أندريه» (الدائرة الثامنة - باريس) مجموعة «أوردريبغار» البالغة الشهرة. على الرغم من أن عدد المعروضات لا يتجاوز أربعين لوحة انطباعية وما بعد انطباعية، لكنها ذائعة الصيت نقدياً وتاريخياً وتشكّل مفاتيح أساسية في دراسة هذه المرحلة التي تقع بين أواخر القرن التاسع عشر واستهلالات القرن العشرين. أما صاحبا أو مؤسسا هذه الباقة الثمينة فهما زوجان دنماركيَان متوفَيان، رجل الأعمال الكبير ويلهلم هانسين مولود في كوبنهاغن عام 1868 ومتوفى فيها عام 1936، وزوجته هانّي (1870-1951) عرفا باسم عائلة هانسين. وعنوان المعرض المثير لا يخلو من المجاز: «الحديقة السرية للزوجين هانسين» قد تكون الإحالة إلى لوحة غوغان الفردوسية، وكان العنوان أصلاً: «من كورو وحتى سيزان وماتيس» لأن المجموعة تعانق أبلغ لوحات سيزان عن موضوع السابحين، بل تكاد تكون المرجع الوحيد الأشد خصوبة وعدداً. علماً أن المعرض جزء من كنوز لوحاتهما الموروثة فهناك قسم محفوظ يغطي كامل نماذج تاريخ الفن الدنماركي، لعله من الجدير بالذكر أنهما ومنذ عام 1918 يؤسسان صالة عرض أي غاليري رحباً فاخراً لعرض المجموعة، واستقبال العروض العامة. يمثّل بناء الصالة جزءاً من قصر استقرارهما في شمال كوبنهاغن الذي رسا قرارهما عليه، وهو قصر يلحق به جناح مجموعة متميزة معروضة تحولت مع الأيام إلى الجزء المؤسس للمتحف الملكي المركزي. توسع هذا المتحف بدرجة كبيرة مع مجموعته حتى أصبح يبزّ المتاحف الشمالية المعروفة، وذلك أخيراً ما بين عامي 2003 و2005، ما يؤكد فضل شراكة الزوجين هانسين في تأسيس المتحف المركزي في العاصمة. بما أن محتويات المعرض لا تقدّر بثمن، لذلك فإن آلية زيارته نخبوية محددة بأقل من ربع الساعة بمرافقة دليل مختص للشرح. لعل أبرز أسباب ندرة النماذج يرجع إلى رهافة حساسية الاختيار الرؤيوية وهو حالة نادرة في أوساط رجال الأعمال. استمر الاقتناء سنتين فقط علماً أن انتخاب النماذج أجري خلال فترة تحضيرية واستشارية مديدة من دون حساب تكاليف المجموعة، يرجع ذلك إلى سبب بسيط أن صاحبها ويلهلم كان يستثمر أيضاً في ميدان الضمان الاجتماعي وعلى احتكاك بالقوانين التي تعفي من الضرائب في حال الشراء عوضاً عن قيمتها أعمالاً فنية. هو ما يعني أن شراء أي لوحة يمثل قراراً مسبقاً لا يعتمد على المصادفة والمزادات بقدر النية في اقتناء عمل فني بالذات إلى حد العشق، وعدم الخضوع إلى التصنيف الاستهلاكي في تاريخ الفن، انطلاقاً بأن الفن الفرنسي المعاصر يملك وحدته بمعزل عن تسمية جماعات تياراته. وصفت المجموعة باتفاق النقاد منذ عام 1918 بأنها أجمل «انطباعية في العالم». كان ويلهلم يعرف بعضهم شخصياً، وبالتالي فقد تم الاقتناء من المحترف مباشرة. ابتدأ الاقتناء من رأس جماعة الباربيزون وهو كامي (1796- 1865) مصور المناظر الفردوسية الغروبية، ثم من واقعية الجيل التالي غوستاف كوربيه بغزاليين شاردين يتراقصان في غابات منطقة ريف العاصمة. ثم الفنان جيوم. ابتدأ الاقتناء الانطباعي من لوحات كلود مونيه بصفته رأس هذا الاتجاه المفصلي بين قرني التاسع عشر والعشرين، ثم استكملت الباقة بالتدريج مع أوغست رنوار وبيسارو وسيسلي وإدغار ديغا. ثم وبعناية خاصة مع مجموعتي بول سيزان وبول غوغان. تبع ذلك شراء بعض لوحات موريزوت الأنثى الوحيدة ضمن مجموعة ذكور الانطباعية، ثم غونزاليس ثم هنري ماتيس. كان برنامج صالة الزوجين هانسين حافلاً بالمناظرات والحوارات والمحاضرات حول هذه الفترة المزدهرة من الفن الفرنسي، والموازية خصائصَ تاريخ الحداثة والمعاصرة في المحترف المحلي الدنماركي. تدعى المجموعة بالدنماركية «أوردريبغار» أو حديقة سرية مثل عنوان لوحة بول غوغان في المجموعة، وبسبب شهرتها العالمية فالمعرض متنقل بين عدد كبير من المتاحف الأوروبية والأميركية، فبعد انتهائه في باريس سينتقل إلى متحف أوتاوا في كندا وهكذا. يستحق المعرض الزيارة أكثر من مرة. يعانق لوحات تقاوم النسيان، بخاصة سابحات بول سيزان وحديقة غوغان وراقصات إدغار ديغا، ومياه كلود مونيه بانعكاسات شروقها وغروبها، سحابها ومراكبها. افتتح المعرض في منتصف أيلول (سبتمبر) ويستمر حتى مطلع 2018.