وسط إجراءات أمنية مشددة، دُفن في الساعات الأولى من صباح أمس المرشد العام السابق لجماعة «الإخوان المسلمين»، المُصنفة إرهابية في مصر، محمد مهدي عاكف، في حضور عدد قليل من أفراد عائلته في مقبرة في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) حيث دفن عدد من مرشدي الجماعة الراحلين. وتوفي عاكف (89 سنة) المدان بالسجن المؤبد في القضية المعروفة باسم «أحداث مكتب الإرشاد»، في مستشفى قصر العيني الفرنساوي الذي نُقل إليه بناء على طلب من عائلته وافقت عليه وزارة الداخلية بعدما أمضى فترة في مستشفى سجن طرة جنوبالقاهرة. ونعت حركة «حسم» الإرهابية عاكف، ووصفته في بيان ب «البطل المجاهد أيقونة المقاومة ورمز الصمود». ويُنظر ل «حسم» على أنها الجناح المُسلح لجماعة «الإخوان»، إذ تبنت عشرات الهجمات ضد ضباط وجنود وقضاة وشخصيات عامة مؤيدة للحُكم، وتضم في غالبيتها شباباً من «الإخوان» يتبنون العنف نهجاً. واتخذت قوات الأمن المصرية إجراءات احترازية تحسباً لأي أعمال عنف أو تجمعات تهدف إلى التخريب عقب مراسم الدفن. وأصدرت وزارة الداخلية بياناً لشرح ملابسات وفاة عاكف، موضحة أن قطاع السجون تلقى إخطاراً من مستشفى قصر العيني يفيد بوفاة المحكوم عاكف إثر تعرضه الى هبوط حاد في الدورة الدموية. وأشارت إلى أنه سبق إيداع عاكف في سجن ملحق المزرعة التابع لمصلحة سجون طرة. وأضافت أن عاكف سبق إيداعه في 9 أيلول (سبتمبر) عام 2015 في مستشفى سجن طرة للعلاج، لينقل في 19 كانون الثاني (يناير) الماضي إلى مستشفى قصر العيني لاستكمال العلاج بناء على طلبه وموافقة قطاع السجون لمعاناته من «التهاب رئوي حاد وارتفاع في نسبة الصفراء والتهاب بالإثني عشر». واستغلت «الإخوان» وفاة مرشدها السابق لبث رسائل تحريض وإثارة لعناصرها عبر قنوات فضائية تبث من تركيا وقطر، وكذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مدعية تعنت النظام ضد عاكف (89 سنة) ورفض الإفراج الصحي عنه أو نقله لتلقي العلاج (على عكس الواقع)، ورفض قوات الأمن إقامة مراسم الجنازة لتشييعه، فيما أكد محامي الجماعة عبدالمنعم عبدالمقصود أن عاكف أوصى بعدم إقامة سرادق عزاء بعد وفاته. واشتهر عاكف بعبارة «طظ في مصر» التي أطلقها في حوار صحافي خلال عهد الرئيس السابق حسني مبارك حين سُئل عن رؤيته للخلافة وماذا لو حكم مصر شخص غير مصري، فأجاب: «طظ في مصر وأبو مصر واللي في مصر»، علماً أن «طظ» في اللهجة المصرية تعبير عن عدم الاكتراث. والمرشد العام السابق للجماعة محسوب على التيار القطبي المتشدد داخل الجماعة الذي أسس سابقاً التنظيم العسكري السري في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، والمتهم تاريخياً بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في المنشية عام 1954، وقبلها اغتيال رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي عام 1948. وكان عاكف من ضمن قيادات الجماعة المحكومين في «قضية سلسبيل» عام 1992، وحكم عليه آنذاك بالسجن ثلاث سنوات. تولى عاكف منصب مرشد «الإخوان» بين عامي 2004 و2010، وعندما أحكمت «صقور» التيار القطبي في انتخابات مكتب الإرشاد عام 2010 سيطرتها على الجماعة، أرغمت حينها عاكف على عدم الترشح، لينتقل منصب المرشد إلى الدكتور محمد بديع. وظل عاكف متوارياً، لكنه عاد الى المشهد العام بعد ثورة 25 كانون الثاني (يناير) عام 2011، وشوهد أكثر من مرة متوجهاً إلى اجتماعات مكتب الإرشاد، خصوصاً الحيوية منها، محاطاً بحراسة مشددة. ولاحقاً، اتهم عاكف وآخرون بالتحريض على قتل عدد من المتظاهرين الذين تجمهروا أمام مقر مكتب الإرشاد في المقطم، وهي القضية التي حكم عليه فيها بالمؤبد في المحاكمة الأولى التي أعيدت بقرار من محكمة النقض، لكنه لم يتمكن من حضور آخر جلساتها قبل أيام لمرضه. وبوفاته انقضت التهم الموجهة إليه، لكن اسمه سيظل ضمن «قوائم الإرهاب»، وأيضاً ستبقى كلمته الشهيرة «طظ في مصر».