على مدى شهرين، استضافت الجامعة اللبنانية الدولية (فرع صيدا)، ورش عمل فنية حول مواضيع مختلفة، قدّمها فنانون ومحاضرون، وشارك فيها طلاب فنون ومهتمون بالفن عموماً. ونتج من تلك الورش مهرجان التصميم «بالعربي - من إلى» بدورته الثانية، التي تستضيفها قاعة الجامعة، وينظمه قسم الفنون الجميلة والتصميم فيها. ويندرج في إطار رؤية جديدة تسعى الى الدمج ما بين الثقافة العربية وفنون التصميم بمختلف فروعها، في جو من التعاون وتبادل الخبرات. ومن الورش التي قدمت، «مناظر متحركة» لميثم كركي، وهي ورشة عمل تشمل التصوير الفوتوغرافي والتحريك من طريق برامج متخصصة، إضافة إلى التركيز على التراث والحضارة العربية لإبرازها في صورة جميلة، و»أندلسيات» لفاطمة مرتضى، وهي تأليف جداري مستوحى من تأثيرات العمارة العربية وخطوطها في الأندلس، ويضم عناصر مختلفة من الخطوط الهندسية والزخرفية والألوان التي تميزت بها العمارة العربية في الأندلس. يلاحظ المتجول في المعرض المستمر حتى 18 تموز (يوليو) المقبل، مدى جرأة الفنانين الشباب لتقديم أعمال مختلفة ومبتكرة لا تتأثر بعادات أو تقاليد، إنما تعبّر عن أفكار جيل عصري، ولغة شبابية واضحة، وقدرة على تفكيك أي فكرة نمطية أو تقليدية، وإعادة تركيبها، إنما بروح جديدة وتقنيات مختلفة، مع الحفاظ على جوهر العمل وخاصيته. فشخصية «حنظلة» مثلاً، التي ابتكرها ناجي العلي وأدارت لنا ظهرها كل سنوات ظهورها، قدمتها مجموعة من الفنانين الشباب بطريقة جديدة بعنوان «ناجي العلي الآن»، فنرى «حنظلة» يمشي في لوحة لجندي إسرائيلي يشد شعر فتاة فلسطينية، وفي أعمال أخرى يحدق في الناظر الى الصور، في لغة مبتكرة وعصرية في تقديم شخصية من التراث العربي السياسي. كما نلحظ في أعمال أخرى، طريقة المواد المستعملة في رسم شخصيات بارزة في العالم العربي وتقديمها، كأم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش ودريد لحام وصباح ومحمود درويش وغسان كنفاني وليلى مراد، التي استبدل شعرها بأحجار سوداء صغيرة، والقماش في فستانها بنوع طري من الورق. ولا تقتصر المشاركة على فنانين محليين، إذ يستضيف المعرض 8 فنانين من الإمارات وسورية والعراق والكويت والسعودية. وتقول مؤسسة المهرجان ومنسقة قسم الفنون الجميلة في الجامعة، ندى عبدالله، إنه «ثمرة تعاون مجموعة من المصممين العرب والمتخصصين في مجال الفنون والتصميم من داخل لبنان وخارجه، ويتضمن عدداً من المشاركات المحلية والعربية في إطار من التعاون والمشاركة وتبادل الخبرات». وتضيف: «ركزت النسخة الأولى للمهرجان 2015-2016، على الربط والوصل بين الأشخاص والافكار لتقديم المضمون والتصوير والشكل العربي بحلة جديدة. ويأتي النشاط الحالي في دورته الثانية في السياق ذاته، استكمالاً لما بدأنا به مع التركيز على فكرة أن التطوير «من الى» يمكن أن يتم من دون المساس بفرادة الطابع وتميزه، وبمعنى آخر يمكن تقديم التصوير والمحتوى العربي بمظهر جديد من طريق تفكيك عناصره وإعادة تركيبها ودمجها بأساليب وتقنيات حديثة تحافظ في الوقت عينه، على أصالتها وخصائصها». ويتضمن المهرجان أيضاً، عرض مجموعة من الأعمال الفنية هي ثمرة تعاون وتبادل خبرات بين أساتذة وطلاب في قسمي التصميم في كل من الجامعة اللبنانية الدولية والجامعة الأميركية في الشارقة، بمشاركة أكثر من 25 فناناً. وتوضح عبدالله أن الفكرة الأساسية الكامنة وراء استحداث هذا النشاط، هي التشديد على الثقة بقدرة الطالب والمتخصص العربي على الابتكار والتطوير، واستنباط أفكار وتصاميم جديدة وحديثة مع الحفاظ على الأصالة، حتى لا تؤدي العولمة والعالمية الى طمس الهوية العربية ومحوها. وترى عبدالله أن المهرجان بات يستقطب أسماء عربية لامعة كطارق الغصين وطارق عتريسي وسالم القاسمي وناصر نصرالله، والعمل جارٍ على توسيع رؤية المعرض وتطويرها. ويتوجه المهرجان عموماً، الى كل متخصص أو محترف أو طالب في مجال التصميم الغرافيكي والفنون الجميلة يسعى الى استكشاف مجالات تطبيق الوسائل والأساليب والتقنيات المختلفة لفن التصميم على كل ما هو عربي من حيث الجوهر أو النمط أو الشكل. وبمعنى آخر، يستهدف المهرجان تصوير الفنون والعلوم والحضارة والخط والمرئيات العربية انطلاقاً من تقنيات معاصرة وأساليب مطورة تسعى الى الدمج ما بين الأصالة والحداثة وبين الحفظ والابتكار وبين الخصوصية والتجدد.