سمو وزير الدفاع يتلقى اتصالا من وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقاء الأسبوعي    نائب رئيس مجلس الشورى يلتقي النائب الأول لرئيس البرلمان اليوناني    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر بيانا بحكم التحول الجنسي واستخدام الذكاء الاصطناعي    السعودية للكهرباء" تشارك في مؤتمر "الطاقة العالمي" بنسخته ال 26 بهولندا    مارتينيز سعيد بالتتويج بلقب الدوري الإيطالي في قمة ميلانو    الصندوق السعودي للتنمية يوقّع اتفاقية تنموية لدعم المؤسسات المتوسطة والصغيرة بسلطنة عمان    نيابة عن خادم الحرمين .. أمير منطقة الرياض يحضر حفل تسليم جائزة الملك فيصل العالمية    ارتفاع أسعار النفط إلى 87.39 دولارًا للبرميل    طرح تذاكر مباراة الاتحاد والشباب في "روشن"    العين الإماراتي يختتم تحضيراته لمواجهة الهلال    قيادات أمن الحج تستعرض الخطط الأمنية    ريادة "كاوست" تحمي التنوع بالبيئة البحرية    "آمن" يواجه التصيّد الإلكتروني بالتوعية    ارتفاع في درجات الحرارة على منطقتي مكة والمدينة وفرصة لهطول أمطار بالجنوب    الإعلام والنمطية    «مسام»: نزع 857 لغماً في اليمن خلال أسبوع    منح السعوديين تأشيرة «شنغن» ل 5 سنوات    «السيادي السعودي».. ينشئ أكبر شركة أبراج اتصالات في المنطقة    «أرامكو» تبحث الاستحواذ على 10 % في «هنجلي» الصينية    3 آلاف مفقود تحت الأنقاض في قطاع غزة    تعزيز التعاون الخليجي الأوروبي    الرباط الصليبي ينهي موسم "زكريا موسى" مع أبها    في إياب نصف نهائي دوري أبطال آسيا.. الهلال في مهمة صعبة لكسر تفوق العين    تقدير أممي لجهود مركز الملك سلمان في اليمن    «تيك توك» ينافس إنستجرام بتطبيق جديد    الشورى يوافق على مشروعي السجل والأسماء التجارية    الأزهار البنفسجية تكّون لوحة جمالية.. «شارع الفن».. مناظر خلابة ووجهة مفضلة للزوار    تجربة ثرية    غربال الإعلام يصطفي الإعلاميين الحقيقيين    الأمانة العلمية    «أضغاث أحلام» في جامعة الطائف    دور السعودية في مساندة الدول العربية ونصرة الدين الإسلامي    علماء الأمة    النسيان النفسي    اختلاف زمرة الدم بين الزوجين    عيسي سند    جمعية عطاء تدشن برنامجي قناديل وعناية    العين بين أهله.. فماذا دهاكم؟    ماذا يحدث في أندية المدينة؟    سلسلة من الزلازل تهز تايوان    حاجز الردع النفسي    قصور الرياض واستثمارها اقتصادياً    أمير حائل يفتتح أكبر قصور العالم التاريخية والأثرية    أمير حائل لمدير قطاع الحرف: أين تراث ومنتوجات حائل؟    شعوب الخليج.. مشتركات وتعايش    أمانة المدينة تطلق الحركة المرورية في طريق سلطانة مع تقاطعي الأمير عبدالمجيد وخالد بن الوليد    أمير الحدود الشمالية يطلع على برامج التجمع الصحي    مساجد المملكة تذكر بنعمة الأمن واجتماع الكلمة    نائب أمير جازان يدشن حملة «الدين يسر»    الرياض تستضيف معرضاً دولياً لمستلزمات الإعاقة والتأهيل.. مايو المقبل    محافظ طبرجل يطلع على الخدمات البلدية    أكثر من ثمانية آلاف ساعة تطوعية في هلال مكة    «البيئة» تُطلق مسابقة أجمل الصور والفيديوهات لبيئة المملكة    الزائر السري    أمير الرياض يرعى حفل تخريج دفعة من طلبة الدراسات العليا في جامعة الفيصل    وزير «الإسلامية» للوكلاء والمديرين: كثفوا جولات الرقابة وتابعوا الاحتياجات    انطلاق منتدى «حِمى» بمشاركة محلية ودولية.. ريادة سعودية في حماية البيئة لمستقبل العالم والأجيال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السوري إنسان قبل أن يكون لاجئاً
نشر في الحياة يوم 28 - 04 - 2017

يدور فيلم «الجانب الآخر للأمل» عن تقاطع مصيرين: لاجئ سوري ورجل أعمال فنلندي... خلاصة قد تقود البعض إلى تخيّل فيلم خطابي عن ضرورة قبول الآخر ضمن حكاية تقليدية ما عن الروح الطيبة النبيلة التي يتحلى بها كثيرون في الغرب لاستقبال اللاجئين مقابل عنصرية آخرين منهم.
