وزير الحرس الوطني يطّلع على استعدادات القوات المشاركة بموسم الحج    «قوات أمن الحج»: تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي حفاظاً على سلامة الحجاج    لأول مرة في الحج.. إطلاق «التاكسي الجوي» ذاتيِّ القيادة    تقرير: 4.5% وزن الأسهم السعودية في MSCI    العيبان: السعودية مستمرة في دعمها الإنساني للفلسطينيين    مهمة سهلة للكبار في دور ال 32    أخضر الملاكمة التايلندية ينتزع ذهب العالم في اليونان    البسامي يتفقد قوات أمن الحج والجهات العسكرية المساندة المشاركة في الحج    كيف أُحبِطُ مَنْ حولي ؟    الذات والآخر    «المهدرجة».. الطريق إلى أزمات القلب وسكتات الدماغ    5 أسباب ستدفعك لتناول الفستق يومياً    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته.. وصول الطائرة السعودية ال 53 لإغاثة الشعب الفلسطيني    أعرب عن الاعتزاز بالعلاقة المتميزة مع الشقيقة الكبرى.. صباح الحمد يشكر خادم الحرمين الشريفين وولي العهد    الطيور تمتلك "نظام سير" خاصاً بها    رابطة العالم الإسلامي تعزي الكويت في ضحايا حريق منطقة المنقف    العقيد الطلحي يتفقد مركز(911)    ولي العهد يعتذر عن المشاركة في قمة ال G7 لإرتباطه بالإشراف على أعمال الحج    سطوة ريال مدريد    أشعة الرنين المغناطيسي تكشف تعرّض "العويس" للإصابة في العضلة الخلفية للفخذ    ألمانيا تستضيف يورو 2024 بمشاركة 24 منتخباً.. صراع على عرش القارة العجوز.. وإنجلترا وفرنسا أبرز المرشحين    التدريب التقني والمهني بتبوك يشارك في صيانة وفحص 492 مركبة في منفذ حالة عمار    فاطمة تنال الماجستير من جامعة المؤسس    مدير مدرسة هشام بن حكيم يكرم الكشافين المتميزين    آل الفرحان يحتفلون بزفاف 3 عرسان في ليلة واحدة    فحص 400 ألف رأس مواشي في منافذ العاصمة المقدسة    الخطيب ترأس اجتماع المنظمة الدولية.. دور سعودي رائد في ازدهار السياحة العالمية    25 فعالية لمركز "إثراء" في عيد الأضحى    وزير الإعلام يزور جناح الداخلية    دورة تأهيلية لجامعي البيانات لموسم حج 1445ه    خدمات متكاملة لراحة ضيوف الرحمن    وزير الصحة يزور مستشفى قوى الأمن بمنطقة مكة المكرمة    ولي العهد يعزي ولي عهد الكويت في ضحايا حريق المنقف    الأمين العام للأمم المتحدة: مستوى الدمار في غزة وأعداد الضحايا لم يسبق لها مثيل    فريق طبي ينجح في إزالة ورم من رحم مواطنة في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام    كشفته دراسة عالمية شملت 356 مشاركًا.. إدمان «ألعاب الفيديو» يؤثر على جودة النوم    وزارة الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق عدد من المخالفين لأنظمة وتعليمات الحج    المملكة تعزي في ضحايا حريق «المنقف» في الكويت    الهلال يفتقد البليهي في السوبر السعودي    وزير البيئة: حققنا أعلى معدلات النمو في إنتاج المياه المحلاة    180 شركة تخدم أكثر من 208 ألف من حجاج الداخل    لا حج بلا تصريح    تجمع الشرقية الصحي يشارك في مبادرة "خدمتكم شرف "    دموع رونالدو والنصر    الطواف صلاة ولكن !    تحريف الحج عن مقاصده التعبّدية !    «البريكس» بديل عن نادي باريس !    الكويت: 49 وفاة في حريق المنقف    «إش ذي الهيافة»    الإعلام الرياضي    هل آن أوان مجلس أعلى للتعليم ؟    مستويات قصوى من العنف ضدّ الأطفال في غزة والسودان    القبض على 9 مقيمين ووافدَين لترويجهم بطاقات «نسك حاج» مزورة    وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني: ملتقى إعلام الحج.. نقلة نوعية    اللواء الفرج يؤكد تسخير إمكانات الدفاع المدني لأمن وسلامة ضيوف الرحمن في موسم الحج    الرئيس الأوكراني يصل جدة وفي استقباله نائب أمير مكة    ارتفاع أعداد الجامعات السعودية إلى 32 جامعة في تصنيف التايمز للجامعات ذات التأثير في أهداف الأمم المتحدة    تابع سير العمل في مركز قيادة الدفاع المدني.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد مشاريع التطوير في المشاعر المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"قصيدة النثر" "المرجعية والشعارات" لعزالدين المناصرة . كتاب يكشف عن الهوس بالذات
نشر في الحياة يوم 24 - 09 - 1998

يعاني كتاب عزالدين المناصرة "قصيدة النثر ]المرجعية والشعارات[" منشورات بيت الشعر، رام الله، آب/اغسطس 1998 من خلل اساسي في بنيته، فهو ليس كتاباً نقدياً يعيد النظر في تاريخ كتابة قصيدة النثر ويجادل في نسبتها الى النوع الشعري، كما انه ليس كتاباً سجالياً يركز على قصيدة النثر بوصفها "جنساً كتابياً خنثى" كما يصف العنوان الفرعي للكتاب هذه القصيدة.
