيادة الفرعون حدثت موجة جزر عاتية ابتلعت جيش المطاردين! وبعد ان قدم فلايكوفسكي الاساس النظري لفرضياته في "عوالم في تصادم"، انتقل الى الواقع التاريخي لاختبار تلك الفرضيات، او لنقل اقحامها عليه، لكي يحاول فض اللغز الذي شغل علماء المصريات واليهود على السواء. فما هو هذا اللغز؟ على رغم ان تاريخ مصر يضرب بجذوره الى اعماق بعيدة في الزمن، ومع ان الشعب اليهودي - على حد تعبير فلايكوفسكي - له تاريخ يحتوي على البدايات الاولى لحركة مصر خلال القرون، فكيف يمكن للمصريين القدماء الذين سجلوا ادق تفاصيل حياتهم اليومية ألا يشيروا عبر مدوناتهم الوفيرة الى اقامة الاسرائيليين في مصر او رحيلهم عنها؟ وكيف تجاهلوا او تناسوا الضربات العشر المفجعة التي طالت كل بيت في مصر بآثارها؟ ثم كيف يغرق الفرعون - ابن الإله - ولا يتم تسجيل ذلك الحدث الجلل؟ الاسئلة السابقة تشكل عناصر اللغز الذي حيّر كل الاطراف، خصوصاً اليهود، والذين اقلقهم اكثر ان الكثير من الدارسين رأوا ان اقامة اليهود في مصر واسطورة استعبادهم فيها ثم خروجهم الدرامي منها لم تكن سوى تصور ديني بحت نتيجة لعدم ورود اي ذكر لبني اسرائيل، سوى عبارة وحيدة وجدت منقوشة على تابوت مرنبتاح تقول: "لقد ابيدت بذرة اسرائيل". لقد كان هذا اللغز وذاك التصور هما المحرك الاساسي لإصدار الكتاب الثاني تحت عنوان "عصور في فوضى" في محاولة لفض اللغز ودحض التصور. وسعى فلايكوفسكي جاهداً الى إعادة ترتيب التاريخ القديم مفترضاً ان اللغز السابق نتج عن سقوط ستة قرون من التاريخ اليهودي، إذ تكررت في التاريخ المصري. ونتيجة لهذه الفرضية، فإنه يؤسس بحثه على العديد من المغالطات التاريخية التي لا تستند - كما يقول القانونيون - إلا على "أدلة ظنية"، أي أنه على حد تعبير فرويد اشبه بمن يبني صرحاً من التخمينات بيقين عظيم! ونتج عن هذه المغالطات في إعادة ترتيب التاريخ أن يتزامن - على الجانبين - ملوك ليس بينهم ادنى صلة تاريخية: احمس وشاوول، حتشبسوت وسليمان شلومو، تحتمس الثالث ورحبعام، امينوحبت الثاني وآسا، اخناتون ويهوشافاط. وخلف هذا التزامن، الذي قد يبدو كفرضية علمية تحتمل الصواب والخطأ، يقبع العقل اليهودي التقليدي بكل ميراثه الغريب. إن هذا التزامن ليس بريئاً، لكنه خطأ "مقصود" بغرض اثبات ان اليهود كانوا دائماً اسبق من المصريين على المستويين المادي والروحي. وهذا ما سنناقشه في موضوع آخر، لكن ما يهمنا - في البداية - هو مناقشة النهج الذي اتبعه فلايكوفسكي لإثبات فرضياته. إشكالات المنهج المنهج هو اسلوب او طريقة فعل البشر العملي والنظري الذي يستهدف امتلاك ناحية الموضوع. إن استخدام المنهج المناسب عادة ما يؤدي الى نتائج اقرب الى الصواب، وهذا ما لم يكن يريده فلايكوفسكي. فهو بدأ بحثه تحت ضغط فكرة مسيطرة، لذلك حاول من خلال الكتاب تأكيدها، وكان تبنيه لها ذا سمة عاطفية اكثر منها عقلية. وفي هذه الحالة، فإن المنهج الاستدلالي يصبح الأكثر ملاءمة، إذ يمكن للمؤلف ان يبتدئ بالفكرة الجاهزة ليبحث عن أسانيد لها من الواقع، وإذ يطرح النتائج محاولاً الوصول الى مقدماتها واقحام هذه المقدمات - إن لزم الامر - على الموضوع. وشاب منهج