«التجارة» تُشهّر بمواطن ومقيم ارتكبا جريمة التستر في تجارة الديكورات    رئيس مجلس الوزراء بدولة الكويت يستقبل فيصل بن فرحان    أمير الرياض يستقبل الأمين العام لجائزة الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز للتميز والإبداع    مفتي عام المملكة ونائبه للشؤون التنفيذية يستقبلان رئيس جمعية إحسان لحفظ النعمة بمنطقة جازان    أسعار النفط تتراجع    هيئة العقار : تراخيص جديدة للبيع على الخارطة تقدر قيمتها السوقية ب 6 مليارات ريال    نتنياهو يناقض بايدن: «الصفقة» لا تشمل وقف الحرب    أمير عسير يفتتح المقر الجديد لإدارة رعاية أسر الشهداء، بديوان إمارة المنطقة    تمارين خاصة للغنام ويحيى في معسكر الأخضر    عرض قوي من النصر لضم كاسيميرو    "تعليم الرياض" تنهي الاستعداد لاختبارات الفصل الدراسي الثالث    أمير تبوك يقف على الجهود المبذولة لخدمة ضيوف الرحمن بمنفذ حالة عمار.. الأربعاء    بدء اكتتاب الأفراد في 154.5 مليون سهم بأرامكو    طلائع حجاج إيطاليا تصل مكة المكرمة    انتخاب هالا توماسدوتير رئيسة لأيسلندا    فرصة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    بناءً على ما رفعه سمو ولي العهد خادم الحرمين يوجه بإطلاق اسم الأمير بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق الرياض    33 ألف منشأة تحت المراقبة استعدادًا للحج    جامعة "المؤسس" تعرض أزياء لذوات الإعاقة السمعية    "أكنان3" إبداع بالفن التشكيلي السعودي    الصمعاني: دعم ولي العهد مسؤولية لتحقيق التطلعات العدلية    كاميرات سيارات ترصد العوائق بسرعة فائقة    دموع «رونالدو» و«الهلال» يشغلان صحف العالم    لأول مرة على أرض المملكة.. جدة تشهد اليوم انطلاق بطولة العالم للبلياردو    انضمام المملكة لمبادرة الابتكار الزراعي للمناخ يسرِّع الاستثمارات ونظم الغذاء الذكية    أمير تبوك يعتمد الفائزين بجائزة المزرعة النموذجية    السفير بن زقر: علاقاتنا مع اليابان استثنائية والسنوات القادمة أكثر أهمية    محمد صالح القرق.. عاشق الخيّام والمترجم الأدق لرباعياته    الطائرة ال51 السعودية تصل العريش لإغاثة الشعب الفلسطيني    «التعليم» تتجه للتوسع في مشاركة القطاع غير الربحي    عبور سهل وميسور للحجاج من منفذي حالة عمار وجديدة عرعر    نوبة «سعال» كسرت فخذه.. والسبب «الغازيات»    زلزال بقوة 5,9 درجات يضرب وسط اليابان    في بطولة غرب آسيا لألعاب القوى بالبصرة .. 14 ميدالية للمنتخب السعودي    بدء تطبيق عقوبة مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    سائقو الدبَّابات المخصّصة لنقل الأطعمة    نقل تحيات القيادة وأشاد بالجهود الأمنية.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يدشن مشروعات «الداخلية» في عسير    ماذا نعرف عن الصين؟!    الاحتلال يدمر 50 ألف وحدة سكنية شمال غزة    الاتحاد بطل.. أخذوه وبعثروه    الكعبي.. الهداف وأفضل لاعب في" كونفرنس ليغ"    مزايا جديدة لواجهة «ثريدز»    هذا ما نحن عليه    هنأ رئيس مؤسسة الري.. أمير الشرقية يدشن كلية البترجي الطبية    "كدانة" تعلن عن توفر عدد من الوحدات التأجيرية للأسر المنتجة خلال موسم الحج    ..و يرعى حفل تخريج متدربي ومتدربات الكليات التقنية    الصدارة والتميز    توبة حَجاج العجمي !    "فعيل" يفتي الحجاج ب30 لغة في ميقات المدينة    حجب النتائج بين ضرر المدارس وحماس الأهالي    تقرير يكشف.. ملابس وإكسسوارات «شي إن» سامة ومسرطنة    أمير نجران يشيد بالتطور الصحي    نمشي معاك    11 مليون مشاهدة و40 جهة شريكة لمبادرة أوزن حياتك    الهلال الاحمر بمنطقة الباحة يشارك في التجمع الصحي لمكافحة التدخين    فيصل بن مشعل يرعى حفل تكريم معالي رئيس جامعة القصيم السابق    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير اقتصادي سوري عشية بدء المفاوضات الرسمية . الشراكة السورية - المتوسطية تتحول الى خيار لا بديل عنه والايجابيات اكثر من السلبيات 1 من 2
نشر في الحياة يوم 31 - 01 - 1998

يزور رئيس المفوضية الاوروبية جاك سانتير ونائبه مانويل مارين دمشق الشهر المقبل لبدء المفاوضات الرسمية حول توقيع اتفاق الشراكة الاوروبية - السورية، بعدما اتخذت دمشق قراراً "استراتجياً" بدخول المفاوضات على رغم "التخوف" من السلبيات الاجتماعية والاقتصادية التي ستنتج من "انفتاح" الاسواق السورية امام البضائع الاوروبية ومواجهة الصناعة والزراعة الوطنية "تحديات كبيرة" كان قانون "حماية الصناعة الوطنية" يجعلها بعيدة عنها.