الكتاب صغير الحجم لا تتعدى صفحاته 88 صفحة يضمنها الشاعر الفلسطيني شروحات مدرسية حول العروض العربي وبحور الشعر، وينقل السجال الذي دار حول قصيدة النثر عام 1997 ملخصاً اقوال محمود درويش واحمد عبدالمعطي حجازي وعزالدين المناصرة" ثم ينتقل الى تلخيص ما ترجم الى العربية من كتاب سوزان برنار "قصيدة النثر: من بودلير الى ايامنا"، ثم يعرض لنظريتي جويار وفايل في ايقاع الشعر العربي، لينتقل بعدها الى تقديم ملخص لكتاب الباحث اللبناني احمد بزون "قصيدة النثر العربية: الاطار النظري" متهماً الباحث بانه يسعى الى "لبننة قصيدة النثر" وتجاهل الريادة الفلسطينية لهذه القصيدة توفيق صايغ، ثم جبرا ابراهيم جبرا. وفي الصفحات الاخيرة من الكتاب يلخص بعض المناقشات العربية والاجنبية حول قصيدة النثر ليخلص في النهاية الى ان قصيدة النثر ليست قصيدة وانما هي "جنس كتابي خنثى" تجمع خصائص النثر الى خصائص الشعر.
الاشكاليّ في كتاب المناصرة هو الهوس الغريب بالحديث عن الذات وانجازاتها، فصاحب "يا عنب الخليل"، وقمر جرش كان حزيناً"، يشدد على انه عضو في "المدرسة الفلسطينية التي كان لها الدور الأكبر في ايصال القصيدة الحديثة الى الشارع" ص:10 وبانه طور "قصيدة النثر الفلسطينية "عندما نشر قصيدته" مذكرات البحر الميت" في مجلة "مواقف" عام 1969، ثم نشر مجموعته "كنعانياذا" عام 1983 ص12. ويمكن ان نعثر على هذا الانعطاف الدائم على الذات ومنجزها في مواضع عديدة من الكتاب حيث نرى الى تضخم الذات وتعملقها وعماها عما حققه الآخرون. لكن المثير للاهتمام هو ان المناصرة ظل خلال السنوات الاخيرة يقول انه رائد "قصيدة النثر" في فلسطين والاردن، وهو في كتابه الاخير يهاجم قصيدة النثر ويعتذر عن مجموعته "كنعانياذا"، ويكيل التهم لمن يكتبون قصيدة النثر واصفاً اياها بانه "قصيدة العولمة" ومتهماً شعراءها انهم اتباع فوكوياما وخدم النظام العالمي الجديد ص16.
