نوه مؤتمر التواصل الحضاري بين أميركا والعالم الإسلامي الدولي، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في مدينة نيويورك الأميركية خلال الفترة من 16 إلى 17 أيلول (سبتمبر) الجاري بإنشاء المركز العالمي لمكافحة التطرف (اعتدال) الذي دشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وعدد من القادة العرب والمسلمين خلال القمة العربية الإسلامية - الأميركية التي استضافتها الرياض. وأعرب الأكاديميون والباحثون وقادة العمل الديني والسياسي والاجتماعي وذوو العلم والفكر والرأي من مختلف دول العالم، في ختام اجتماعاتهم أمس (الاثنين) عن تقديرهم للمركز وما يحتويه من كفاءات عالية وتقنيات متطورة، لافتين إلى أنه سيتم توظيفها في مكافحة التطرف بأحدث الطرق والوسائل فكرياً وإعلامياً ورقمياً، كما أثنوا على خطط التعاون الحضاري بين العالم الإسلامي وأميركا. وأكدوا – بحسب وكالة الأنباء السعودية - أن حضارة الإسلام وتجربته التاريخية الرائدة تؤكدان انفتاح المسلمين الواعي على الحضارات الأخرى، وحرصهم على التواصل مع شعوب العالم، ودعم مبادرات السلام العالمية وتعزيزها، وأن المسلمين اليوم معنيون بالإسهام في العطاء الإنساني في المجالات الاقتصادية والفكرية والثقافية والاجتماعية والعلمية وغيرها، ما يخدم الإنسانية ويحقق سعادتها. كما أكدوا أن الإسلام دين الرحمة بالناس جميعاً الذي يتضمن المبادئ الإنسانية العالمية القادرة على إسعاد الإنسان وتحقيق آماله وحلّ مشكلاته، لافتين إلى أن المسلمين اليوم مدعوون إلى إنفاذ هذه المبادئ وتحقيقها على أرض الواقع بالتواصل مع الآخرين، لتأسيس عالم تسوده العدالة والسلم والتراحم، وفتح صفحة إيجابية في العلاقة الحضارية بين الأمم والشعوب على أسس من الاحترام المتبادل، والتعاون في إعمار الأرض، وتحقيق أمن الإنسان وكرامته. وأشاروا إلى أن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات البشرية يستدعي إقامة شراكة عادلة وتواصل إيجابي ضمن عقد اجتماعي يتوافق عليه الجميع، يستثمر تعدد الرؤى في إثراء الحياة المدنية والحضارية، وتحقيق تنمية شاملة. وأوضحوا أن الحوار الهادف والجاد بين العالم الإسلامي وأميركا ضروري لتفهم الرسالة الحقيقية للإسلام التي حاول التطرف اختطافها وتزوير معاني نصوصها، مع التصدي لدعوات الكراهية والإقصاء والاستعلاء، وتخليص العالم من العنف والتطرف المضاد، وإقامة تحالفات مخلصة تعزز الفهم الصحيح للآخر، وتستثمر الشراكة معه في خير الإنسان. وشددوا على أن التواصل الحضاري والحوار المباشر بين المكونات المختلفة كفيل بالتعرف على الآخر من خلال أصوله المعتمدة بعيداً عن الدعايات المضللة والتصورات المغلوطة التي تزرع الشقاق والكراهية. كما أكدوا أن التحديات التي تواجهها البشرية تهدد مستقبل الإنسانية وجوداً وحضارة وقيماً، وأنه على القادة الدينيين والسياسيين تلمس المشتركات الإنسانية والتعاون من خلالها في تحقيق المقاصد السامية ومواجهة هذه التحديات عبر مفهوم الشراكة العادلة في استثمار منجزات الحضارة الإنسانية. ودعوا رابطة العالم الإسلامي إلى التعاون مع الجمعيات والمنظمات والجامعات في أميركا لتنفيذ برامج مشتركة هدفها تحقيق التواصل الإيجابي بين الحضارة الإسلامية والحضارة الأميركية، وتطوير الحوار البيني بما يراعي المصالح المشتركة، ويعالج مشكلات المجتمعات المعاصرة. إنشاء منتدى للتواصل الحضاري الإسلامي - الأميركي شدد مؤتمر التواصل الحضاري بين أميركا