لعل أحد الملامح البارزة للزمن المعاصر هو الانخراط الواسع للناس في أرجاء العالم في نشاطات متصلة بعوالم الشبكات المترابطة، إذ يمضي الملايين أوقاتهم في إنشاء مدونات شخصية («بلوغز» Blogs)، وفي تعليق على تدوينات و «بوستات» الآخرين وتغريداتهم وصورهم المنشورة على صفحات ال «سوشال ميديا». وكذلك يستكشف كثيرون المصادر الثريّة التي تقدّمها شبكة ال «ويب»، سواء كانت مؤلّفات رقميّة أو كتباً صوتيّة مسجّلة بطريقة ال «بود كاست» podcast، أو أشرطة تعليميّة أو غيرها. ويتفحصون أيضاً الحقائق والمعلومات التي يحتاجون إليها في «ويكيبيديا» التي يساهمون في مداخلات أو يصحّحون بعضاً مما يرد فيها. وربما أشبع بعضهم ميوله عبر تقمّص شخصيّات يصنعونها بأنفسهم كي تنوب عنهم في الفضاء الافتراضي للشبكات، على غرار ما يحصل في موقع «سيكوند لايف» Second Life. وبالطبع، يتواصل بعضهم أيضاً مع مجموعة واسعة من الأصدقاء باستخدام برمجيات مخصصة للشبكات الاجتماعيّة، وهم فيها يتبادلون أفكاراً واهتمامات تعليميّة أيضاً. من المستطاع وصف أفراد تلك المجموعات بأنهم متعلمون يميلون إلى التنقل في شكل متزايد، إضافة إلى كونهم متصلين ومتفاعلين مع بعضهم عبر أسلاك الإنترنت، أو لاسلكياً عبر موجات الخليوي والاتصال مع الأقمار الاصطناعيّة وغيرها. في مجال التعليم عبر الإنترنت، يبقى المجال مفتوحاً دائماً أمام مدرسين ومدربين. إنّ كل من لديه رغبة في تدريس الآخرين أو تدريبهم عبر ال «ويب»، يستطيع أن يجد منافذ تعليمية لتغذية معارف الآخرين. ووفق كتاب «العالم المفتوح»: «أنت لست مضطراً لأن تكون تعليمياً محترفاً لتُحدث تغييراً. إنّ المدرسين يمكنهم أن يجدوا وحدات تعليمية مجانيّة في مواقع ك «مِرلوت. أورغ» MERLOT.org، و «سي إن أكس.أورغ» cnx.org، و «كوريكي. أورغ» Curriki.org وغيرها. ويستطعون مطالعة مراجعات عنها قبل اتخاذهم قراراً بإدراجها في صفوفهم الدراسيّة. إن البوابات الرقمية المخصصة للمحتويات التعليمية الإضافية (تكون غالباً) مفهرسة أيضاً لتسهيل القيام بنشاطات واستكشافات تعليميّة. ويشير بعض البوابات ببساطة إلى مصادر متنوّعة تكون متوافرة «أون لاين» عبر مجموعة من الروابط الإلكترونيّة، فيما تكون مجموعات أخرى مستودعات لوحدات تعليمية حقيقيّة. بالتالي، تعمل المجتمعات المعاصرة على تطوير طرق متنوّعة للتشارك في الإمكانات التي تقدّمها تلك البوابات الشبكيّة، خصوصاً المحتوى المتطوّر، وقواعد البيانات المرجعيّة، والمخازن الرقميّة الواسعة وغيرها. للمرّة الأولى في تاريخ التعليم، يكون الملايين من المعلمين متكاتفين جميعاً لمشاركة أفكارهم ومنهجياتهم التدريسيّة، مع أناس ربما لم يسبق لهم أن قابلوهم بل لعلهم لم يتحدثوا إليهم بصورة شخصيّة أبداً. الآن، أُديرَ صنبور التشارك في المعرفة على آخره، بل تتدفق الموارد عبره لتخدم ملايين الناس الذين كانوا في السابق محرومين من فرصة الوصول إلى التعليم في أشكاله كلّها».