ما إن غادرت نرمين حتى عادت كلمات باسم تدور في رأس فاتن، وأكثر ما كان يثير سخطها هو أنه يسكن في الحي نفسه وكانت تتساءل في سرها «هل يستطيع أمير في داعش أن يفعل كل هذا بهذه البساطة؟ من أين يستمد هذه القدرة؟ ولماذا لم يكتشفه أحد حتى هذه اللحظة؟». هذه الأسئلة حفزتها للعودة إلى السي دي ففيه الكثير من المعلومات عن عملية خطفها وما جرى بعدها حتى وصولها إلى لاهاي. ذهبت إلى الكومبيوتر وحركت الماوس فظهرت رسالته وكانت آخر جملة فيها– يحق لي أن أطالبك بالعودة إلى بيتي شرعاً-. كانت تتعجب من ثقة باسم الفريدة في نفسه وهي تواصل القراءة. (حبيبتي فتونة بعد دخول الدولة الإسلامية إلى الموصل بأسبوع قررت أن أخطفك لأنني أعرف معلومات خطيرة عن الذي سوف يحدث للمسيحيين من قتل ونهب لممتلكاتهم ونسائهم وكنت أعرف أن أحد قادة التنظيم سيقوم بخطفك واغتصابك هو ومن معه وربما قتلك خصوصاً القادة الأجانب المرتزقة الذين جيء بهم من الشيشان وأفغانستان والخليج فهولاء لا يعرفون شيئاً سوى سفك الدماء، فقمت في منتصف الليل أنا واثنان من حراسي بخطفك ونقلك إلى بيتي في بعشيقة وأخبرت والدك أن يبيع البيت في اسرع فرصة والخروج من الموصل قبل أن تصل قوات التنظيم وتقوم بمصادرة البيت والممتلكات، كما أخبرته انك ستكونين آمنة عندي). توقفت فاتن عند الجملة الأخيرة وفكرت «هل يعني أن أهلي بخير حتى الآن؟ وهل فعل والدي ما طلبه منه باسم ؟ كيف لي أن أصدق ما يقوله هذا الوحش»؟ (حينما وصلنا إلى بيتي في بعشيقة بعد منتصف الليل تركتك في غرفة وحدك لكي ترتاحي من هول الصدمة وفي الصباح قدمت لك الفطور لكنك لم تقتربي منه، كنت أعرف أنك ستخافين إن اقتربت منك ولكنني اكتفيت بأن قلت لك أن المشوار سيطول فعليك أن تأكلي وأن تسمعي كلامي وأنني لن أستخدم العنف معك بشرط أن تنفذي ما أقول لأنه من العبث أن لا توافقي وأنا لدي القدرة على فعل أي شيء معك. صحيح أنني أجبرتك على اعتناق الإسلام بالقوة وهددتك بقطع رأسك، كانت هذه هي الوسيلة الوحيدة لإقناعك. لقد كنت عنيدة وشرسة وهذا ما كنت أحبه فيك وكنت أعرف انك ستفكرين بالهرب أو بالانتحار إن فشلت، لذلك كانت غرفتك خالية من أية أداة يمكن أن تساعدك على الانتحار، حتى هواء المبردة كان يصلك عبر خرطوم من النافذة المشبكة بعناية. أنت تتذكرين جيداً أنني لم أضربك أبداً على رغم عنادك وشراستك وكانت العضاضة هي الوسيلة الوحيدة لجعلك تستجيبين لما أريد. أنوثتك الطاغية وجسدك المنحوت بأصابع فنان رباني كانا يجعلاني أبعد أية فكرة عن استخدام العنف معك فطالما تخيلتك عارية أمامي مثل تمثال من الذهب، منذ كنت صبية مراهقة، وها أنت اليوم بين يدي سبية وأستطيع أن أفعل بك ما أريد ولكنني فضلت أن ابقيك كما أنت، صبية جميلة بل في منتهى الجمال والفتوة والنضارة وخالية من أية خدوش). تذكرت فاتن كيف اغتصبها الوحش باسم أول مرة، صحيح أنه لم يضربها أول الأمر لكنه فعل ما هو أشنع بكثير من الضرب أو السحل أو ربط الأيدي والقدمين إلى عمود حديدي أو خشبي. تحسست ذراعها الأيمن والندب التي تركتها العضاضة هذه الألة البدائية المرعبة، كان بمجرد أن يمسك ذراعها البضة بالعضاضة حتى يصرخ الالم في جسدها كله وكانت تبكي وتستغيث عبثاً، قاومت كثيراً وحاولت أن تحرر ذراعها من العضاضة، لكن ذراعها تمزق بعد أن نبتت أسنان العضاضة الحادة في اللحم وانهارت أخيراً، فقدت الوعي، لكنه استمر باغتصابها وفض بكارتها وتركها مدماة الساقين حتى اليوم التالي. تغرغرت دمعة في عينيها لكنها لم تدعها تسقط وقررت مع نفسها أن لا دموع بعد الآن «عليك أن تربي غضبك من الآن وأن تفجريه في اللحظة المناسبة». * مقطع من رواية «ابنة نوح»