الاتحاد يُتوّج بكأس وزير الرياضة للجودو    "الرياض للبولو" يتوّج بطلاً لبطولة تشيسترز ان ذا بارك    نائب أمير حائل يشهد الحفل الختامي لبرنامج مسارات 2024 م    مجلس التعاون ودعم اليمن    زوجة «سفاح التجمع» تظهر من لندن: نجوت من مصير الفتيات !    كيت ميدلتون.. قد لا تعود أبداً إلى ممارسة دورها الملكي    «أرامكو»: 0.73 % من أسهم الشركة لمؤسسات دولية    مانشيني يواجه الإعلام قبل لقاء الأردن    400 مخالفة على الجهات المخالفة للوائح التعليم الإلكتروني    399 مخالفة على منشآت العمالة الموسمية بالمدينة    «الداخلية»: انطلاق الجلسات العلمية لمنتدى الخدمات الطبية    بعد ياسمين عبدالعزيز.. ليلى عبداللطيف: طلاق هنادي قريباً !    شريفة القطامي.. أول كويتية تخرج من بيتها للعمل بشركة النفط    شرائح «إنترنت واتصال» مجانية لضيوف خادم الحرمين    استقبال 460 حاجاً من ضيوف خادم الحرمين من 47 دولة    المجلس الصحي يشدد على مبادرة «الملف الموحد»    الاقتصاد السعودي.. محركات قوية للنمو المستدام    مستثمرو النفط يتطلعون لانتعاش الأسواق بعد خسارة أسبوعية    القيادة تهنئ ملك الأردن    الأمريكي" غورست" يتوج ببطولة العالم للبلياردو    الأهلي يفاوض كيميتش والنصر يتخلى عن لابورت    "هيئة النقل" تدشن سيارة الرصد الآلي كأول تجربة لها في موسم الحج    الداخلية تستعرض خططها لموسم الحج.. مدير الأمن العام: أمن الوطن والحجاج خط أحمر    أمير القصيم يشيد بجهود "طعامي"    محافظ الأحساء يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    «فتيان الكشافة» يعبرون عن فخرهم واعتزازهم بخدمة ضيوف الرحمن    «بيئة الرياض»: 3918 جولة رقابية على أسواق النفع العام والمسالخ    قيادات تعليمية تشارك القحطاني حفل زواج إبنه    سعود بن نهار يدشّن الصالة الإضافية بمطار الطائف    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    11 مبادرة تنفيذية لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    شهد مرحلة من التبادل الثقافي والمعرفي.. "درب زبيدة".. تاريخ طويل من العطاء    وزارة الحج تعقد دورات لتطوير مهارات العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    إعادة تدوير الفشل    خلود السقوفي تدشن كتابها "بائعة الأحلام "    «التعاون الإسلامي»: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء    العطلة الصيفية واستغلالها مع العائلة    تدشين خدمة الربوت الذكي بجوار المسجد النبوي.. مشاهد إيمانية تسبق مغادرة الحجيج المدينة المنورة    رسالة جوال ترسم خارطة الحج لشيخ الدين    "السمكة المتوحشة" تغزو مواقع التواصل    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    الدكتورة عظمى ضمن أفضل 10 قيادات صحية    أمير الرياض يطلع على عرض لمركز صالح العسكر الحضاري بالخرج    فشل التجربة الهلالية    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    رئيس جمهورية قيرغيزستان يمنح رئيس البنك الإسلامي للتنمية وسام الصداقة المرموق    وفد الشورى يطّلع على برامج وخطط هيئة تطوير المنطقة الشرقية    التخبيب يهدد الأمن المجتمعي    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    رئيس الأهلي!    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    أمير تبوك يواسي عامر الغرير في وفاة زوجته    قطاع صحي ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "مكافحة التدخين"    الوزاري الخليجي: ثروات المنطقة المغمورة للكويت والسعودية فقط    فريق طبي "ب"مركزي القطيف" ينقذ حياة مقيم    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدارة إنتاج الطاقة في العراق ونقلها: هدرٌ حكومي... وممالأة لإيران
نشر في الحياة يوم 17 - 08 - 2011

بعد تظاهرات حاشدة في أنحاء مختلفة من العراق في صيف 2010، احتجاجاً عل النقص في إمداد الكهرباء، أجرت الحكومة المركزية تعديلات شكلية ذات دوافع سياسية بحتة مع بقاء المسؤولين وصانعي قرارات السياسة المركزية العليا الموجهة أنفسهم. ويمكن اختصار كل ما تقوم به الحكومة حالياً في مواجهة المشكلات الآنية، بأنه إنفاق واسع للمال العام لعل في ذلك حلاً للأزمة، إضافة إلى قرارات ارتجالية تبدو غريبة وغير عقلانية، ما جعل إدارة شؤون إنتاج الطاقة وإمدادها في العراق مجرد واجهات إعلامية - دعائية لتغطية مصالح واتجاهات تؤشر إلى غير ما هو في مصلحة البلد.