البحث اخطاء عدة نظنها "مقصودة" لذاتها، خصوصاً ان فلايكوفسكي واسع الثقافة بدرجة لافتة للنظر وذو افق موسوعي في مجال العلوم الانسانية والاجتماعية، اضافة الى عقليته العملية والرياضية. لذلك فإننا نتصور ان اخطاءه المنهجية لم تأت نتيجة للاجتهاد الشخصي، بقدر ما كان يؤمن بانه لا يمكن تأكيد فرضياته الا عبر تلك الاخطاء التي تتلخص في المقدمات الاحتمالية والانتقائية والاجتزاء والرؤية التأويلية للتاريخ والتناقض الداخلي. المقدمات الاحتمالية عند دراسة احد جوانب الموضوع محل البحث، فإن فلايكوفسكي عادة ما يبتدئ حديثه بمقدمة احتمالية، إذ يستخدم حرفي قد أو لو، او يستخدم تعبيرات مثل من الممكن... أو من المحتمل.... وبعد ان تمتد المقدمات الاحتمالية، يكون القارئ قد نسي البداية، أو يكون هو - أي فلايكوفسكي - تناساها، فإننا نجده يؤسس على تلك المقدمة الاحتمالية نتائج يقينية. وقد يكون من المفيد ان نورد بعض الامثلة التي تشير الى طريقته هذه: - "من المحتمل" ألا يكون الأبكار من ابناء الملوك والامراء لقوا حتفهم ليلة الزلزال. ص 61. - "من الممكن" ان يكون القصر الملكي إنهار. ص 54. - "من المحتمل" ان المصادر التي استقى منها مانيتو معلوماته لم تكن دقيقة. ص 107. - "ربما" كان الملك المصري احمس موجوداً مع يوآب كحليف له. ص 111. - "لو" كان الخلل موجوداً في تتابع التاريخ المصري، فإن الاحتمال الوحيد لذلك هو أن بعض حلقات هذا التاريخ وصفت مرتين... ولكن "يبدو" ذلك من المحال. ص 124. - "لو" كان خروج الاسرائيليين من مصر حدث في أواخر المملكة المتوسطة، و"لو" كان حكم الهكسوس هو حكم العماليق، فإن حتشبسوت يجب أن تكون معاصرة لحكم سليمان. ص 130. وفي مواضع اخرى: "لو" كانت سومور هي السامرا، فإن جوبلا هو الاسم السابق لمدينة جيزريل. ص 255. - وسوف نمضي على "افتراض" ان سومور وجوبلا هما السامرا وجيزريل. ص 256. - اما اسم ملك اورشليم في التوراة - يهوشافاط - فلم يكن احد الاسماء المتعددة لشخص واحد، ولكن "يبدو" انه اسم اطلقه عليه شعبه. ص 259. - وطبقاً للنظام المتبع، فلا بد ان عرايا كان حياً في عصر يهوشافاط، ويبدو انه كان يعمل تحت إمرته. ص 265. اكتفينا بسرد المقدمات الاحتمالية ولم نحاول ان نحلل نتائجها، لأن ذلك يستدعي مساحة يضيق عنها هذا المقال. ولكننا نذكر ملاحظة مهمة وهي اننا تتبعنا تلك المقدمات في الكتاب بطريقة العينة العشوائية، وذلك من خلال الاختيار العفوي لموضعين مختلفين، كما يبدو من ترقيم الصفحات. الانتقائية والاجتزاء من اخطر الآفات التي تكتنف اية دراسة علمية أن تتعرض للانتقائية او الاجتزاء، لأن ذلك سيفقدها الكثير من موضوعيتها حيث تصبح محاولة التوصل الى حقائق محكومة بالتوصل الى انصاف الحقائق. وعادة ما يكون اللجوء الى تلك الآفة نتيجة اما لضيق الافق العلمي، وهو ما نستبعده عن فلايكوفسكي، او نتيجة لسوء النية المسبقة، وهذا ما نعتقده فيه. فهو قد يقبل شهادة مصدر ما إذا كان يخدم فرضياته في موضع، ثم يستبعده إذا تناقض معه في اي موضع آخر. وسوف نستدعي ثلاثة شواهد للتدليل على ذلك، وهي: التوراة، والاخباريون العرب والمسلمون، والمؤرخ اليهودي يوسيفوس. اعتمد