وأظهرت المفاوضات التمهيدية التي جرت العام الماضي عمق الهوة بين موقفي الجانبين، ما دفع المسؤولين السورين الى اعداد اوراق عمل وتشكيل لجان فنية خبيرة تعد الارضية الاساسية للتفاوض مع الاوروبيين والافادة بالحد الاقصى من الاتفاق مع التقليل الى الحد الادنى من نتائجه السلبية على اعتبار ان "الشراكة قدر قائم في ظل الانفتاح وسيطرة اقتصاد السوق". والتي علّق خبير سوري حولها بأن جهود الخبراء لا تتعدى وضع الملاحظات النهائية.
وجاء في تقرير اعده عدد من الخبراء الاقتصاديين السوريين ان "تحرير التجارة بين طرف قوي المجموعة الاوروبية وطرف ضعيف سورية لا يؤدي الى تحقيق المكاسب التجارية والاقتصادية الناتجة عن تحرير التجارة لصالح الاطراف"، لذلك فإن الخبراء اقترحوا بعد قراءة مشروع الاتفاق الاولي الى "ضرورة اعتماد سياسة تدخلية تتجاوز قوى السوق لدعم اقتصاد الطرف الضعيف بصورة مكثفة يشمل دفع وتشجيع تدفق الاستثمارات نحوه. وفي الوقت نفسه يعمل الطرف الضعيف على تعبئة قواه لتطوير ذاته ومنشآته وانظمته وتطبيقها من خلال رؤية شاملة تنطوي على استراتيجية عمل متكاملة لجهة الاهداف والسياسات والمؤسسات والاجراءات".
ومن المقرر ان تفتح اسواق الطرفين بعد توقيع اتفاق الشراكة امام تدفق البضائع مع اقامة منطقة تجارة حرة بين الجانبين خلال 12 سنة وفق فترة انتقالية تنتهى سنة 2010 او بعد ذلك بثلاث سنين في حال تم الاتفاق على فترة اضافية.
وعلّق الخبراء السوريون انه على رغم ان تحديد فترة ثابتة يشكل "عاملاً ضاغطاً"، الا انه يمتلك جانباً ايجابياً يكمن في انه سيدفعنا بالضرورة الى ان لا نضيّع وقتاً وان نبذل جهودنا جميعاً كورشة عمل لوضع "استراتيجية التغيير وخطة عملها موضع التنفيذ".
لكن التحرير الفوري لاستيراد الآلات والمعدات واعفائها من كافة الرسوم والقيود سيؤدي بالضرورة الى تعظيم مكاسب الجانب الاوروبي في جميع مراحل البيع متمثلة في حماية حقوق الملكية الفكرية والصناعية والتجارية من براءات اختراع واجازات صنع وعلامات تجارية مسجلة وفي استقطاب السوق الاوروبية للتكنولوجيا بترسيخ التكنولوجيات وفنون الانتاج الاوروبية وقطع الغيار".
ويعتقد الخبراء السوريون ان مثل هذا الاجراء يحول دون بذل أي جهد من قبل سورية لتطوير صناعة الآلات والمعدات التي اهملت كثيراً في الماضي.
