منذ إطلاق الأوامر الملكية، وإعلانات الشركات تتوالى، في استجابة محمودة من القطاع الخاص، ارتكزت على ثلاثة محاور، الأول إعلان صرف راتبين للموظفين، أسوةً بموظفي الدولة، وتأسياً بالأمر الملكي الكريم، رغم اختلاف التطبيق عند البعض من دون إعلان تفاصيل، الثاني هو تحديد الحدّ الأدنى للأجور بثلاثة آلاف ريال، وأيضاً أسوة بالقرار الملكي الجميل، والثالث هو الإعلان عن توظيف دفعات جديدة من الشباب أو توافر شواغر بعشرات ومئات الوظائف لدى الشركات. حسناً، أمام وزارة العمل فرصة عملية ميدانية، فيكفي أن ترصد جميع الإعلانات منذ جمعة الخير وحتى نهاية الشهر الجاري مثلاً، ثم تبدأ في مخاطبة الشركات، وتأخذ تفاصيل هذه الوظائف، وتعلنها للملأ ولو بإعلانات مدفوعة الثمن، وتضعها على موقعها على الإنترنت. ثم تضع قوائم للصادقين، وأخرى لمستغلي المناسبة، ويمكنها تفادياً للإحراج، وصف الإعلان في موقعها على الإنترنت بأنه غير دقيق ليعرف الجميع، ومن جانبها وضع جزاءٍ إداري أو تنفيذي معقول، على من أعلن عن وظائف وهمية، أو وظائف بشروط تحيلها إلى الإعجاز والوهمية. تشهد الوزارة تدفقاً متوقعاً لطلبات صرف إعانة الباحثين عن عمل، وهي فرصة لفرز الباحثين وتوجيههم، ولدى الوزارة مسبقاً قوائم بشركات ووظائف أخرى قديمة، وما يجب أن نتعاطى معه بواقعية أن مبلغ 2000 ريال سيكون مجديا أكثر من وظيفة راتبها 3 أو 4 آلاف ريال، وفيها مشاكل من أي نوع، وهنا يجب أن تكون ضوابط صرف الإعانة واضحةً ودقيقة ومراعية لفكرة الحث على العمل، وليس الحث على التهرب منه. الشركات بدورها يجب أن تتحلى بالواقعية، وأن تعرف أن ظروف العالم من حولنا تغيرت كثيراً، وأن الأمر لم يعد اقتصادياً واجتماعياً وحسب، بل إنه في جانبه السياسي بات له حضور هام، ولو تخلت عن بعض هوامش أرباحها كأمر متوقع على المدى القصير، فهي ستجني على المدى الطويل أرباحاً أخرى مادية وغير مادية، فأي إسهامٍ في الاستقرار والطمأنينة لهذا البلد مهما صغرت، هو كفٌ تصافح كف ولي الأمر وحكومته الممدودة دوماً بالتعاون والحب والحرص على المصلحة العامة. شبابنا أمام مفترق طرق، وأمام امتحان للأمانة والشرف، فمن يرتضي أن يأخذ إعانة بحث عن العمل وهو لا يستحقها، كونه يعرف فرص عمل هرب منها وهو قادر عليها، هو مثل من يأخذ ما لايستحقه غيره، وأتمنى على وزارة العمل إضافة إلى حملاتها للتسجيل، أن تتبنى حملات إعلامية إعلانية مثل التي تبناها الضمان الاجتماعي قبل أن يبدأ غربلة المستحقين له، فهذه الإعانة هي ضمانة اجتماعية للشباب، يجب أن يكون سياقها العام تحفيزهم على الخروج من دائرتها إلى دوائر العمل والتحدي وإثبات الذات. أتوقع وأتمنى أدواراً كثيرة لجهات أخرى تقف في صف الوزارة والشباب والقطاع الخاص لبلورة هذه المرحلة وإرساء ثقافة سعودية جديدة تولد من رحم الواقع الاقتصادي، فلقد أتم حملها عقوداً من الزمن. [email protected]