عكست زيارة رئيس مجلس النواب (البرلمان) اسامة النجيفي الى المرجع علي السيستاني في النجف امس عمق الخلاف بين القوى السياسية من جهة والضغوط التي يتعرض لها النجيفي من جهة ثانية في شأن توجُّهه لتفعيل عمل البرلمان في مراقبة أداء الحكومة وفي ظل تزاحم عشرات الملفات ومشاريع القوانين في جدول الاعمال. وفشل اجتماع موسع عُقد امس ضم ممثلي الكتل البرلمانية الرئيسية، لحسم الخلافات في شان صلاحيات رئيس البرلمان، وأصرت «العراقية» على حصر صلاحيات هيئة رئاسة البرلمان برئيس المجلس بموجب تفسير المحكمة الاتحادية، وطالَبَ «التحالف الوطني» بتوزيع صلاحيات رئاسة المجلس على الرئيس ونواب الرئيس، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة مصغرة لمناقشة الموضوع. وقال النجيفي في مؤتمر صحافي عقب زيارته السيستاني امس: «حملنا رسالة واضحة باسم مجلس النواب بأننا جادون في منهج الإصلاح وإنصاف المظلومين وترسيخ العدالة»، موضحاً أن «السيستاني أكد خلال اللقاء على وحدة العراق وتثبيت العدالة وتفعيل دور مجلس النواب وآليات تعاونه مع السلطات الأخرى، لكن ليس على حساب الصلاحيات». وأضاف أن «السيستاني أوصى بتعديل أي مسار منحرف عن الدستور العراقي وتثبيت حكومة الشراكة الوطنية»، مشيراً إلى أن «المرجع أكد ضرورة التعاون بين السلطات لتثبيت لحمة الشعب العراقي وتعزيز الوحدة ومحاسبة الفساد والمفسدين». كما نقل النجيفي عن السيستاني تأكيده على ضرورة تفعيل دور البرلمان وآليات تعاونه مع السلطات الأخرى من دون المسّ بصلاحيات السلطات الاخرى. وأكد النجيفي تمسكه بتوجيهات السيستاني والسير وفقها لأهمية رأيه في تثبيت الدولة العراقية، لافتاً إلى «حاجة مجلس النواب مع بداية تشكيله إلى توضيح سياساته المقبلة والمنهج المطبق أمام المرجعية». وقال ان «الوفد المرافق نقل تصوراته الى المرجع السيستاني حول إدارة البلد والملف العراقي وكيفية التعامل مع السلطات الأخرى بشكل يؤسس لدولة مؤسسات وتطبيق الدستور بشكل يؤكد اللُّحْمة العراقية». وعن الخلاف حول صلاحيات رئيس البرلمان، أشار النجيفي إلى «وجود اجتهادات مختلفة في كتابة النظام الداخلي لعمل المجلس»، مؤكداً أن «قرار المحكمة الاتحادية كان قاطعاً بأن رئاسة المجلس تتألف من رئيس ونائبين». وضم الوفد البرلماني الى النجف اعضاء من «العراقية» بينهم جمال البطيخ وحسين الشعلان، فضلاً عن النائب عن التحالف الكردستاني فؤاد معصوم ورئيس قائمة «الرافدين» المسيحية يونادم كنا. في غضون ذلك، عقد ممثلو الكتل البرلمانية الرئيسية الثلاثة «التحالف الوطني» و»العراقية» و»التحالف الكردستاني» اجتماعاً لمناقشة الخلافات حول صلاحيات رئيس البرلمان. ولم يخرج الاجتماع بأي نتائج معلنة، لكنه قرر ان تقدم اللجنة المصغرة تقديم توصياتها خلال ايام. وأفاد القيادي في «العراقية» النائب عز الدين الدولة، ان «اجتماع اليوم (امس) الذي عقد قبل جلسة البرلمان ناقش قضية صلاحيات رئيس البرلمان، وتم الاتفاق على تشكيل اللجنة لحسم القضية على أن تكمل عملها الأسبوع المقبل للاتفاق عليه في اجتماع رؤساء الكتل». واشار الدولة الى ان «الخلافات بين الكتل السياسية في شأن صلاحيات رئيس البرلمان لا تزال قائمة»، لافتاً الى ان «العراقية» ترغب في دعم رئيس المجلس بالصلاحيات، فيما يعارض التحالف الوطني ذلك ويطالب بتوزيع الصلاحيات على هيئة الرئاسة كما كان معمولاً به في البرلمان السابق». وكانت «العراقية» قدمت اقتراحاً الى قادة الكتل السياسية من خلال لجنة إعادة صياغة النظام الداخلي، يتضمن اعطاء صلاحيات حصرية لرئاسة البرلمان أسوة برئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، بتغيير تسمية هيئة رئاسة مجلس النواب إلى رئيس المجلس ونائبيه وحصر الصلاحيات برئيس البرلمان فقط، وأعلنت المحكمة الاتحادية الاسبوع الماضي تأييدها الاقتراح.