11 مبادرة تنفيذية لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    27.25 ريال سعر السهم.. صفقات مليارية في تداول أسهم أرامكو    الاقتصاد السعودي.. محركات قوية للنمو المستدام    مستثمرو النفط يتطلعون لانتعاش الأسواق بعد خسارة أسبوعية    وفرة السلع الغذائية والاستهلاكية    سعود بن نهار يدشّن الصالة الإضافية بمطار الطائف    نائب أمير جازان يطلع على تقرير صندوق التنمية الزراعية    الوزاري الخليجي يناقش المستجدات    «التعاون الإسلامي»: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء    العطلة الصيفية واستغلالها مع العائلة    القيادة تهنئ ملك الأردن    احتفالات وفعاليات ترفيهية    رئيس كوستاريكا استقبل الجبير.. المملكة تؤكد دورها العالمي لحماية البيئة البحرية    الداخلية تستعرض خططها لموسم الحج.. مدير الأمن العام: أمن الوطن والحجاج خط أحمر    أمير القصيم يشيد بجهود "طعامي"    محافظ الأحساء يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    «فتيان الكشافة» يعبرون عن فخرهم واعتزازهم بخدمة ضيوف الرحمن    «بيئة الرياض»: 3918 جولة رقابية على أسواق النفع العام والمسالخ    300 مستفيد من مركز تأهيل العاملين في الغذاء والصحة    وزارة الحج تعقد دورات لتطوير مهارات العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    إعادة تدوير الفشل    خلود السقوفي تدشن كتابها "بائعة الأحلام "    رسالة جوال ترسم خارطة الحج لشيخ الدين    شرائح إنترنت واتصال مجانية لضيوف خادم الحرمين للحج    تفويج ضيوف الرحمن في ميقات ذي الحليفة    تدشين خدمة الربوت الذكي بجوار المسجد النبوي.. مشاهد إيمانية تسبق مغادرة الحجيج المدينة المنورة    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    الدكتورة عظمى ضمن أفضل 10 قيادات صحية    أمير الرياض يطلع على عرض لمركز صالح العسكر الحضاري بالخرج    جابر عثرات الاتحاد    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    رئيس جمهورية قيرغيزستان يمنح رئيس البنك الإسلامي للتنمية وسام الصداقة المرموق    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    وفد الشورى يطّلع على برامج وخطط هيئة تطوير المنطقة الشرقية    أرصفة بلا مشاة !    «طيبة»: إتاحة فرصة التحويل الداخلي والخارجي للدراسة بالجامعة وفروعها    رئيس الأهلي!    التخبيب يهدد الأمن المجتمعي    فشل التجربة الهلالية    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    «ضربه وبكى وسبقه واشتكى».. عمرو دياب هل يلقى مصير ويل سميث؟    ماكرون يحل الجمعية الوطنية ويدعو إلى انتخابات في 30 يونيو    فيصل بن سلمان يرأس اجتماع مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية    الأخضر يختتم تحضيراته لمواجهة الأردن    أمير القصيم يوجه بتوثيق الطلبة المتفوقين في كتاب سنوي    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعتني بثقافة الحج وتاريخ الحرمين    المملكة تؤكد أن تأشيرة الزيارة بجميع أنواعها لا تخول حامليها أداء الحج    لا اتفاق مع إسرائيل إلا بوقف الحرب    أمير تبوك يواسي عامر الغرير في وفاة زوجته    قطاع صحي ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "مكافحة التدخين"    الوزاري الخليجي: ثروات المنطقة المغمورة للكويت والسعودية فقط    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري للحوار الاستراتيجي الخليجي-التركي    فريق طبي "ب"مركزي القطيف" ينقذ حياة مقيم    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    التنظيم والإدارة يخفِّفان الضغط النفسي.. مختصون: تجنُّب التوتّر يحسِّن جودة الحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«العضل»... وضياع الحقوق
نشر في الحياة يوم 26 - 01 - 2011

قالت لي: «لو قال شرع الله بألا أتزوج فأنا موافقة ولن أعترض. أعلم أن العمر يجري، ولكن أملي في الله كبير، فهذه ليست قضيتي وحدي وإنما قضية أخواتي أيضاً»، بهذه العبارات ختمت طبيبة المدينة المعضولة محادثتنا بعد أن عبّرت عن حزن عميق تجاه مصادقة محمكة الاستئناف على الحكم الصادر من محكمة المدينة بصرف النظر عن دعوى العضل التي رفعتها على والدها. وقالت: «لن أعود للموت والعذاب، لقد خرجت من تحت الساطور، وسأبقى في دار الحماية حتى أحصل على حقي».
لم يأتِ الحكم الذي صدر في حق الطبيبة برفض قضية العضل ووصفها بالعقوق مخيباً لآمالها وحدها، بل لكل من تابع قضيتها وتعاطف معها كإنسانة تطالب بحق شرعي وقانوني وفطري. لقد وصلت هذه السيدة سن 43 عاماً وهي لا تزال تطالب بحقها في تكوين أسرة! تطالب «بالحلال»، تطالب بالأمومة التي لا تزال محرومة منها بسبب أن «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وخوفاً مما لا تُحمد عقباه»، كما جاء في نص الحكم.
