"أرامكو" ضمن أكثر 100 شركة تأثيراً في العالم    رصد 8.9 ألف إعلان عقاري مخالف بمايو    الإبراهيم يبحث بإيطاليا فرص الاستثمار بالمملكة    "كروم" يتيح التصفح بطريقة صورة داخل صورة    تدريب 45 شاباً وفتاة على الحِرَف التراثية بالقطيف    ضبط مقيمين من الجنسية المصرية بمكة لترويجهما حملة حج وهمية بغرض النصب والاحتيال    اختتام ناجح للمعرض السعودي الدولي لمستلزمات الإعاقة والتأهيل 2024    أنشيلوتي: كورتوا سيشارك أساسيا مع ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا    ثانوية «ابن حزم» تحتفل بخريجيها    ترمب يصف محاكمته الجنائية في نيويورك بأنها «غير منصفة للغاية»    ضبط مواطنين في حائل لترويجهما مادة الحشيش المخدر وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    «الربيعة» يدعو إلى تعزيز المسؤولية الدولية لإزالة الألغام حول العالم    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقوم بزيارة تفقدية    شولتس: إصابات "بالغة" إثر هجوم "مروع" بالسكين في ألمانيا    أمر ملكي بالتمديد للدكتور السجان مديراً عاماً لمعهد الإدارة العامة لمدة 4 سنوات    مفاوضات غزة «متعثرة».. خلافات بين إسرائيل وحماس حول وقف الحرب    كذب مزاعم الحوثيين ..مسؤول أمريكي: لا صحة لاستهداف حاملة الطائرات «آيزنهاور»    الذهب يستقر قبل بيانات التضخم الأمريكية    الهلال يبحث عن الثلاثية على حساب النصر    مورينيو يختار فريقه الجديد    حجاج مبادرة "طريق مكة" بمطار سوكارنو هاتا الدولي بجاكرتا    «الجمارك»: إحباط تهريب 6.51 مليون حبة كبتاغون في منفذ البطحاء    وكيل إمارة حائل يرأس اجتماع متابعة مكافحة سوسة النخيل الحمراء    فاتسكه: دورتموند قادر على تحقيق شيء استثنائي أمام الريال    خلافات أمريكية - صينية حول تايوان    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والنبوي    فيصل بن فرحان يلتقي وزير الخارجية الصيني و وزير الخارجية العراق    رياح مثيرة للأتربة والغبار على مكة والمدينة    إسلامية جازان تقيم ٦١٠ مناشط وبرنامج دعوية خلال أيام الحج    5 مبتعثات يتميّزن علمياً بجامعات النخبة    وزير الداخلية يدشن مشاريع أمنية بعسير    ترقية 1699 فرداً من منسوبي "الجوازات"    "سامسونغ" تستعد لطرح أول خاتم ذكي    المملكة ضيف شرف معرض بكين للكتاب    توجيه أئمة الحرمين بتقليل التلاوة ب"الحج"    أطعمة تساعدك على تأخير شيخوخة الدماغ    الرياضة المسائية أفضل صحياً لمرضى للسمنة    البنك الأهلي واتحاد «القدم» يجددان الرعاية الرسمية للكرة السعودية    الغامدي يكشف ل«عكاظ» أسرار تفوق الهلال والنصر    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    جدة تتزين لأغلى الكؤوس    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الخريف لمبتعثي هولندا: تنمية القدرات البشرية لمواكبة وظائف المستقبل    «الدراسات الأدبية» من التقويم المستمر إلى الاختبار النهائي !    كيف تصبح زراعة الشوكولاتة داعمة للاستدامة ؟    