شهدت العاصمة الليبية طرابلس ومدينة بنغازي (شرق) إلى جانب مدن ليبية أخرى، تظاهرات حاشدة أمس، استجابة لدعوات رئيس الحكومة الموقتة عبد الله الثني من جهة، واللواء المتقاعد خليفة حفتر الراغب في «تفويض شعبي في محاربة الإرهاب». وتخللت التظاهرات في ميدان الشهداء في طرابلس، اشتباكات بالأيدي بين أنصار «حملة الكرامة» التي يشنها حفتر ومتظاهرين محسوبين على الإسلاميين رفعوا شعارات مؤيدة للجيش والشرطة ومناهضة للإرهاب، لكن في الوقت ذاته أبدوا رفضهم ل «الانقلاب العسكري» الذي يقوده حفتر. يأتي ذلك في وقت تكثفت المشاورات العربية- الدولية بحثاً عن حل للأزمة الليبية. وشهدت العاصمة الفرنسية لقاءات بين مبعوثي واشنطن ولندن وباريس والأمم المتحدة ومبعوث الجامعة العربية ناصر القدوة. لكن مصادر مطلعة أبلغت «الحياة» في باريس، أن تعثر الأزمة وافتقاد أي طرف ليبي القدرة على الحسم انعكسا جموداً في الجهود الدولية. (راجع ص 6) وشهدت شوارع العاصمة الليبية أمس انتشاراً كثيفاً لقوات الأمن والشرطة العسكرية، فيما لم يحل إغلاق الشوارع المؤدية إلى ميدان الشهداء، دون تدفق مئات المتظاهرين إليه من مختلف الانتماءات السياسية. ونجح أنصار حفتر ومعهم مناهضو المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الذين لبوا دعوة الثني إلى التظاهر، في طرد خصومهم من الميدان بعد عراك بالأيدي، تدخلت الشرطة لفضه. واضطر مؤيدو المؤتمر إلى نقل تظاهرتهم إلى ميدان الجزائر. وقال ل «الحياة» أحد المتظاهرين المؤيدين للمؤتمر أن الشرطة انحازت ضدهم، وأشهر بعض عناصرها السلاح في وجوههم. وأضاف: «نحن تظاهرنا سلماً ولم نحضر أي سلاح، والشرطة العسكرية ساعدت الآخرين في الاعتداء علينا». وأشار مراقبون إلى أن قوات مديرية أمن طرابلس التابعة لوزارة الداخلية، انتشرت لحماية الذين استجابوا لدعوة الثني إلى التظاهر تأييداً للجيش والشرطة وضد البرلمان المصر على تنصيب منافسه أحمد معيتيق رئيساً للحكومة. في الوقت ذاته، أصدر رئيس مديرية أمن طرابلس محمد سويسي، بياناً أعلن فيه انحيازه ل «عملية الكرامة» بقيادة حفتر، ما أثار غضب خصومه. في غضون ذلك، تواصلت الاغتيالات في مدن ليبية عدة، ذهب ضحيتها أربعة عسكريين ومدنيان، بينهم الإعلامية نصيب كرنافة التي قتلت ذبحاً أمام مقر عملها في قناة ليبيا الوطنية في سبها (جنوب)، إضافة إلى ضابط في المباحث العامة في طرابلس. كذلك أغلقت الطرق والمؤسسات في مدينة ترهونة (جنوب شرقي طرابلس) في ظل توتر على خلفية نزاع قبلي فشلت وساطات محلية في تهدئته. وفي إطار الحملة التي يشنها حفتر على الإسلاميين، دارت اشتباكات مسلحة بين الجانبين في منطقة سيدي فرج قرب مطار بنينة في بنغازي، ما أجج سخط السكان الذين شكوا ترويع الآمنين وقتل المدنيين، وسط تقارير عن مقتل عائلة مؤلفة من 7 أفراد نتيجة الاشتباكات. واعتبرت فاعليات محلية في بنغازي، أن المواجهات «خروج على منطلقات ثورة 17 فبراير» (2011)، وناشدت الطرفين الهدوء والحوار من أجل حل الأزمة. وعلى رغم الأوضاع المتردية في البلاد، فإن تأثيرها لم ينعكس سلباً على سير الانتخابات البرلمانية المقررة في 25 حزيران (يونيو) المقبل، إذ أكدت المفوضية العليا للانتخابات (مستقلة) على موعد الاستحقاق، ودعت المرشحين إلى الإسراع في تجهيز إعلاناتهم وبرامجهم الانتخابية. كما أعلنت أن عدد الناخبين المسجلين للمشاركة في الانتخابات تجاوز إلى الآن ال 1.2 مليون مواطن من أصل حوالى ثلاثة ملايين ناخب.