رداً على الموضوع المنشور في «الحياة»، العدد «17482»، بتاريخ «14 ربيع الأول 1432ه»، (14 شباط/ فبراير 2011)، تحت عنوان ««دريك آند سكل» تفوز بعقد بناء مركز الملك عبدالله للبحوث بقيمة بليوني ريال». أثار انتباهي بل ودهشتي الخبر الذي أوردته «الحياة» في إحدى صفحاتها، مفاده أن شركة «دريك آند سكل» بالتعاون مع وزارة البترول حازت على عقد بقيمة بليوني ريال لإنشاء مركز الملك عبدالله للبحوث والدراسات البترولية ومقره مدينة الرياض. وعلى رغم ما يبدو من الكلفة العالية للمركز إلا أن مرد تعجبي واستغرابي الشديد أن ينشأ هذا المركز المهم ذو الطبيعة البترولية البحتة في العاصمة الرياض وليس في إحدى مدن المنطقة الشرقية من بلادنا، إذ تقع أهم وأكبر نشاطات صناعة الزيت في عالم اليوم، والسؤال البديهي هو لماذا اختيرت العاصمة بالذات مقراً لهذا المركز، وهل هي بحاجة للمزيد من المراكز، وبها ما لا يعد ولا يحصى من المراكز والمؤسسات الكبرى العلمية والاقتصادية والصحية والصناعية وخلافها، مما أُنشئ في العقود القليلة الماضية، ومنها المزيد ما لا يزال في مراحل الإنشاء المختلفة. وما لا شك فيه أن نسبة كبيرة مما تحقق ويتحقق من منشآت جديدة على اختلافها هدفها تلبية الحاجات المتزايدة باضطراد للسكان في العاصمة الرياض بالدرجة الأولى، ثم جدة بالدرجة الثانية، وربما بعض المدن الرئيسة الأخرى، الذي هو بدوره نتيجة للهجرة السكانية من البادية والأرياف إليها، وذلك بخلاف القوى البشرية الوافدة لها من خارج الوطن. ويمكننا تشبيه ما يحدث هنا بالكرة الثلجية التي يزداد حجمها كلما تحركت. والنتيجة الطبيعية لذلك ما نعاني منه جميعنا في عاصمة بلادنا الحبيبة وأبرزها الازدحام المخيف في معظم الشوارع، خصوصاً وسط العاصمة، الذي يتزايد باستمرار تبعاً للزيادة المضطردة في العنصر البشري فيها، وذلك على رغم تميز تخطيط هذه المدينة واتساع شوارعها الذي يضعها من هذه الناحية في مقدم مدن المنطقة. فالأمر في نظري مرتبط إلى حد كبير إذا استثنينا الزيادة السكانية الطبيعية، بأن كل مركز أو مؤسسة كبرى يتم إنشاؤها في العاصمة يمثل نواة جذب جديدة لمن يقومون بتشييدها، ثم من يتولون إداراتها، أو العمل فيها من إداريين أو فنيين، سواء من داخل المدينة أو من خارجها من الأقاليم في المملكة، أو من خارجها، وذلك إضافة لطواقم الصيانة والحراسة وخلاف ذلك. وهكذا تستمر الحلقات في الاتساع من تضاعف معدلات النمو السكاني، إلى ازدياد أعداد السيارات، ثم الضغط على المرافق والخدمات من مياه وكهرباء وسكن وصرف صحي بخلاف النمو المتوقع لمعدلات الحوادث الأمنية، وكذلك مستويات التلوث البيئي الناجم عن كل ما أشرنا إليه أعلاه. وختاماً، أرجو أن يكون ما تطرقت له في هذه السطور ما يعين بعض المسؤولين عن هذا المشروع العملاق في إعادة النظر في المقر الذي اختير له، والعمل على تحويله نحو المنطقة التي هي أحق به، بحكم طبيعة الأهداف المرجوة من ورائه، وبحكم الأسباب الأخرى التي نوهنا عنها أعلاه. تركي بن خالد السديري - الرياض