5 أطعمة غنية بالكربوهيدرات    المملكة تستضيف الاجتماع السنوي ال13 لمجلس البحوث العالمي العام القادم    المعنى في «بطن» الكاتب !    كيف نحقق السعادة ؟    العِلْمُ ينقض مُسلّمات    الحوكمة والنزاهة.. أسلوب حياة    تشجيع المتضررين لرفع قضايا ضد الشركات العالمية    عبدالعزيز بن سعود يلتقي عدداً من المواطنين من أهالي عسير    عبدالعزيز بن سعود يطلع على عدد من المبادرات التنموية التي تشرف على تنفيذها إمارة عسير    أمير القصيم يكرم 7 فائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز    حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة تبوك    تكريم الفائزين بجائزة الباحة للإبداع والتميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا تعني "القنبلة العرقية"؟. هاجس النمو السكاني العربي يقلق اسرائيل
نشر في الحياة يوم 15 - 12 - 1998

نشرت صحيفة "الصانداي تايمز" البريطانية في 15/11/1998 خبراً تحت عنوان "البنتاغون يُحذر من القنبلة العرقية"، ذكرت فيه أنه رداً على برنامج الأسلحة البيولوجية العراقية المثار حالياًَ بواسطة لجان التفتيش الدولية المكلفة بإزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية، يحاول العلماء الإسرائيليون تطوير ما يطلقون عليه "القنبلة العرقية"، وذلك باستغلال التقدم الذي تحقق في مجال الهندسة الوراثية، من حيث التعرف على "الجينات" التي تحمل الصفات العرقية للجنس العربي، ثم يقومون بعد ذلك بتخليق بكتيريا معدلة أو فيروس يستطيع أن يهاجم الجينات العربية وحدها من دون باقي الجنسيات، فتنشط هذه الفيروسات أو البكتيريا حاملة الأمراض والمعالجة وراثياً، وتقوم بتغيير الحامض النووي DNA الموجود داخل خلايا العرب الحية، بعد تشفير هذه الكائنات الدقيقة على جينات الشعوب العربية فتفتك بهم.
وأوضحت الصحيفة في مقالها أن هذا البرنامج البيولوجي يجري تنفيذه في معهد "نيس زيونا" البيولوجي الموجود على مسافة 20 كم جنوب تل أبيب، ويعتبر مركز الأبحاث الرئيسي للأسلحة الكيماوية والبيولوجية في إسرائيل ويتبع رئيس وزرائها مباشرة، شأنه في ذلك شأن هيئة الطاقة النووية. وذكرت أيضاً أن العلماء يعتبرون أن تحقيق هذا الهدف يُعد أمراً صعباً ومعقداً، ذلك لأن العرب واليهود ينتميان للعرق السامي. إلا أن العلماء الإسرائيليين ربما نجحوا في تحديد خصائص معينة في "الملف الجيني" لبعض المجتمعات العربية خصوصاً الشعب العراقي، إذ يمكن للمرض أن ينتشر بنشر هذه الكائنات الدقيقة في الهواء أو بتلويث مصادر المياه بها.
وأضافت "الصانداي تايمز" في تحقيقها أن هذه الأبحاث تعكس نتائج أبحاث أخرى أجراها علماء بيولوجيون في جنوب افريقيا إبان فترة الحكم العنصري، وتم الكشف عنها في شهادة أمام لجنة تقصي حقائق شُكلت بعد ذلك عندما تولى نيلسون مانديلا رئاسة الحكومة الوطنية هناك. واثبتت اللجنة في تحقيقاتها وجود تعاون وثيق بين العلماء الجنوب افريقيين والعلماء الإسرائيليين في تلك الفترة شمل أبحاثاً وتجارب على أسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية وصاروخية.