فلايكوفسكي على التوراة كشاهد بشكل اساسي. فإذا نحينا جانباً فكرة ان الاعتماد على المصادر الدينية لا يجوز في مسائل البحث العلمي والتاريخي، حتى لا تتعرض الكتب المقدسة للنقض، وحتى لا تصبح المسائل اليقينية موضع امتحان، فإننا نقول إن استخدام التوراة كشاهد لنصف الوقت فقط، وحين كان يستخدم النصوص المقدسة من الوجهة التاريخية، كان يتعامل معها باعتبارها حقائق يقينية. الا انه حين تتعارض النصوص مع فرضياته، فإنه اما يتجاهلها او يلقي باللائمة على نساخ التوراة الذين نسوا او حرفوا. فمثلاً حين تقرر التوراة ان الفرعون شيشنق او شيشق كما في التوراة هو الذي استولى على مملكة يهوذا في عهد رحبعام، فإنه يصر على ان الفرعون المقصود هو تحتمس الثالث. وبينما تشير التوراة الى أن الفرعون الذي هزمه "آسا" هو "زارح" فإنه يصر على انه امنحتب الثاني. وبينما تؤكد التوراة ان الملكة التي زارت سليمان هي بلقيس ملكة سبأ، التي ورد ذكرها 3 مرات في سفر الملوك، فإنه يفترض انها كانت حتشبسوت، وأن بلاد بونت لم تكن سوى أرض الآلهة أي فلسطين. وهو - في هذه النقطة تحديداً - يستبعد آراء الاخباريين العرب والمسلمين الذين تتبعوا اخبار بلقيس ونسبها في مصادر عدة، ولا يشير إليهم من بعيد أو قريب، بينما اعتمد على آرائهم - بشكل اساسي - في التأكيد على ما حل بالجزيرة العربية من نكبات تدل على وقوع الاحداث الكونية التي افترض انها صاحبت الخروج الاسرائيلي، بينما كان يفصلهم عنها اربعة وعشرون قرناً. بالطريقة نفسها يستشهد بالمؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس في مواضع عدة، لكن حين يسلم يوسيفوس في كتابه "ضد آبيون" بآراء المؤرخ المصري القديم مانيتو، والذي يقرر ان اليهود هم الهكسوس، فإن فلايكوفسكي يسارع برفض هذا الرأي. وها هو يبحث عن ذريعة ليوسيفوس حين يقول إن "دافعه الوحيد الى ذلك هو رغبته في البرهنة على اصالة الشعب اليهودي وقدمه، مستنداً الى قصص مانيتو" ص 121. الرؤية التأويلية الى التاريخ حين تغيب بعض الحقائق عن المؤرخ او تكون ناقصة، فإنه يحاول أن يملأ الفراغات التي تنشأ عن الحقيقة الغائبة. إنه "يتخيل" شكل الواقع التاريخي، وقد يقوم بتأويل بعض النقاط الغامضة، وذلك حق طبيعي للمؤرخ شريطة ان يظل هذا التخيل أو ذاك التأويل في طور "الفرضية" ولا يصل الى مرتبة "اليقين". والأخطر من ذلك انه يفترض ان تأويله هو الوحيد الذي يمتلك الحقيقة حين تتعدد التأويلات الاخرى، وهذا كان احد اشكالات فلايكوفسكي. إن تخيل الواقع التاريخي للعصور السابقة احتاج منه ان يعتمد بشكل اساسي على نظرية القلب والإبدال في علم فقه اللغة، وذلك لكي يصل الى نتائج حاسمة. كما انه اعتمد - ايضاً - على التخريجات اللغوية خصوصاً في اسماء الاشخاص والبلدان، بالاضافة الى التأويل المضموني لأدلة اقل ما توصف به انها واهية. وها هو يقول: "يبدو لي انه لا يعد شططاً ان ضمنت ان اسم مدينة اوجاريت ليس الا الاسم الكاري - الايوني ايوجوراس" ص 255. فلماذا لا يكون - مثلاً - هو الاسم الايوني لمدينة "ارجوس"؟ إذ أن تشابه بعض حروف كلمتين مع اختلاف مواضعها لا يقدم حقائق او ينفي شططاً، كما انه يقرر ان ارض فلسطين سجلت في السجلات المصرية أيام تحتمس الثالث - كما يدعي - باسم ريتنيو او رزينيو. ويقول إن "فلسطين غالباً ما تسمى في التوراة" اريز، اي ارض، باعتبارها "اريز يسرائيل"، فإذا اضيف لها ضمير الملكية في اللغة العبرية "نون" تصبح "آرزينو". ان كلمة ارض بالعبرية تنطق آرتس وعلى ذلك تصبح أرضنا "آرتسنو" وليس "آرزينيو" كما يدعي، كما انه من الصعب ان يتعامل شعب ما مع بلد آخر بصفة هذا البلد وليس باسمه. ان الهدف من التخريج السابق اثبات التزامن بين تحتمس الثالث ورحبعام، وبالتالي اثبات التزامن اللامعقول بين شلومو سليمان وحتشبسوت. ولقد ورد في مزامير داود 78:49 "قد انزل الله اشد غضبه وعقابه، ورجزاً وضيقاً، ملائكة اشرار" ص95. وفلايكوفسكي هنا يدعي ان النساخ اخطأوا في نسخ تعبير ملائكة اشرار، إذ ان الاوقع - من وجهة نظره - هو تعبير "ملوك الرعاة" وذلك لكي يثبت ان الهكسوس هم العماليق. على أن أخطر التأويلات هو ما يتعلق ببردية ايبوير التي استشهد بها فلايكوفسكي للتأكيد على ما حل بمصر من خراب وتدمير عند الخروج الاسرائيلي. والمشكلة الحقيقية في بردية ايبوير انها لم تشر على الاطلاق الى اليهود، كما ان لغتها مجازية واقرب الى لغة الشعر منها الى اللغة العامية التي تقدم المفاهيم المجردة. لذلك تعددت تفسيرات وتأويلات العلماء لها، فبينما يفسرها لادوث شاباس بأنها مجموعة من الامثال، يرى بروجسن انها بعض الالغاز والاحاجي المصرية، في الوقت الذي يرى لانج أنها نبوءة كاهن او عرّاف، وفي المقابل يرى غاردنر وسميث انها مجموعة نصائح اجتماعية. إلا ان فلايكوفسكي لا يرى فيها الا تأويلاً واحداً هو أنها "الرؤية المصرية لكارثة كبرى" ص 53. وهذه الكارثة - بالطبع - هي الضربات العشر، ثم يقوم بعملية تخريج لغوي لعبارتي "الهائمين على وجوههم" و"شعب العبيد الفقراء" بأنه يذكر ضمناً الشعب الاسرائيلي. التناقض الداخلي ذكرنا من قبل ان فلايكوفسكي يزعم ان من غزا فلسطين في عهد رحبعام هو تحتمس الثالث وليس شيشنق، وهو يقصد من وراء ذلك ان الغنائم التي تدل على تقدم حضاري هائل كانت تخص اليهود ولا تخص الحضارة الكنعانية: "نحن نعلم ان هذه الحضارة العظيمة، والتي نرى نتاجها في الآثار المصرية، لم تكن حضارة كنعانية بل كانت حضارة اسرائيلية" ص191. لكنه في سياق الحديث عن حفريات رأس شمرا في سورية يقول: "وأما المادة التي سجلها الكنعانيون فقد فاقت كل تصور... فألواح رأس شمرا تبرز ثقافة ذات نبض قوي، عالية المعنويات، يسودها حب النظام والعدل" ص212، ثم يستطرد: "ان وجهة النظر الحديثة تعتبر ان العناصر الاجتماعية والدينية والحضارية في التوراة منقولة كلها من اصول كنعانية على اعتبار ان تلك الاصول كانت موجودة قبل ان تجمع التوراة بستمئة عام على الاقل، ولذلك لا يمكن أن تكون ذات اصل يهودي، بل ان الكنعانيين هم الذين مهدوا الطريق للمفاهيم الدينية اليهودية، كما ان لغتهم ونمط حروفهم الهجائية وايقاعاتها ورثها اليهود عنهم، وأن روح الشعب التواقة الى العدل وتكوين المؤسسات الاجتماعية وشجن الانبياء كانت كلها كنعانية قبل ان تصبح اسرائيلية بمئات السنين". ص 218. والتناقض هنا لا يحتاج الى تعليق. * كاتب مصري.