اتخذ مجلس الوزراء العراقي آخر آذار (مارس) 2011 قراراً غريباً من نوعه بمصادقته على توصية لجنته لشؤون الطاقة على توقيع عقود بقيمة 6.348 بليون دولار لتوريد 1250 مولد ديزل ذات قابلية كلية لتوليد خمسة آلاف ميغاواط، وتركيبها في 50 محطة تتوزع على المناطق السكنية في أنحاء العراق. ويحرق كل منها يومياً مئات الأطنان من النفط.
من الناحية الاقتصادية تزيد كلفة إنشاء محطات الديزل لتوليد الكهرباء التي تعاقدت عليها حكومة العراق، بنحو 10 في المئة عن كلفة إنشاء محطات توليد بخارية تمتاز بأن عمرها التشغيلي يعادل أضعاف العمر التشغيلي لوحدات الديزيل ونحو خمس كلفة تشغيلها وصيانتها. وتعادل كلفة إنشاء محطات الديزل نحو ضعف كلفة إنشاء محطات التوليد الغازية وأكثر من ضعف كلفة تشغيلها وصيانتها.
ومن الناحية العملية يؤكد سجل وزارة الكهرباء في تشغيل هذا النوع من المحطات وسجل وزارة النفط في تأمين الوقود ونقله، حتى بالكميات المتواضعة حالياً، أن محطات الديزل المعلن عنها لن تعطي كميات الكهرباء الموعودة لصيف 2012.
لذلك يبدو قرار بناء هذا العدد الهائل من محطات الديزل الكهربائية وتشغيلها، في أفضل الاحتمالات مبنياً على اعتبارات سطحية، فهو إضافة إلى التبذير في المال العام، سيؤدي إلى مضاعفة تلوث البيئة في مدن العراق التي هي حالياً من دون هذه المحطات، في مستوى غير مقبول مقارنة بمعظم دول العالم المتحضر، وذلك نتيجة لاستخدام مولدات الديزل الأهلية، ما يجعل القرار جريمة أخلاقية لا تُغتفر، إن لم تكن قانونية، وستلاحق مسببيها مهما طال الزمن.
وفي قرار مجلس الوزراء للتعاقد على محطات الديزل ذاته، خُوِّلت وزارة الكهرباء التعاقد مع شركة سويسرية - روسية لشراء ستة ملايين طن من الغاز أويل بكلفة كلية تقارب سبعة بلايين دولار.
ووقعت وزارة الكهرباء في أواخر حزيران (يونيو) 2011 عقداً مع وزارة النفط الإيرانية ينص على إمداد الثانية الأولى ولمدة سنة، ب 1.5 مليون ليتر يومياً من وقود الغاز أويل بكلفة نحو مليون وربع مليون دولار يومياً.
وبحساب أسعار الغاز اويل العالمية، تكون كلفة إنتاج الكهرباء من هذا النوع من الوقود أكثر من 26 سنتاً للوحدة الكهربائية (كيلواط - ساعة) من دون حساب التكاليف الرأسمالية للمحطات وإدارتها وتشغيلها وصيانتها، علماً أن العراق يستورد حالياً من إيران الكهرباء بسعر 8.35 سنت للوحدة، وهذا سعر تجاري مقارب لسعر شراء الكهرباء بالجملة من سوق الكهرباء الحرة في المنظومة التركية. ويُقدر أن تتجاوز كميات الكهرباء المتوقع إنتاجها من العقدين 25 بليون وحدة كهربائية، وبذلك يمكن احتساب الخسارة الهائلة للعراق الناتجة من هذا الخيار لإنتاج الكهرباء في العراق.