والعالم الإسلامي الدولي في توصياته أمس (الاثنين) على أهمية وضع استراتيجية بعيدة المدى لتفعيل التواصل الحضاري والثقافي، وإشاعة روح التسامح والمساواة بين الشعوب، والتعاون في تعزيز برامج التنمية المستدامة، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة ومزدهرة تحصن الشباب من الأفكار المتطرفة، وتكثيف اللقاءات الإسلامية مع الحضارات الأخرى لدرس المسائل العالقة وتشكيل مفاهيم مشتركة حولها، والتحرر من مؤثرات الصراع التاريخي. وشددت التوصيات على أهمية توثيق الصلات والتعاون بين المنظمات الإسلامية في أميركا والهيئات الرسمية والشعبية في العالم الإسلامي في المجالات كافة، إفادة واستفادة، مع بذل الجهود الدولية الفاعلة لتحقيق كرامة الإنسان وحفظ حقوقه، وإقامة العدل الناجز، وتحقيق التعايش الآمن بين المجتمعات البشرية. ودعت التوصيات إلى إنشاء منتدى للتواصل الحضاري الإسلامي - الأميركي لتعزيز التواصل الفكري والثقافي والعلمي بين الشعوب الإسلامية والشعب الأميركي، وتعميق الروابط الحضارية بين الجانبين، إلى جانب وضع خطة استراتيجية شاملة ومتكاملة للتنسيق بين المنظمات والمراكز والجامعات والمؤسسات الإعلامية لمواجهة الفكر المتطرف وحماية المجتمعات من آثاره ونتائجه وارتداداته على الطرف الآخر. وأكدت التوصيات أهمية إشاعة ثقافة التعايش الإسلامية والغربية، وتشجيع البحوث والدراسات التي تؤصل لمبدأ التواصل الفاعل وتبرز أهميته للجانبين، ونشر كتبه وترجمتها، والنأي عن دعوات صراع الحضارات، والتحذير من ظاهرة التخويف من الإسلام، واستعداء المسلمين وتوتير علاقاتهم بمجتمعاتهم. وأهابت بوسائل الإعلام الإسهام في نشر ثقافة السلام والتفاهم، والتحلي بالصدقية والموضوعية، وعدم الترويج لثقافة العنف والكراهية، والتوقف عن إنتاج مواد إعلامية تؤجج الصراعات الدينية والطائفية والفكرية. العيسى: «الرابطة» تتصدى لمحاولات افتعال الصراع ونظريات الكراهية أكد الأمينُ العامُ لرابطةِ العالمِ الإسلامي الشيخ الدكتور محمد العيسى، أصالة معاني السلام والرحمة في وجدان المسلمين انطلاقاً من المفهوم الصحيح والنقي للإسلام في بعده الوسطي المعتدل. وعبَّر العيسى في كلمة خلال افتتاح المؤتمر عن اهتمام رابطة العالم الإسلامي - بما تمثله من ثقل وعلاقات واسعة مع المؤسسات والشعوب الإسلامية - بالتواصل العالمي، وتعزيز قيم التعايش، لاسيما في سياق تبادله الحضاري والتصدي لكل محاولات افتعال الصراع التي تسعى لها مفاهيم التطرف ونظريات الكراهية. وأشار في سياق كلمته إلى عراقة التواصل الحضاري بين أميركا والعالم الإسلامي وإثرائه في عموم المجالات الإنسانية التبادلية، منوهاً بأبعاد القمة الإسلامية - الأميركية المنعقدة في الرياض في تموز (يوليو) الماضي وما عكسته من أثر أسهم ومن دون شك في تعزيز مفاهيم التواصل الحضاري بين الجانبين. وناقش المؤتمر على مدى يومين مواضيع الإسهام الحضاري بين أميركا والعالم الإسلامي الواقع والتطلعات، الإسهام الإسلامي في تعزيز السلام العالمي، المسلمون في أميركا الاندماج والمواطنة، الاتجاهات الفكرية في توظيف الحريات الدينية، التواصل المعرفي بين أميركا والعالم الإسلامي، المشتركات الحضارية والإنسانية، والتبادل المشترك بين أميركا والعالم الإسلامي، تحالف القيم الإنسانية والبناء الحضاري المشترك، إضافة إلى قراءة تحليلية للعلاقات بين أميركا والعالم الإسلامي نحو علاقات استراتيجية - حضارية بين أمريكا والعالم الإسلامي.