ولفت تقرير الخبراء الى ان انخفاض الضرائب على هذه السلع "سيساعد على تحديث النسيج الصناعي السوري نوعا وانتاجية على رغم ما ينطوي عليه من انخفاض في العمالة المطلوبة".
ويهتم الشارع السوري والخبراء والصناعيون والتجار بالحديث عن اتفاق الشراكة وانفتاح السوق. وكانت عقدت ندوات عدة تتناول هذا الموضوع كما ان المنسق الاوروبي لعملية السلام ميغيل انخيل موراتينوس كان ألقى محاضرة في جامعة دمشق عن العلاقات السورية - الاوروبية بما فيها اتفاق الشراكة.
وأظهرت المناقشات والمحادثات الرسمية وجود مخاوف كبيرة من فتح الاسواق السورية امام البضائع الاوروبية من دون مساعدات اوروبية كبيرة ترفع من مستوى الصناعة الوطنية لتكون قادرة على المنافسة.
ويتساءل الخبراء في تقريرهم اذا كانت الفترة الانتقالية المحددة في الاتفاق كافية للارتفاع بمستوى الكفاية التنافسية للصناعة السورية لتتلاءم مع الشروط الجديدة التي تفرضها السوق الحرة سيما في ظل الوضع الراهن للصناعة السورية.
كما ان تقريراً رسمياً في وزارة الاقتصاد لحظ ان "النظام الخاص بالمنتجات الصناعية التي تشتمل على عنصر زراعي يطرح مشكلة شديدة الحساسية بالنسبة لدول المجموعة الاوروبية خاصة، وانه ليس من مصلحة سورية تحرير وارداتها الزراعية من الاتحاد الاوروبي سواء لاسباب اجتماعية تتعلق بالدعم او لأسباب مالية تخص الرسوم الجمركية والضرائب".
ويذكر ان الحكومة السورية تقدّم اسعاراً مرتفعة للمزارعين عند شرائها المحاصيل الاستراتيجية ما ادى الى ارتفاع الانتاج السنوي الى حد أوصل المخزون الى 5،7 مليون طن كما ان انتاج القطن تجاوز عتبة المليون طن ما دفعها الى البحث عن اسواق لتصدير هذه المنتجات لكسب القطع الاجنبي الى الخزانة العامة للدولة.
ويساوي مشروع الاتفاق المزمع عقده بين سورية والمناطق الخاصة المتخلفة في دول المجموعة الاوروبية لجهة السماح بتقديم الدعم العام لها ودعم انتاجها ومنشآتها خلال فترة سماح مدتها خمس سنوات.
لكن الخبراء السوريين يعتبرون ان هذه الفترة "قصيرة وان المعونات العامة من دعم مباشر ومزايا ضريبية قد تكون ضرورية ليس للتطوير بل لاستمرارية عدد من الانشطة الانتاجية لفترة تزيد عن هذه المدة.
وتساءل أحد الخبراء :"لماذا تقتصر مساواة سورية بالمناطق الاوروبية الخاصة في هذا الجانب فحسب في الوقت الذي تنعم فيه هذه المناطق بمساعدات وبرامج تنمية شتى تمولها المفوضية الاوروبية؟".
ويعتبر التقرير ان الاتفاق يولي القطاعات التي ترتبط بتحرير التجارة الاولوية الاولى فان ذلك يعني ان المعونات الفنية والمالية الاوروبية ستتركز على القطاعات المنفتحة على الاقتصاد الاوروبي مع اهمال القطاعات الاخرى التي تعتبر اساساً في تطوير القطاعات الانتاجية كالبنية التحتية وتطوير الموارد البشرية.
وعلى مستوى السياسات والاجراءات المطلوبة من سورية لتكون منسجمة مع احكام الاتفاق يؤكد المحللون ان قطاع الصناعة التحويلية سيكون الابرز والاكثر حساسية في طريق تحرير التجارة، وأكدوا على اهمية معاملة القطاع العام من دون تمييز عن القطاع الخاص ورفع كفاءته الاقتصادية. كما أشاروا الى ان الأخذ بنظام السوق لا يلغي دور الدولة في توجيه الاقتصاد، وحددوا خمس مجالات يستلزم اتفاق الشراكة اجراء تعديلات جوهرية فيها وهي التجارة والجمارك وانتقال رؤوس الاموال وقواعد المنافسة وحماية الملكية الفكرية والصناعية.