ولمن لم يسمع عن طبيبة المدينة، فلقد عاشت هذه السيدة معاناة حقيقة مع العنف الأسري، الجسدي والنفسي، عندما بدأت تطالب بحقها في الزواج منذ عشر سنوات بأي رجل مناسب، وبقي طلبها يقابل بالرفض بحجة عدم وجود شخص مناسب من القبيلة، وأيضاً للحصول على راتبها. قررت أن تحمل على عاتقها مسؤولية نفسها وأخواتها الأربع اللواتي يلاقين المصير نفسه، والتي اختفت إحداهن ولا يعرف إن كانت حية أو ميتة. أدخلت لدار الحماية من خمس سنوات بعد نجاتها من الموت، كما قالت، وقررت أخيراً أن تتمسك بشخص تراه مناسباً.
أمامنا اليوم امرأة وصلت للعقد الرابع من عمرها، طبيبة جراحة، إنسانة تريد الزواج من إنسان شريف مشهود له بالخلق، والدين، ومقتدر مالياً، وتتوفر فيه جميع مواصفات الزوج المناسب، ولكنها لا تستطيع أن تحصل على موافقة والدها للزواج، ولا على حُكم للزواج؟ فلماذا يحق لوالدها أن يمنعها؟ ولماذا لم ينصفها القضاء؟ فلقد عانت هذه المرأة من عنف جسدي مثبت أُدخلت على أثره المستشفى فاقدة للوعي، إضافة إلى ضرب مستمر، وعنف نفسي، وكان لا بد أن يكون ذلك كافياً لرفع الولاية عنها أو عن غيرها. ثم جاءت قضية العضل التي تتضح من عمرها، ومن شهادات الذين تقدموا لخطبتها ورُفضوا، سواء كانوا من القبيلة ذاتها أو غيرها، ومن أخواتها اللواتي وصلن إلى 35 سنة ولم يتزوجن، بل وإحداهن عقد قرانها صورياً لابن عمها ولكنها لم تترك منزل والدها وبقيت معلقة لخمس سنوات، ومع ذلك رفضت الدعوى!! فهل أصبحت ولاية الأب، مهما كبر ظلمه واشتدت قسوته، أهم من تطبيق أحكام الشريعة التي لا تجيز العضل؟ هل استمرار ولاية هذا النوع من الآباء يعتبر درءاً للمفاسد ومقدماً على مصلحة الفتاة في الزواج وتكوين أسرة؟ وأي إثباتات أخرى تحتاج أن تقدمها لتستطيع أن تمارس حقها الإنساني في الزواج؟ وكيف يمكن أن تكون عاقة وهي ترفض حتى الآن أن تخرج باسمها للإعلام، وكانت من أكثر أبناء والدها براً له على حد قولها.
ومع أن محكمة الاستئناف رأت الصلح بين الطبيبة ووالدها «وإفهام الوالد بالأضرار الناتجة عن بقاء ابنته على حالها وما يترتب عليه من مفاسد، وإن تعذر الصلح فإن تزويج المدعية مقدم على صرف النظر عن ذلك»، إلا أن الحكم لم يخرج لمصلحتها، وكغيرها من قضايا العضل تحولت لعقوق.
وفي قضايا العضل تحديداً عرف أولياء الأمور طريقهم لكسب الجولة، فأصبح الاتهام بالعقوق هو الحل لإنهاء القضية بغض النظر عن حقيقته. ويرجع هذا لهيمنة مفهوم الولاية والتعاطف الكبير الذي يجده في مجتمعنا. فالمرأة هي الضحية الأولى لاختلاط العادات والتقاليد بالدين وأحكام الشريعة السمحة، وما ينتج عنه من قضايا ومشكلات مصيرية، إضافة إلى عدم وجود قوانين واضحة تثبت الحقوق، وتلزم بالواجبات، وتحدد العقوبات. فلو وجدت قوانين تجرم المُعنف، وتُعاقب العاضل، إن ثبت عضله، لما رأينا نساءنا في المحاكم يطالبن بحقهن في أمر بديهي وفطري كالزواج، ولما وجدناهن في دور الحماية يختبئن من الضرب والموت، ولما قرأنا عنهن على صفحات الصحف. وفي الغالب هن فئة قليلة تظهر وما يُخفى منها أعظم. فئة طفح بها الكيل ولم يبقَ أمامها ما تخسره، فواصلت المشوار حتى يصل صوتها، الذي قد يسهم في صدور أحكام تنصفها وتعيد الحقوق المسلوبة والضائعة. هذا ما تنوي أن تفعله الطبيبة التي سترفع قضيتها للمقام السامي، وحتى ذلك الحين ليس أمامها إلا الصبر والأمل في غد، وعسى أن يكون في صبرها مفتاح الفرج.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.