قبل أربع سنوات فقدت شابة مصرية تدعى ندى (19 سنة) حياتها بحادث سير على الطريق، وهو من الحوادث «التقليدية» المتكررة يومياً في مصر. كان من الممكن أن يمر ذلك الحادث مرور الكرام، لولا إصرار عائلة ندى وأصدقائها على الخروج باسمها من خانة ضحية حادث سير إلى مؤسسة اجتماعية تعمل من أجل «طرق مصرية آمنة»، شاركت أخيراً في حملة أطلقها مشروع «التحرير لاونج» التابع للمركز الثقافي الألماني في القاهرة باسم «طريقك من غير مطبات». ووفقاً لمؤسسة الصحة العالمية تسجل مصر أرقاماً كبيرة في حوادث الطرق، إذ يتجاوز عدد ضحاياها ثلاثة أضعاف ضحايا مرض الكبد الوبائي (فايروس سي)، بواقع 12 ألف حالة وفاة سنوياً وأكثر من 50 ألف إصابة يخلّف بعضها إعاقات، ما يعني أن «30 شخصاً يخسرون حياتهم يومياً في مصر على الطريق، أي حالة وفاة واحدة كل 45 دقيقة»، وفق مستشار سلامة الطرق في «مؤسسة ندى» أحمد عبدالستار الذي أضاف أن مصر «تفقد 3 في المئة سنوياً من ناتج الدخل القومي في حوادث الطرق التي تسجل أرقاماً مخيفة وفقاً للإحصاء الذي أعدته المؤسسة لعام 2015 استناداً إلى تقارير الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء ومنظمة الصحة العالمية». وأشار إلى أن الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة يشكّلون الفئة الأولى من الضحايا، تليها الفئة العمرية بين 30 و40 سنة. واللافت أن المقاربة المصرية للتعامل مع الطرق والجسور اقتصرت منذ ستينات القرن العشرين على إنشاء الطرق دون الالتفات إلى معايير السلامة أو وضع موازنة خاصة بصيانة الطرق التي تعد ضلعاً رئيسياً في المثلث الذي يرفع اختلال أي عنصر فيه احتمال وقوع الحوادث: الطرق، المركبات، العنصر البشري. وهذا ما تداركته «الهيئة العامة للطرق والكباري (الجسور)» منذ عام 2014، وفق الناطق باسم الهيئة عبدالعزيز أحمد الذي قال خلال النشاط الذي نظمته «التحرير لاونج» ضمن حملة «طريقك من غير مطبات» التي انطلقت في 23 شباط (فبراير): «انقلبت أولويات الهيئة من الإنشاء إلى الأمن والسلامة ثم صيانة الطرق التي لم يعرف بعضها صيانة منذ عشرات السنين، وأخيراً إعادة التدشين بعد تحقيق المعايير العالمية». وكان المركز الثقافي الألماني في القاهرة أطلق مشروع «التحرير لاونج» تحت شعار «كن إيجابياً وشارك في التغيير» بهدف دعم قضايا مجتمعية.