وفي مجال التجارة الخارجية يعترف الخبراء بأن انظمة التجارة الحالية متشابكة ومعقدة والتعديلات المطلوبة لا بد ان تتجه نحو التبسيط والتسهيل من جهة ونحو الغاء قوائم وقف الاستيراد تدريجيا والغاء قوائم حصر الاستيراد خلال خمس سنوات.
ومعروف ان لجنة ترشيد الاستيراد والتصدير الحكومة تصدر قوائم دورية بالمواد المسموح التعامل فيها للقطاع الخاص. واقترحت الدراسة استثناء بعض المواد مثل القطن والحبوب في صورة موقتة ايضاً وإلغاء قوائم الاستيراد المقيد سواء بجهة عامة او بموافقات حكومية مسبقة من جهة اخرى مفضلة الغاء كل هذه القوائم والاكتفاء بقائمة واحدة تشتمل على السلع والمواد الممنوع استيرادها لأسباب حمائية أو أي أسباب أخرى".
وفي شكل فوري فإن الخبراء يقترحون اعادة النظر في اجازة الاستيراد لجهة المبدأ وتعديل نظام الاحتفاظ بالقطع الاجنبي بحيث يمكن الاحتفاظ بكامل القطع وبيعه او التنازل عنه للمستوردين تمهيداً لإلغاء هذا النظام عندما تسمح الظروف الاقتصادية بتحرير التعامل النقدي.
ويتم تسديد قيمة المواد المسموح باستيرادها حسب ثلاث فئات وهي اما من حصيلة القطع الاجنبي المودع في المصرف السوري من قبل المغترب، او وفقا لنظام التسهيلات الائتمانية لمدة 180 يوماً وإما من قطع التصدير الذي يخضع الى نظامين وهما احتفاظ المصدر بكامل المبلغ مثل المنتجات الزراعية وهو مثار جدل كبير لسوء استخدامه وثانيهما احتفاظ المصرف بنسبة 20 في المئة من مبلغ التصدير بسعر صرف يقل حوالي 10 في المئة عن سعره الحقيقي في السوق.
التعددية المصرفية ضرورية
والقطاع المصرفي واحد من القطاعات الشائكة التي يتناولها اتفاق الشراكة. ولم يغفل الخبراء الرسميون، لا سيما وان الحكومة السورية لا تسمح بوجود مصارف متخصصة وتمنع التداول بالعملات الاجنبية الا من طريقها اضافة الى غياب سوق لتداول الاسهم. ورأوا ان التوجه نحو التعددية المصرفية اصبح "أمراً ضرورياً. وقال احدهم "بذلك يستطيع المستورد السوري ان يفتح اعتماداته في المؤسسات المصرفية التي ستتوافر في سورية وان ينجز معاملات الاستيراد التي يعود عائدها في العادة على المصارف الخارجية".
وبمقتضى اتفاق الشراكة سيتوجب الغاء القانون 24 لعام 1984 الذي يحظر التعامل مع النقد الاجنبي، علماً ان الحكومة شكلت لجنة اخيراً لتعديل هذا القانون لجهة التخفيف من اجراءاته وليس الغائه. وسيتوجب كذلك توحيد اسعار الصرف المتعددة في سورية بسعر واحد يحدد في ضوء سعر الصرف الحقيقي في السوق.
وتتخوف الحكومة من ان يؤدي التوحيد الفوري لأسعار الصرف الى زيادة الرسوم الجمركية وارتفاع اسعار السلع المستوردة ما يتطلب اعادة النظر في نسب التعرفة الجمركية باتجاه التخفيض بحيث تنتفي او تكاد مبالغ الرسوم وما يترتب عليها من ارتفاع اسعار الواردات.
وتشكل مسألة خفض الرسوم الجمركية في شكل تدريجي وصولاً الى الغائها في نهاية الفترة الانتقالية مسألة مهمة وتثير الجدل بالنسبة للمستوردين السوريين اذ من المتوقع ان يؤدي ذلك الى خسارة الخزنة نحو ستة بلايين ليرة سورية الدولار يساوي خمسين ليرة سورية.