ليس في كتاب عزالدين المناصرة، الذي كاد عنوانه يغطي صفحة الغلاف الاولى فيما لم تبلغ صفحاته 88 صفحة، الكثير من الجهد النظري والتحليلي، فهو محتشد بتلخيصات كلام الآخرين ومنشغل بذات المناصرة ومنجزها الشعري والتنظيري !، وقد كان بامكان الكاتب ان يكتب عن ذاته دون اللجوء الى الاستعانة بكلام محمود درويش واحمد عبدالمعطي حجازي والعمل على تلخيص ما كتبه نقاد عرب وأجانب حول الشعر العربي، بطريقة مدرسية لا تناقش جوهر الامور ولا تحاول ان تدلل على عناصر اعتراضها الفعلية على قصيدة النثر العربية، خصوصاً اننا لم نغادر في هذا السجال ! الذي أثاره المناصرة في كتابه غلاف الكتاب الاول، فهو لم يقنع القارىء بلا شعرية قصيدة النثر، ولم يبرهن له على ريادة الفلسطينيين لقصيدة النثر وذلك مرض آخر ابتليت به الحياة الثقافية العربية في السنوات الاخيرة، اي ان يدّعي كل قطر الريادة لنفسه، لكن ابرز ما حققه الكتاب هو انه شتم كتّاب قصيدة النثر الجدد واتهمهم بالعمالة للنظام العالمي الجديد وتخريب مملكة الشعر أو جمهوريته، لا فرق، كما انه شتم نقّاد قصيدة النثر وجردهم من صفاتهم النقدية واتهمهم بخراب الذمم وعدم الكتابة عن الشعراء الفلسطينيين دون شعراء العرب جميعا ص17. وفي النهاية كان مجمل ما أنجزه المناصرة هو الوصف الاخلاقي المريض لقصيدة النثر بانها "جنس كتابي خنثى" وكأنه بذلك يستعدي عليها سلطة المجتمع الاخلاقية لتطيح بها وتطردها من عالم الكتابة.
من الصعب مواجهة هذا النوع من الكتب ان يستعين المرء بحصيلته المعرفية ويحاجج شاعراً وكاتباً مثل عزالدين المناصرة، مركزاً على الافكار التي يناقشها الكتاب، لان الافكار التي يوردها المناصرة، لدحض شعرية قصيدة النثر وسلبها "مشروعيتها" في الشعر العربي المعاصر، واهية لا تقوم على مناقشة مفهوم الشعرية، كما ان الكاتب يردد ببغائية لافتة كلاماً لشعراء ونقاد آخرين لا يعيد فحصه على ضوء افكاره ! هو، أو على ضوء المنجز الذي حققته قصيدة النثر. ان من حقه ان ينفر من قصيدة النثر ولكن ليس من حقه ان يشطبها من المنجز الشعري العربي المعاصر دون ان يكون قادراً على ان يبرهن لنا لماذا اخرج قصيدة النثر من دائرة الشعر، ولماذا وصف شعراءها بتلك الاوصاف الشنيعة التي جعلتهم عملاء للاستعمار الجديد، بصورة تذكر باتهام قصيدة النثر في الستينات بانها ترغب في هدم اللغة العربية وتدمير بنيان الشعر العربي. ان المناصرة يهيم في البيداء ويخبط خبط عشواء بين الكلام على أمين الريحاني ووالت ويتمان ص3-4 والكلام على النظام الوزني العربي وصدوره. ص22-31 لينتهي الى شطب قصيدة النثر العربية من عالم الشعر.
ما يلفت القارىء في عضون هذه الشعاب الكثيفة من الحجج المتناقضة هو تعملق ذات المناصرة، وهيمنتها على الخطاب، وحضورها المربك للسجال الذي يقيمه الشاعر حول نوع شعري كتب فيه الشاعر ثم رأى ان يتراجع عنه، ورغم انه لا يمكن لانسان في هذا العالم ان يفرض على المناصرة ان يكتب قصيدة النثر فاننا نتساءل عن الحصيلة المعرفية التي يمكن ان يضيفها تراجع المناصرة عن مجموعته "كنعانياذا" الى الدراسات التي كتبت عن قصيدة النثر العربية حتى هذه اللحظة، فهل اضاف كتاب "قصيدة النثر: المرجعية والشعارات" الى مكتبة الدراسات المنجزة عن قصيدة النثر العربية جديداً سوى ذلك الوصف الاخلاقي لقصيدة النثر بانها "خنثى"؟ ان من الواضح اننا انطلقنا من عنوان الكتاب متشوقين للتعرف على الاطار النظري لقصيدة النثر، الذي رغب المناصرة في تحديده، وعدنا في نهاية المطاف اكثر عطشاً للمعرفة مما كنا عليه قبل ان تقع انظارنا على غلاف الكتاب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.