وأثارت فكرة قيام إسرائيل بمثل هذه الأبحاث على الأسلحة البيولوجية، عاصفة من الهجوم والانتقادات في كثير من الدوائر خارج إسرائيل وداخلها، لأنها تتوازى - كما تُذكّر - بالتجارب الجينية التي أجراها في الاربعينات الدكتور الألماني جوزيف منجل أثناء حكم النازي في مدينة AUSCHAITZ. وهو ما عبّر عنه عضو الكنيست الإسرائيلي: "إن مثل هذا السلاح البيولوجي يعتبر وحشياً ويجب استنكاره"، وأفاد بعض العلماء أنه من الناحية النظرية يمكن تخليق سلاح بيولوجي يتجه الى عرق معين ويصيبه من دون آخر، إلا أن التطبيقات العملية لمثل هذا السلاح ستكون مرعبة وشنيعة.
وأفاد رئيس مصنع أسلحة الحرب الكيماوية والبيولوجية في جنوب افريقيا دان جوسين أن فريقه تم تكليفه في مطلع الثمانينات بتطوير سلاح بيولوجي يتجه فقط إلى أصحاب اللون الأسود، وأضاف: ان فريقه ناقش إمكان نشر هذا السلاح في شراب البيرة الذي يتناوله السود أو نبات الذرة أو حتى بواسطة التلقيحات الدورية التي تجرى لهم، إلا أن تجارب تطوير هذا السلاح لم يتم استكمالها.
وختمت "الصانداي تايمز" بأن التحقيق السري الذي رفعته وكالة الاستخبارات الاميركية إلى البنتاغون، حذر في العام الماضي من أن عناصر بيولوجية يمكن تخليقها من الجينات لإيجاد اسلحة مميتة جديدة جارٍ تطويرها. كما تم الكشف عن معلومات تفيد بأن وزير الدفاع الاميركي ويليام كوهين تلقى تقارير أخرى تفيد أن بعض الدول، وعلى رأسها إسرائيل، تعمل من أجل تخليق نوعيات معينة من الجراثيم ذات توجه عرقي معين. ونال هذا الموضوع اهتمامات من مصادر المعلومات الأجنبية خصوصاً نشرة "الفورين ريبورت"، وهي إحدى إصدارات مؤسسة "جينز" التي تتابع المسائل الدفاعية والأمنية، إذ ذكرت نقلا عن مصدر جنوب افريقي، لم تكشف عن هويته، أن العلماء الإسرائيليين استفادوا من أبحاث جنوب افريقيا في هذا الصدد من أجل تطوير سلاح عرقي ضد العرب، وأضاف: ان الإسرائيليين اكتشفوا مجالات في الجينات العربية تم إجراء ابحاث عليها بواسطة يهود من أصل عربي، خصوصاً اليهود العراقيين. واهتمت الجمعية الطبية البريطانية بهذه الأسلحة المميتة القائمة على الاختلاف في الجينات، وبدأت تحقيقاتها في هذا الموضوع، وينتظر أن تعلن نتائجها في كانون الثاني يناير المقبل.
ماذا تعني هذه الأخبار؟
لا شك في أن تسريب هذه المعلومات في هذه الأيام التي يكثر فيها الحديث عن أسلحة الدمار الشامل العراقية خصوصاً البيولوجية، يأتي في إطار الحرب النفسية التي دأبت أجهزة المخابرات الإسرائيلية على شنها ضد الدول العربية من حين الى آخر، وذلك في إطار استراتيجية الردع التي تشكل ركيزة أساسية في الاستراتيجية الأمنية الشاملة لإسرائيل، خصوصاً بعد أن تولى "الموساد" رئيسٌ جديد هو شبطاي شافيت خلفاً للجنرال داني ياتوم الذي تعرضت "الموساد" أثناء فترة خدمته لفضائح كثيرة آخرها المحاولة الفاشلة لاغتيال خالد مشعل مسؤول حركة "حماس" في الأردن بواسطة غاز سام.