لكن أفلام آكي كوريسماكي لا ينطبق عليها تبسيط من هذا النوع. إذ، وإن بات موضوع الهجرة واللجوء يثير شهية السينمائيين لما له من تأثير في الحياة المعاصرة، فهذا المخرج يزيحه من الزاوية الضيقة وينطلق به سارحاً بسرد مبتكر. صحيح أنه يختار عادة مواضيع ذات صبغة اجتماعية وسياسية، لكن معالجته السينمائية لها تتم بوسائل متقشفة وايقاع متفرد ونغمة مميزة جعلت منه معلماً في أسلوب من التعبير خاص به. «الجانب الآخر من الأمل» للمخرج الفنلندي كوريسماكي، كان نال جائزة الدب الفضي لأفضل إخراج في البرليناله، وهو يعرض منذ أسابيع في الصالات الفرنسية جاذباً الجمهور والنقاد على حد سواء.
خلافاً للتوقعات
الحكاية أو السيناريو -لمحبي التعابير السينمائية- اتخذت من المشاهد الأولى منحى مغايراً للتوقعات، كما وضح على الفور أسلوب المخرج المعلّم الذي تجمعت فيه كل أدوات السرد السينمائي الذي اشتهر به. لم تكن الشخصية الرئيسة في الفيلم، كما كان متوقعاً، اللاجئ السوري الشاب خالد (شروان حاجي) بل كانت الفنلندي ويكسترم (ساكاري كوسمانن). يقرر هذا الرجل الخمسيني تغيير حياته. يترك زوجته المدمنة على الكحول وعمله التجاري كمندوب مبيعات لماركة قمصان، ويقرر فتح مطعم. في سرد موازٍ، إنما مكثّف، نتابع وصول خالد للعاصمة هلسنكي بالصدفة وما يرافق بداياته: من رفض طلبه اللجوء وقراره البقاء سراً في البلد على رغم هذا بمعاونة مواطنين فنلنديين وتعرضه لاعتداء من الكارهين للأجانب... ثم، يحصل ما هو منتظر منذ بداية الفيلم، تتقاطع المصائر ويتلاقى ويكسترم وخالد أمام مطعم الأول حيث اختار الثاني مكاناً بجانبه في الشارع ليجعله ملجأه. يأخذه صاحب المطعم للعمل مع فريقه ويساعده لنيل اللجوء واحضار أخته التي ضاعت منه في بلد ما خلال تنقلاتهما.
