شدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على أن «المساس بمصر يعد مساساً بالإسلام والعروبة، وهو في الوقت ذاته مساس بالمملكة العربية السعودية، وهو مبدأ لا نقبل المساومة عليه، أو النقاش حوله تحت أي ظرف كان». وقال في برقية بعثها إلى الرئيس المصري الجديد عبدالفتاح السيسي لمناسبة فوزه بكرسي الرئاسة أمس بنسبة 96.9، إن الشعب المصري عانى في الفترة الماضية من فوضى وصفها بعض ممن قصر بصره على استشراف المستقبل ب«الفوضى الخلاقة». مشيراً إلى أن «هذه الفوضى لا تعدو في حقيقة أمرها إلا أن تكون فوضى الضياع والمصير الغامض، الذي استهدف ويستهدف مقدرات الشعوب وأمنها واستقرارها»، وقال محذراً من المرحلة المقبلة: «ميزان الحكم لا يستقيم إلا بضرب هامة الباطل بسيف عماده العدل». مناشداً «كل الأشقاء والأصدقاء بالابتعاد والنأي بأنفسهم عن شؤون مصر الداخلية بأي شكل من الأشكال». ودعا خادم الحرمين الشريفين إلى «مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين لمساعدتها في تجاوز أزمتها الاقتصادية»، محذراً «كل من يتخاذل اليوم عن تلبية هذا الواجب وهو قادر مقتدر - بفضل من الله - فإنه لا مكان له غداً بيننا إذا ما ألمت به المحن وأحاطت به الأزمات». (للمزيد) وكانت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر أعلنت أمس رسمياً فوز وزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسي بالرئاسة، بعد حصوله على أصوات 23 مليوناً و780 ألفاً و104 ناخبين بنسبة 96.9 في المئة. وعبّر الرئيس المنتخب من جانبه في كلمة وجهها إلى الشعب بعد إعلان النتيجة الرسمية، عن سعادته «بما حققه الشعب من إنفاذ لإرادته الوطنية في مشهد ديموقراطي راق ومتحضر، وتطلعي لأن أكون أهلاً لثقتكم الغالية». وقال: «ما حصلتم عليه اليوم في تلك اللحظة الدقيقة والفارقة في عمر الوطن من استحقاق رئاسي جاء نتيجة مستحقة لما قدمتوه من تضحيات على مدار ثورتين مجيدتين في 25 يناير و30 يونيو، استهدفتم فيها تحقيق العيش الكريم والحرية والكرامة». وأضاف: «أتوجه إليكم جميعاً بأسمى آيات الشكر والتقدير على ما قدمتوه من نموذج ديموقراطي مشرف، أشكر ملايين المصريين الشرفاء داخل الوطن وخارجه الذين اصطفوا أمام صناديق الاقتراع من أجل كتابة مستقبل مصر»، وشكر أيضاً القضاة «الذين أشرفوا بنزاهة على العملية الانتخابية»، ورجال القوات المسلحة والشرطة والإعلام. ووجه «تحية خاصة» إلى منافسه الخاسر حمدين صباحي «الذي وفر فرصة جادة لتحقيق المنافسة الانتخابية، وأقول له وللمصريين جميعاً إنني أتطلع إلى استمرار جهدكم وعزمكم في مرحلة البناء المقبلة». وأضاف: «أبناء الشعب المصري لقد أديتم ما عليكم وحان وقت العمل الذي تنتقل به مصر إلى غد مشرق ومستقبل أفضل، العمل الذي يعود به الاستقرار للوطن لينتقل إلى آفاق التقدم والرقي... المستقبل صفحة بيضاء في أيدينا أن نملأها كما شئنا عيشاً وحرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، فإذا افترقنا نكون أخطأنا في حق الوطن وأنفسنا وأبنائنا، وإن تعاونا على العمل والبناء سنملأها بما نتمنى لوطننا من رفاهية وازدهار، وبما نأمل لأبنائنا من عزة وفخار». وكان رئيس اللجنة العليا للانتخابات القاضي أنور العاصي أعلن في مؤتمر صحافي أن 25 مليوناً و578 ألفاً و228 ناخباً أدلوا بأصواتهم بنسة حضور بلغت نحو 47.45 في المئة، منها 24 مليوناً و537 ألفاً و615 صوتاً صحيحاً، ومليون و40 ألفاً و608 أصوات باطلة بنسبة بلغت 4.7 في المئة، وحصل السيسي على 96.91 في المئة من الأصوات الصحيحة، فيما نال منافسه حمدين صباحي 757 ألفاً و511 صوتاً بنسبة بلغت 3.9 في المئة من الأصوات الصحيحة. وأوضح أن اللجنة اعتمدت النتيجة النهائية بعد إعادة فرز 7 لجان فرعية، وأبطلت نتيجة 12 لجنة فرعية بسبب خلل في الإجراءات وطعون. ورداً على التساؤلات عن غياب الطوابير، مبرراً ذلك بإجراءات اتخذتها اللجنة لتسهيل الاقتراع، كما برر مد التصويت ليوم ثالث بأن «يومي الاقتراع شهدا موجة حر شديدة»، مشيراً إلى أن «القرار لم يكن عشوائياً أو انفعالياً وإنما كان مدروساً». وتواصلت احتفالات صاخبة شارك فيها عشرات الآلاف في ميدان التحرير وميادين عدة ساعات طويلة ورفعت خلالها صور السيسي وأعلام مصر، تحت حماية الجيش ووسط إجراءات أمنية مشددة منها غلق ميدان التحرير أمام حركة السيارات، ونصب بوابات إلكترونية لتفتيش المارة. وعلمت «الحياة» أن السيسي سيؤدي اليمين القانونية الأحد المقبل، قبل أن يتسلم الرئاسة من سلفه الرئيس الموقت عدلي منصور في احتفال في قصر القبة الرئاسي ويحضره مبعوثون دوليون وكبار أركان الدولة والنخب السياسية. وكان لافتاً دعوة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى المشاركة في مراسم تنصيب السيسي.