والسؤال: هل يمكن أن تكشف إسرائيل بهذه السهولة عن أحد أخطر اسلحتها السرية، التي ينبغي أن تحظى بأعلى درجة من التكتم؟ والرد ينهض على أربعة أسس، أولها: أن تبلغ الخصم رسالة واضحة عن أسلحة الردع التي تمتلكها. ثانيها: أن يدرك الخصم أنك تملك فعلاً هذه الأسلحة. وثالثها: إنك تنوي فعلاً استخدام هذه الأسلحة إذا ما تعدى خصمك الخطوط الحمر. ورابعها: أنه إذا ما وضعك خصمك موضع الاختبار فعليك أن تستخدم ما هدَّدت به من أسلحة ردع. من هنا يتبين لنا أن تسريب هذه الأخبار من قبل إسرائيل يأتي في إطار استراتيجية الردع وتوفير صدقية عالية لها، خصوصاً في وقت تُمارس فيه ضغوط دولية كثيرة عليها من أجل الاستمرار في عملية السلام. وترغب إسرائيل قبل أن تسحب قواتها أن تدعم استراتيجيتها الردعية وتعززها بخطوط حمر، وذلك بتسريب مثل هذا الخبر. وأكبر مثال على أهمية توفير صدقية لأسلحة الردع، ما فعلته الولايات المتحدة قبل حرب تحرير الكويت وأثناء الإعداد ل "عاصفة الصحراء" عندما عرضت فيلماً كاملا في كل محطات التلفزيون عن الأسلحة الاميركية الجديدة التي ستستخدمها في الحرب، لجهة خصائصها الفنية والتكتيكية، مثل المقاتلة الشبح ف - 117، والقاذفة الاستراتيجية ب - 52 والصاروخ توماهوك والصاروخ باتريوت وأقمار التجسس. الى غير ذلك من الأسلحة الحديثة، بهدف ردع صدام حسين، ودفعه الى الانسحاب من الكويت، كذلك تهديده علناً باستخدام اسلحة نووية ضد العراق إذا ما لجأ الى استخدام اسلحته الكيماوية ضد قوات التحالف.
هل استخدمت إسرائيل أسلحة بيولوجية من قبل؟
استخدمت اسرائيل الأسلحة البيولوجية في أول حرب لها ضد العرب عام 1948، عندما ألقت ميكروب الدوسنتاريا في مصادر مياه الجيش المصري في فلسطين، الأمر الذي أصاب أعداداً ضخمة من الضباط والجنود بهذا المرض، وأضعف قدراتهم القتالية.
وكانت صحيفة "الأيام" الفلسطينية ذكرت في 24/8/1997 أن السلطات الإسرائيلية تقوم بإجراء تجارب دوائية على المعتقلين الفلسطينيين الموجودين في سجونها، ويبلغ عددهم أكثر من 3000 معتقل، بالإضافة إلى 120 مسجوناً عربياً من جنسيات مختلفة. وأفادت "الأيام" أن وزارة الصحة الإسرائيلية أصدرت حوالى ألف تصريح لشركات أدوية كبرى هناك لإجراء تجارب لعقاقير خطيرة على هؤلاء المعتقلين، وكانت النتيجة أن كثيراً منهم لقوا حتفهم أو أصيبوا بعاهات مستديمة وهم في طريقهم للموت حالياً، وأن كثيراً من المسجونين الفلسطينيين الذين يتوقع الإفراج عنهم في إطار الاتفاق الأخير سيخرجون إلى الحياة وهم فاقدي القدرة على ممارسة أي نشاط بعد إصابتهم بأمراض خطيرة ستؤدي الى وفاتهم بعد فترة من خروجهم.
وأثبت رئيس "جمعية أصدقاء المعتقلين" الفلسطينية احمد حبيب الله، في مؤتمر صحافي عقده في أيلول سبتمبر 1997، أن 15 معتقلاً فلسطينياً توفوا بسبب اصابتهم بأمراض خطيرة خلال فترة اعتقالهم نتيجة تعرضهم لهذه التجارب. وكشفت داليا إيزاك مسؤولة لجنة العلوم في الكنيست النقاب عن هذه العمليات، وأيدتها في ذلك أمي لفتات رئيسة شعبة الأدوية في وزارة الصحة الإسرائيلية.