هذا اللقاء بين عالمين يخالف كل التوقعات المسبقة، بدءاً من ظروف اللقاء نفسه بين خالد وويكسترم حيث مواجهة ومصارعة جسدية لا مبرر لها في مشهد مفتعل ولكن مقصود للتخفيف من قسوة الواقع، إلى نوعية العلاقة بين القادم الجديد وبقية فريق المطعم الذي يتعاطف معه. الأدوار أو الشخصيات هنا رمزية، وإن ارتبطت بالواقع فهي ليست نسخة دقيقة عنه، إنها مفاجئة تماماً بسلوكها، بعيدة من النمطية من دون أن يعني هذا انتفاء كاملاً لها، انسانية حنونة إنما هي تبدو وكأن ثمة مسَّاً فيها، مسَّّاً محبباً طريفاً للغاية حتى حين تواجه المواقف المحبطة بل على الأخص أثنائها. هذا أجمل ما في أسلوب كوريسماكي أي شخصياته الغريبة الأطوار التي تتحلى مع غرابتها بقدر كبير من الظرافة والمرح وأيضاً من الانسانية بشقيها الخيّر والشرير. كلها هكذا في الفيلم، لكن أكثر ما يجسدها هنا هو الفريق الذي اختاره لإدارة المطعم، هو فريق من ثلاثة اشخاص إضافة إلى المدير، عجيب بملابسه وتحركاته وردود أفعاله وحواراته السوريالية وتعامله اليومي مع الآخر والبرامج الترفيهية التي يقدمها للزبائن وحتى الأطعمة. كذلك يمكن القول أن الشخصيات الأخرى كتلك المسؤولة عن مراكز اللاجئين وعن الحكم على مصيرهم لم تكن أقل غرابة.
أسلوب صاحب «رجل بلا ماضي»، يتجلى في تطرقه للسلوك النمطي وغير النمطي للأفراد بواقعية شعرية وسخرية عميقة ونظرة محايدة تحمل الكثير من الطرافة... أكثر ما بيّن ذلك كان مشهد حيرة ويكسترم صاحب المطعم أمام الطريقة التي تجلب الزبائن، لقد تفتق ذهن البواب عن خطة لتحويل المطعم إلى مطعم ياباني مع أنهم لا يدرون شيئاً في هذا المجال! فكان لا بد من دراسة سريعة سطحية قبل تحقيق ذلك ثم اللجوء، عند حدوث مشكلة طارئة، إلى التلاعب بمحتوى الوجبات واستخدام حلول ارتجالية وهذا برغم نياتهم الصادقة! كأن كوريسماكي هنا يسخر على نحو غير مباشر من أسلوب معالجة الحكومة لقضية اللجوء الآنية، التي تقوم على خلط وعدم معرفة بين ما يجب وما لا يجب.
نظرة ساخرة حسّاسة
صحيح أن كوريسماكي يتناول مواضيع مثل الوحدة والعزلة والواقع الاجتماعي والسياسي بنظرة هزلية ساخرة، لكنها حساسة. وهو يرسم الواقع المأسوي للجميع، لأهل البلد والقادمين إليه، مستخدماً أدواته المعروفة في معظم أفلامه واسلوبه الذي يُشبّه بأسلوب السيت كوم Situation Comedy وهو كوميديا الموقف. ثمة وحدة في الديكور وتكرار في المشاهد، ويتجلى هذا في مشهد رواح ومجيء السيارة واستقرارها أمام الموقف الذي يتكرر عدة مرات في الفيلم مثلاً. كما هناك دائماً ما نجده عامة في أفلامه كالشاطئ وسيارة قديمة الطراز وجهاز الموسيقى، الذي كان يوجد في المقاهي في الستينات تدور فيه الاسطوانات التي يختارها الزبائن بعد دفع قطعة نقود معدنية... وعلى ايقاع أنغام موسيقى الجاز والبلوز والروك وديكور رمادي أزرق متقشف بارد، يعكس ما يريده ويخدم فيلمه وهو هنا برودة الاجراءت الرسمية وعدوانية الشارع.
كأن كوريسماكي بأدواته تلك وأسلوبه الفانتازي هذا، باختياره هذه الأمكنة المتقشفة بتركيبتها، وكانت هنا محددة بالمطعم ومراكز اللجوء والشرطة، وهذا السلوك الغريب لشخصياته البعيد من المأسوية والانفعال العاطفي، وهذه الأجواء الباردة... بدت وكأن المخرج يريد التخفيف من حدة وقسوة الواقع.
هذا الفيلم الثاني لكوريسماكي بعد «الهافر» (2011) عن الهجرة والمهاجرين. والمفترض أنه الثاني في ثلاثية عن الموضوع ذاته، ولكن كوريسماكي أعلن اعتزاله. خسارة بالطبع!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.