وللتخفيف من الانعكاسات السلبية لتحرير التجارة مع المجموعة الاوروبية على قطاعات الانتاج السوري وقطاع الصناعة التحويلية، يقترح بعض المسؤولين دعم الاقتصاد الوطني من خلال مساندة الصناعة الوطنية باعطائها حماية لاعتبارات يرونها موضوعية ولأسباب ثلاث منها تمكين الارتفاع بمستوى الكفاءة الاقتصادية والفنية وبمساعدتها يمكن تجنب تضخم البطالة ان لم يكن زيادة فرص العمل ناهيك عن احتمال تنامي قدراتها التصديرية ثالثاً، مع الأخذ بالاعتبار الصناعات التي قد تنشأ بحكم اثرها في بناء القاعدة التكنولوجية الوطنية.
وجاء في الدراسة الرسمية "لا بد من تنظيم ايقاع خفض الرسوم الجمركية بتوزيع السلع والمواد على قوائم التخفيض المختلفة بحيث يتدرج اثر الخفض على موارد الخزانة وينمو الادخار المحلي لتوظيفه في الاستثمار ليتزامن تصاعد الخفض مع تحقيق انجازات فعلية في اعادة هيكلية وتطوير القطاعات الانتاجية لا سيما قطاعي الصناعة والزراعة". ومن هذا المنطلق يقترح المحللون رفع معدلات الرسوم الجمركية على بعض السلع والمواد التي تهم الاقتصاد السوري وتدعم قطاعاته الانتاجية بحيث يتضاءل نسبياً اثر تحرير التجارة الخارجية على موارد خزانة الدولة".
وسيتناول اتفاق الشراكة السورية - الاوروبية كذلك موضوع حقوق الملكية الفكرية والصناعية والتجارية اذ تفرد المجموعة الاوروبية نصاً خاصاً في اتفاق الشراكة لهذا الغرض. وتعليقاً على هذا الجانب يقول التقرير: "اذا كان القبول بمبدأ الحماية امراً لا مناص منه، فإن الافق الزمني لوضعه موضع التطبيق يمكن ان يكون محل تفاوض كما صرح وفد المجموعة الاوروبية بذلك خلال زيارته الاخيرة". وترى دراسة التقرير انه بناء على ذلك لا بد لسورية من اقرار التشريع المناسب لضمان هذه الحماية على ان تتأخر في موعد التطبيق ما امكن ذلك.
وفيما يتعلق بالمدفوعات وحركة رؤوس الاموال فإن الاتفاق يفرض على الطرفين بدءاً من سريانه ضمان الانتقال الحر للرساميل الخاصة بالاستثمار المباشر وتصفية وترحيل ناتج هذه الاستثمارات والارباح الناجمة عنها.
ويؤكد المحللون على ضرورة ادخال تعديلات على قانون الاستثمار الرقم 10 للعام 1991 وايجاد اطار قانوني لتشجيع الاستثمار من خلال عقد اتفاقات لحماية الاستثمارات وتجنب الازدواج الضريبي بين سورية والدول الاعضاء وارساء اجراءات منسقة ومبسطة لآليات الاستثمار المشترك وانشاء اجهزة تتعرف على فرص الاستثمار وتقوم بالاعلان عنها.
ويدعو التقرير سورية الى اتخاذ كافة الخطوات التشريعية والتنظيمية التي تضمن لها منافسة شفافة وتستهدف منع الاحتكار من خلال اتفاق بين المشاريع من شأنه تقييد المنافسة او درء اي استغلال تعسفي لمؤسسة او منشأة تتمتع بهيمنة كلية او شبه كلية في مجال نشاطها داخل سورية وكذلك حظر اية معونة حكومية لمشاريع او منتجات تفسد او تهدد بالفساد.
وفي المقابل، ركز المحللون الاقتصاديون في تقاريرهم المرفوعة الى المسؤولين على تقديم الحلول والتدابير الواجب اتخاذها لتفادي السلبيات التي قد تنشأ عن الاتفاق، ففي قطاع الصناعات التحويلية الذي يشكل موضع التهديد الجدي بسبب الهزة العنيفة التي ستصيبه نتيجة تحرير التجارة فإن الاقتراحات تتمثل في اعادة هيكلة وتطوير الصناعات التحويلية من خلال تطوير النسيج الصناعي والارتقاء به الى مستوى المنافسة من طريق تطوير القدرات وايجاد فئة المديرين الناجحين.