وفي هذا الصدد ينبغي أن نربط بين هذه العمليات التي تستهدف إبادة الشعب الفلسطيني، وبين ما ذكرته رئيسة وزراء إسرائيل السابقة غولدا مائير عندما قالت إنها "تصاب بالغثيان صباح كل يوم يولد فيه طفل فلسطيني". كذلك تصريح رئيس وزراء إسرائيل السابق اسحق رابين الذي قال فيه: "أود لو يبتلع البحر مدينة غزة بسكانها".
تعتبر الأسلحة البيولوجية ذات إمكانية خطيرة على المستوى الاستراتيجي في قتال الشعوب، ونادراً ما تستخدم على مستوى الجيوش. وتركز إسرائيل على استخدام "الايروسول" البيولوجي لتلويث الهواء والأرض، بواسطة مستودعات الطائرات والصواريخ والبالونات الموجهة تلفزيونيا. وأنشأت لذلك معملاً للأمصال واللقاحات في "نيس زيونا" جنوب تل أبيب، وتُجرى فيه أبحاث على الفيروسات، وعلى استخدام العبوات ذاتية الدفع وراجمات الصواريخ المحمّلة بالمواد البيولوجية، والاعتماد على استنشاق الكائنات الدقيقة كوسيلة رئيسية للتلوث البيولوجي.
وتنتج إسرائيل عناصر الأمراض الفطرية والتركسينات، مثل "كوكسيدولمي" وعناصر الأمراض البكتيرية مثل "بوتوليزم"، والجمرة الخبيثة "انتراكس"، والكوليرا، والطاعون. وعناصر الأمراض الفيروسية مثل "الحمى الصفراء، وحمى الدنج، والجدري، وشلل الأطفال"، وعناصر أمراض الراكتسيا مثل "التيفوس"، هذا في ما يتعلق بالعناصر المضادة للإنسان.
أما في ما يتعلق بالعناصر المضادة للنبات والمحاصيل، فتنتج إسرائيل عناصر مرضية عدة مثل "صدأ القمح، المطر الأصفر، وأمراض القطن، والذبول المتأخر للقمح"، بالإضافة إلى طاعون الحشرات، وأمراض الأعشاب وتساقط الأوراق. كذلك عناصر أخرى مضادة للحيوانات، تصيب الفم والقدم "مثل طاعون الماشية، وحمى الدواجن، وداء الكلب، والجمرة الخبيثة".
كما تسعى إسرائيل في الوقت نفسه الى تطوير ميكروبات لها درجة بقاء عالية في الظروف الجوية غير المواتية، وبخاصة عند الجفاف وارتفاع درجات الحرارة. مع إمكان استخدامها ميدانيا كأيروسولات تؤثر على الجهاز التنفسي، هذا بالإضافة إلى انتاج ميكروبات مقاومة للأمصال واللقاحات المعروفة، ولكن تؤدي إلى أعراض فسيولوجية متشابهة مع أمراض أخرى لارباك الإجراءات الصحية والوقائية للخصم.
ويذكر أن تعاوناً كبيراً جرى بين الولايات المتحدة وإسرائيل في مجال إجراء التجارب على استنباط التوكسينات والفطريات لاستخدامها كسلاح بيولوجي، خصوصاً بعد أن توصلت الولايات المتحدة الى تطوير السلاح الجرثومي المجفف، ونجحت في تطوير وتحميل أمراض: التولا ريما، والحمى القلاعية، والطاعون، والجمرة الخبيثة في رؤوس صواريخ بالستية وقنابل الطائرات، وكانت تنفق سنوياً قرابة 70 مليون دولار على تطوير سلاح الجدري.
