كنت في الولاياتالمتحدة الأميركية مع الزميل الدكتور عبداللطيف دبيان العوفي لحضور المؤتمر الرابع عشر لبحوث العلاقات العامة في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، وكان تأثير الإعلام الاجتماعي ك «الفيسبوك وتويتر والانترنت»، وغيرها من الوسائل على جدول أعمال المؤتمر، خصوصاً مع التطورات الحاصلة في الشرق الأوسط، والدول العربية على وجه الخصوص. وقد كان أكثر الزملاء المشاركين في المؤتمر من مختلف دول العالم يتساءلون عن التغييرات الحاصلة في المنطقة، خصوصاً السياسية منها، إلى أن جاءت كارثة اليابان التي استحوذت على جميع أخبار وسائل الإعلام المشاهدة والمقروءة والمسموعة، والإعلام الجديد، ما جعل أخبار الشرق الأوسط تتراجع نوعاً ما من أولويات هذه الوسائل. لكن في اليومين الأخيرين من المؤتمر، عادت وسائل الإعلام الأميركية لتغطية أخبار الاحتجاجات في بعض الدول العربية، والقتال في ليبيا، ومعها بدأت التساؤلات عما يدور في المنطقة، خصوصاً في الخليج العربي، والاحتجاجات في البحرين على وجه الخصوص، التي بدأت تمس أمنها الوطني، متخطية الثوابت القائم عليها أمن مملكة البحرين، ومهددة باقي دول المنطقة بانتشار الفوضى، إذ تأثر المحتجون في الكثير من الدول، بما يجتاح الوطن العربي من التظاهرات والاحتجاجات التي بدأت من تونس ومصر وليبيا واليمن، والتي تطالب بمطالب مختلفة من ضمنها رحيل الحكومات، إذ نجحت في مصر وتونس، وخلقت في ليبيا ما يصل إلى حرب أهلية، من الممكن أن تؤدي إلى تقسيمها، لا سمح الله، وتفتح الباب على مصراعيه للتدخلات الخارجية، التي لن تكون في مصلحة المنطقة والشعب الليبي، ولكن يبدو أن بعض الاحتجاجات تحولت إلى تجارب لحشد بعض القوى ومعرفة مدى استجابتها للدعوات الاحتجاجية عبر وسائل الإعلام الجديد، أو أنها مسيرة من جهات خارجية لا تريد الاستقرار لشعوب دول المنطقة ودول الخليج العربية التي ينعم شعوبها بأمن ورخاء واستقرار. لقد قدم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الكثير من الإصلاحات، منذ سنوات، ولا يزال يقدم الحوار على المواجهة، وحتى عندما قامت الاحتجاجات منذ أسابيع، أمر بتشكيل لجنة تحقيق يرأسها ولي العهد، وباشرت عملها، ولكن يبدو أن هناك جهات داخلية مرتبطة بجهات خارجية تحاول إجهاض الحوار واستغلال الفرص لزرع الفوضى في البحرين، ومن ثم نشرها في باقي دول مجلس التعاون الخليجي، لا سمح الله. ولكن ما غاب عن هذه الجهات التي تحاول زرع الفوضى في البحرين، مستغلة شعار الطائفية، هو أن أمن دول مجلس التعاون الخليجي واحد، ما يمس أي دولة من دوله يمسها جميعاً، فالبحرين جزء من المنظومة الخليجية العربية، ولن تكون وحدها في كل ما يمس أمنها الوطني، علماً بأنها لم تتأخر عن تلبية المطالب التنموية والسياسية والاقتصادية لشعبها، ولكن لن تتخلى عن عروبتها وارتباطها بأشقائها الخليجيين والعرب، ولن تكون موطئ قدم لزرع الفتنة وعدم الاستقرار المدعوم، وبكل أسف من إيران. لقد كان تدخل دول مجلس التعاون الخليجي عبر قوات درع الجزيرة، للحفاظ على الاستقرار في البحرين ومنع التدخل الخارجي، خصوصاً من إيران، قراراً صائباً وواجباً، وضمن مواثيق مجلس التعاون الخليجي، لأن ترك البحرين أمام هذه الفوضى أمر لن يكون في صالح المنطقة وشعوبها التي برهنت عن وعيها خلال هذه الفترة، ورفضها للانقياد للفوضى، خصوصاً في المملكة العربية السعودية. ولذلك استغرب تدخل إيران السافر في الشأن الخليجي، فالبحرين دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي، ولها الحق في طلب المساعدة من أشقائها الخليجيين، وفوق هذه كله دولة عربية وشعبها عربي، ولذلك تصبح حمايتها والحفاظ على استقرارها واجباً خليجياً وعربياً، إن لم يكن إسلامياً كذلك. إن وقوف دول مجلس التعاون الخليجي مع البحرين، هو تأكيد على أهمية هذا المجلس في حماية أمن واستقرار دول المجلس وتوحيد كلمتها أمام الطامعين والمستغلين للأحداث، ولكن مع التطورات الجارية يجب تطوير آليات المجلس بشكل أفضل لتتماشى مع التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدول مجلس التعاون الخليجي، والوصول إلى الوحدة الخليجية، التي سوف تمنع أي طامع من التفكير في التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الوحدة، علماً بأن المملكة العربية السعودية ممثلة في الأمير نايف بن عبدالعزيز، ومنذ بداية اندلاع أحداث البحرين، كانت قد أكدت على وقوف المملكة حكومة وشعباً مع مملكة البحرين الشقيقة لدرء الفتنة، ومنع التدخل الخارجي فيها، وعدم التساهل والتسامح مع من يحاول أن يمس أمنها واستقرارها. أما ما يتعلق بالدعوة للاحتجاج والتظاهر في المملكة العربية السعودية فقد كانت رسالة الأمير نايف بن عبدالعزيز أصدق تعبير عن وعي ووفاء شعب المملكة العربية السعودية، إذ قال: «نعم إنه شعب كريم ووفي ومتخلق بأخلاق الإسلام. أهنئ قيادة هذا الوطن بشعبه رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، على وقفتهم الأبية الكريمة والوفية لرد بعض الأشرار الذين يريدون أن يجعلوا المملكة مكاناً للفوضى والمسيرات الخالية من الأهداف السامية»، إذ أفشل وعي ووفاء الشعب السعودي تلك الدعوات، معبراً عن حرصه على أمن واستقرار بلده، وتمسكه بقيادته ووحدته، من خلال التواصل مع ولاة الأمر في المملكة، إذ أبوابهم مفتوحة، جميعهم من دون استثناء، من خادم الحرمين الشريفين وولي العهد والنائب الثاني، وحتى أمراء المناطق. ولذلك يرى الكثير من المراقبين أن سياسة فتح الأبواب، التي تنتهجها القيادة السعودية، ومنذ عهد الملك المؤسس، رحمه الله، وحتى اليوم هي الضامن والحامي لهذا الوطن وشعبه. * أكاديمي سعودي.