وحض المحللون على ضرورة احياء مشروع مدرسة ادارة الاعمال التي سبق للاتحاد الاوروبي أن طرحه على سورية، وتطوير المعاهد الفنية المتخصصة وتطوير البنية التحتية وانشاء مناطق صناعية تشتمل على جميع المرافق وتتكامل فيها كافة الخدمات بما فيها منطقة جمركية حرة بجوارها ترتبط بشبكة الخطوط الحديدية وتكوين قاعدة معلومات صناعية متينة وشاملة عن النسيج الصناعي السوري واعادة تأهيل المنشآت الصناعية المعرضة للتهديد لتصبح قادرة على الصمود والمنافسة وذلك من طريق انشاء صندوق خاص تديره وزارة الصناعة يشتمل على شقين اولهما تمويل الاستشارات وثانيهما تمويل النشاط التأهيلي واعادة الهيكلة.
ويذكر ان المركز السوري - الاوروبي الذي تم تأسيسه من قبل الاتحاد الاوروبي وسورية في دمشق وحلب يقوم حالياً والى حدّ ما بهذه المهمة.
كما تتضمن المقترحات العمل على ايجاد التمويل الصناعي وبالحجم المطلوب والاجراءت الميسرة والسريعة لاقامة وتشغيل المشاريع، ووضع سياسة واضحة لتطوير وتشجيع الصناعات التصديرية "التي تشكل قارب النجاة الاساسي لاقتصادنا الوطني" وتتضمن المقترحات كذلك اعطاء معونات مالية مباشرة للمصدرين وان تسمح لهم الاحتفاظ بعوائد التصدير من القطع الاجنبي لتغطية مستورداتهم مع حرص النظام المصرفي على توفير الاموال اللازمة لإقامة وتشغيل المشاريع التصديرية واقراضها بمعدلات فائدة تفضيلية واعتبار حجم الانجاز في التصدير معياراً اساسياً في تحديد سقف التسهيلات الائتمانية للمصدرين ومنح جوائز تقديرية وطنية لأبرز المصدّرين مع الأخذ بسياسة ضريبية تفضيلية واقرار نظام حماية يتناسب عكساً مع قدرة المنشآت على المنافسة تكون منخفضة في الصناعات القادرة على المنافسة الدولية ومرتفعة في القطاعات التي تفتقر الى تلك القدرة.
ويرى المحللون ان تدفق الاستثمارات الاوروبية المباشرة الى سورية سيكون "المتغير الاستراتيجي الاهم، لأنه اذا كان الثمن الذي ستدفعه سورية في هذه الشراكة مؤكداً فان الكسب يرتبط اولاً واخيراً بمدى تدفق الاستثمارات الصناعية عليها".
ويذكر ان الميزان التجاري بين سورية والاتحاد الاوروبي رابح لجهة سورية لسنوات عدة خلت، الا انه يضحي عاجزاً جداً اذا ما استثنيا النفط الذي يشكل اكثر من 80 في المئة من قيمة الصادرات الى معظم الدول الاوروبية.
وتغطي الصادرات السورية الصناعية اكثر من ستة في المئة من الواردات الصناعية السورية من أوروبا، لذلك يدعو المحللون الى تشجيع الاستثمارات الاوروبية على دخول سورية واعادة توطين جزء من الصناعات الاوروبية التي يبحث اصحابها عن مكان ينقلوها اليه خارج الاتحاد لاعتبارات اقتصادية، كأن يرصد "بنك الاستثمار الاوروبي" مبلغاً اضافياً 500 مليون دولار بمنحه كقروض بشروط تفضيلية لتشجيع الاوروبيين على الاستثمار في سورية وغيرها من دول الشراكة واقامة مشاريع مشتركة، وانشاد بنوك استثمارية او شركات قابضة مشتركة سورية اوروبية تكون مهمتها التعرف على فرص الاستثمار والترويج لها لجذب الاستثمارات.
وفي هذا المجال يلحظ الخبراء في الورقة شبه الرسمية وجوب قيام الحكومة "ببذل جهد لتوفير مناخ استثماري ملائم لاستقطاب الاستثمارات الاوروبية من تبسيط التشريعات المعنية وايجاد المؤيدات التشريعية الحازمة لمعوقات هذا المناخ بحيث يشيع جو من الثقة والطمأنينة لدى الجميع والضرب بقسوة عبر اجراءات قضائية سريعة وعادلة على كل عمليات النصب والاحتيال سواء كان ضحيتها الدولة او المواطن او المستثمر الاجنبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.