ومع التطور التكنولوجي الذي تشهده أنظمة التسليح عموماً، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على البيولوجيات في شكلها الجديد القائم على علوم التكنولوجيا الحيوية وعلم الهندسة الوراثية، تسعى إسرائيل أيضاً الى تخليق عناصر بيولوجية جديدة لا تؤدي إلى القتل بالضرورة لكنها تؤدي الى انهاك قوة الخصم البشرية الى فترة محدودة تزول بعدها آثارها ويمكن خلال هذه الفترة المحدودة تحقيق الأهداف والمهمات العسكرية المطلوبة.
وعلى رغم توقيع إسرائيل على معاهدة 1972، والتي تحظر حيازة وإنتاج العناصر البيولوجية، اشترطت أن تقوم الدول العربية بالتوقيع عليها أولاً. إلا أنها تحفظت عند توقيع البروتوكول الخاص بالمعاهدة على عدم اعتبار السموم ومسقطات الأوراق من الأسلحة البيولوجية، وهو ما ينم عن نيات في استخدامها الأسلحة البيولوجية المضادة للمحاصيل والحيوانات ضد الدول العربية مستقبلاً. وكانت توفرت معلومات في نهاية العام 1975 عن أن "الفأر النروجي" الذي هاجم المحاصيل الزراعية في مصر وقضى على الكثير منها، تم تخليقه في المعامل الإسرائيلية ثم تسريبه الى مصر ضمن قواتها التي كانت موجودة في الثغرة غرب القناة عقب حرب تشرين الأول أكتوبر 1973. وبذلت مصر جهوداً ضخمة حتى تم القضاء عليه.
والسؤال: هل يمكن للقنبلة العرقية الإسرائيلية أن تنجح في تحقيق الهدف منها؟
يذكر أن شعوب العالم تشترك في 5،99 في المئة من جيناتها، ولا تختلف إلا في نصف في المئة فقط، وربما أقل من ذلك بين اليهود الشرقيين والعرب. وإذا كان تقرير "الصانداي تايمز" صحيحاً، من حيث الأبحاث والتطوير، فإن هذه التقنية الجديدة وليدة الهندسة الوراثية، تعني أن العلماء الإسرائيليين قاموا فعلاً بدراسة المادة الوراثية للعرب واليهود باستفاضة، وتوصلوا الى وجود جينات، أو مناطق معينة في المادة الوراثية يختلف فيها العرب بكل شعوبهم عن اليهود.
وعلى رغم ما في هذه الفكرة من حقيقة علمية، اكد علماء وأطباء في مصر متخصصون في علم الهندسة الوراثية أن تطبيق هذه الفكرة لا يتم ببساطة إلا إذا قُضي تماما على نحو 20 في المئة من اليهود أنفسهم الموجودين في المنطقة لاشتراك اليهود الشرقيين والعرب في نسبة النصف في المئة من الجينات المميزة بين الشعوب، لذلك فإن نسبة منهم ستنال منها هذه "القنبلة العرقية".
ويعتقد أيضاً أن استخدام هذا السلاح من جانب إسرائيل سيراعي كل تلك الجوانب السلبية، من حيث إمكان تأثيره على الإسرائيليين أنفسهم، بخاصة إذا ما استخدم لتلويث الهواء واحتمالات تغير اتجاهات الريح على عكس الحسابات الإسرائيلية المُقدرة.
لذلك فإنه من البديهي أن الذين نجحوا في انتاج هذا السلاح سيتمكنون أيضا من انتاج المصل المضاد له لكي يستخدم في تلقيح الإسرائيليين به مسبقاً لتحصينهم ضد هذا المرض في حال إصابتهم به. والدليل على ذلك الحادث الذي اصيب فيه خالد مشعل مسؤول حركة "حماس" في عمان في تشرين الأول أكتوبر 1997، عندما هاجمه اثنان من عملاء "الموساد" ورشُّوه بغاز معين لم يفلح الأطباء الأردنيون في تحديد كنهه، وفشلوا في علاجه، وعند ذلك طالب الملك حسين بإصرار من نتانياهو، وبضغط على الإدارة الاميركية، إرسال أطباء إسرائيليين يحملون العلاج المناسب لهذا الغاز الذي يعرفون كل أسراره لأنهم صانعوه. عند ذلك حضر طبيبان الى عمان ومعهما الترياق المضاد، وأمكن عند ذلك فقط شفاء خالد مشعل وعاد الى طبيعته، ومن دون ذلك كان موته محققاً.
