منذ العنوان، يعلن المسلسل المغربي «القلب المجروح» عن توجهه الميلودرامي، وهو ما قد لا يوافق حتماً مضمونه الذي بدا من حلقاته الأولى أنه اجتماعي بامتياز تبعاً لتقليد أصبح الآن راسخاً ويعتمد على إثارة القضايا الأسرية المتشعبة وتأثير محيطها المجتمعي المباشر عليها. فهو عنوان متداول في كثير من الأعمال المشابهة. وربما قصد منتجوه اللعب على السهولة والشائع من الكلام البسيط الذي يثير لخلق القبول عند شريحة عريضة من المشاهدين. وحتماً ذلك ما حدث، فمسلسلات مماثلة سابقة سارت على النهج ذاته، ونجحت في ضمان حضور متابعة تلفزيونية كبيرة بغض النظر عن القيمة والجدية والعمق في التناول، كما في الشكل المتخذ. فقصة السلسلة تتلخص في تتبع مسار حياتي لفتاة اسمها «راوية» وقد أدت الدور الممثلة الرقيقة فرح الفاسي التي بدت مستعيرة لكنة عامية غير معهودة بما أنها تنتمي للشمال المغربي، وهو ما يدل على قدرتها في التأقلم مع أدوار مختلفة. هنا تلعب دور فتاة من مدينة أمور المتكئة على وادي أم الربيع والشهيرة بمزاراتها الدينية. وقد ترعرعت «راوية» في كنف والدها معززة مكرمة، لكن وفاته ستجعلها «عارية» من السند والعون تجاه أطماع أعمامها، ما سيجعلها أمام خيار الزواج من شريك والدها التجاري الذي يكبرها سناً ولا تتوافق شخصيتها وأحلامها مع طباعه. ويشارك في بطولة هذا العمل الممثل الكبير محمد خيي، الذي يعد وجوده في عمل درامي رهاناً ناجحاً نظراً الى قدراته التشخيصية المتقنة، والممثل القدير عبدالقادر مطاع الذي ما زال في كامل قدراته الفنية المألوفة. ولعل الثلاثة الى جانب مجموعة كبيرة من الممثلين في هذا العمل شكلوا أحد عناصر نجاح المسلسل من خلال خلقهم حالات درامية بتشكيلات متنوعة وطبقات أداء مختلفة تبدو جديرة بالمتابعة. ولكن يجب الإشارة إلى تفاوت النتيجة ما بين ممثل وآخر، بخاصة أن الموضوع في حد ذاته عادي ومبسط. وهذا واضح في بعض متوازيات الدراما، وأبرزها أن «راوية» تحب ابن عم لها وتود الارتباط به والحياة برفقته في الحلو والمر كما يقال. إذاً «القلب المجروح» كما هو منتظر عبارة عن صراع بين الحب والواجب، الطمع والثقة، الحسد والوفاء، تلك الثيمات التي لا تنفك تعود بأشكال عدة. الجديد أيضاً في هذا العمل هو اسم مخرجته جميلة البرجي بنعيسى التي تسير في طريق تكريس وجود إخراجي لها، إذ يشكل هذا المسلسل الذي تعرضه القناة المغربية الثانية، إضافة في مسيرتها الفنية في المجال السمعي- البصري، في جانبه التلفزيوني العائلي. كما يعتبر لبنة تعاون برفقة المنتج وكاتب السيناريو أحمد بوعروة الذي يملك رصيداً مهماً في مجال الإنتاج التلفزيوني.