حسم رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا نوري بوسهمين سجالاً داخل المجلس حول شرعية انتخاب رجل الأعمال المصراتي أحمد معيتيق رئيساً للحكومة الموقتة، إذ قطع رحلة علاج إلى تركيا وعاد إلى البلاد أمس، ووقع قراراً رئاسياً ثبّت بموجبه رجل الأعمال الشاب رئيساً للحكومة ودعاه إلى تقديم تشكيلته الوزارية في غضون أسبوعين لإخضاعها لإجراءات نيل الثقة. وأدت عودة بوسهمين إلى المشهد السياسي بعد «اعتكاف» استمر أسابيع، إلى خلط الأوراق، إذ وضعت حداً لسجال بين نائبيه عز الدين العوامي وصالح المخزوم اللذين تحولا «طرفي استقطاب» لتجاذبات نشأت بعد انتخاب معيتيق، بين أنصار الأخير ومنافسه على رئاسة الحكومة عمر الحاسي. وكان العوامي، النائب الأول لرئيس المؤتمر، طعن في قرار المخزوم النائب الثاني لبوسهمين المضي قدماً في جولة تصويت ثالثة مساء أول من أمس، نال فيها معيتيق 121 صوتاً أهلته للفوز بالمنصب. واعتبر العوامي الذي كان قرر تأجيل جلسة اختيار رئيس الحكومة إلى وقت لاحق هذا الأسبوع، أنه ليس من حق المخزوم الدعوة إلى جولة تصويت ثالثة من دون التشاور معه. وعلى رغم إعلان المخزوم فوز معيتيق، الذي أدى القسم فور انتخابه مساء الأحد، وجّه العوامي أمس رسالة إلى عبد الله الثني رئيس الحكومة المستقيل ودعاه إلى الاستمرار في تصريف الأعمال وعدم التسليم لمعيتيق. لكن قرار بوسهمين أوقف مفاعيل هذه الرسالة. وأوحت التجاذبات بين نائبي رئيس البرلمان بوجود انقسامات داخل كتلتين تمثلان تيار الإسلام السياسي في المجلس، إذ توزعت أصوات نوابهما على الحاسي، مرشحهم الأساسي، ومعيتيق الذي قدم نفسه مستقلاً، على رغم قربه من الإسلاميين. وعزت مصادر سياسية ليبية التجاذبات إلى «تذبذب» موقف بعض النواب من غير الإسلاميين، إضافة إلى رغبة البعض بالدخول في مساومات سياسية لتحقيق مصالح ضيقة. واتهمت المصادر التيار الليبرالي بمحاولة تعطيل اختيار رئيس حكومة نظراً إلى استبعاد مرشحين مقربين من هذا التيار في جلسات تصويت سابقة. وفور عودته إلى طرابلس، أصدر بوسهمين قراراً رئاسياً حمل الرقم 138 كلف بموجبه معيتيق (42 عاما) تشكيل حكومة. ونص القرار على إلغاء أي قرار مخالف. وعزا معترضون على معيتيق موقفَ بوسهمين إلى رغبته في نيل تأييد أنصار رجل الأعمال المصراتي الشاب، لتفادي مفاعيل مذكرتين تطالبان بعزله من رئاسة المؤتمر، على خلفية فضيحتين نسبتا إليه، الأولى بعد توزيع شريط فيديو على الإنترنت يشير إلى إقامته علاقة غير لائقة مع إحداهن، وتتعلق الثانية بذكره اسم إسرائيل في خطابه خلال القمة العربية الأخيرة في الكويت. وقال أعضاء في المؤتمر ل «الحياة»، إن بوسهمين «يملك الحق في الحسم وتجاوز اعتراضات نائبه الأول، وذلك بموجب الصلاحيات المعطاة إليه في اللوائح الداخلية للبرلمان، ولا علاقة لقراره بما يشاع عن رغبته في تحصين موقعه في مواجهة محاولات عزله». والتأمت هيئة رئاسة المؤتمر الوطني العام في اجتماع دعا إليه بوسهمين، للبحث في تداعيات الخلاف حول تثبيت معيتيق في المنصب. وحضر الاجتماع رؤساء لجان الدفاع والأمن والداخلية في المجلس. وقالت مصادر المجتمعين إن «قرار تثبيت معيتيق لا رجعة عنه، وإن المحادثات التي استمرت ساعات تركزت على سبل احتواء الاعتراضات».