من هنا يمكننا أن نستنتج أنه لا توجد استحالة في إمكان توصل إسرائيل عملياً إلى انتاج هذا السلاح في المستقبل، وإن كانت حالياً في مرحلة التطوير واستجلاء نتائج التجارب التي تجريها. وما أشارت اليه "الصانداي تايمز" من أن اليهود العراقيين موضع هذه الأبحاث لتحديد خصائص جيناتهم، فإن ذلك يرجع إلى أن هؤلاء اليهود يتصفون دون غيرهم من يهود العالم بصفات عرق اليهود من قديم الزمن، لذلك يمكن أن يتعرف الباحثون من خلالهم على حقيقة خصائص العرق اليهودي، وبالتالي تحديد الخصائص المغايرة في جينات الأعراق الأخرى، وفي ذات الوقت الذي يتم فيه تحصين اليهود المختلطين مع العرب في بعض المناطق مثل مدينة الخليل بالأمصال المضادة.
مما لا شك فيه أن هذا السلاح - الذي يدخل في إطار اسلحة الدمار الشامل - يُوجه بشكل رئيسي ضد الشعوب العربية أكثر منه ضد الجيوش العربية، ويرجع حرص إسرائيل على التعامل مع الشعوب العربية، الى اعتقادها أن التهديد الرئيسي الذي سيواجهها وهي على مشارف القرن الحادي والعشرين، ما تطلق عليه "القنبلة البشرية العربية" والناتجة من تزايد السكان العرب بأعلى نسبة في العالم تصل الى 5،4 في المئة، في وقت فشلت محاولات إسرائيل لزيادة قوتها البشرية سواء من حيث تشجيع زيادة النسل أو من خلال تكثيف عمليات الهجرة إليها بواسطة يهود الشتات.
ووصل الباحثون في إسرائيل الى أنه، ومع افتراض نجاح إسرائيل في زيادة نسبة المواليد حتى يصل عدد كل عائلة الى 4 - 5 أطفال، ومع أقصى معدلات متوقعة لهجرة يهود من أوروبا وروسيا والولايات المتحدة وافريقيا، فإن تعداد إسرائيل في عام 2010 لن يزيد على 6 ملايين نسمة، في حين سيصل عدد عرب الضفة وغزة، بالإضافة الى عرب إسرائيل، الى حوالى 5،5 مليون نسمة طبقاً لتقديرات مركز الاحصاءات الإسرائيلي.
معنى ذلك أن إسرائيل ستتحول الى دولة ثنائية الجنسية نصفها يهود والنصف الآخر عرب، بما يحمله ذلك من حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية للعرب لا يمكن تجاهلها، وهو ما ينفي عنها الصفة والركيزة الأساسية التي قامت عليها، وهي فكرة أنها دولة نقية تضم يهود العالم فقط. من هنا يمكن لنا أن نتبين أن الخطر والتهديد الرئيسي الذي تتحسب له في المستقبل، هو "القنبلة البشرية العربية". وإذا كان الكم العربي اليوم كماً مهملاً ليس له فعالية مواجهة إسرائيل بأطماعها المعروفة، فإنها لا تضمن أن يستمر هذا الكم مهملاً في المستقبل. من هنا يتبين لنا مغزى تطوير إسرائيل لأسلحة بيولوجية وكيمياوية تتجه فقط الى الشعوب العربية حتى تقضي على هذا التهديد مبكراً قبل أن يظهر.
* لواء ركن، وخبير استراتيجي مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.