إذا استثنينا بعض الحالات العادية التي فصلت فيها بعض لجان اتحاد كرة القدم - ولو بعد طول انتظار - وأصدرت فيها قراراتها، فإن الكثير من القضايا الأخرى المهمة ظلت محل تردد واجتماعات متتالية غير مجدية، يمكن وصفها بأنها تضييع للوقت، وتمييع للقضية محل الجدل. ويكفي أن أذكر على سبيل المثال احتجاج فريق الأهلي لدرجة الناشئين على فريق الوطني، الذي بقي حبيس أدراج الأمين العام لأكثر من أربعين يوماً، ولم يتم الفصل فيه إلّا بعد هذه المدة الطويلة، بتدخُّل مباشر من رئيس اللجنة الفنية، وقضى القرار بقبول احتجاج الأهلي، ولكن بعد ضياع البطولة! هل بعد هذه الحادثة يمكن أن نأتمن الأمانة على ما لديها من أمانات؟ وهل بعد قضية احتجاج الأهلي على الشباب في مخالفة إشراك اللاعب عبدالعزيز السعران الموقوف ست مباريات بقرار تأديبي من لجنة الانضباط بالاتحاد الآسيوي، وحالات أخرى مماثلة كحادثة الرشوة بين فريقي نجران والوحدة، وغيرها الكثير، يمكن للشارع الرياضي أن يثق بلجان لا تدري ماذا تفعل؟ حتى في قضية فريقي نجران والتعاون التي احتج فيها فريق نجران على التعاون لإشراكه اللاعب بدر الخميس قبل انتهاء فترة تحويله من محترف إلى هاوٍ، اختلفت الآراء بين اللجنة الفنية، ولجنة الانضباط، ولجنة الاحتراف، واللجنة القانونية، فهناك من يرى أن نجران على حق، وهناك من يؤكد صحة موقف التعاون، وكأننا لا نجيد قراءة اللوائح، ليتم تحويل القضية إلى «الفيفا» ويأتي الرد في صالح نادي التعاون. ولا أدري ما هي القضية التي يمكن لإحدى لجان اتحاد كرة القدم أن تبت فيها، وأن تصدر فيها قراراً نهائياً يتقبله الشارع الرياضي ويصفق له، ويستند إلى لوائح وأنظمة لا مكان للاجتهاد فيها، ولا تعتمد على الآراء الخاصة، والتفسيرات المعتمدة على الظن، كما كانت قضية ناديي الوحدة والتعاون لتأخرهما في النزول إلى أرض الملعب في الجولة الأخيرة من الدوري، والتي صدر فيها قرار لجنة الانضباط بسحب ثلاث نقاط من رصيد كل فريق، كانت كافية لهبوط فريق الوحدة إلى دوري الدرجة الأولى، وإبعاد التعاون من كأس الأبطال. وعلى رغم أن القرار وصف ب «التاريخي» لأسبقيته وجرأته، إلّا أنه وجد استقبالاً فاتراً من الشارع الرياضي، لعدم استناده إلى لائحة صريحة وواضحة، وإن اعتبر قراراً لم تجرؤ لجنة أخرى على اتخاذ قرار مماثل له، في ظل انحياز للعاطفة تارة، وخوف من ردود فعل عكسية، ما يعطينا انطباعاً بأننا لا نطبق اللوائح والأنظمة والقوانين، وهنا يكون لا فرق بين قضايا أندية في كرة القدم، وقضايا نزاع بين أفراد القبيلة تنتهي عادة بالصلح ولو بعد سنوات طوال. انظروا كم قضية من قضايانا في هذا الموسم رفعناها للاتحاد الآسيوي، وآخرها قضية احتجاج النادي الأهلي على نادي الشباب على مشاركة لاعبه عبدالعزيز السعران، التي أخذت أبعاداً كثيرة وتحليلات عدة، وردود فعل متباينة، والسبب أننا لا نحسم الأمور عاجلاً، وبالتالي تتكرر الأخطاء، وتكبر القضية، وهذا بالتالي يضعف اتحاد كرة القدم، ويشوّه صورته الخارجية. وبات واضحاً جداً أن اللجنة القانونية المكلفة من الرئيس العام ليست قادرة على اتخاذ قرار يحسم قضية احتجاج الأهلي على الشباب، فمن الواضح أنها تحاول أن تبحث لها عن مخرج من هذا المأزق الذي وضعت نفسها فيه، لأنها لا تريد أن تتحمل المسؤولية، والمسؤولية في هذه القضية لا تحتاج إلى فزعة من أحد، وكلها ستكون على ظهر اللائحة، ومع ذلك رمت بها إلى الاتحاد الآسيوي. ولعلي أتساءل هنا: كيف نحوّل قضايانا إلى اتحاد غارق في المشكلات ومتهم بالرشاوى والفساد، ونطلب منه أن يحل لنا قضايانا، وهو الذي لم يستطع أن يحل قضاياه مع الفيفا، وهل مازال هذا الاتحاد محل ثقتنا، حتى وهو يعيش في هذا الظرف العصيب الذي أدى إلى إيقاف رئيسه من لجنة الأخلاق التابعة للاتحاد الدولي (فيفا) لاتهامه في قضية رشاوى وفساد تتعلق بانتخابات رئاسة الفيفا التي جرت أخيراً؟ ولذلك فأنا لا أرى فرقاً كبيراً بين احتجاج نادي الفيصلي على نادي الهلال بشأن مشاركة رادوي الموقوف آسيوياً ببطاقتين صفراوين، وبين قضية احتجاج الأهلي على الشباب، غير أن الاحتجاج الأول تم الفصل فيه من اللجنة الفنية برفض احتجاج الفيصلي وتثبيت نتيجة المباراة، أما الثاني فيبدو أن وزن حمولته زائد بعض الشيء ويتجاوز صلاحيات اللائحة! [email protected]