لعل التاريخ سيسجل للمادة الأولى من قرارات مجلس الوزراء في الجلسة الرقم 15 في 30 آذار (مارس) 2011 بأنها المادة التي تنافس في الارتجالية وفي هدر المال العام المادتين الأولى والثانية من قرارات مجلس الوزراء في الجلسة الرقم 49 في 14 كانون الأول (ديسمبر) 2008 اللتين وافق فيهما المجلس على التعاقد مع شركتي «جي إي» و «سيمنس» من دون مناقصات لإمداد وحدات لتوليد كهرباء بكلفة تزيد عن ستة بلايين دولار بأسعار زادت عن 40 في المئة عن الأسعار العالمية، ومن دون وجود تخطيط مسبق ثابت للتعامل معها، فنتجت منها بعثرة للمجموعة في أنحاء العراق لما يقارب سنتين من دون وضعها في العمل إلى حد الآن وقد يستمر ذلك سنوات أخرى.
ومنذ السبعينات والثمانينات من القرن الماضي جرت عمليات استكشاف وإثبات لتوافر الغاز الطبيعي في حقول كثيرة في العراق، أثبتت إمكانية سد الحاجات المحلية وتصدير الفائض منه إلى الخارج لا استيراده. وأحد تلك الحقول هو حقل المنصورية الذي يبعد نحو نصف المسافة بين بغداد وحدود إيران، وقررت حكومة العراق استيراد الغاز الإيراني لتشغيل محطة كهرباء تنوي إنشاءها فيه.
وبعد أشهر من حرب 2003 تضمنت خطط الإدارة الأميركية في العراق، استغلال جزء من قابلية حقل المنصورية لتشغيل محطة تُقام في المنطقة لتوليد الكهرباء ونقلها إلى بغداد بالإفادة من بئري غاز موجودتين منذ 1990 بعد تجميع الغاز ومعالجته لتشغيل المحطة. لكن في النصف الثاني من عام 2005 وقبل نحو 12 شهراً من توقع إكمال المشروع ونتيجة لمراجعة الحكومة الأميركية منهج تمويلها للمشاريع في العراق، سلّمت «وكالة إعمار العراق» الأميركية مخيم إدارة موقع مشروع استغلال الغاز الطبيعي في المنصورية إلى وزارتي النفط والكهرباء بعد العمل به لأكثر من سنة.
لكن وزارتي النفط والكهرباء لم تستمرا في العمل وأُهمل المشروع. وبعد ست سنوات من الإهمال، أُعلن توقيع وزارة النفط عقداً مع شركات أجنبية لاستغلال حقلي غاز المنصورية وعكاس للتصدير. وتزامن ذلك مع توقيع وزارة الكهرباء مع شركة رشحتها حكومة إيران على عقد بقيمة 356 مليون دولار لمد أنبوب غاز لاستيراد الغاز الايراني لتشغيل محطات كهرباء غازية في منطقة بغداد ونحوها ومحطة كهرباء في منطقة المنصورية.
وأُعلن رسمياً أيضاً عن اتفاق مبدئي لمد أنبوب غاز آخر من عبادان إلى البصرة لتغذية محطة شط البصرة الغازية المؤمل بناؤها في المستقبل القريب بطاقة 1250 ميغاواط، علماً أن محافظة البصرة هي المنطقة الرئيسة في العراق التي يُحرق فيها ومنذ أكثر من 10 سنوات كميات من الغاز الطبيعي تكفي لتشغيل أكثر من ضعف قابلية المحطة الغازية المؤمل بناؤها.
واضح أن كلفة أنبوب لنقل الغاز الطبيعي من حقلي عكاس والمنصورية إلى منطقة بغداد (بصرف النظر في الوقت الحاضر عن أي خطط أخرى لإنشاء شبكة متكاملة لمعالجة غاز العراق الطبيعي ونقله وتوزيعه وتصديره) تقارب كلفة أنبوب لاستيراد الغاز الإيراني بالكمية ذاتها. ووفق التقديرات السابقة، فإن كلفة تطوير الغاز الطبيعي للحقلين تتضاءل أمام ما تعتزم الحكومة شراءه من الشركة السويسرية - الروسية وكلفة الغاز أويل والغاز الطبيعي الذي ينوي العراق استيراده من إيران في السنوات المقبلة. لذلك يبدو قرار حكومة العراق استيراد الغاز الطبيعي من إيران والذي لم يُتفق بعد على سعره، حتى بعد المضي بصرف مئات ملايين الدولارات على البنية التحتية اللازمة، قراراً غريباً ينقصه المنطق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.